«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدارات
المسودة ميلاد حنا واللحظة الراهنة !
نشر في أخبار الأدب يوم 09 - 12 - 2012

كنت أنوي الكتابة في هذا العدد عن المفكر الكبير الدكتور ميلاد حنا، ليس باعتباره واحدًا من أهم المهندسين المصريين بالعصرالحديث فقط، وليس باعتباره مفكرًا مصريًا كبيرًا تبني مشروعًا حضاريًا عن التسامح الإنساني وحوار الحضارات وقبول الآخر فقط، وليس باعتباره أحد أهم المفكرين والسياسيين المصريين الحريصين علي الوحدة الوطنية والرافضين بشدة لإقحام الدين في السياسة والمتاجرة به وبالبسطاء معًا، بل كنت أنوي الكتابة إلي جانب ذلك كله عن ميلاد حنا الإنسان الكبير الذي عرفته عن قرب لسنوات طويلة، بل شرفت أن يكون مستشارًا لتحرير جريدة الأيام العربية وأحد كتابها في أواخر التسعينيات، عندما كنت رئيسًا لتحريرها، وعرفته عن قرب أكثر عندما شرفني بأن أسند لي إعداد ونشر طبعتين من كتابه الأهم «قبول الآخر» بدار نشر كنت صاحبها.
كنت أنوي الكتابة عن ذلك الإنسان الحيي الودود المحب للجميع، والمفكر الإنساني ذي الثقافة العريضة، والمواطن المصري الذي انتمي إلي مصر وحدها واحترق بحبها وقاوم الفتن بكل أشكالها، الطائفية والفكرية والسياسية. كنت أنوي الكتابة عن الرمز المصري الكبير ميلاد حنا، صاحب « الأعمدة السبعة للشخصية المصرية» و «صراع الحضارات والبديل الإنساني» و «قبول الآخر» والعديد من الأعمال الرائدة والمهمة في مجال الإسكان. كنت أنوي الكتابة ولكنني لن أكتب شيئًا في هذا اليوم اعتراضًا وحدادًا علي ذبح حرية المصريين جميعًا، كتابًا ومبدعين، إعلاميين وصحفيين، قضاة ومحامين، مسيحيين ومسلمين، نخبًا ومواطنين، بإعلان دستوري هو ليس كذلك!، ومشروع دستوري هوأيضًا ليس كذلك!
لقد شاءت الظروف أن يتزامن يوم الثلاثاء، وهو يوم قيامي بكتابة مقال «أخبار الأدب» مع قيام خمس عشرة جريدة مصرية وخمس محطات فضائية بالاحتجاب عن الظهور اعتراضًا علي الإعلان الدستوري والمشروع الدستوري معًا، في رسالة مشحونة بالمرارة والغضب.
د. ميلاد ..
أيها الرائع، هل رحلت اعتراضًا علي ما يحدث أم حزنًا وخوفًا علي مصر من ذلك الانشقاق المرعب الذي زرعه الإعلان الدستوري المعيب بين صفوف المصريين؟!
نم سعيدًا يا دكتور ومتفائلاً وواثقًا كعادتك بالإنسان المصري، فالأعمدة السبعة للشخصية المصرية، التي تصلب عود المصريين لن تسمح كما قلت أنت قبل يوم من رحيلك لفصيل واحد أن ينال من صلابتهم وحريتهم وقدرتهم علي انتزاع حقوقهم.
كنت لا أنوي الكتابة اليوم يا صديقي الكبير، ولكن يبدو أن حضورك أقوي.
شعر
1
في الطريق الي تونس
حسام الدين محمد
الي الحبيب الحمدوني وصحبه
في الطريق لتونس
قادتنا البجعات الي رُطَب وغمام
عبرنا بباب البحر
غدرنا بيأس قديم (علي سنّة الشعراء)
في الطريق الي الحب
اشتاق فينا الغريب الي بيته
في الطريق...
بكينا علي طلل للنواسيّ
حين
شربنا مدامة ذكر الحبيبة
(من قبل ان تخلق الكرم)
فانحني عودنا تحت ثقل الأمل
*
في الطريق لتونس
مررنا بنهجي لينين
ولوثر
وشارع بورقيبة
مسك الليل
والعبرات
شهدنا اعتصام المها وانتصاب الخيام
... لو مرّ بنا من جديد الغرام
قلنا!
*
في الطريق لتونس
سمعنا حداء القدر
وتلامحت اضواءٌ لصنعاء
بعد طول سفر
ورأيتُ، رأينا... الشآم
2
فواز قادري
مراكب الرمال
طوفان
مركب تونس
مركب مصر
مركب ليبيا
مركب سوريّة
مراكب تلحق بالمراكب
طوفان
التاريخ رمل ناعم
والشعوب مراكب راسية
خارج الزمان
الطوفان ذاكرة لا
يقرع أجراسها أحد
مطر جريح مرّ علي
كثبانها
بكي نديمته الأرض
ولم تحرّك عزيمته
حجراً صغيراً هنا
أو قلعة موت راسخة
هناك
فكيف لسيله أن يتكوّن؟
وماؤه حبيس
في قوارير صبر ضيّقة
في بلد زنزانة
بلد مخفر
شارع غرفة توقيف
بيت بلا خبز ولا أزهار
بلد يطارد مشيّعي شهدائه
الجند والمخبرون
ويقطع سرّة أحلامه
العسكر
وكان علي التاريخ أن
يمشي
كان علي التاريخ
قبل أن تنتصب شاهدة قبرعلي
الأنهار
علي السواقي
والغدران والمصبّات
علي حياة خبيئة في
الأرض.
في هذه الرمال
دُفن تاريخُ شعوب
مات قهراً
وانتثر رفات أيّامه
في العراء.
00
كان لا بدّ للطوفان
من سبيل
ومن مخاض مختلف
وللولادة من قابلة
شعبيّة
ليديها
لون شيب أمّهاتنا
وعروق أياديهن
المفطّرة
وفي عينيها
بقايا سهر قديم علي
فراش الحمّي
وفي صدرها
حليب الكرامة والأمل
وعلي شفتيها
زغاريد علي قد حالها
تُفزع عاتي الموت
من هاهنا
مزّقت أرواحنا
أكفانها
وتراكضنا في الشوارع
قدماً إثر قدم
هتافاً إثر أخيه
صرخة طاعنة بالسن
وقبضات تُحرّك هواءَ
البلاد
وكان لا بدّ للطوفان
أن يأتي
لابدّ للطوفان.
مركب تونس
هل غيّر\\\»البوعزيزي\\\»
مصائرنا؟
حين تلفّع بالنار
هل كان سائق عربة
خضار القدر؟
أعنّده موازين
وأثقال كافية
يزن بها الغيب ؟
في كفّة خير كثير
وفي الأخري دم عاصف
ليأتي المطر صاغراً
إليه
وهل كان للخوف نصيب
في حريقه النبوي؟
خوف علي خبزالعائلة
زيتها، مازوتها
ارتجاف أضلاع
الطفولة
في زمهريرالبلاد
كيف وازن بين الماء
والحريق؟
ما الذي تبخّر من
لحمه المشويّ؟
أهي الروح؟
وما الذي مكث في
الأرض؟
أهي الأمصال؟
أم صرخة طائر حبيس
في قفصين
الجسد التعب
وزنزانة السجان؟
أمِن غصة كدحه الواقفة
في الحلق؟
حرق تاريخ جوعنا
الطويل
وطوّح عرش ليل
صاحب سطوة ونفوذ!
من عربة خضار معطوبة
أتي الطوفان
من يدين لا تستريحان
من دَوار ولوعة
\\\»البوعزيزي\\\»
ومن حريقه الداخليّ
السابق للحريق
مشي التاريخ
وفاض علي الرمال الزمان.
مركب مصر
يا أمّ الدنيا
يا أمّ الفقراء والمساكين
يا نسيس روحنا الخضراء
انتظرناكِ
انتظرنا يفيض النيل
لننقذ العرائس
والعرسان
هذه الزفّة لكِ
الدفوف ورقصة الدراويش
لتستقيمي علي الأرض
التي تدور
زيّناك بحليّ
أفراحنا
وأشعلنا شموع الحسين
لنضيء عقلك الباطن
ونهشُّ عنكِ الخرافة
لتفتتن قناديلكِ بالحارات.
هذه القلوع لكِ
والمراكب
الطيور ونوارس البحر
حوريّات المتوسط
ودلافينه
البيارق والفرسان
أصوات الباعة
الخبز والبرسيم
وطقطقة أحناك الرواة
الفلاحون والعَمَلة
\\\»والحرافيش\\\»
ينظفون سماءكِ من أدخنة الحرائق
وعينيكِ من لازب
الطين
لتسعي البهائم في الأرض
وإزهارالنبات يلمع
كأسنان العجائز
الذهبيّة.
انظري خالد سعيد
انظريه.. مازال في الأزقّة
الشعبيّة
يصرخ في وجدانكِ
يداه عاليتان في
التحرير
وروحه هدير يتوالد
خطواته دروب وشطآن
واسعة
شهوده
عشش الطين وساكنوها
الطيبون
انظريه..
نادل الثورة
وحوذيّها الفصيح
دلّ شهداءك علي
صولجان فرعون
وفتّح أعين الموتي
علي الحياة
الحياة بتفاصيلها
الناقصة:
مراييل المدارس
والدفاتر
أقلام الرصاص
ومبراتها
كتب التاريخ المواربة
التلاميذ الأشقياء
وشيطناتهم
فزّاعة العصافير
طعم الحليب العالق
بالأسنان اللبنيّة
رِضاعة الهواء
أثداء الأمّهات
الفارغة
جفاف الصبايا في
البيوت
عطالة الدم الخسران
ضحكات النسوة
علي \\\»نكتة\\\»
جنسيّة فاضحة
اهتزاز طقم الأسنان
في فم الشيخ.
يا لكم غنّيناكِ:
مصر يا بهيّة
يا أمّ الشهداء
والغضب الخالق
يا أمّ المقابر
والنجوع
يا حسرة الصيادين
والمراكب والِشباك
انتظرناكِ..انتظرناكِ
انتظرنا رائحة خبزك
الأسمر
حنطة غيطانك البتول
تفرّعتْ أيادينا
التي إليكِ نرفع
تجرّحت ألسنتنا من
الدعاء
و داخت من زغاريد الولادة.
مركب ليبيا
ليبيا مركب وسنان
يطفو
علي بحيرة نفط ودم
ليبيا الصبيّة
الأسيرة
شاخت قبل بلوغها
شاخ حلم أطفالها
وتجرثمت القروح.
00
أخيراً..أخيراً
خرق رمح الدم الشعبيّ اللامع
سدّة الليل
ولم يفد الزعيم
انفلات وحوش الموت وسعارها
قضقضة عظام المدن
هروب ساكنيها
سقطت هيبة الزعيم
بين أقدام العصاة
واهتّزتْ نجوم لم
يرها علي كتفيه
وتعالت زقزة عصافيرعظمة
تدور حول رأسه
طار ما تبقمي من عقله
إلي سماء سابعة
جُنّ جنونه الأثير
المطليّ بحكمة جوفاء
ضاعت الدعابة من بين
أسنان
سُلْطته المتفارقة
عبوسه حتي يومه
الأخير
ضربة علي الرأس
مدوّخة
صحوته المفاجئة ..
هذيانه
غضبه علي شعب من \\\»الجرذان\\\»
يقضمون سروال تمثاله
الِخرقيّ
إيغال قحطه الطويل
في عطش وردة البلاد
قطع مياه الآبارعن
الجذور.
أرض ليبيا واسعة
عليه
( وعلي الذين \\\»خلّفوه\\\»)
ويصرّ أن يرتديها
كحذاء
وسماؤها أكبر من
غطاء
علي جثة السلطان.
مركب اليمن
صنعاء طفلة القبائل
المدلّلة
تاج بلقيس المرصّع
بالأرواح
لم يعد لديها شهيّة
للخدر في مضائف
القات
خنجرها علي الخصر
لكنّ صوتها أمضي
من شرر الفولاذ
علي صوّان عدن
آهِ، يا يمن آه
أيّ حليب رضع
أطفالك؟
وأيّ مهد كان أرجوحة
الزمان
أقلّب التاريخ علي
وجوهه
ولا أعثرعلي إجابة
تبلّ الريق.
00
ومن ثمّ...
ثمّة فصول بعدُ في
الحكاية
يقضقضها ساهرون علي
غيوم
تنسج سلّماً للمطر:
تعكّز تاريخ علي عصا
العشب
ومال هيكله
علي نفخة من مزمار
راع
في الطوفان
يتماوج الآن مركبه
مجاديفه الأغاني
وقبطانه أسراب طيور
رائية
يصهل مركبك علي
المياه
تصهل المدن
ويحمل الزاجل بشراكِ
وتري نساؤك الدنيا
واسعة
من ثقب ضيّق في
النقاب
و\\\»كرمان\\\»
تفتح نافذة
وتصرخ: يا أخواتي
فوق كلّ ظل شمس
وتحت كل ظلّ قناع!
للكحل مرآة وللعيون
وللمرايا وجوه عديدة
لا تُري.
يستدلّ الرضيع علي
الحليب
من نداء كتوم
هكذا استدل التاريخ عليك يا يمن
من صرخة كشفت ستر
الغيب
وسمّتْكَ باسم مرجان
الخليج
وباسم الطيور والجبال
وباسم الهواء المرسل
فلا خوف عليكَ لا
خوف
جنح مركبك
عن رمال القبائل وثاراتها
يمشي وتلهث خلفه
سطوة الأساطير والعصور.
مركب سورية
يا ويلي..يا ويلي
هذه الحرائق
\\\»بيها ريحت
أهلنا\\\»
رائحة لحم أيّامهم
أعمدة سقوفهم الخشبيّة
سواتر الحمير
والخراف
حبال غسيل لا ترتاح
ثياب عوز لا تفارق
الشمس
حيرة خبز يلوب
في بطون فارغة
انكسار فرح طفل فقير
صبيحة العيد
(يا ويلي
إذا صففْتُ حكايا الناس
كحجرالأدراج علي بعضها
ستصبح السماء قريبة من
يدي)
حرائق تمشي في
البلاد
حوذيّها
لم يعرف الغناء في الصّغر
فأضرم النيران في
القافلة
من هشيم الفرات
دخانها
من مسيله الأزرق
الصافي
من حسرة أضلاع حمص
تباعدت عنوة عن أقفاصها
من بيت مكسور الخاطر
في\\\»البيّاضة\\\»
إلي جدران تنهض
للمرّة الألف
لكي لا تسقط علي
أصحابها السقوف
من جسد إلي جسد
من مدينة إلي فلاة
تمشي نيرانهم
وتقذف عقارب الفولاذ
سمومها في جراح العائلة
من مطلع صرخة
الولادة الأولي
إلي غبار طلع أزهار
وبراعم
من أجنّة في الأرحام
من فطام الطفولة
القسري
إلي انعقاد الحليب
في صدور الأمّهات
وتقطّع أنفاس الرضّع
الأخيرة
بفعل قذيفة أو رصاصة
من فجوج حوران
إلي سهول النزيف
الكرديّ في الشمال
من المتوسط
إلي سويداء القلب
تمشي الحرائق
وتتجمّر علي إثرها
أرواح
في محارق لا تحصي
ينكسر حلم يافع علي
الأهداب
ويسقط أمل رضيع منّي
أتشبّث بصرخة طفل في
شارع
وبملاحم حمص نشوانة
لا تمنح فرصة للقصيدة
لتلملم لحمها الحيّ عن
الأحجار
كلّ فراشة روح
وكلّ لمعة برق
وحمص لا تتعب من عدّ
جنازاتها
كم مرّة يُقتل
الشهيد
كم مرّة يُشيّع
المشيعون في الوداع.
00
أسأل أمّي
أين مهدي الخرقيّ
أرجوحة الهواء إلي النوم
مرور الأغاني إلي
أحلامي
كيف أغفو علي هدهدة
القتلي ؟
قولي كيف أغفو؟
أما من حجر رحيم؟
أو تراب صديق
أما من حكاية رخيّة
أهبها رأسي؟
أقف علي أشلاء حمص
فتنغزني الجغرافية
أقول حماة
فتذرف إدلب الشهداء
أقول درعا
فتهتزّ أضلاعي من
النشيج
لي قلب وحيد
وسورية أوسع من دمعة
إله
لي قلب
ودمشق أوجع من قذيفة
لي روح ذات أجنحة
كان الفرات سماءها
الوحيدة
كل غيمة بيت
وكلّ ظلّ جدار
و\\\»الدير\\\»عريشة
أقمار ساهرة
نشوانة بالدبكة والأغاني
يتعالي الشهداء
ويتكاثرون
بين رمشة وأخري
تركض القصيدة خلفهم
ولا تلحق
وتخرّعلي أقدامها
المراثي
من الشمال إلي
الجنوب إلي الجحيم
آلاف الديكة تنادي الصباح:
هلُمّ أيها المستحيل
أمسكناك من قرنيك
ولا فكاك لك
لأجلكَ
جثي العاصي علي
أقدام مغنّيه
وانتحب علي حنجرته
المجزوزة النشيد.
00
حرائق حرائق
ويدي لا تطال الغيوم
لو كان لي لعصرتُ السراب
أوجئتكِ بالغيث من
سحب في الأقاصي
وسفحتُ كلّ مائي لو
استطعتُ
لكنّ آبار شوقي
عميقة
وحبالها مقطوعة
دلائي
بحّ قلبي من الصياح
عليكِ
وأورقتْ عيناي لوعة
خجل أنا يا أمّ الشهداء
والله خجل طفلك
الشائب
علي كلّ مفازة صرخ
باسمكِ:
شام يا شامة الشامات
يا عالية الجبين
يا رفيف روحي
طائرك تعب من
التحليق
سراب خادع عشّه
وبمنقاره الكليل
يزقّ فراخك
حنطة أحلامه الخضراء
دمه قوّال:
سلاماً عليك يا هواي
سلاماً علي المشمش
في أطواره
علي البامياء وخبز
التنور
علي العرق يتعنْقدُ
علي الجباه
علي بخار ثريد العدس
بركن دافئ يحلم
الصغير
وينتظر أن تأتي
معجزة
بالمازوت والكهرباء
ويقرفص من البرد
كما تفعل الحياة
سلاماً علي الخبز
تدور صورته
في أعين الصبيّ الدامعة
من عين إلي عين
تنتقل حالات الدم
من السيولة إلي
الجفاف
سلاماً علي الدم في
كلّ أحواله
سلاماً علي العطور
أسيرة
في جنوح رائحة الحرائق
علي ترابك الأسمر
الحاني
علي مركبك يتهادي
من شارع
إلي ساحة دار امرأة
عجوز
تنظر إلي الشهداء
من نافذة مواربة في قلبها
من نظرة جسورة في
أعين الأيتام
من ساحة إلي حارة
ضيّقة
من قرية تنهض من
ركامها
في سَحَر الخلْق
من خفقان قلوب عال
إلي مصائر نمل كادح
لا يتعب
من ارتجاف السنابل
خوفاً
من كوابيس طحن لا
ترحم
إلي جائع يؤلّه الرغيف
كيف يا سيدة الجمال؟
كيف يا سورية؟
يحتمل قلبي
وأنت تبذرين الشهداء
في الأغاني والحكايا
القادمة
غفلة عن الرواة
عن شهود الموت
وعن شهرزاد
أسيرة الطاغية.
مراكب تلحق بالمراكب
علي بحر طوّبه قراصنة
وقطّاع بحار ولصوص
مراكب ستلحق بالمراكب
بحارة بأياد خشنة
وحناجر ذهب تهتف
بالغيب:
إرفع سترك يا غيبُ
جَثَمتْ طويلاً
علي جماجمنا العروش
إرفع سترك
لكلِّ أرض ماؤها
وللطير حصّة
وللناس أقوات
وللبراعم حبّات طلع
وللنحل الكادح
نصيب أوفر باللقاح
هكذا الحياة
لا تخلّ بموازينها
دع المراكب تسير علي
هديها
وهيّئْ أنفاسك
الرخيّة.
3
سيزيف عربي/إلي عاصم الباشا في يبرود المحاصرة
نوري الجراح

ترفعُ الصخرةَ وتتركها في جوار الشجرة
وتردد مع الهواء
وماذا بعد.. ماذا بعد؟
لن تتلفت جهة البيت لتري ما فعل الهواء بحبال الغسيل
ولا بثوب الزوجة، أخف من الهواء
ولا بالنافذة انفرجت
ولا بالخرقة تخفق في دم النهار.

تطل علي المرعي وتري الفزاعة في هواء أعمي..
خيوطها الكالحة العلامة.

عين الحدأة ترمق الوادي.
والكلب يؤنس الشجرةَ..
(هل هذه فقرة في قصيدة أخري؟)

مادمتُ عثرت علي ضالة ما، فلأسال هذا الصمت المطبق ككلمة في كتاب أخرق:

ألأنني سئمت الوحدة واشتقت حتي إلي جار خَرِفٍ..
بطيفك الذي طاف علي الأسوار
تستبد بي!

لكن كيف سأعثرُ عليكَ لو جن المساءُ وجئتَ إلي بابٍ وطرقتََ وحدكَ علي الباب،
طرقتَ
ولم يفتح أحد؟

جئتَ لتراني ووجدتني ما زلت هائماً بفراقك!
نكتشف في الكأس خمرة الشجرة.

حتي السيل الذي حمل الطمي إلي حلق الوادي
كما لو كان يجرف عظام شخصٍ وراء بيت مهجور..
مرَّ وتركني.

أسيرُ
لأنني لم أستطع أن أتعرَّف نفسي عندما بدأتُ
وأحببتُ ذلك
ثم وجدتُ أنني أسيرُ سيراً خفيفاً علي أرضٍ خفيفة
كما لو كنتُ خريفاً يتساقط في صور قديمة.
ليس ثمة فنٌّ أعمق من أن يكون فنُّكَ مرثيةً مفتوحة.


تري العالمَ من وراء العالم
أنت التشكيليُّ الذي خرج من ورقةٍ في شجرةٍ عملاقة
هل للشجرة هويً أخر
سوي ولعِ الهواء بهشيمِ أوراقها؟

لم أقرأ في حياتي قصيدة حب
من امرأة أو شاعر
ولا حتي رسالة قصيرة.

أنت لا تتطلَّعُ جهةَ المستقبل
لكنك تخرجُ من الغبش وتخطو في الماضي الذي هَلَكَ وصارَ خمرةً
أنت
تأتي
من
المستقبل
لأنَّكَ أنتَ الناظر نفسك وهي تأتي من المستقبل
لأنَّك بلا،
لأنَّك روحٌ مُطْلِقَةٌ
الحديقةُ المعلَّقَةُ بين أرض لا قشرةَ لها وسماءٍ بلا زورق.
إنني
أتفرَّطُ
كلمةً
كلمةًً
لأشبه رمانة فلَّقَتْها لي يدان كبيرتان
في صحاف مكسور.

سافكر في قصيدتك، يا من كنت تنام في سريري وتتقلب في اسم يشبه اسمي وتنهض في ملابس متروكة في خزانتي..
يا من
تنظره
عيني
وتنكر أنها رأت......
لطالما عرفتُ أن قصيدتي كُتبت منذ زمن بعيدٍ.. وهي مخبأةٌ في كتاب مخبَّأ في قلعةٍ.

لكنني أنهضُ من رقدتي
وأجدها، بعد لأي، في كتابي.

هل أستطيع أن أنتزع كلماتٍ من مواضعَها كما لو كنت أنزعُ اسناناً صلبة من فك مكسور؟
وفي تراب أسود حرثته سكةٌ عملاقةٌ في ريفٍ تحت سورٍ في دمشق
أنزلُ وأسمعُ حشرجةَ الضحي، ولا مبالاة الدودة.

- ظننتني أهذي، لكنني اكتشفت أنني ركبتُ باصاً رمادياً طويلاً وسعيت إليك في مدينة كبيرة...

- ساخرج لاستقبالكَ ومعي سجادة أرجوانية.
لكن صوتي سبقني وقال:
اتركني
في
التراب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.