هل لك أن تتخيل عقلية همجية تحاول أن تغتال رئيس دولة بعد أقل من عام علي نصره، لو أنها مثلاً قصة تلقى على مسامع الناس لم يصدقوها، ولكنه واقع عاشته مصر فى مذبحة "كلية الفنية العسكرية" التى ارتكبها بعض ممن ينسبون أنفسهم للدين الإسلامى كتنظيم الجهاد والإخوان المسلمين، وذلك بهدف اغتيال السادات، وراح ضحيتها 17 شهيدا وأكثر من 65 مصابا، وكأن نصر مصر على إسرئيل الذى لم يمر عليه سوى 7 أشهر لم يكن هدفهم، وأن سعيهم الأساسى كان فى اتجاه تقويض الدولة وزعزعة أركانها والنيل منها، تنفيذا لمخطط أبتدعوه، وساروا على نهجه إلى يومنا الحالى. كان الشعب المصرى يعيش أفضل فتراته، زهوة النصر ومحو النكسة، وبداية تثبيت دولة جديدة لها شأن، خطوة جديدة نحو المستقبل، أكتوبر ليس ببعيد. لم يمر على شهر النصر سوى بضعة أشهر، وتحديداً صباح يوم 18 إبريل من 1974، كانت أولى محاولات اغتيال السادات، وكأن بطل الحرب والسلام هو الأن من يقف ضد مصلحة الدولة، وكأن الداهية السياسية أصبحت فى مخيلتهم العاقبة السوداء وعليهم أن يتخلصوا منه، تخيل مثلا أن رب البيت كان عائدا من عمله منهكاً يحمل الطعام لأولاده، وأثناء ما هم جالسون ليتناولوا الطعام شب من على المائدة ابن عاق وحاول أن يفسد الطعام ويقتل رب البيت، وإن سألته عن السبب يقول لك لأنه لم يسمح لى بالخروج ليلة أمس، تخيلت، أهذا منطق، بالطبع لا، ولا يمكن قبوله أو اعتباره بأى حال من الأحوال إلا مفسدة مطلقة وخروج على القانون فى أبشع صوره. قام بالعملية تنظيم يضم بمجموعة من الشباب الصغير، البعض منهم مغرر بهم، والكثير منهم كان له أيديلوجية تكفيرية، وأن السادات - من وجهة نظرهم - الذى انتصر من حوالى شهور ما هو إلا رئيس جاء ضد الشريعة الإسلامية، وكان هذا التنظيم يقوده "صالح سرية" فلسطينى الجنسية، وتحت زعم الجهاد بدأت العملية الإرهابية. قام عدد من الشباب الصغار وبعض طلاب الكلية الفنية العسكرية، بالهجوم على حراس بوابة الكلية وحراس مستودع الأسلحة، وذلك من أجل السيطرة على الكلية والاستيلاء على الأسلحة الموجودة فيها، وكانت تلك خطوة أولى لخطوة أكبر، ألا وهى مهاجمة مقر "اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي" واحتجاز الرئيس السادات وإجباره على التنازل عن الحكم، وفى حالة رفضه يتم اغتياله فوراُ، وكل هذا كان لأجل إعلان قيام حكم إسلامي في مصر، وفعلا تم الهجوم، واستشهد فى هذه العملية 17 شخصا وأصيب 65 آخرون، لكن لم يتمكنوا من السيطرة على الكلية، وفشلت العملية. وفقاً لتقارير أمريكية ثبتت علاقة "صالح سرية" بالإخوان المسلمين، وأنه كان عضوا فى الجماعة، بالرغم من اعترفه بعد القبض عليه بأن أعضاء تنظيمه لا ينتمون إلى الإخوان المسلمين، وإنما هي جماعة أخر أطلقت على نفسها "اليسار الإسلامى الجديد"، لكن بصرف النظر عن المسميات فالكل يدرك طبيعة خروج كل الجماعات الإرهابية المسلحة الإرهابية من رحم جماعة الأخوان المسلمين. يبقى أن نقول أن التنظيم كان مكونا من ثلاث مجموعات، المجموعة الأولى فى محافظة الإسكندرية كانت بقيادة الدكتور كامل عبد القادر وطلال الأنصاري، والمجموعة الثانية فى القاهرة والجيزة بقيادة حسن هلاوي، بالإضافة إلى المجموعة الثالثة العسكرية والتى يرأسها صالح سرية شخصيًّا، وهي قسمان: عسكريو الجيش ويتبعون سرية، وطلبة الكليات العسكرية ويترأسهم كارم الأناضولي.