في المرات القليلة التي استيقظْتَ فيها ووجدت نفسك نائما علي غزال وليد، كانت الشمس تنأي باشمئزاز عن النافذة وتذهب لتوقظ جارتك التي تستيقظ دائما علي زوجها بين ذراعيها، وابنها المزعج يكسر شيئا ما بالمطبخ. الغزال لا يئن، لا يتحرك، الغزال ولد- أصلا- ميتا.. وجارتك تترك ابنها يكسر كل شيء مقابل لحظات مختلسة صباحا، ربما تفرز غزالا بين قدميها بعد بضعة أشهر. أسوأ من عيد ميلاد سأجهز منجلا، وأضعه في منتصف تورتة عيد الميلاد أو إصبعين من الديناميت كشمعتين مغرضتين عن عمري وأحاول أن أقلل من آثار الكارثة التي ستلوث حتما الحوائط المحيطة ليس أسوأ من عيد ميلاد يجتمع فيه غرباء للاحتفال بلم أشلائك يجمعونه ببطء وبتقزز كما لو كانوا ندلاء في حانة، مضطرين للم مناديل الزبائن ومسح بصاقهم عن الموائد والتربيت علي المقاعد البريئة المدهوسة تحت المؤخرات لفترة طويلة هدية العام قبل الماضي كانت قميصا مخضبًا بالعرق الرجولي حيًا.. مثيرًا.. تخلصت من معظم ملابسي، ارتديته.. لم يكن يغطي سوي نصفي الأعلي وكان جميلا ملمس البلاط البارد حين أجلس بساقي عارية فوقه وأشم القميص لأشتعل هدية العام الماضي كانت تمثالا كيان روماني كامل عاري الجسد، متناسقه وعلي إصبعه، المفرود بحركة غير مفهومة يفترض أنها "فنية"، التفت بطاقة صغيرة: "للعرض فقط ليس للدفء" هذه السنة الرائعة حظيت بشظية صغيرة في كتفي، واستنشقت غازًا منتهي الصلاحية قادرًا علي تحريك الدموع من مكامنها. كان لابد للهدية أن تكون أكثر راديكالية: بصلة قبل إطفاء الشمع، سأحاول أن أتذكر تقبيل خد الجدة التي سرقت اسمها وغمازة واحدة فقط منها، سأعيد العشرة جنيهات لصديقتي الهشة، وأقابل الرجل الذي تحرش بي لأبصق في وجهه، سأغطس عارية مرة أولي وأخيرة في البحر... وربما سأبحث عن طرق جديدة للاحتفال بضجة أقل وحدي ودون استرعاء أي انتباه الوضع غير مريح الأصدقاء يمرون أمام عيني شاحبين، الوضع غير مريح.. علي مرمي البصر كلب أجرب يتشمم جثة ممسوحة الملامح في الشارع المارة يألفون القبح والجمال يؤذيهم يحرك غريزة البقاء لديهم فيقتلوه.. أو يخرجون أسلحتهم بدائية الصنع لتشويهه.. الأكفان طائرة فوق رؤوسنا كهالات القديسين في اللحظة المناسبة، سيمد أحدنا يده لأعلي، كأنه يبحث عن مقبض توازن في الحافلة، وستطبق الدائرة علي كفه الخشن... لنراه بعدها ملفوفًا بكفن، مَرِحًا سيقول: سبقتكم وتركتكم محاصرين في قائمة "أولاد الوسخة المحتملين". الوضع غير مريح علي الإطلاق.. وأصوات الطلقات النارية لم تعد تفزع أحدًا. بالأمس اشتعلت أمامنا سيارة بسائقها وتعطل الطريق بتكدس المشاهدين، اليوم أمرُ علي الهيكل المتفحم والبومة البائسة -حتي البوم بائس هنا يا صديق- اشمأزت من نهش اللحم المحروق وذهبت لتبحث عن جثث أخري بين القمامة. الوضع غير مريح صدقني، فلا تتكبد عناء الخروج من كفنك أو العودة... ومضاد له في الاتجاه القطط، التي تقضي معظم حياتها في الشوارع، تثير الغضب بإصرارها علي الوحدة. أحاول أكثر من مرة أن أربت علي رأسها، أعرف أنها لا تتلقي إلا الركلات التي يوجهها المارة غالبًا إلي بطنها، ولهذا أحاول الحنو قليلا، لكنها تزمجر، تخدش يدي كل مرة بنفس الطريقة كلما اقتربت ببطء. تتحفز وترفع ذيلها بشكل حاد وتقوس ظهرها، تنفعل وتدور حول نفسها بعصبية مستمرة. لو قررت أن أحملها مثلا لأضعها في حجري الدافيء، تتلوي بعنف وتقفز فجأة لتهرب، بعد أن تُسقط أكواب القهوة فوق ملابسي، فألعنها... القطط التي شبعت من الأقدام، تفوّت علي نفسها كل فرص الأمان لمجرد أنها تعاملت أكثر من اللازم مع أولاد الوسخة الساديين. كَلَبْش هنا في هذا المكان بالتحديد كان الإبهام يجري سريعًا علي البنصر يداعب قطعة ذهبية ما لإخفاء التوتر واستدعاء روح الأحبة الجمادات تُطمئِن أحيانًا، خاصة عندما تحبس قبسًا من نور الشمس تحتها أو عندما تحجز القليل من الصابون بينها، إمعانًا في بدايات ناصعة برائحة التفاح الأخضر مثلا في هذا المكان بالتحديد بقعة أشد بياضًا عن غيرها، كأنها شبح شييء كان موجودًا و ملّ المشكلة في تعود الإبهام علي الجري للبنصر والبقعة البيضاء حقيقة، لم تعد مثيرة إلا للشفقة