علي مدار4 أيام من النقاش المتواصل طالب صناع الحديد في منطقة الشرق الاوسط الحكومات بضرورة تطبيق النهج العالمي المتبع حاليا نحو غلق الاسواق وحمايتها علي غرار ما قامت به أمريكا والتي أدت الي تزايد المخزون من منتجات الصلب في الاسواق العالمية في ظل النمو المتباطئ جاء ذلك خلال فعاليات المؤتمر السنوي الذي تنظمه شركة ميتال بوليتان العالمية والذي استضافته مدينة دبي. وتساءل جورج متي رئيس قطاع التسويق بمجموعة حديد عز في كلمته:» لماذا تعتبر سوق شمال أفريقيا مهمة وجذابة لصناعة الصلب؟ وأشارإلي أن اسواق المنطقة لديها قدرات علي النمو تفوق أسواق العالم الأخري، كما أوضح أن الأداء الاقتصادي بالمنطقة كان افضل خلال السنوات الثلاث الأخيرة وان توقعات صندوق النقد الدولي تشير لاستمرار ذلك الاداء حتي عام 2020 ليصل معدل نمو الناتج القومي للمنطقة عام 2019 إلي حوالي 4.6%. وهو ما سينعكس علي القطاعات المستهلكة للصلب لتصل لمعدلات نمو أكبر من تلك في منطقة الشرق الأوسط أي دول مجلس التعاون الخليجي وإيران ودول شرق البحر المتوسط. وأشار إلي ان منطقة شمال أفريقيا تساهم بحوالي 23 مليون طن (أو ما يعادل 31%) من اجمالي استهلاك الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والذي يبلغ 74 مليون طن، بل إن متوسط النمو السنوي لاستهلاك الصلب بمنطقة شمال أفريقيا منذ عام 2005 بلغ 5.6% في حين أن متوسط النمو العالمي 3.6%. كما ركز علي توقعات صندوق النقد الدولي بتسارع نمو الأنشطة الاقتصادية بالمنطقة خلال عام 2019، وخاصة في مصر التي تعتبر أكبر أسواق الصلب بالمنطقة والتي من المتوقع أن يبلغ معدل نمو الناتج القومي بها 5.5% بها خلال عام 2019. وأوضح ان السبب الرئيسي للنمو المتسارع علي الطلب بالمنطقة حجم النمو في قطاع التشييد والبناء والذي يعتبر أهم القطاعات المستهلكة لمنتجات الصلب، حيث انه منذ عام 2005 فإن النشاط في ذلك القطاع بلغ معدل نمو 7.3% سنوياً بالمقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 2% فقط، ومتوسط الشرق الأوسط الذي يبلغ 5.1%. ونظراً للتحسن الاقتصادي، فإن التوقعات تشير إلي استمرار النمو في نشاط قطاع التشييد والبناء بمعدل أعلي من 4% في المستقبل القريب. ثم عاد متي لإلقاء الضوء علي القطاع الصناعي ثاني أهم قطاع مستهلك للصلب، كصناعة السيارات والصناعات المعدنية وقطاع استخراجات النفط والغاز والتي سيكون لها نصيب من ذلك النمو ولكن بنسبة أقل، حيث يتوقع أن يصل النمو بذلك القطاع إلي 2.9% خلال العام القادم - وهو ما يتماشي مع معدلات نمو القطاع الصناعي حول العالم - بعد أن بلغ متوسط نموه خلال الاثني عشر عاما الماضية حوالي 1% فقط. وبناء علي ذلك فيتوقع رئيس قطاع التسويق بحديد عز أن تصل معدلات نمو استهلاك الصلب بالمنطقة خلال العام القادم حوالي 4.4% ليصل إلي 24 مليون طن. ثم طرح متي تساؤلا اَخر وهو: هل تحصل المنطقة علي امدادات من الصلب تغطي ذلك الطلب المتزايد؟ وفي هذا الشأن أشار إلي أن دول المنطقة لديها طاقات انتاجية كافية حيث إن اجمالي الطاقات يقدر ب 38.7 مليون طن في حين أن الاستهلاك بلغ 23 مليون طن خلال العام الحالي، أي أن الطاقات المتاحة تبلغ أكثر من مرة ونصف من حجم الاستهلاك وهو أحد الأسباب الذي أدي إلي انخفاض الواردات خلال العامين الماضيين. وأشار إلي أن الطاقات الانتاجية المحلية تستطيع تغطية حجم الطلب بالسوق وتفيض بدون الحاجة إلي الاستيراد، والدليل علي ذلك أن المنتجين المحليين استطاعوا تلبية احتياجات مصر من حديد التسليح خلال العام الماضي رغم الانخفاض الحاد في وارداته والذي بلغ 70% كما أن واردات مسطحات الصلب التي تستخدم في الصناعات المختلفة تخترق السوق المصرية بكميات كبيرة حيث تقترب من نصف احتياجات السوق المحلية تقريباً، وعند مقارنتها بالأسواق الأكثر استهلاكاً لمسطحات الصلب مثل أمريكا والدول الأوروبية فإن الاعتماد علي الواردات في مصر يبلغ ضعفي أو 3 أضعاف مثيله في تلك الأسواق كنسبة من حجم السوق. بينما في سوق حديد التسليح فإن حجم الواردات بلغ حوالي 20% من حجم السوق عام 2016 ثم انخفض خلال عام 2017 ليصل إلي 6% فقط نتيجة فرض رسوم اغراق مؤقتة في يونيو تبعها رسوم نهائية في ديسمبر من نفس العام. وأشار إلي أن عام 2017 يعتبر عاما استثنائيا للطلب علي الصلب في مصر حيث انخفض الطلب علي الصلب بشكل عام بنسبة بلغت 13%، وذلك بسبب تراجع معدلات البناء من جانب الأهالي والأفراد، بالاضافة إلي انكماش الطلب الصناعي من القطاعات المستهلكة لمسطحات الصلب مثل الأجهزة المعدنية، الأنابيب والمواسير، الهياكل المعدنية والصناعات المغذية للسيارات. وكشف »متي» أن التوقعات تشير إلي تسارع النمو خلال العام الحالي والقادم حيث استطاعت الصناعة المحلية زيادة حصتها السوقية وزيادة تنافسيتها وذلك رغم ارتفاع الأسعار المحلية بسبب الزيادة الكبيرة في التكلفة بعد تعويم الجنيه. وأشار متي إلي أن مصر والجزائر - الدولتان الأكبر بالمنطقة في انتاج الصلب - قامتا بزيادة طاقاتها الانتاجية خلال الفترة 2016/2017 بحوالي 4 مليون طن. ونجحت الدولتان في تخفيض حجم وارداتهما من حديد التسليح بنسبة 70% خلال العام الماضي ليصبح اجمالي واردات حديد التسليح بهما1.9 مليون طن وذلك بعد تطبيق رسوم اغراق بمصر ضد الواردات الأوكرانية والتركية والصينية،بالاضافة إلي تطبيق الجزائر لنظام الحصص الاستيرادية للحد من تدفق واردات حديد التسليح. ورغم ذلك، ومع تطبيق الاجراءات الحمائية من جانب أمريكا وأوروبا وتركيا زادت احتمالات استئناف الواردات بعد تحول مجري التجارة العالمية إلي الأسواق المفتوحة ومنها شمال أفريقيا في ظل زيادة الطاقات الانتاجية الفائضة عن حاجة السوق العالمي والمعروضة بأسعار تحت التكلفة. وأوضح أن الواردات تضاءلت بكل أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من الدول الأربع المصدرة الكبري (الصين، أوكرانيا، تركيا وروسيا) مثلما حدث في مصر، وأيضا بعض دول شمال أفريقيا مثل المغرب وليبيا، وبشكل خاص في الجزائر الذي تقصلت فيه الواردات بشكل كبير خاصةً واردات حديد التسليح. ففي الجزائر، فإن الانخفاض في واردات في واردات مسطحات الصلب لا يمكن مقارنته بحجم الانخفاض الكبير في ورادات حديد التسليح. فوفقاً لجمعية الصلب الأوروبية، فإن أغلب واردات الصلب بالجزائر والمغرب تأتي من السوق الأوروبي، وخاصةً من ايطاليا، أسبانيا، البرتغال واليونان، قد تقلصت خلال الشهور الأخيرة.