إزالة مخالفات بناء بمدينتي بدر وأكتوبر خلال إجازة عيد الأضحى    النفط يسجل مكاسب أسبوعية قوية لأول مرة في 3 أسابيع    شعبة الدواجن: هبوط أسعار الفراخ البيضاء بنسبة 25%    النقل: تعاون مع المرور لإقرار مخالفة للمركبات التي تسير داخل حارة الأتوبيس الترددي    استمرار فتح باب التقدم والحجز إلكترونيًا ل 1800 قطعة أرض صناعية    باختصار.. أهم الأخبار العربية والعالمية حتى الظهيرة.. وزير خارجية فرنسا: نجحنا بالتعاون مع أمريكا فى منع انهيار لبنان.. مصرع وإصابة 8 أشخاص فى انفجار أسطوانة غاز بباكستان.. تحطم طائرة فى المكسيك ومقتل 3 أشخاص    وزير الخارجية يستعرض مع نظيره القبرصي جهود مصر لوقف إطلاق النار في غزة    إذاعة الجيش الإسرائيلي: العثور على جثة يُرجح أنها تعود للمسؤول العسكري البارز في حماس محمد السنوار جنوبي غزة    ريابكوف: روسيا عرضت على الولايات المتحدة استئناف الرحلات الجوية المباشرة    إمام عاشور مهدد بالغياب عن مباراة باتشوكا المكسيكي (خاص)    الزمالك يرفض معاقبة نبيل عماد دونجا بعد أحداث نهائي كأس مصر    كهربا يدخل حسابات حلمي طولان للمشاركة في كأس العرب    مصرع طالب في تصادم دراجتين ناريتين ب سوهاج    حجاج الجمعيات الأهلية يؤدون رمي الجمرات في أول أيام التشريق    ظهرت رسميًا في بعض المحافظات.. نتيجة الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025    أطفال أيتام بعد توزيع هدايا العيد عليهم: شكرا للرئيس أسعدنا.. فيديو    إدارة الجوازت تستقبل عددا من الحالات المرضية والإنسانية وتنهى إجراءاتهم    طارق الشناوي عن «ريستارت»: كوميديا وإيفيهات الفيلم لن تعيش    إعلام فلسطينى: 34 شهيدا فى غارات إسرائيلية على عدة مناطق بغزة منذ فجر اليوم    الصحة العالمية: ارتفاع في حالات كوفيد- 19 بإقليم شرق المتوسط دون مؤشرات خطرة    صحة الأقصر تعلن انتشار الفرق الطبية بمختلف الإدارات الصحية فى عيد الأضحى.. صور    بالخطوات.. طريقة عمل السجق البلدي في العيد    الكويت ترحب بقرار منظمة العمل الدولية منح فلسطين صفة دولة مراقب    زلزال يضرب إيران بقوة 4.3 على مقياس ريختر    نائب هندي: باكستان يجب أن تغلق معسكرات الإرهاب قبل المحادثات    وزير الري يتابع الموقف المائي خلال إجازة عيد الأضحى    إصابة 8 أشخاص نتيجة انقلاب «ميكروباص» بطريق أسيوط- الفيوم الغربي    مات فيها شاب.. تفاصيل "خناقة بالسلاح" بين عائلتين في حلوان    مطالب بعدم إذاعة أذان الفجر في الميكروفونات، ورد قوي من عالم أزهري    السيسي يقود أحدث إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي    آخر تطورات الحالة الصحية لنجل الفنان تامر حسني    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    خالد الغندور: 14 لاعبا سيرحلون عن الزمالك    لليوم الثاني.. 39 مجزر يستقبل الأضاحي في مراكز المنيا    البنات والستات.. والشيشة    محافظ أسيوط يعلن عن تشغيل غرفة طوارئ بالتأمين الصحي خلال عيد الأضحى المبارك    دعاء يوم القر مستجاب للرزق والإنجاب والزواج.. ردده الآن    الطبطبة على الذات.. فن ترميم النفس بوعى    محمد الشناوي: كنا نتمنى حصد دوري أبطال إفريقيا للمرة الثالثة على التوالي    اليابان: لا اتفاق بعد مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية    بالمجان.. مجازر الإسكندرية: ذبح 933 رأس ماشية في أول أيام عيد الأضحى    دار الإفتاء تكشف آخر موعد يجوز فيه ذبح الأضاحي    الأزهر للفتوى يوضح أعمال يوم الحادي عشر من ذي الحجة.. أول أيام التشريق    دوناروما: أداء إيطاليا لا يليق بجماهيرنا    استقرار أسعار الذهب في مصر خلال ثاني أيام عيد الأضحى 2025 وسط ترقب الأسواق العالمية    مها الصغير عن تصدرها التريند: «السوشيال ميديا سامَّة»    ديانج ينضم إلى معسكر الأهلي في ميامي.. صور    "مش جايين نسرق".. تفاصيل اقتحام 3 أشخاص شقة سيدة بأكتوبر    محمد عبده يشيد ب " هاني فرحات" ويصفه ب "المايسترو المثقف "    اتهمته بالضرب والسرقة والخيانة.. من هي شيماء سعيد زوجها المطرب إسماعيل الليثي؟    سفارة الهند تستعد لإحياء اليوم العالمي لليوجا في 7 محافظات    «الدبيكي»: نسعى لصياغة معايير عمل دولية جديدة لحماية العمال| خاص    محاضرة عن المتاحف المصرية في أكاديمية مصر بروما: من بولاق إلى المتحف الكبير    الثلاثاء أم الأربعاء؟.. موعد أول يوم عمل بعد إجازة عيد الأضحى 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    بمشاركة 2000 صغير.. ختام فعاليات اليوم العالمي للطفل بإيبارشية المنيا    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    البابا تواضروس يهاتف بابا الفاتيكان لتهنئته بالمسؤولية الجديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة
بحر أملكه
نشر في أخبار الأدب يوم 22 - 06 - 2013


د. عزة بدر
بجواره النائمون علي طاولة الليل، يطوون أذرعتهم تحت رءوسهم كوسائد صغيرة، بجواره الشحاذون الذين لم يبسطوا أيديهم بعد، والبائعون الذين لم يفكوا أكياس بضائعهم ليفترشوا بها الأرصفة، بجواره تنام النخيلات وتصحو.. والتماثيل تترك قواعدها الرخامية وتتمشي في صبر إلي جواره.
المآذن عالية ترنو إليه في صمت تترك لصوته الهادر تلك السويعة من الصباح الباكر، الصيادون يرمون صناراتهم وينتظرون بصبر يتلبثون حتي تأكل السمكات طعمتها ويرفعون خساراتهم فارغة ويبتسمون، في هذه السويعة من الصباح أبتسم لأن صاحب الدراجة لن يتبعني علي طول الشاطيء في غدوي ورواحي فلقد بدلت مواعيدي مع البحر، تركت له الليل واخترت هذه السويعة من الصباح.. مضيت إلي الجسر لا أعرف هل بي حاجة إلي أن أعبره؟!..
مقاعد «الكازينو» خالية من روادها، تمد أيديها وأرجلها في ماء البحر، تنشر أشرعتها من قلع المراكب وتحتسي قهوتها في صمت، الشبابيك الزرقاء تغني لملاحين بسواعد سمراء فتية.. ينزلون بسيقانهم القوية ويغرسونها في البحر كالأوتاد.
لن يطاردني رجل الدراجة مدمدما بما لا أعرف، لن يأخذ خلفي دورة زمنية كاملة وأنا أدس يدي في فواكه البحر.. وأضع أناملي في فم «أم الخلول» وأمس شفتا «البكلويز» فيخرج لسانه للرمل فأبتسم.
لي هذه السويعة من البحر..
يا صاحبي ومالك أمري خرجت إليك من قماقمي، أزلت الرصاص بأظافري حتي ترضي، من أجل هذه الوشوشة خرجت إليك عارية من كل شر، هاربة من كل ضر، حاملة صدفتي أضعها في الليل علي أذني لأسمع صوتك وأهمس لك أخفيتها تحت وسادتي فجذبها زوجي ليسمع ما تقول لي.. قام من فوره إلي المطبخ وأتي بكوب زجاجي قال: ضعيه علي أذنيك ستسمعين أيضا وشوشة البحر.. لاتخرجي إليه!، وقال أخي: لما كل هذه المواعيد مع البحر، يدفن الناس أنفسهم في التوابيت، يغلقون علي أنفسهم بشرائط الرصاص والقصدير حتي يتسني لهم الموت في دعة.
تداهمني رائحة الكحول الأحمر علي ظهر أبي، ورائحة الكولونيا التي ينعشون بها الغائبين عن الدنيا، يهمس أبي في غيبوبته.
- لا بحر.. لا موج.. لازبد، لا إنس.. لا جن.. لا وجود لشيء لا النوم نوم ولا الموت موت ولا الحياة حياة!..
دروشات أمي ومسابحها الطويلة تمتد علي غلاف القشرة الأرضية تخفف الكون كحبة جوز ترفض دائما أن أكسرها علي جبهتي فينشال عليّ لبنها الصافي الحلو.. تغطيها في الشمس بأوراق الخس وتهمس في وجل: يا عالم.. نحن هنا اليوم.. وغداً أين؟! لاتخرجي إلي البحر.. لاتمشي بجواره الرجل صاحب الدراجة جن من البحر إذا أخذك أمامه علي الدراجة فلن تفلتي أبداً.. سيشق بك البحر، سيمشي بك علي وجه الماء، ستنغرس عجلتا الدراجة في العمق، لن تخرجي أبداً من أسر الآسر ولا من قيد العبد.
- ولكني خاتلت الرجل.. اخترت هذه السويعة من الصباح، تركت له الليل، يضع صحبة من الورد الأحمر خلف أذنه اليمني، وعود فل خلف أذنه اليسري.. يصفر ويدمدم، تتناغم عضلات ساقيه مع دوران العجلات، يهمس بما لا أعرف.. لن يدركني الآن.. نائم هو، ونائمة دراجته في أحراش البحر.
بجواره النائمون علي طاولة الليل، وسائدهم أذرعتهم، والشحاذون الذين لم يبسطوا أيديهم بعد، وباعة الجرائد الذين يدللون علي سلعة بائرة!، سطور ما بين السطور، عناوين كثيفة كاذبة عن فن الممكن، وفن المستحيل، كذبات مرقشة بيضاء وحمراء وصفراء وبرتقالية، كذبات تمد أيديها لتسرق البحر من بين أيدينا، تعبيء الموج في زجاجات، والهواء في زجاجات تبيع لنا كل شيء حتي الزبد!
والشمس معلبة، والقمر في علبة سردين والليل في علبة تونة مستوردة!.. أمد يدي إلي هذا الكوب الزجاجي الذي يضعه زوجي علي أذني لأسمع صوت البحر فأكسره، أمد يدي إلي توابيت الليل فأفتح مغاليقها وأنهض الموتي، أمنح الصيادين ما يطعمهم ويطعم السمكات المرتعشة تحت الماء.
- أطعموهن لوجه الله بلا أربة ولا غرض، السمكات حبيبات البحر اتركوهن في سلام يبتسمون ويبسطون أيديهم بالشباك لتخرج خاويات في سلام، أفتدي السمكات وأصعد عارية في الشبك.. يفاجئني وجوده، أرتعد لمرآه.. هو بعينه رجل الدراجة، صحبة الورد الأحمر خلف أذنه اليمني وفرع الفل خلف أذنه اليسري، يدمدم فأنصت إليه.. يهمس:
- أنا أحب البحر
فأهمس: وأنا أيضا!
ينظر في ساعته، يضبط عينيه علي موعدي.. علي تلك السويعة من الصباح، يدوس بعجلات دراجته علي الكذبات الحمراء والخضراء والصفراء المدهونة بالعسل، يفتح علب التونة ويحرر الأقمار، يفتح علب السردين ويخرج الشمس من جديد إلي الأفق.. يتخطر علي دراجته، يمد يده نحوي فأمد يدي ننهض النائمين علي طاولة الليل، والشحاذين الذين لم يبسطوا أيديهم بعد، والغائبين في توابيت الليل والذين يقلبون أيديهم في شقاء:
- يا عالم!.. نحن اليوم هنا وغداً أين؟..
ننهض الجميع لنعبر الجسر قبل أن نبلغه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.