تساؤل طرحه الكثيرون - ومن بينهم الإمام الأكبر شيخ الأزهر-إلي عقلاءَ العالم، وأصحابَ الثقافة والحضارة، ودعاةَ المدنية والتقدم، وغيرَهم من أصحاب الفكر: إلي متي يظل المسلمون هم ضحايا العمليات الإرهابية دون نكير من أحد؟ وإلي متي يُحبس الإسلام في قفص الاتهام، وعند كل حادثة صغرت أو كبرت تُلصق به تهم القتل والإرهاب؟ ولكن عندما يكون المسلمون هم الضحايا لا يتكلم أحد أو تبرر الجريمة بأنها عمل فردي ؟..لفت الهجوم الإرهابي الذي وقع في مسجدين بنيوزيلندا يوم الجمعة الماضي وأسفر عن استشهاد أكثر من 50 نفسا بريئة النظر إلي تنامي ظاهرة العداء للإسلام في الغرب» الإسلاموفوبيا» كما أكد النظرة الازدواجية الغربية والكيل بمكيالين في التعامل مع مثل هذه الأعمال الإرهابية، حيث تكال الاتهامات للإسلام والمسلمين بمجرد أن يكون هناك شك أو احتمال بأنَّ منفذ الهجوم مسلم قد خرج عن تعاليم هذا الدين السمح، في حين نجد صمتًا غير مبرر عندما يتبين للجميع أن منفذ الهجوم ينتمي إلي دين آخر غير الإسلام، أو نري الحادث الإرهابي يوصف ب»إطلاق نار» وليس إرهابيا. حول هذا الموضوع يقول طارق أبو هشيمة رئيس وحدة الدراسات الاستراتيجية بدار الإفتاء:ما حدث في نيوزيلندا عمل إرهابي من الدرجة الأولي ومن الظلم تصنيفه علي إنه حادث إجرامي؛ لأن الحادث ارتكب علي خلفية دينية، وعليه لا بد من وضع الأمور في نصابها،كما أنه من الإجحاف توصيف ظاهرة الإسلاموفوبيا بأنها ردة فعل لتطرف داعش والقاعدة فقط، بل هناك أسباب أخري ساهمت بشكل كبير في تضخم الظاهرة منها عدم تفعيل قوانين تجريم العنصرية والعداء ضد المسلمين، هذا بجانب قصور في تعزيز قيم التسامح والتعايش وتعزيز قيم الاندماج الإيجابي في هذه المجتمعات. ويؤكد: تبرير عنف الإسلاموفوبيا علي أنه مجرد رد فعل لتطرف القاعدة وداعش يعطي شرعية للجاني الحقيقي لهذا العنف ويجعله يفلت من العقاب، ويعطيه أيضًا مبررًا لكل أفعاله الإجرامية بحق العزل والمسالمين،مشيرا إلي أن مثل هذه الجرائم النكراء من قبل اليمين المتطرف تستغلها التنظيمات المتطرفة كتبرير لأعمالهم الإرهابية التي تلصق زورًا بالإسلام، فينفذون أعمالًا أكثر دموية في بلداننا والبلدان الغربية، تحت زعم ما يسمي ب»دفع الصائل» عن إخوانهم المستضعفين في هذه البلاد، فيجعل بحور الدماء تسيل بغزارة،وبالفعل فقد استغلت تنظيمات القاعدة وداعش الحادث في تبرير أعمالها الإرهابية، وهذا ما كنا نخشاه. وطالب بتفعيل قوانين تجريم العنصرية والإسلاموفوبيا أو العداء ضد المسلمين في الغرب، حتي لا تتكرر مثل هذه الأحداث مرة أخري، ويجب تفعيل القيم الإيجابية مثل تعزيز قيم التسامح والتعايش وتعزيز الاندماج الإيجابي القائم علي المساواة في الحقوق والواجبات. أيدلوجيا لاعلاقة لها بالدين ويضيف الدكتور أسامة نبيل، المشرف السابق علي مرصد الأزهر يجب علي العالم أن يستيقظ ويدرك أن الإسلام ليس له علاقة بالإرهاب من قريب أو بعيد، وإنما هو أيدلوجيا في عقول بعض البشر بغض النظر عن انتمائهم الثقافي أو الديني، ولا يخفي علي أي إنسان مثقف أن الإسلام استوعب في مهده التعددية الدينية والثقافية، فكان ومازال يؤكد علي حرية الاعتقاد وأهمية التعايش المشترك بين الشعوب وأتباع الديانات المختلفة،كما أنه علي العالم كذلك أن يدرك أن الاسلاموفوبيا خطر عظيم علي السلم والأمن الدوليين لأنها تعمل علي خلق وتأجيج صراع لايفيد أحدا وتدفع في اتجاه ترسيخ الكراهية والعنف. ويقدم الدلائل علي أنها جريمة باسم الدين أن المجرم برنتون تارانت أخذ وقته في الإعداد ووثقها في 74 صفحة نشرها علي الإنترنت قبل ارتكاب الجريمة كشف فيها عن الهدف من المجزرة وهو التطهير العرقي والديني، فعدد المسلمين في زيادة مطردة بينما أعداد الأوروبيين تتناقص ولهذا يري حتمية التخلص من المسلمين. ليس مختلا ويؤكد ان الإرهابي ليس مختلا عقليا ولا مريضا نفسيا، بل قاتل خطط لجريمته عن عقيدة وعمد، وعلي السلطات في نيوزيلندا البحث عن كل الداعمين له ومن ساهموا في التخطيط لهذه العملية الإرهابية التي أبكت كل من له قلب وعقل من أتباع الديانات السماوية،والدليل علي أن القاتل الإرهابي برنتون تارانت ليس وحده وليس مريضا هي الرموز والتواريخ التي سجلها علي أسلحة الجريمة والتي تشير إلي أحداث تاريخية تبرز الصراع بين الشرق والغرب. ويطالب بضرورة النظر بعين الاعتبار إلي جرائم الكراهية ضد المسلمين، وأن تحذو كافة الدول حذو مثيلاتها في تغليظ العقوبة وتكثيف برامج التأهيل للمتطرفين علي اختلاف توجهاتهم، والمتشددين واليمينيين المتطرفين.