عندما قام الممثل الكوميدي فولوديمير زيلينسكي بدور مدرس التاريخ الذي قادته الصدفة ليصبح رئيساً للجمهورية في مسلسل خادم الشعب في 2015، لم يكن يدرك ان قصته ستتحول لواقع، وانه سيُصبح اصغر رئيس لأوكرانيا (41عام ) بنتيجة تاريخية، بعد ان اكتسح منافسه الرئيس الحالي بيتروبوروشينكو بأكثر من 74٪ من الأصوات مقابل 24٪ في الجولة الثانية للانتخابات التي أُعلنت نتائجها منذ ايام. فوز زيلينسكي، المفتقر لأي تاريخ اوخبرة سياسية، برئاسة دولة تعاني من وضع اقتصادي صعب وحرب دامية في اطرافها الشرقية، لا يمكن تفسيره الا كصرخة رفض من الشعب الاوكراني لنخبته السياسية الفاسدة وعلي قمتهم الرئيس نفسه، بمعني ان من صوتوا لزيلينسكي كانوا في الحقيقة يصوتون ضد بروشينكوا وحاشيته التي حولت أوكرانيا لأفقر دولة أوروبية، في الوقت الذي ظل فيه رئيسها احد اكبر أثرياء الدولة، بالإضافة لفشلهم في وضع حد للحرب مع الانفصاليين الموالين لروسيا، والتي أوقعت 13 الف قتيل في 5 سنوات. وعلي الرغم من أن الرئيس الجديد لم يقدم برنامجا انتخابيا محددا سوي وعد بإعادة إطلاق عملية السلام مع روسيا ومحاربة الفساد، الا ان الأوكرانيين، علي ما يبدو، ارادوا ان يكرروا تجربة ترامب في امريكا ويختبروا حظوظهم برئيس لم تلوثه العاب السياسة. رغم ذلك لايعول الكثيرون علي نجاح زيلينسكي، الذي سيواجه العديد من العراقيل علي رأسها افتقاده لأغلبية في البرلمان تمكّنه من تمرير قرارته وعداء الجانب الأكبر من الطبقة السياسية التي تعهد بالتصدي لها في إطار حربه علي الفساد. لكن أيا كانت فرص زيلينسكي في النجاح في مهمته الثقيلة.. يبقي الامر الذي يدعوللتفاؤل انه بعد 5 سنوات سيعود الاوكرانيون لصناديق الانتخابات مرة اخري لاستكمال التجربة في حال نجاحها اوتصحيحها في حال اكتشفوا انهم قد ارتكبوا خطأ.