أين يذهب هؤلاء مع هذه الحملة ؟! دفع ارتفاع تكاليف الزواج ومغالاة بعض الأسر في المطالب عددا من الشباب لتدشين حملة علي وسائل التواصل الاجتماعي للعزوف عن الزواج حملت اسم »خليها تعنس»، وردت بعض الفتيات بحملة مماثلة كان عنوانها »خليك في حضن أمك»، ليتحول الأمر من محاولة لتيسير تكاليف الزواج إلي حرب كلامية، لا تحل المشكلة، بل تعقدها، ولا يستفيد منها أحد، وتعكس سوء فهم عميق للسنة الكونية وهي الزواج، الذي شرعه الله ليكون طرفاه سكنا ورحمة للآخر وليبنيا أسرة يكون نتاجها إعمار الكون كما أراده خالقه.. حول هذا الموضوع يتحدث عدد من العلماء. في البداية يقول الدكتور مجدي عاشور، مستشار مفتي الجمهورية، إنه لا يوجد أحد يستطيع العزوف عن الزواج لأنه سنة كونية علي الأرض، فلولا التزاوج ما يكون هناك إنتاج، محذرا من تحويل العلاقات إلي أمور مالية فقط. ويوضح أن للزواج ناحية اقتصادية وليس إجتماعية فقط، فالإسلام يدعو إلي الزواج للأنس بالغير، وما سمي الإنسان بهذا الإسم إلا لأنه يحب الأنس، والإسلام لم يدعُ إلي العنوسة يوما، ولكن شدد علي التسهيل في الزواج وتقليل المهور فقال النبي - صلي الله عليه وسلم - »أقلهن مهورا أكثرهن بركة». ويؤكد الدكتور سعيد عامر، رئيس لجنة الفتوي بالأزهر الشريف،إن هذه الحملات تضر بأبنائنا من الشباب والفتيات ولا تليق أن تكون تعميما وطلبا، حتي ولو كانت بسبب ارتفاع تكاليف الزواج. ، فالأصل في الزواج هو المودة والرحمة بين الزوجين، والرسول صلي الله عليه وسلم قال: »خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي». ويشدد أن ليس لهذه الحملة أي أصول في الدين أو الفقه ومخترعها يضر بأخته وأمه وجميع الفتيات المسلمات. ويوضح أن من يعسر طريق الزواج فكأنما سهل طريقًا للزنا وبالتالي فإن تلك الحملة لا تحارب مغالاة الأهل وإنما تلك الحملة ليس بها معروف أو إحسان بين الناس، مطالبا بالنظر في فكرة المغالاة في تكاليف الزواج من المهور وشراء مستلزماته. ويشير الشيخ عويضة عثمان، مدير إدارة الفتوي الشفوية وأمين الفتوي بدار الإفتاء، إن من يسعي في حاجة أخيه المسلم، كان كمن اعتكف في مسجد رسول الله -صلي الله عليه وسلم- شهرًا فيما ورد في الحديث الشريف. ويؤكد أن عبد الله بن عباس -رضي الله تعالي عنهما- كان معتكفًا بمسجد رسول الله -صلي الله عليه وسلم- فجاءه رجل وكان له مصلحة أو حاجة عند أحدهم، فقال له عبد الله بن عباس -رضي الله تعالي عنهما- »هيا» وهم خارجًا مع الرجل من المسجد، فذكره الرجل بأنه معتكف، فحينئذ بين له أنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: »لأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف شهرا في مسجدي هذا، ومن مشي مع أخيه المسلم في حاجة حتي يقضيها ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام »، وقال الله تعالي في كتابه العزيز : »وَتَعَاوَنُوا عَلَي الْبِرِّ وَالتَّقْوَي، وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ» الآية 2 من سورة المائدة. وأضاف أن من يسعي لتزويج أخيه المسلم فإنه بذلك يعينه علي البر والتقوي وعلي إقامة حياة زوجية، ويعينه علي فعل الحلال حتي يُحفظ من فعل المحرمات، فكل هذا له ثواب عظيم، فكان الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه، مستشهدًا بما قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: »اَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ».