صبحى فحماوى في مسرحية (لورانس العرب) تأليف تيرانس راتيجان- العدد- اثنان وعشرون، من سلسلة المسرح العالمي- الكويت- بإشراف العبقري »زكي طليمات«- من مصر- كتب مترجمها محمد كامل كمالي في مقدمته لها: »لم يكن لورانس العرب سوي موظف صغير في الجيش البريطاني المتمركز في القاهرة خلال الحرب العالمية الأولي، يقوم بإعداد الخرائط ومسح الأراضي في البلاد العربية، وبسبب معرفته بالبدو، تم إرساله زمن المكتب العربي«- قبل قيام الجامعة العربية- للقيام بثورته ضد الأتراك. وفي الجزيرة العربية يطلب لورانس من الأعراب التوحد ضد العدو المشترك وهو الأتراك، فيقول له أحد رجال القبائل واسمه (رشيد) - الذي سيموت علي طريق الشام- في صفحة مائة وعشرة من المسرحية: » إنك تتحدث عن أمة العرب، ولكن ليس ثمة أمة للعرب..إنني من أبناء قبيلة حارث، وإن جيراننا هم قبيلة مسروة، وإننا أعداء بعضنا لبعض، فلو أنني قتلت تركياً، علي حين كان ينبغي أن أقتل رجلاً من بني مسروة، فإنني أكون قد اقترفت جريمة ضد أهلي وعشيرتي وأبناء دمي.. لا أحب المقدمات، ولا التعليقات. دعني أريحك، فأختصر لك المسرحية، بأن لورانس لم يستطع جمع العرب لمقاتلة الأتراك، فجاءه أعرابي يسمي حامد، وقال له : »أعطني نقودا، وأنا أجمع لك من تريد.« فأعطاه النقود، وما هي سوي أيام، إلا والخيول والجمال والمشاة يتراكضون، متجمعين علي شكل جيش قبائل، باتجاه الشمال بقيادة المساعد حامد..وبناء علي هذه القوة، يقول لورانس لنفسه الهزيلة (صفحة مائة وثمانية) من المسرحية: »إذن قم وعد إلي الحياة أيها الجسد الميت..أترضون أن يُعيِّركم رجل مثلي، كان منذ أسبوع قد قضي سنتين من عمره جالساً مسترخياً فوق مقعد مكتبه بالقاهرة..إنه ليخجلني أن أقود شرذمة من الرجال الضعفاء المخنثين.. « وهكذا كان أول عمل »ثوري« قام به »الثوار العربان« هو تحطيم (سكة حديد الحجاز) الحضارية، وسرقة ونهب كل ما يمت لها بصلة، والتي كانت آنذاك من أعظم سكك الحديد العالم، واستمروا بتخريبهم »الثوري« حتي وصلوا إلي مدينة درعا الشامية، وهناك سأله لورانس: أين هي دمشق؟ فقال القائد حامد: إنها قريبة جداً من هنا، تجدها خلف هذه التلال..وكان الجنرال الإنجليزي اللنبي قد قال مغيظاً(صفحة مائتان وعشرة): »القد«، لقد استوليت عليها، إنني أفكر في دمشق. لم ينم لورانس تلك الليلة، وهو يفكر بأن أهل الشام الحضاريين، لا يقبلون أن يكون قائد ثورتهم أعرابيا بدويا، فقام عند الفجر، وقرر إنهاء مهمة حامد القيادية، وكان حامد نائماً يتوسد سكة حديد درعا، فسحب لورانس مسدسه، وداس علي رقبة حامد، فذُعر حامد الذي صحا من نومه، وسأله عما يفعل، فقال لورانس: »لقد انتهت مهمتك«. وفوراً أطلق النار عليه، بينما حامد يقول له: »لا بارك الله فيك« ثم اتجه لورانس بقواته إلي دمشق.. والمدهش أننا نقرأ في مذكرات لورانس عما حصل معه شخصياً في دمشق: (ما كتبه مترجم المسرحية محمد كامل كمالي في صفحة اثنتين وعشرين من مقدمة المسرحية): »وهنا في دمشق يبدو مشهد من عذاب جسمي، واغتصابهم لي الممتزج بالأسي والألم.. وإنني لأذكر كيف أن عريفاً في الجيش، راح يركلني بحذائه المدبب، وأذكر أنني تبسمت له بينما شيء من حرارة شهوة جنسية حامية عمّت كياني، وإذ به يرتمي بذراعيه فوقي، وشيء من(....) يحز بين فخذيّ، جعلني أقع علي الأرض، بينما لب الحياة في جسدي، وكأنما يتصاعد ليخرج من بين أعصابي المشدودة...وإذ بصوت يضحك مقهقهاً في نشوة الفرح ويقول : من العار أن تقتلوه. »انتهي الدرس يا غبي!« مع الاعتذار إلي عمالقة المسرح لينين الرملي، ومحمود المليجي، وتوفيق الدقن.