تصدر محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية يوم يوم 29 ديسمبر الحالي، حكمها في القضية التي رفعها المستشار محمد عبد العزيز الجندي وزير العدل السابق بصفته رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء البيئة بالإسكندرية، والمستشار عبد الفتاح مراد رئيس محكمة استئناف الإسكندرية، وعدد من أهالي حي المنشية، ضد محافظ الإسكندرية، ووزراء: البيئة ،الحكم المحلي، والداخلية ومدير أمن الإسكندرية، وعدد من الموظفين بالمحافظة، مطالبين بالحكم لهم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الإداري الصادر من محافظ الاسكندرية بالموافقة علي إنشاء ستة مولات تجارية للباعة الجائلين علي الحدائق التاريخية والجراجات المخصصة للنفع العام بوسط الاسكندرية وهي : جراج حديقة المتحدة أول شارع فرنسا بميدان التحرير، وجراج حديقة السوق الفرنساوي المشهور بجراج سنترال المنشية، وجراج الاتحاد الاشتراكي المواجه لبنك مصر فرع أحمد عرابي ميدان التحرير، وجراج حديقة الشهر العقاري بميدان التحرير، وجراج حديقة محكمة استئناف الاسكندرية المجاور لمحكمة استئناف الاسكندرية بميدان التحرير، وحديقة الأطفال والعائلات، وطالب المدعون بوقف تنفيذ وإلغاء قرار تحويل الجراجات إلي مولات والحفاظ علي الحدائق التاريخية الكائنة بهذه الميادين مع إلزام المدّعي عليهم بصفاتهم بالمصاريف. »أخبار الأدب« التقت بالمستشار الدكتور عبد الفتاح مراد، أحد رافعي الدعوي وسألناه عن الأماكن التي تود المحافظة إزالتها، وإقامة مولات بدلا منها؟ - يقول: قبل أن أجيب علي السؤال السابق لابد أن أوضح مجموعة من الأمور منها: أن قرار تحويل بعض المباني الأثرية إلي مولات، يشوبه الخطأ الشديد، وسوء استخدام السلطة، لأنه علي سبيل المثال، لا يمكن تحويل حديقة الأطفال والعائلات لمول، لأنه سبق صدور حكم قضائي نهائي وبات برقم 4075 لسنة 54ق محكمة القضاء الإداري بالاسكندرية بتاريخ 15/1/2005 والمؤيّد بالحكم رقم 7974 لسنة 71ق عليا جلسة 23/4/2011 باستمرار تخصيص الحديقة قطعيا للنفع العام كحديقة عامة وليس لأي غرض آخر هي كائنة بميدان سانت كاترين المنشية الصغري بالاسكندرية، وبالنسبة لجراج حديقة استئناف الإسكندرية، المجاور لمحكمة الاستئناف، بميدان التحرير، صدر بشأنه قرار وزير الثقافة، رقم 196 لسنة 2001 باعتباره أثرا إسلاميا، أما الأماكن محل الدعوي الحالية فهي : جراج حديقة المتحدة أول شارع فرنسا بميدان التحرير، جراج حديقة السوق الفرنساوي المشهور بجراج سنترال المنشية، جراج الاتحاد الاشتراكي المواجه لبنك مصر فرع أحمد عرابي ميدان التحرير،جراج حديقة الشهر العقاري المواجه لمبني الشهر العقاري التاريخي الذي صدر بشأنه قرار وزير الثقافة باعتباره أثرا تاريخيا ،جراج حديقة محكمة استئناف الاسكندرية المجاور للمحكمة ، وحديقة الأطفال والعائلات. محاولة لطمس المعالم علي أي أساس تستندون في رفع القضية ضد محافظة الإسكندرية ؟ - وزعت محافظة الإسكندرية لافتات في الشوارع تفيد صدور قرار محافظ الاسكندرية ومديرية الإسكان والمرافق بمحافظة الاسكندرية بشأن عزم المحافظة إنشاء مولات تجارية متعددة الطوابق تقوم بتأجيرها إلي الباعة الجائلين وذلك في مناطق تاريخية هامة في الإسكندرية ترجع أهميتها التاريخية للقرن التاسع عشر، وهي المناطق التي سبق أن ذكرتها، وللأسف وتحدياً لكل الأصوات الرافضة لطمس معالم تاريخية عظيمة لمدينة الإسكندرية، قامت المحافظة بنشر خمسة إعلانات عن مسابقة معمارية لتصميم مباني مولات تجارية بمناطق الجراجات الستة ، كما تأيَّد ذلك بنشر مديرية الإسكان والمرافق بإحدي الصحف كراسة الشروط الخاصة بهذا الموضوع،كما قامت محافظة الاسكندرية بإعداد ست كرّاسات للشروط للميادين الستة محل الاعتداء، ويتبيّن من مطالعة هذه الكراسات الستة مخالفتها للطابع المعماري لميدان التحرير ومخالفتها للأصول المعمارية لتصميمات الميادين التاريخية. والواضح أن محافظة الإسكندرية تسابق الزمن في تنفيذ خطتها وتلقي عرض الحائط بكل النداءات التي تطالب بالمحافظة علي الإرث التاريخي في هذه المنطقة وتتجاهل كل ما هو تاريخي وكل ما هو أثري وقد وضح ذلك جلياً من خلال قيام المحافظة مؤخرا بقطع شجرة الأرز، الواقعة بحديقة السوق الفرنساوي، هذه الشجرة التاريخية الهرمية التي يزيد عمرها علي خمسين عاما والتي كان يبلغ ارتفاعها خمسة عشر مترا تم بترها واقتلاعها لتكون هي البداية في مسلسل تعديات محافظة الإسكندرية علي تراث هذا الشعب. بسبب شجرة الأرز وكيف قابل الأهالي الاعتداء علي الأشجار والعبث بالطابع المعماري للمنطقة؟ - بطبيعة الحال لم يتوان أهالي الإسكندرية وخاصة القاطنين في منطقة السوق الفرنساوي العاشقين لمدينتهم والمحافظين علي تراثها في حماية هذا الإرث الثقافي التاريخي ضد العبث به وطمس معالمه وقطع أشجاره الجميلة فقاموا بتحرير محضر بقسم شرطة المنشية برقم 3159 لسنة 2012 إداري المنشية ضد محافظة الإسكندرية ورئيس حي الجمرك والذي قيّد بعد ذلك برقم جنحة عن واقعة قطع شجرة الأرز التاريخية الهرمية التي يزيد عمرها علي خمسين عاما، والتي كان يبلغ ارتفاعها خمسة عشر مترا من أجل بناء مولات تجارية تنتفع بها المحافظة وحدها علي الأملاك العامة المملوكة للدولة وذلك بالمخالفة لتخصيصها للمنفعة العامة بالمخالفة لنص المادتين 87 ، 970 من القانون المدني. ويضيف المستشار عبد الفتاح مراد: سار علي نهج قاطني منطقة السوق الفرنساوي قاطني العقارات المحيطة بميدان التحرير ومن المهتمين بالبيئة حيث قاموا هم الآخرون بتحرير المحضر رقم 3179 لسنة 2012 إداري المنشية والذي قيد بعد ذلك برقم جنحة، والذي يجري التحقيق الجنائي فيه حاليا ضد المتهمين بإتلاف وتدمير شجرة الأرز والحديقة التاريخية الملحقة بالسوق الفرنساوي الذي تم إنشاؤه سنة 1805. الاعتداء علي المال العام عودة للموضوع الخاص بالقضية، هل تقدم أي مكتب معماري للاشتراك في المسابقة التي طرحتها المحافظة لتحويل الأماكن السابقة لمولات؟ - بالفعل أعلنت المحافظة عن مسابقة معمارية، وفاز بها عدد من المكاتب، وقد أرفقنا أسماء هذه المكاتب في صحيفة الدعوي. إذن بماذا تصف إقدام محافظة الإسكندرية علي طرح المسابقة المعمارية التي ستؤدي إلي تغيير معالم منطقة المنشية وتحويل أماكنها الأثرية إلي مولات؟ - هذا التصرف من السيد محافظ الاسكندرية يخالف الدستور والقانون وما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا المصرية، حيث تواتر قضاؤها علي أنه إذا أصدرت جهة الإدارة قرارا إداريا علي خلاف حكم قضائي نهائي وبات يُعتبر قرارها معدوما ويمثل اغتصابا لسلطة القضاء واعتداء من السلطة التنفيذية علي السلطة القضائية، الأمر الذي يثبت مخالفة القرار المطعون عليه لحجية الحكم القضائي النهائي البات الصادر في الدعوي رقم 4075 لسنة 54 ق محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية ويستوجب وقف تنفيذه وإلغاءه، لمخالفة القرار المطعون عليه للدستور والقانون لاعتدائه علي المال العام المخصص للمنفعة العامة،فالمدعون هم من سكان العقارات المحيطة بميدان سانت كاترين ، و يتمتعون وينتفعون منذ عشرات السنين بالحدائق التي تتوسط الميدان وبالفضاء المحيط بها ، كما أن تخطيط المنطقة وما اتسم به من مطلات لجميع المباني ومنها مسكن المدعين علي الميدان الفسيح هو من سمات الميدان ، ومن ثم فإن الحدائق العامة هي من المرافق العامة، ومن ثم فهي مال عام لا يجوز التعدي عليه أو إنهاء تخصصه لهذا الغرض، فحاجة المدعين الحاليين الصحية إلي الهواء النقي والمساحات الخضراء التي هي الأصل في الأرض لا يجوز حرمانهم منها وإلا تحولت مساكنهم إلي سجون ، فيكونون أشبه بالمسجونين روحاً وجسدا، وهو هدف جمعيات البيئة وأصدقائها في مصر والعالم، وهذا هو أحد الأسباب الأساسية لتبني جمعية أصدقاء البيئة بالإسكندرية التي أتشرف بعضويتها- لهذا الموضوع. تاريخ ميدان المنشية الجدير بالذكر أن منطقة ميدان المنشية نشأت عام 1838 م وكانت تعرف في ذلك الوقت بميدان السلاح، لأنه كان يستخدم في العروض العسكرية في تلك الحقبة الزمنية وقام بتصميم هذا الميدان المهندس الإيطالي فرانشيسكو مانشيني، الذي من اسمه اشتقت كلمة المنشية التي أطلقت علي الحي، وكان يوجد في منتصف هذا الميدان مسلة صغيرة وكان يوجد أيضاً نافورة في أحد أطرافه و المباني الواقعة علي أحد جانبي الميدان مبنية علي الطراز الأوروبي وخاصة الإيطالي المعروف بزخارفه الجميلة وكانت هذه المباني مساكن للقناصل والتجار والأثرياء ورجال المال وكانت الوكالات التجارية هي أشهر المنشآت في هذا الميدان . وعرف هذا الميدان فيما بعد بميدان القناصل لتمركز أكثر القنصليات به والتي بلغت حينذاك ثلاث عشرة قنصلية متمركزة في هذا الميدان. ثم قامت بلدية الإسكندرية بعد ذلك بإنشاء الحدائق الفرنسية الجديدة في الميدان والتي عرفت بتنسيقها وجمال أشجارها وزرعها وتم تغيير اسم الميدان ليصبح ميدان محمد علي وذلك في الفترة ما بين ( 1900- 1920). وتم تطوير الميدان وتجميله بعد وضع مشروع تحسين نطاق مدينة الإسكندرية المعروف «بمشروع ماكلين« عام 1921 والذي تم تنفيذه في الفترة من 1924 حتي 1927 حيث تم إنشاء النصب التذكاري للخديوي إسماعيل عام 1927 ( النصب التذكاري للجندي المجهول حاليا) وبعد قيام ثورة يوليو 1952 تم ربط ذلك الميدان المشرف علي النصب التذكاري للجندي المجهول حاليا والذي تغير اسمه ليصبح ميدان أحمد عرابي بقلب الميدان وذلك بشق طريق النصر. و ميدان المنشية ينقسم إلي جزءين أحدهما هو ميدان التحرير أما الجزء العمودي عليه فهو ميدان عرابي وبالتالي فإن ميدان المنشية من أقدم الميادين في الإسكندرية وتأتي أهميته من كونه جزءاً هاما وحيوياً للحركة داخل مدينة الإسكندرية ويربط بين شرق المدينة وغربها كما أنه القلب الإداري والتجاري لمنطقة مركز المدينة.