د. جينا الفقى القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمى فى حوار ل«أخبار اليوم»: بنك المعرفة هدية الرئيس السيسى التى وضعت الباحث المصرى فى قلب العالم    الإدارية العليا تستقبل 4 طعون على نتيجة ال 30 دائرة الملغاة في برلمان 2025    أخبار × 24 ساعة.. رئيس الوزراء: برنامجنا مع صندوق النقد وطنى خالص    تراجع معدل التضخم على أساس سنوى |خبراء: استمرار «النزول» خلال الشهور المقبلة.. والسيولة الدولارية تُعيد التوازن للأسواق    روبيو: الولايات المتحدة تواصلت مع عدد من الدول لبحث تشكيل قوة استقرار دولية في غزة    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    بريطانيا واليونان تؤكدان دعم وقف إطلاق النار في غزة    شهداء فلسطينيون في قصف الاحتلال مركز تدريب يؤوي عائلات نازحة شرق غزة    الرئيس اللبنانى فى لقائه بمدبولى: حرص الرئيس السيسى على أمن لبنان واستقراره محل تقدير واحترام    منتخب مصر بالقميص الأحمر أمام زيمبابوي    ضربتان موجعتان للاتحاد قبل مواجهة ناساف آسيويًا    فوز تاريخي.. الأهلي يحقق الانتصار الأول في تاريخه بكأس عاصمة مصر ضد سيراميكا كليوباترا بهدف نظيف    منتخب مصر يواصل تدريباته استعدادًا لضربة البداية أمام زيمبابوي في كأس الأمم الأفريقية (صور)    منتخب مصر يواصل تدريباته استعدادًا لضربة البداية أمام زيمبابوي في كأس الأمم الأفريقية    «مصر للطيران» تعتذر عن تأخر بعض رحلاتها من مطار القاهرة    محاكمة 11 متهمًا فى قضية «خلية داعش الهرم»| اليوم    زينب العسال ل«العاشرة»: محمد جبريل لم يسع وراء الجوائز والكتابة كانت دواءه    محمد سمير ندا ل«العاشرة»: الإبداع المصرى يواصل ريادته عربيًا في جائزة البوكر    إقبال جماهيري على عرض «حفلة الكاتشب» في ليلة افتتاحه بمسرح الغد بالعجوزة.. صور    شريف سعيد ل العاشرة: الفوز بجائزة نجيب محفوظ قيمة مضافة لمسيرة أى كاتب    ميرفت أبوعوف تناقش مستقبل السينما في عصر الذكاء الاصطناعي    تحذير عاجل من الأرصاد للمواطنين بشأن هذه الظاهرة غدًا(فيديو)    خناقة على الهواء وتبادل اتهامات حادة في واقعة «مقص الإسماعيلية».. فيديو    محامي المتهم بضرب معلم الإسماعيلية يفجر مفاجأة: فيديو الواقعة مجتزأ    شباب كفر الشيخ: حصلنا على ترتيب أول و7 ميداليات فى بطولة الجمهورية للمصارعة    «دولة التلاوة» يعلن نتائج الحلقة 11 وتأهل أبرز المتسابقين للمرحلة المقبلة    بعد تأكيد عالمى بعدم وجود جائحة أو وباء |سلالة شرسة من الإنفلونزا الموسمية تجتاح العالم    صحة الدقهلية: مستشفى السنبلاوين تُجري 6 عمليات جراحة تجميل دقيقة لحالات معقدة    أخبار كفر الشيخ اليوم.. انقطاع المياه عن مركز ومدينة مطوبس لمدة 12 ساعة اليوم    سلام يعلن إنجاز مشروع قانون استرداد الودائع من البنوك في لبنان    هشام عطية يكتب: دولة الإنشاد    إبراهيم زاهر رئيسا لنادي الجزيرة حتى 2029    صبرى غنيم يكتب:النبت الأخضر فى مصر للطيران    كيفية التخلص من الوزن الزائد بشكل صحيح وآمن    أول "نعش مستور" في الإسلام.. كريمة يكشف عن وصية السيدة فاطمة الزهراء قبل موتها    اليونيفيل: لا توجد مؤشرات على إعادة تسليح حزب الله في جنوب لبنان    استمرار عطل شبكة Cloudflare عالميًا يؤثر على خدمات الإنترنت    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي بالسوق السوداء بقيمة 4 ملايين جنيه    رئيس الطائفة الإنجيلية ومحافظ أسيوط يبحثان تعزيز التعاون    شراكة استراتيجية بين طلعت مصطفى وماجد الفطيم لافتتاح أحدث فروع كارفور في سيليا    اليوم.. ريم بسيوني تكشف أسرار تحويل التاريخ إلى أدب في جيزويت الإسكندرية    الداخلية تنظم ندوة حول الدور التكاملي لمؤسسات الدولة في مواجهة الأزمات والكوارث    الصحة: إرسال قافلة طبية في التخصصات النادرة وكميات من الأدوية والمستلزمات للأشقاء بالسودان    محافظ المنيا يعلن افتتاح 4 مساجد في 4 مراكز ضمن خطة وزارة الأوقاف لتطوير بيوت الله    تحرش لفظي بإعلامية يتسبب في وقوع حادث تصادم بالطريق الصحراوي في الجيزة    حارس جنوب أفريقيا: دعم الجماهير سلاحنا لحصد "كان 2025"    لقاء السحاب بين أم كلثوم وعبد الوهاب فى الأوبرا    المهندس أشرف الجزايرلي: 12 مليار دولار صادرات أغذية متوقعة بنهاية 2025    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر رجب.. في هذا الموعد    الصحة: تنفيذ برنامج تدريبي لرفع كفاءة فرق مكافحة العدوى بمستشفيات ومراكز الصحة النفسية    جامعة عين شمس تواصل دعم الصناعة الوطنية من خلال معرض الشركات المصرية    زيادة الصادرات المصرية غير البترولية 18% خلال 11 شهرا    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابه    للقبض على 20 شخصًا عقب مشاجرة بين أنصار مرشحين بالقنطرة غرب بالإسماعيلية بعد إعلان نتائج الفرز    داليا عثمان تكتب: كيف تتفوق المرأة في «المال والاعمال» ؟    فضل الخروج المبكر للمسجد يوم الجمعة – أجر وبركة وفضل عظيم    هل يجوز للمرأة صلاة الجمعة في المسجد.. توضيح الفقهاء اليوم الجمعة    القلق يجتاح «القطاع»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في رسالة دكتوراه عن زنجبار والتنافس عليها كيف تحوَّلت أفريقيا إلي «القارة السوداء المظلمة»؟!
نشر في أخبار الأدب يوم 01 - 06 - 2019

لجنة المناقشة المكونة من د. إبراهيم عبد المجيد، د.خلف الميري، د.جاد محمد طه، د.إلهام ذهنى
شهدت القارة الأفريقية صراعات وحركات استعمارية وتوازنات في القوي أنتجت مفاهيم مختلفة وأحداثا تاريخية وسياسات علي مر التاريخ، والحديث عنها يتطلب منا معرفة الدور الذي لعبته الدول الأوروبية الكبري في شرق أفريقيا.
حظي تاريخ أفريقيا الحديث باهتمام العديد من الباحثين والمؤرخين، ونحن بصدد دراسة تفصيلية عن التنافس الأوروبي علي زنجبار (1856-1890) للباحث وليد كامل إبراهيم المعموري، مُنح عنها درجة الدكتوراه بمرتبة الشرف الأولي في قسم التاريخ كلية البنات جامعة عين شمس، وقد تكونت لجنة المناقشة من: د.خلف عبد العظيم الميري رئيس قسم التاريخ السابق بكلية البنات، ود.إبراهيم عبد المجيد محمد (مشرفين)، د.جاد محمد طه (مناقشاً) ود.إلهام محمد ذهني (مناقشاً).
لا شك أن أثر التنافس الأوروبي علي زنجبار في الفترة الزمنية من 1856 حتي عام 1890، شكّل جانباً مهما من جوانب تاريخها، ومازال في حاجة إلي البحث والدراسة في ضوء ما كُشف عنه من وثائق جديدة ألقت الضوء علي الكثير من الجوانب الخفية لهذه الحقبة التاريخية المهمة في التاريخ الحديث لقارة أفريقيا. الأمر الذي دفع الباحث إلي دراسة وتحليل أبعاد ذلك التنافس من الناحية السياسية والاقتصادية.
ومن اللافت للانتباه أن الباحث وليد المعموري اتخذ فترة زمنية مليئة بالأحداث في تاريخ زنجبار تبدأ بعام 1856، ذلك العام الذي شهد وفاة السيد سعيد بن سلطان وتولي أولاده من بعده في كل من شرق أفريقيا ومسقط، وانتهت بعام 1890 وهو العام الذي عُقدت فيه معاهدة هليجولاند بين ألمانيا وبريطانيا، وبمقتضاها قُسمت شرق أفريقيا وتم وضع زنجبار تحت الحماية البريطانية.
اعتمدت الدراسة علي رصد وتتبع الأحداث التي دارت في تلك الفترة واستخلاص المعلومات التي أبرزت الدور الأوروبي في زنجبار والدور الكبير الذي لعبه الصراع علي الحكم بعد وفاة السيد سعيد بن سلطان وظهور القوة الألمانية الكبري وعدم استطاعة حكام زنجبار التصدي له.
اتبعت الدراسة المنهج التاريخي والوصفي والتحليلي، وتكوّنت من مقدمة وتمهيد وأربعة فصول وخاتمة، بالإضافة إلي قائمة ثرية بالمصادر والمراجع، كالوثائق العربية ومنها أرشيف زنجبار، ووثائق تاريخية وجغرافية وتجارية، فضلَا عن الوثائق الأجنبية والتي تحتوي علي قدر كبير من المعلومات ودقائق وتفاصيل الأحداث، بينما ساهمت المراجع العربية والأجنبية في إكمال جوانب النقص التي لم تف بها الوثائق.
استعرض الباحث في التمهيد والذي يعتبر مدخلا مهما للموضوع، عنوان الرسالة؛ كيف كانت زنجبار قبل وصول قوات السيد سعيد بن سلطان إليها، وكيف كانت التجارة فيها، كما ناقش طبيعة العلاقات التجارية ومعاهد 1833 التي عقدت بين السيد سعيد والولايات المتحدة الأمريكية والتي تعد أول معاهدة صداقة تعقد بين دولة عربية متمثلة في زنجبار ودولة أجنبية كالولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلي معاهدة 1839، التي عقدت بين السيد سعيد بن سلطان وبريطانيا العظمي وبموجبها حصلت بريطانيا علي امتيازات عديدة في زنجبار، كما يقف الباحث علي طبيعة الوجود الفرنسي في زنجبار وعقد معاهد 1844 لتكون ثالث معاهدة صداقة بين زنجبار ودولة أوروبية كبري.
جاء الفصل الأول عن الوجود الأوروبي في زنجبار بعد وفاة السيد سعيد بن سلطان عام 1856، ودخول زنجبار مرحلة جديدة اتسمت بالضعف والانهيار السياسي والاقتصادي نتيجة الصراع الذي وقع بين ولديه ثويني والسيد ماجد علي مقاليد الحكم، وتدخل بريطانيا وفرنسا من أجل النزاع بينهما، واستعرض الباحث موقف بريطانيا من النشاط الفرنسي في زنجبار والوقوف بوجه التوسع الفرنسي الذي كان مساندًا للسيد ثويني والسيد برغش من أجل قلب نظام الحكم في زنجبار، ويختتم الفصل بتحكيم كاننج الذي حصل في زنجبار علي مسقط، وأن يحكم الجانب الأفريقي السيد ماجد، وأن يحكم الجانب الآسيوي السيد ثويني، وأن تدفع زنجبار معونة مالية إلي حكومة مسقط وبموجب هذا التحكيم انقسمت الامبراطورية العمانية إلي قسمين.
وعن بدايات الحكم الجديد بزنجبار تضمن الفصل الثاني، التصريح البريطاني الفرنسي عام 1862 مع سرد تفصيلي لبداية حكم السيد ماجد بن سعيد وبسط النفوذ البريطاني في شرق أفريقيا خلال تلك الفترة، بالإضافة إلي الصراع البريطاني الفرنسي علي شرق أفريقيا بسبب مسألة حمل السفن العربية للأعلام الفرنسية، حيث برزت هذه المسألة بعد إلغاء تجارة الرقيق في شرق أفريقيا ومنع السفن العربية التجارة فيه.
ويتطرق الباحث في بداية الفصل الثالث إلي الحركات الاستكشافية التنصيرية في شرق أفريقيا وأثرها علي التغلغل الاستعماري إلي داخل القارة الأفريقية، بالإضافة إلي اكتشاف كل من الرحالة ديفيد ليفنجستون وجون كيرك 1871 لنهر الزامبيزي بشرق أفريقيا، كما أوضح الباحث أثر معاهدة عام 1873 لإلغاء تجارة الرقيق علي زنجبار وشرق أفريقيا وكيف أثرت تلك المعاهدة علي الاقتصاد العماني، حيث عملت بريطانيا علي تدمير الكثير من السفن العربية العمانية بحجة محاربة تجارة الرقيق، ويختتم الباحث الفصل بالسياسة الاقتصادية والمالية التي اتبعها حكام زنجبار والتي منها توسيع التجارة وتخفيض الرسوم الجمركية، وشق الطرق بين زنجبار والمناطق الواقعة علي الساحل لتسهيل عملية التبادل التجاري، فضلاً عن النظام المالي الذي عمل علي إدخال عملات جديدة إلي زنجبار منها الريال النمساوي والبيسة العمانية وغيرها من العملات الصغيرة.
وعن التكالب الاستعماري وتقسيم زنجبار 1890 استفاض الباحث في عملية التوسع المصري في شرق أفريقيا وحملة الجب المصرية بقيادة غوردون Gordon وحملة مايكلوب وموقف الحكومة البريطانية من الحملة والتصدي لها وإبعاد النفوذ المصري عن شرق أفريقيا، وتضمن الفصل ذاته مشروع ماكينونMcKinnon الاستعماري من أجل بسط النفوذ البريطاني علي أملاك السيد برغش والحصول علي امتيازات كبيرة علي حساب سيادة زنجبار، بالإضافة إلي أسباب فشل المشروع، كما تطرق الفصل إلي ظهور القوة الألمانية علي مناطق أفريقيا فضلاً عن معاهدة عام 1886 التي بموجبها تم تقسيم زنجبار إلي ثلاث مناطق بين كل من السيد برغش، وألمانيا وبريطانيا، واختتم الفصل بمعاهدة هليجولاند التي عقدت عام 1890 وبموجبها سيطرت بريطانيا علي شئون زنجبار بشكل كامل واعترفت الدول الأوروبية بالحماية البريطانية علي زنجبار، وبعد توقيع هذه الاتفاقية انتهت مرحلة مهمة من تاريخ زنجبار التي تعرضت فيها ممتلكاتها للتقسيم والشتات بين كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
وتمضي الدراسة في تطور مستمر وتصل في سياقها إلي نتائج معينة ومحددة وهي أن الدول الأوروبية الاستعمارية اتخذت كافة الأساليب لفرض سيطرتها علي شرق أفريقيا والمناطق التي تتمتع بمواقع استراتيجية مهمة، بالإضافة إلي الموقع الجغرافي المتميز لزنجبار ومناخها الطيب، الأمر الذي شجع الكيانات السياسية البريطانية والفرنسية والأمريكية والهندية والعربية لتتواجد علي طول الساحل الشرقي لأفريقيا مما أسهم في انتعاش الحياة الاقتصادية لشرق أفريقيا.
كما أن الصراعات المستمرة بين أفراد الأسرة الحاكمة علي عرش الامبراطورية العمانية فتحت الباب أمام الدول الاستعمارية لتتدخل في شئون الامبراطورية الداخلية، وسعت الدول الأوروبية من أجل تثبيت الحاكم الذي يطيع جميع تعليماتها وأوامرها، بالإضافة إلي أن الدول الأوروبية اتخذت من المعاهدات والاتفاقيات ذريعة لفرض سيطرتها علي المناطق كما حدث مع بريطانيا في مكافحة تجارة الرقيق التي كانت هي الأخري سببا قويا لفرض سيطرتها الاستعمارية علي شرق أفريقيا وزنجبار.
ويذكر الباحث أن كل ما حدث في سلطنة زنجبار العربية من تقسيم وتجريد للممتلكات لم يكن يرجع إلي السياسة البريطانية في تلك المناطق، بل يعود جزء منه إلي العديد من سلاطين زنجبار الذين استغلت بريطانيا نزاعهم وصراعهم في تحقيق مصالحها.
وهكذا قضت السياسة الاستعمارية علي الحضارة العربية العظيمة التي أُنشِئت في تلك المنطقة، وأزالتها من الساحل الشرقي لأفريقيا وكثير من المناطق الأفريقية، وأعطت صورة سيئة عن أفريقيا حتي أصبحت في نظرهم القارة السوداء المظلمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.