الموت في رواياتي جذاب، رحيم، وأحيانا هزلي من الصعب أن تجد قارئا للخيال العلمي متعصبا بمناسبة عيد ميلاده في الثامن و العشرين من إبريل 1948، وصدور الجزء الرابع من سلسلة الخيال العلمي»ديسك وورد« التي تحقق الأعلي مبيعا فور صدورها حيث تدور في عالم مسطح تحمله أربعة أفيال تقف بتوازن عجيب فوق ظهر سلحفاة عملاقة تجوب الفضاء، وبالرغم من إصابته بنوع نادر من الالزهايمر المبكر لايزال الكاتب تيري براتشيت يكتب مبهورا بما يحدث من حوله في العالم بمساعدة معاونيه منذ مدة طويلة عالم الرياضيات البروفيسور آلان ستيوارت، وعالم الأحياء الدكتور جاك كوهين، كما باح لستيفن موس بالجارديان البريطانية حول آخر إهتماماته العلمية، والخلاف مع منتج أعماله في هوليود، ومشاعره تجاه الموت. فرضية العالم الغريب الذي ابتكرته بينما في ذات الوقت تبدو أحداثه غاية في المنطقية، يعيش عليه بشر عاديون وسط جو عجيب من السحرة، والأقزام، ومصاصي الدماء، والجان، والغيلان،والجنيات. مكان صغير غامض وواحد من بين مائتين من أمثاله في المجرة يهيمون في الفضاء، ما سبب وجوده، ومن أين جاء، ومما خلق، وهل نحن وحدنا سكانه؟ من المفيد الخروج من هذا العالم ورؤيته من وجهة نظر شخص آخر، هناك معلومات علمية كثيرة، وأشياء متعلقة بالمجرات، فأنا من أشد المعجبين بالعلوم، إلا أنني غير قادر علي كتابة معادلة علمية واحدة، ولم ولن أستطيع فعل ذلك أبدا، أذكر في إحدي المناسبات كنت في جامعة وارويك ولم أستطع مجاراة ألان وجاك مما أشعرني بالحرج. -فضلا عن ذلك مع كتابة مقاطع سلسلته الشهيرةسديسك وورد، يبدو كمن يصارع الإفتراضات العلمية الصعبة، هل هو عالم محبط؟ - لقد كنت قارئا شغوفا بالخيال العلمي، مترددا باستمرار علي المكتبات، و استفدت بما وجدته من كتابات من لديهم دراية ومعرفة بالعلوم، و بمرور الوقت ،وفي سن المراهقة، كتبت روايات الخيال العلمي، كما حضرت الكثير من حفلات توقيع الأدباء وهناك التقيت آرثر سي كلارك، ومارك موروك، وجون برامر، ممن ليسوا علي شاكلة كل من حولهم، وكان ذلك يشبه أن تزور حدائق الخالدين، ثم تدرك فجأة أنهم من أدباء الخيال العلمي، وإنهم بشر وأنت أيضا بشر، وليس هناك ما يمنع أن تصبح كاتب خيال علمي. براتشيت كان طفل وحيد منحدر من أسرة تنتمي للطبقة العاملة في بيكونسفيلد في بيكنجهام شاير، نشأ في ستينات القرن الماضي مع بداية رحلات الفضاء، خلال العصر الذهبي للخيال العلمي، كيف أثر عليه ذلك؟ -والدتي كانت انتهازية إلي حد ما، وقبل هوجة الخيال العلمي ،كانت هي التي شجعتني علي الكتابة، فهي من الطراز الأيرلندي وتهوي سرد الحكايات- الموهبة التي أورثتها لولدها- لذا يمكن تلخيص حياتي في جملة واحدة: تيري براتشيت أديبا من المهد إلي اللحد، وبالرغم من لهفة والدته علي تعليمه فإنه كان دون المستوي في دراسته: لم أستطع التواؤم مع مدير المدرسة، كما لم يفعل هو بدوره، لقد تمني وأساتذتي أن لا تحل فترة الستينات، إلا أن جميع الفتيان بالطبع كانوا غاية في السعادة بها. هل تيري براتشيت متمرد بطبعه؟ - لا، كان متذمرا بطبعه.وبالرغم من ذلك كنت ممنونا لاختلافي مع مدير المدرسه لأنه دفعني إلي ترك الدراسة في عمر السابعة عشرة لأصبح صحفيا في باك فري برس: الصحافة المحلية هي الصحافة الحقة، إذا ارتكبت أي خطأ، فهم يعرفون أين تقيم، لذا تبذل المزيد من الجهد عن أي وقت وفي أي صحيفة أخري، لقد رأيت أول جثة في أول يوم عمل لي هناك. انتقل من الصحافة المحلية إلي وظيفة في العلاقات العامة في الإدارة المركزية لتوليد الطاقة الكهربائية، إلا أنه لم يتوقف أبدا عن الكتابة والقراءة، فهو ذلك العصامي الذي يفترس كل ما يقف في طريقه، ويقتني ثلاث مكتبات في بيته يعلق علي ذلك قائلا: -إذا فرضت الحكومة ضرائب علي الكتب، ولم أستطع وضعها علي أرفف مكتباتي، أصبح في ورطة قاتلة. انطلاقته جاءت في منتصف الثمانينات معDiscworld أو عالم اسطواني التي يصادف هذا العام مرور ثلاثين عاما علي صدور الجزء الأول منها، وكان يحمل عنوان: لون السحر،وأكثر ما أشعره بالراحة هو استطاعته التخلي عن روتين عمله اليومي و التفرغ للكتابة، كيف راودته تلك الفكرة؟ -حدثت بكل بساطة، بدأ الأمر كنوع من السخرية في الإبداع الخيالي، لكن حين نفدت جميع النسخ في أول يوم، قررت تأليف جزء آخر من تلك السلسلة، وكلما تقدمت في كتابتها أصبحت أفضل، وهبطت علي ذهني أفكار أكثر، واكتسبت خبرة أحسنت استغلالها في كتاباتي. لازلت مواظبا علي حضور حفلات التوقيع، ومقابلة الجيل الجديد من القراء! - وجدت هؤلاء الأطفال الذين كبروا عبر جزءين من تلك السلسلة مشرقين يلمعون بالذكاء، كما أصبحت مغرما بأن قرائي من جميع الأعمار، فالخيال ليس له عمر، يمكن إطلاق عنانه منذ سن الحضانة، ومتابعة ذلك حتي الموت. ما الذي يجمع بين قراء ديسك وورد. -انهم من سرنديب! يلتقطون من بين الأشياء المثيرة للإهتمام مالا تتوقع أن تراه، وهو ما ينطبق علي معظم هواة الخيال العلمي، وهم أيضا متفتحي الذهن، لذا ليس من قبيل الصدفة ظهور أول قبلة علي شاشة التليفزيون بين إثنين من مختلفي الأعراق، خلال حلقات ستار تريك، إنه الخيال العلمي، الذي تصبح فيه الناس أناسا بعيدا عن إعتبارات الشكل أوالحجم أو اللون، من الصعب أن تجد قارئا للخيال العلمي متعصبا. هو الآن يتطلع لتحويل إبداعه الأدبي إلي فيلم، ومع إنشاء ريحانة شركة انتاج خاصة بها تحت إسم ناراتيفيا قد تعود الأمور إلي نصابها، وتصحيح الدهشة من غياب أفلام مأخوذة عن كتبه. -هناك دائما اهتمام بهوليود، إلا أن هوليود متخمة للنهاية بأناس لديهم المقدرة علي قول لا لكل شيء ثم نعم لشخص واحد، قد تموت في انتظار هوليود، لقد انسحبت مرتين من جلسات الإتفاق، إذا تم تصوير ديسك وورد، يجب أن ينتمي إلي وليس اليهم، كل شيء في هوليود يدور حول المال، لكن كم يحتاج من المال يحتاج ذلك ليتم بشكل صحيح؟سوف يحدث ذلك يوما ما، لكن علي أن تكون حقوقي الإبداعية تحت حماية ناراتيفيا، لأنني متيقن من التزامها معي. بالرغم من كل هذا الحوار إلا أن براتشيت لايخطط لرحيله حتي الآن قال ضاحكا: -عليهم قتلي قبل أن أذهب، وعند حلول ساعتي، سوف أتقبل ذلك بصدر رحب كما فعل والدي، اللذان كانا يصران علي التعامل مع الموت كحقيقة من حقائق الحياة، وليس من التابوهات، فالتحدث حول الموت ليس كئيبا، فمعظم الناس لا تشعر بالقلق حيال الموت، إلا أن مصدر قلقهم هو سوء طريقة الموت، الموت قاسم مشترك للبشرية، كلنا نموت، أفعلها جيدا قدر استطاعتك، أبعد عنك القلق حول كيفية حدوث ذلك، لأنك لن تستطيع عمل شيء حيال ذلك. في ديسك وورد الموت شيء جذاب، رحيم، وأحيانا هزلي.