عميل يصرخ فيّ وأنا أرد عليه بابتسامة كما لو أنه قال لي أنت حلوة. أنا راييسا أعمل كمضيفة جوية، رغم أني لا أطير الآن، فأنا في فريق العمل الأرضي. العميل مازال يصرخ. وفقا لجيلينا صديقتي خلف الطاولة هناك نوعان من العملاء : هؤلاء الذين يصرخون وهؤلاء الذين لا يقولون شيئا. من الصحيح كذلك كما قالت بحق أن هناك رابحين وخاسرين. إذا كان هناك أناس يأكلون حتي التخمة في غدائهم وآخرون يلقطون طعامهم كالطيور، تقول هناك نوعان من الناس : هؤلاء الذين لَيأكلوا العالم، وهؤلاء الذين لَيلقوه علي طرف مقلب الزبالة، حتي إذا كان هذا ضد القواعد. بكلمة واحدة، ودفعا لأي شك، هما طرفا نقيض، ولا يوجد بينهما أبدا ظل للون الرمادي. كما تعرف : يمكن أن تكون القهوة حلوة أو ليست حلوة جدا، بقليل من السكر أو مُرَّة بالفعل، لكنها ستكون دائما ممتازة أو مثل القطران. إذا كانت هناك مشكلة مع عميل، ستغمز لي وتتمتم أنه مصدر إزعاج، وإذا مر شاب أنيق وسيم ستقول أنه حبُّوب. كان قد مضي وقت طويل منذ أن كان هذا العميل شابًا وسيمًا وكان مايزال يصرخ فيّ. حسنا، كما تعرف، لقد فترت همتنا الآن، والأشخاص إما أن يكونوا مصدر إزعاج أو حبُّوبين، وليس لدينا وقت لأكثر من هذا. إذا كانت هناك مشكلة في المطار، ستشكو وتتذمر، ثم بقدر ما يمكن من صخب ستدق علي فخذيها أو علي الطاولة وتقول " هناك نوعان من الطائرات، طائراتنا ثم باقي الطائرات." تقول كذلك أن هناك نوعين من المطارات، مطاراتنا والمطارات الأوربية. عندما تتعطل أجهزة الكومبيوتر هناك نظامان ألماني وروسي واعتمادا علي أيهما إما أن يحلوا الموضوع علي الفور أو يمكنك أن تبدأ في العمل يدويًا ... يذهب العميل. تسدد جيلينا إصبعها الوسطي إلي ظهره وأحذو حذوها. جيلينا .. نعمل سويا لثلاث سنوات حتي الآن. أتت من مطار مينسك، وتقول دائما أنها عندما أتت إلي سان بطرسبرج قالت أن هناك مطارات و"مطارات". قبل مينسك كانت قد عملت في مطار فيتيبسك. هناك مطارات .. مطارات فظيعة ومهابط للطائرات مزدوجة الأجنحة التي ترش المبيدات، حيث مازالت طائرات التوبوليف تهبط. علي هذا الأساس فإن فلسفتها في الحياة واضحة كالماء: أبيض أو أسود، طيب أو فاسد، موسكو أو سان بطرسبرج. أوروبا أو روسيا، غالِ أو رخيص، غني أو فقير ... فيما مضي كنا هناك ثلاثتنا : جيلينا وجالا وأنا. ثلاثتنا خلف الطاولة، لكنهم جعلوا جالا مضيفة رحلات جوية بعد ستة أشهر واستمررنا نحن الاثنتين في الفريق الأرضي. نعم، تخمينك صحيح، هناك نوعان من المضيفات وفقا لجيلينا هؤلاء اللاتي يطرن وتلك اللائي وُضعن في الأرض ولم يقطعن حتي نصف الطريق كي يصبحن مضيفات جويات. نعمل الآن علي الأرض لصالح الشركات منخفضة التكلفة. طوال السنوات الثلاثة الماضية كنا نتجادل حول وزن الحقائب، ونراجع التذاكر الخاطئة، ونتعامل مع السيدات المصابات بالغثيان بعد أن أُتخمن في سان بطرسبرج ولابد أن يغيرن رحلاتهن. طاولاتنا ليس بها حلويات أو أقلام تحمل شعار الشركة ("أقسم أن هناك نوعين من الشركات !") لكن لدينا الكثير في علبة صغيرة أعطاها لنا مضيف جوي يعمل في شركة لوفتهانزا. بهذا المعني تقول جيلينا فإنهم جميعا سواء، فكل المضيفين الجويين شواذ. تلقي إليّ جيلينا بنظرة. الحمَّام. تلقي إليّ بنظرة أخري. تعني أنها بحاجة للذهاب إلي الحمَّام برغم أن هناك طابورا طويلا جدا. بمجرد خروجها من خلف الطاولة يبدأ الجميع في التساؤل أين هي ذاهبة، نحن في عجلة من أمرنا والطائرات لن تنتظر إلخ. "لا أستطيع الانتظار." أشد كل عضلات وجهي ورقبتي وأضع علي وجهي أعرض ابتساماتي وأتعامل كألطف شخص في العالم لكي أنزع فتيل كل الشكاوي، لكن حتي مع هذا يصرخ بعض الناس. هؤلاء الذين يصرخون وأولئك الذين لا يصرخون، كالعادة. مسافر يطلب مقعدا في ذيل الطائرة. هذه المقاعد هي الأكثر أمانا، من الواضح أنه قد قرأ هذا في دراسة ما أو أخري. طيب، في الذيل بجوار الحمَّام. لابد أن يكرر نفس القصة في كل مرة يقوم فيها بمراجعة الحجز ويقيِّم المضيفات وفقا للإجابات التي يتلقاها. ياله من أمر ممل. قبل أن أفكر فيها للمرة الثانية، أراها تندفع عائدة كما لو كانت في الأولمبياد. نحن ممنوعات من الجري في المطار حتي لا يشعر أي أحد بالتوتر، أو يعتقد أن هناك ثمة عطل ما، أو أن هذه المضيفة تفرُّ من طائرة بها مشكلة خطيرة أو حتي ماهو أسوأ. تجلس ويبدأ الطابور في التضاؤل مرة أخري. سيذهب جميعهم خلال الساعة. وسنتمدد بعد التأكد ألا أحد هناك يلاحظ، ونلحق بنومنا. مكتبنا طاولة صغيرة بين شركة الخطوط الجوية الاسكندنافية (ساس) وشركات أخري منخفضة التكلفة. علي الجانب الآخر من (ساس) توجد الطبقة العليا؛ لوفتهانزا والخطوط الملكية الهولندية KLM وكل الشركات الأخري التي توفر لمضيفاتها أزياء موحدة لائقة وليست أقمشة الأجولة البوليستر تلك التي تتنسل في كل جزء. أحيانا مانتخيل جيلينا وأنا زواجنا من هؤلاء الأشخاص الذاهبين إلي استراحة الخطوط الجوية البريطانية، الذين لابد وأنهم مهندسون متعاقدون مع شركة بترول، أو خبراء في الغاز الطبيعي، لدي كل واحد منهم بيت في لندن، وآخر هنا في بطرسبرج، وسكن جميل في (كولا)، في حقول البترول، لطيف جدا، ونحن بداخل تلك الأكواخ الكبيرة التي لايبدو عليها أي مظهر خاص من الخارج ولكنها في الداخل قصور بحمامات ساونا وجاكوزي وكل هذه الأشياء ... وعندئذ تدق البقرة العجوز التي أخطأت قراءة تذكرتها علي الطاولة وتعيدنا إلي حياتنا منخفضة التكلفة. ننتهي من العمل في الثانية وتبدأ الوردية التالية. يشكو الحمقي دائما من أننا رفعنا الكراسي عاليا زيادة عن اللازم، أو أن هناك الكثير من الاستمارات يجب أن تملأ، أو أن بطاقة ما قد وُضعت في مكان خطأ وأنهم ضيعوا الوقت في محاولة إيجادها. لكننا نضحك عندما نضغط علي المقبض الذي ينطلق صوته بووووف ويترك المقعد عاليا بقدر مايمكنه، ونخلط الاستمارات... أي شيء من أجل ضحكة. الساعة الثانية ! الساعة الثانية ! دينج ..دونج .. ترن الساعة مقلدة جرس كنيسة ! جيلينا لن تذهب معي للبيت اليوم. ستبيت الليلة في بيت صديقة لأن لدينا ضيفا في مكاننا. ضيفي. أنا لم أذكر أننا نعيش سويا. في الليالي الأولي التي كان لدي إحدانا شخص ما تنام معه، كانت الأخري لا تظهر. بالإضافة إلي ذلك هي ليست في حالة مزاح؛ فهي لم تتجاوز بعد انفصالها الأخير. "هل قلت لكِ كم أنا حسودة حقيرة؟" "بعد رقم 14" أقول ضاحكة. "وهل سألتك أن تتأكدي أنه لا يترك شعره في الحوض أو في الدش؟" "صديقي الأخير كان هو المشعر." "آه .. إذن كان هو!" تضحك محاولة أن تستفزني. هناك طريقة لتجاوز مشاكلنا العاطفية وهي الطريقة التي أجربها الآن بأن تجعلها أكثر ظهورا للعيان. عائلتها تعيش جنوب مينسك. في الحقيقة هي تري أفرادا من عائلتي أكثر من ذويها. أمها المطلقة الأبدية ذات المعاناة الطويلة والشريحة في كتفها تقول أننا يجب أن نتزوج، أنه لم يعد أمرا مرفوضا بعد ذلك، وأنه بإمكاننا نحن الاثنتان أن نستفيد من الزواج. في المرة الأخيرة التي قالت لنا هذا ردت عليها جيلينا بأنها كانت عزباء لفترة أطول من تلك التي كانتها متزوجة، وأنها تعتقد فيما يتعلق بهذا الأمر أن البعض يحببن الرجال والبعض الآخر يحببن النساء ... اختنقت أمها تقريبا حين سمعتها تقول هذا. الآن جيلينا متوترة. عندما عدت من حجرة تغيير الملابس حدقت فيّ وحكَّت أنفها بقوة. عندما تفعل ذلك فهذا يعني أنها مضطربة. كنت أشعر بنفس الإحساس عندما كانت مع ماكس. أتخيل أن هذا طبيعي إلي حد كبير، أخبرنا صديق لنا يعمل متخصصا في علم النفس أننا بحاجة للأمان، وأننا بعيشنا سويا قد خلقنا شكلا من الرابطة التبعية. رابطة التبعية: أنت تشتري هذا وأنا أشتري ذاك، أنت تجهزين العشاء اليوم وأنا أجهزه غدا... غادري المكان عندما يأتي صديقي الجديد لأني سأقوم بالمثل معك ... لابد وأنها كذلك، الرابطة وكل هذا الجاز عندما دخلت في رؤوسنا زجاجة الفودكا التي علي شكل أريكة، الرابطة وثلاثتنا نغني في شرفتنا علي الأرجح. في الحقيقة كنا كثيرا ما نقول أن الأفضل لكلينا هو أن نجد صديقا واحدا الآن، في حفل، أو في اجتماع عمل، ثم نعيش حياتينا في خطين متوازيين، لكن كلانا كان يعرف أن هذا ليس ممكنا. تلوِّح لي بالوداع من محطة الأوتوبيس الأخري، بعض الناس يركبون تاكسيات، فيما آخرون مثلنا يركبون أوتوبيسات، فمرتباتنا لا تتسع لأي شيء أبعد. ذات يوم ألصقت جيلينا وجهها في النافذة التي ابتلَّت بوضوح عند فمها، بينما كانت بعض مضيفات شركة الخطوط الجوية المتحدة يصعدن إلي الفان الليموزين الذي كان هو التاكسي الخاص بهن، علي درجة سلم هبطت أوتوماتيكيا. كان لدينا صديقة قالت ذات يوم عندما مرت عربة ليكسوس ضخمة وأجبرتنا نحن المشاة علي التراجع خطوة للخلف أننا يجب أن نفخر مثلها لأننا كبلد قد أصبح لدينا إخوة في الوطن أثرياء مثل هؤلاء، لأن هذا معناه أن بلدنا تمضي إلي الأمام. أنا أسألك ! لديّ موعد الساعة الخامسة في (تارا بروش) وهي ليست بالمقهي التي كنت أتمني أن أحظي فيها بما قد يكون موعدًا هامًا. بمعني أنه الموعد الذي يعتقد نيكو أنه سيعطيه الحق في أن يتناول العشاء وأن يأكلني ككل. يعتمد الأمر بأكمله كما تقول جيلينا علي الإضافات؛ لأن كل شي في الحياة منخفض التكلفة علي الأقل بالنسبة لنا في سان بطرسبرج، وتبدأ الحياة في التحسن اعتمادا علي الإضافات، حيث أنه ليس بمقدورنا أن نعيش حياتنا في الدرجة الأولي. عندما تشرع في قول أن الحياة خارج سان بطرسبرج وموسكو ليست حتي منخفضة التكلفة فإنها تعني أنها محبطة حقيقة ومتراجعة ذهنيا إلي فيتيبيسك ! لكن ماذا يمكنني أنا أن أفعله، فهي فقط هكذا ! أنا لست محبطة، رغم أني كنت لأفضل الذهاب إلي فندق موسكو، فأنا أحب بارات الفنادق، وتارا بروش بالكاد تم تصنيفه، لكن هذا هو المتاح. كنت سأفضله إذا كان ستيبان قد بقي لفترة أطول. لقد ذهب إلي ميلانو، وفي ميلانو ستتكالب عليه الفتيات الإيطاليات. لابد أن ستيبان اجتاح ميلانو بعاصفته... لكني مازلت أحبه قليلا، ولو لم أكن قد عرفت أنه ينام معهن، فلربما كل أسبوعين، أو مرة في الشهر، أو كل شهرين، كلما ... كنت سأتصرف كما لو كان الأمر عملا كالمعتاد ... لكنه فاجأني ورحل. إلي ميلانو، ومقارنة بكل هذه وتلك الأزياء الموحدة التي تنتفش وتثير الهرش ... أنا وجيلينا شاهدنا المحلات في ميلانو علي الإنترنت، وتخيلنا أننا من زبائنها ... ياه ! من الأفضل ألا ... من الأقمشة الحريرية والجلود إلي مقاعد هذا الأوتوبيس الخشبية ... ستيبان ... في الحقيقة ليست مقاعد الأوتوبيس الخشبية هي ما يغيظني، ما يجعلني حانقة بالفعل هو تذكر أن نيكو أيضا يريد علاقة منخفضة التكلفة، شيء لا يورطه هنا بينما هو يسعي جاهدًا لطريقة يحصل بها علي تلك الوظيفة في فنلندا التي يتكلم عنها دائمًا ولا يعرف عنها شيئا إلا من خلال ابن عمه. لكنه إذا قال مرة أخري كيف تبدو فنلندا كعالم من الأحلام سأقوم وأنصرف. مازلت أعرفه بالكاد. لم يعد يعمل في المطار، هو الآن في بنك، لكنه يتكسب نقودًا أقل، حركة جيدة تلك ! بالتأكيد أستطيع أن أفهم أن الإشارة إلي الطائرات ليست بالمتعة الكبيرة، وأن الخروج إلي مهبط الطائرات في الشتاء، مع كل أبخرة الطائرات وما إلي ذلك ... علي الأقل هو في الدفء بالبنك، لكن مقابل نقود أقل والآن سيأخذني إلي تارا بروش... لابد وأنه يعتقد أنني حمقاء وأن الطريق إلي سريري يبدأ في فنلندا، وأنني سأموت كي ألحق به لأنك يمكن أن تراهن أننا نحن الاثنان سينتهي بنا الأمر بالعمل في مكتب لشركة نوكيا. يا سلام ! جيلينا ترسل لي برسالة نصية. لقد وجدت فستانا عليه تخفيض حقيقي واشترت لي هدية. وسواء كنا مازلنا ذاهبين إلي تارا بروش، وإذا كان سيأخذني بعد ذلك إلي (أمبروف)، يجب أن أقول أني أعاني من الصداع. "لو أمبروف اعملي إن عندك صداع. أمبروف وِحِش. فنلندا ماتستاهلش." "لو مافيش أمبروف نفطر مع بعض؟" وتلقيت "أوكي" مقتضبة كإجابة وأنهت المكالمة. أود للموضوع أن ينتهي علي خير. أعرف أنه علي الأرجح سيفشل لأن نيكو المسكين ليس لديه الكثير ليقدمه وليس لديّ الكثير لأقدمه في المقابل. عندئذ أفكر ... من ناحية ليس لدي العالم من حولي شيء أفضل يعطيه لي. عالمه أو عالمي ليس لديه الكثير ليقدمه ونحن نحاول أن تقتنص مايمكننا اقتناصه. من ناحية أخري قد يكون لدي نيكو الشرارة التي ستجعل الحياة أكثر قابلية للعيش فيها ولو قليلا، علي الأقل ستفتح نافذة في عليَّة قرب السحاب. أنا أثرثر كشخص أحمق، وأنا أحب أن أسمح لنفسي برفاهية الثرثرة كشخص أحمق. أم أن حياتنا المنخفضة التكلفة تحرِّم علينا هذا؟ عالمنا بأكمله منخفض التكلفة تماما. أمي أحيانا تقول عندما أشكو أن هذا هو قدرنا، أيًّا كان من في السلطة، قابل للتنبؤ مثل إبرة البوصلة؛ حتي لو أدرتها ستظل الإبرة توجهك إلي نفس الاتجاه لأنه بينما تقف الأشياء فأنت لا تملك المغناطيس الذي يمكنه أن يدفعها إلي الجنون، الذي يمكنه أن يضع حياتك في يديك، أو الأفضل من ذلك عند قدميك. في طريقي إلي تارا بروش وعند إشارة مرور يصطدم الأوتوبيس بالمطب المعتاد. كل السائقين يفعلون هذا، وكذلك السائق الذاهب إلي (بيرج ذ بيرج)، تشعر بالأوتوبيس يرتج ويضرب أسفل عمودك الفقري ويهز كل فقرة حتي عنقك. يمكنني أن أراه في مدخل تارا بروش. لا يبدو مميزا، لكن عندئذ أنظر إلي نفسي وأعرف أني لا أبدو مميزة كذلك، مجرد مضيفة أرضية منخفضة التكلفة. ماذا يمكنني أن أتوقع أكثر من ذلك؟ محطة الأوتوبيس بعد ناصية الشارع، لم يرني بعد، يمكنني أن أقرر ألا أنزل، أوراق النباتات في الأصص عند المدخل تمثل ستارا للتمويه، يمكنني أن أوَلي هاربة، وأقول أنهم غيروا ورديتي وأختلق عذرا لألغي الموضوع. هو يذهب إلي حلاق محلي والملابس التي يرتديها بالكاد تناسب موعدا أول ... علي الأقل أنا غيرت ملابسي. ظللت أحمل حقيبتي معي بحرص طوال اليوم، متأكدة من عدم تجعد ما يمثل ثاني أفضل طقم ملابس لديّ، وليس الأفضل. عندما كنت أخرج مع ستيبان كنت أرتدي ثوبين سمحت لي ساسكيا بهما ولم يكن هناك شيء فيهما يبدو بالغ الروعة، لكن مع نيكو كان الأمر كما لو أني توقعت كل شيء في كروت اللعب مسبقا وارتديت ملابسي وفقا لذلك. من الأفضل أن أُوَلِّي هاربة، رغم أني لن أخسر شيئا إذا جربت. ربما كان شخصا طيبا، أفضل مما يبدو. أقصد كما لو أن أي شخص حدث وسألني رأيي في كيفية اللبس. لم يسألني أحد أبدا باستثناء جيلينا. وإذا بدأ حديثه عن فنلندا ... أتوقع أن مطار هلسنكي أفضل من مطاراتنا هنا. أتطلع إلي نفسي في فاترينة المحل، كان ينبغي عليّ أن أطلب من ساسكيا أن تعيرني شيئا ما.