الاعتكاف هو اللبث في المسجد علي صفة مخصوصة بنية, والنية محلها القلب, وهو سنة, وتتأكد السنية في شهر رمضان خاصة في العشر الأواخر من رمضان. ويؤكد الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الاعتكاف فيه تسليم الإنسان نفسه بالكلية إلي عبادة الله عز وجل- طلب الزلفي, وإبعاد النفس من شغل الدنيا التي هي مانعة عما يطلبه العبد من القربي, وفيه استغراق المعتكف أوقاته في الصلاة إما حقيقة أو حكما, لأن المقصد الأصلي من شرعية الاعتكاف انتظار الصلاة في الجماعات, وتشبيه المعتكف نفسه بالملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون, ويسبحون الليل والنهار لا يفترون, وهو سنة ماضية, وشعيرة حاضرة, اعتكف رسول الله صلي الله عليه وسلم- هو وأصحابه- رضي الله عنهم- صياما في رمضان وينبغي للمعتكف ألا يتكلم إلا بالخير, وأن يشتغل بالقرآن الكريم تلاوة ومدارسة وتدبرا, والعلم, والأذكار والأدعية الشرعية, والصلاة علي النبي محمد صلي الله عليه وسلم- ويجتنب المعتكف مالا يعنيه من جدال ومراء وكثرة كلام وغيره لقوله صلي الله عليه وسلم-: من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ويجتنب فضول الكلام, قال عطاء رضي الله عنه-: كانوا يكرهون في الاعتكاف- فضول الكلام, وكانوا يعدون فضول الكلام, ما عدا كتاب الله عز وجل- أن تقرأه, أو أمرا بمعروف, أو نهيا عن منكر, أو أن تنطق في معيشتك بما لا بد لك منه ويستحب للمعتكف ترك لبس رفيع الثياب, والتلذذ بما يباح له قبل الاعتكاف, ويضيف د. كريمة مؤكدا أنه قد وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم- أصحابه رضي الله عنهم- إلي فضيلة الاعتكاف في رمضان لا سيما العشر الأواخر منه بقوله: زمن كان اعتكف معي, فليعتكف العشر الأواخرأخرجه البخاري- أي من شهر رمضان, وللاعتكاف أحكام مهمة من النية, والاعتكاف في مسجد جماعة, واللبث في المسجد, والصوم, ويفسد الاعتكاف بالجماع, والخروج من المسجد لغير حاجة ضرورية- تقدر بقدرها- وبالحيض والنفاس, وفقد العقل, علي تفصيلات, والاعتكاف في شهر رمضان له مذاقه خاصة والعشر الأواخر العتق من النارس فيجمع الصائم بين أصول قربات من صلوات وصيام وأذكار وتبتل إلي الله تبتيلا, وراحة لجسده, ومجاهدة توصل إلي مكاشفة, ومنافسات في الخيرات إلي درجات في جنات. ويقول الدكتور عبدالوارث عثمان, أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر: إن الاعتكاف هو لزوم المسجد والتفرغ لطاعة الله, وذلك يبدأ بالنية وبدخول المسجد, ويبتعد عن القيل والقال, ويتفرغ لطاعة الله تعالي- ويقضي وقته في تلاوة القرآن والذكر والدعاء والصلاة ويحفظ صيامه عن ما ينقص ثوابه ويقبل علي صلاته بقلب فارغ قد تخلي عن الدنيا ومتاعها واستحضر الآخرة وثوابها, وإنما يكون في المساجد حتي لا ينقطع عن صلاة الجماعة, فإن كل عزلة وانفراد يشغل عن صلاة الجماعة ويفوتها فلا خير فيه, ولقد لازم النبي- صلي الله عليه و سلم- الاعتكاف وداوم عليه في آخر رمضان حتي فارق الدنيا, ثم اعتكفت أزواجه من بعده, فهو سنة مؤكدة, وعلي المعتكف أن يؤمن حاجة أولاده وزوجته وبيته, ولايجعلها عرضة للسؤال والمذلة, وروي البخاري عن أبي هريرة قال: كان رسول الله- صلي الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان عشرة أيام, فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما. فالمعتكف قد حبس نفسه علي طاعة الله وذكره, وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه, وعكف بقلبه وقالبه علي ربه, وما يقربه منه, فما بقي له هم سوي الله وما يرضيه عنه, فمعني الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق, للاتصال بخدمة الخالق, وكلما قويت المعرفة والمحبة له, والأنس به, أورثت صاحبها الانقطاع إليه بالكلية, والشرط الأول في الاعتكاف هو النية, لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم:سإنما الأعمال بالنياتس والشرط الثاني أن يكون في مسجد, لقوله تعالي: وأنتم عاكفون في المساجد وكان النبي صلي الله عليه وسلم- يعتكف في مسجده, والشرط الثالث: أن يكون ذلك المسجد تقام فيه صلاة الجماعة, حتي لا يتكرر خروجه لكل وقت, مما ينافي الاعتكاف.