لا شك ان مبادرات ضخمة مثل 100 مليون صحة وحياة كريمة ونور حياة سيكتب لها الخلود في وجدان المصريين لانها نزعت امراضا وعللا استوطنت أبدان المواطنين لعقود وانتشلت فقراء من جحيم العوز المذل وأبقت الضوء في عيون كان يتسلل اليها العمي خفية. احتفاء المصريين بهذه المبادرات التي تزيد من صلابة التماسك المجتمعي وتعزز متانة انتماء المصريين لبلدهم يعود الي انها لبت احتياجات ملحة للمواطنين ووفرت لهم خدمات مباشرة لم يكن في استطاعتهم الحصول عليها الا بعد كبد. ما دامت الدولة بما قدمت من مبادرات تسعي لضمان الحد الأدني من الحياة الآدمية اللائقة للمصريين وبما انها لا تترك مناسبة الا واعترفت بأفضالهم في تحمل مشقة واثقال الإصلاح الاقتصادي فإنه بات من حق ابناء هذا الشعب ان يجدوا من ينتشلهم من نيران الغلاء التي تعربد في الاسواق بلا رادع. الحقيقة بلا أدني مواربة أنه ليس هناك سبب لحالة الانفجار الجنوني في الاسعار الا جشع التجار وغياب ملحوظ من جانب الدولة وعدم تدخلها لضبط الأسعار بما يكفي ويلزم. في يقيني أن المصريين يتطلعون خلال الفترة القادمة علي وجه التحديد إلي مبادرة لمكافحة الغلاء تتبناها الدولة تقدم من خلالها تيسيرات ضريبية وامتيازات أخري للتجار الملتزمين بالحصول علي هامش ربح معقول في بيع السلع للمواطنين وترفع سيف القانون البتار لتقطع رقاب الجشعين والمحتكرين الذين يمصون دماء الغلابة ويأكلون في بطونهم ناراً! الاعتقاد بأن من يطالبون بترويض الأسعار المنفلتة وتوفير الغذاء والدواء باسعار مقبولة لاهم لهم سوي بطونهم نظرة شديدة القصور لأن الجوع والعوز اصل كل الشرور والمنفذ الرسمي لكل ألوان الفساد وانتشار الفواحش.. ليس هناك أشد خطراً علي المجتمعات وتماسكها من الجوع لانه يورث الحقد والتباغض وينشر أوبئة الإرهاب والرشوة والاستحلال. البطون الخاوية حين تتعارك لتسد جوعها يصبح وقتها الجائع أشد وحشية من الكواسر الضارية ويصبح الحصول علي الخبز لديه أهم من الاخلاق والدين وأهم من الوطن. الفقر يقتل كل القيم في الروح والنفس والشبع يعلم الفضيلة فهل تبادر الدولة بإطلاق مبادرة ضخمة لمكافحة الغلاء والجشع؟! إنا لمنتظرون.