كان رمضان يعني لكثير منا، تلك الزينة الرمضانية التي تملأ الشوارع والتي كانت في الغالب إبداعات فردية باستخدام المقص والورق، تلك الأدوات والخامات البسيطة كانت كذلك مصدرا لإلهام كثير من الفنانين لتقديم إبداعاتهم الفنية ليس باستخدام الورق فحسب بل وباستخدام القماش أيضا ، لتتنوع الأعمال بين الكولاج ، والرسم علي القماش ، والخيامية أو الباتش ورك. ومن هذا المنطلق استضاف جاليري دوم معرض قصاقيص وقماش بمشاركة عدد من الفنانين التشكيليين ومنهم جورج فخري، ومحمد رضا ، وإبراهيم البريدي ومحمود أسعد ، ونوبي بديع حيث خرجت كثير من الأعمال لتعكس الجو الرمضاني لاسيما لوحات الفنان محمد أسعد التي قدمت راقصي التنورة والفنون الشعبية والحارة المصرية. إلا أن محمد أسعد خرج عن المألوف في لوحات الخيامية ليعيد تقديم بعض اللوحات العالمية كأعمال بيكاسو، وكذلك أعمال الفنانين المصريين كلوحات الفنان مصطفي رحمة باستخدام الأقمشة الملونة. وإذا كان الفنان أسعد قد قدم تنويعاته الفنية باستخدام قصاقيص الأقمشة أوفنون الخيامية، فإن الفنان نوبي بديع اعتمد علي تفريغ ورق المجلات باستخدام المقص بشكل منسق ودقيق جدا ، فخرجت لوحاته أقرب للرسم منه لتفريغ الورق. كذلك استعان الفنان جورج فخري بأوراق المجلات لتقديم مجموعة بديعة من البورتريهات التي خرج كل منها متميزا ومختلفا تماما عن الآخر، وتأتي هذه البورتريهات في إطار مشروع ضخم يهدف الفنان من خلاله تقديم ألف بورتريه باستخدام مختلف الخامات. وقد بدأ مشروعه هذا بعد ثورة يناير حيث شعر الفنان بوجوه الشهداء تطارده، فقرر منذ ذلك الحين أن يبدأ في مشروعه وألا يتوقف قبل تقديم الألف بورتريه، وبالفعل استطاع الانتهاء مما يقرب من 300 بورتريه حتي الآن. لكن جورج فخري لم يكتف في هذا المعرض بمجموعة البورتريهات الرائعة ، فهو فنان متعدد المواهب ، حيث قدم كذلك مجموعة بديعة من العرائس الصغيرة التي تشبه كثيرا تلك العرائس التي اعتادت أن تصنعها الجدة في الريف والمناطق الشعبية، كما أبدع عدد من الحقائب التي تجمع بين الاستخدام الوظيفي والشكل الجمالي، فتحولت كل حقيبة إلي لوحة فنية غير مكررة . وعلي أقمشة مخصوصة تستخدم لصناعة الخيام في الخليج قرر الفنان محمد رضا أن يقدم لوحاته باستخدام الباستيل الزيتي، وتعتبر تلك اللوحات هي خلاصة تجربة الفنان النفسية ، فهي انعكاس لما يجيش به صدره ، أو كما يقول نوع من الفضفضة والبوح . ويعلق الفنان علي تجربته قائلا إن حياته لسنوات طويلة في الغربة كان لها أثر بالغ عليه فكان عادة يفرغ شحنته النفسية من خلال لوحاته، لذا فهو يري أن مجموعة اللوحات التي قدمها تشكل تجربة تجمع بين علم النفس والفن. يقول الفنان عادة ما أبدأ بتوزيع خطوط عفوية ثم بعد أن أفرغ ما بداخلي أتأملها بعمق شديد لأربط مابين العناصر الخطية حتي يتضح العنصر الفني، الذي يعبر عن حالتي النفسية. ففي لوحة أنا المصري المصر عزيز لنفس، قدم الفنان شخص بهيئة ابن البلد ممسكا غصنا دلالة علي الخير المتأصل داخله، وقد بدت رقبته طويلة لتعبر عن العزة والكرامة، بينما ظهر المصري ممسكا بالثور وذيله ملتفا حل وسطه كدليل علي القوة ، أما لوحة الثعلب فكانت تعبير عن مشاعر الفنان تجاه إنسان خسيس قدم له يد العون فأساء إليه ، أما لوحة المهرج فتعبر عن حالة كثير من الأشخاص الذين يتملقون وينافقون ويلونون وجوههم .. وهكذا. ويعتبر معرض قصاقيص وقماش هو المعرض الرابع الذي يستضيفه جاليري دوم، بعد معرض دوم فن ، واسكتش ، ومزيكا، ويبدو أن قاعة دوم تميل لتنظيم المعارض الجماعية حتي الآن ، الأمر الذي علقت عليه الفنانة سحر حافظ - فنانة تشكيلية ومسئولة عن القاعة دوم- قائلة إن تجمع عدد كبير من الفنانين يتيح للزوار التعرف علي اتجاهات فنية مختلفة ، ويتيح للجمهور فرصة الالتقاء بعدد كبير من الفنانين كما يتيح للفنانين فرصة التفاعل فيما بينهم.