أعجبني الحوار الذي أجرتة مؤخراً بوابة الوفد الالكترونية مع الشاعر عبدالله حسن الذي قيل عنه أنه شاعر ثورة 25 يناير وكل مااعجبني في الحوار ماقاله عبدالله حسن من ان الثورات عموما تفرز المبدعين والشعراء والكتاب والملحنين .. وان كانت هذه حقيقة بالفعل في الثورات السابقة التي شهدتها مصر بداية من الثورة العرابية وحتي ثورة يوليو52 الا انني اختلف معه في ان ثورة 25 يناير لم تفرز لاهذا ولاذاك !!.. بل حتي هو نفسه عبدالله حسن لم يكن في رأيي شاعر الثورة بدليل مازاحمه من شعراء آخرين لقبوا ايضا في غفلة بألقاب شعراء الثورة ومنهم علي سبيل المثال الشعراء أحمد حماد وهشام الجخ ومحمد سعيد الجعار وعبدالرحمن يوسف وغيرهم !!.. وهذا التزاحم وهذه الالقاب التي تشبة ألقاب الناشطين السياسيين او الحقوقيين التي دأبت اذاننا علي سماعها بعد الثورة ..هذا التزاحم حدا بالمصريين عمومآ الي فقد التركيز وعدم الانصهار وجدانياً مع أي ممن يطلق عليهم شعراء الثورة فاختلط كما يقول الحابل بالنابل مع كل احترامي لهم جميعا فهم اصحاب موهبة بالفعل !!.. ولكن شتان الفارق والبون الشاسع العظيم بينهم وبين ماأفرزته الثورات التي شهدتها مصر بداية من حقبة أواخر القرن التاسع عشر مروراً بحقبة أوائل القرن العشرين ونهاية بحقبة الخمسينيات من نفس القرن.. فمثلا الحقبة الاولي التي شهدت الثورة العرابية أفرزت لنا الشاعر العظيم محمود سامي البارودي الذي لقبه الشعب المصري وبحق بأنه شاعر الثورة العرابية وبأنه فارس السيف والقلم !!..والحقبة الثانية وهي بدايات القرن العشرين التي شهدت ثورة 19 أنجبت لنا الشاعر العظيم المبدع متعدد المواهب بديع خيري صاحب الكلمات التي مازال الشعب المصري يتغني بها حتي الآن ومنها علي سبيل المثال طلعت يامحلي نورها وسالمة ياسلامة وأبجد هوز حطي كلمن والحلوة دي قامت تعجن في الفجرية وغيرها كثيرا جدا من روائع بديع خيري !!.. أما الحقبة الثالثة وهي منتصف خمسينيات القرن العشرين والتي شهدت ثورة يوليو 52 فقد أفرزت لنا ابن شبرا الضاحك الباكي صلاح جاهين الذي لقب من المصريين جميعا ومن الاعلام المصري كله بأنه وبجدارة شاعر الثورة الأول رغم أن هذه الفترة ذاتها قد شهدت بزوغ نجم الشاعر الكبير أيضا عبدالفتاح مصطفي صاحب كلمات طوف وشوف وقصائد اخري رائعة وشهيرة تغنت بها السيدة أم كلثوم .. وربما لايعلم البعض أن عبدالفتاح مصطفي هو أيضا صاحب كلمات الأغنية الشهيرة وهي أغنية النهاية في فيلم فجر الاسلام ومطلعها يقول الي رحاب اليثرب .. الي ضياء الموكب .. الي الذكي الطيب .. الي النبي ..!!..هؤلاء هم شعراء الثورة النسخة الاصلية الحقيقية الخالدون في ذاكرة الوطن .. العالقون بوجدان المصريين .. الذين حفروا اسماءهم بحروف من ذهب .. فكانوا ومازالوا هم اصل التراث ورموز الثورات المصرية !!.. قد تكون هناك مواهب شابة جديرة بكل احترام .. قد تكون هناك ارهاصات لبزوغ نجوم جدد في محراب الشعر والادب والابداع .. ولكن هيهات هيهات من ان يحظوا بألقاب تاريخية حظي بها أسلافهم!!.. فالأخرون حظوا بها بعد شقاء وضني وانخراط في صفوف الشعب المصري وبعد سنوات خلف القضبان وبعد لهث من السعي والنوم علي أرصفة وتراب الوطن .. لم يكونوا في حاجة الي سماء فضائيات النايل سات.. ولم يلهثوا وراء مندوبي الصحف والبوابات الالكترونية .. ولم ينتهزوا فرصة الحدث فيقفزون علية وبسببه.. ورغم ذلك ذاع صيتهم وتركوا بصمة لا تنسي لانهم احبوا مصربحق فاحبتهم مصر وشعب مصر العظيم !!.. انني أدعو مبدعي مصر وأخص منهم المتوفين فكر وقلم أن يخرجوا من اجداثهم ويتصدرون المشهد الراهن .. وكفي ياسادة مافات من بعد الثورة وحتي الآن من ابداع ميت !!