لم أضحك في حياتي مثلما ضحكت اليوم، ولا أعرف إذا كان هذا الضحك لأني سعيدة بالفعل أم لأني في منتهي التعاسة، فكلتا الحالتين تصيبني بالضحك الصاخب الذي أستغربه من نفسي بعد ضحكة عالية أشم فيها رائحة الافتعال، في أوقات كثيرة لا أسأل نفسي ذلك السؤال الساذج : هل أنا سعيدة أم لا؟، لأن لحظات سعادتي دوما ممزوجة باحساس غريب بالحزن وإن لم يكن هناك شيء يحزنني، رغم أنني لست انسانة نكدية، فالبعض يقول لي إن لي ابتسامة تحمل كل تفاؤل الدنيا، لكن لا أحد يعرف ما تخفيه الابتسامة، فالضحك الخفي الذي لا تعلنه الشفاه ولا يبوح به الصوت هو أصدق انواع الضحك الذي قد يحمل السخرية أواللامبالاة أولحظة سعادة حقيقية حتي لو كانت ملفوفة في كلمة أو لمسة يد عابرة. السعادة كلمة مخترعة، صماء في حقيقتها، وضعت بين الكلمات لتفسير حالة غير مفهومة، وليس لها توقيت أو عمر أو مكان، كلمة مثل كلمات كثيرة تسعدنا وتشقينا، وبين الكلمات تكتب الحكايات والقصص التي نخترعها أيضا لتسلية أنفسنا، نضحك بها علي الاخرين وعلينا نحن، وهكذا تسير الحياة بين الضحكة والكلمة والسعادة والحزن والفرحة والخيبة والافتقاد والاشتياق، وكلها كلمات مخترعة نعيش بها اساطير من صنع خيالنا لنعبر بها سنوات عمرنا في رحلة لم نخترها، وحينما نجد أنفسنا متورطين في هذا الطريق، نقوم بإصلاحه وتطويره وبناء مساكن واختراع وسائل للتسلية واللهو لنفرح تارة ونحزن تارة، وحينما يسلب منا شيء عزيزا أو يضيع منا اثناء اللهو شيء غال لا نستطيع استعادته، وتظل لعبة الكلمات هي الحكاية التي تروي من بعدنا وفي حياتنا، ننطقها ونتداولها وحينما يفور احساسنا نكتبها، كلما عشقنا الكلمات اخترعنا بها الحكايات، والخيال الذي صنعته الكلمات، التي تصير مع مرور الزمن خيالا مرصعا بالحكايات القديمة اوالمستحدثة أوالتي لم تحدث بعد وكلها فانتازيا أصدق من واقع صنعناه من رصيد كلماتنا، التي اختزنت في ذاكراتنا ذات يوم، هل نحن سعداء ؟ سؤال تختزله الكلمات في كلمتين لا أكثر»كله تمام»، وبعدها تشتعل حرائق الكلمات في الذاكرة أو تذهب في طي النسيان في حالة التبلد واللامبالاة، أو محاولة الغاء مشاهد صماء أمطرت علينا السماء في حوادث حياتية ليس لها أبجدية الكلمات فالصور والأخيلة والظلال لا تحمل حروف وانما هي نبضات ضوئية تؤكدها في النهاية الكلمات. لا مفر من الأبجدية التي استهلكتها الحياة بحروف مكررة، وتظل كل العبقرية تكمن في ترتيبها واولوياتها ورصها بجوار بعضها في سطور مفهومة أو غير ذلك، أو كلمات تحتاج تفسيرا، ويبقي حل لغز الكلمات في داخل كل منا يفسره علي هواه بما يجلب له السعادة أو التعاسة هل نحن سعداء ؟ مازال السؤال لا يحمل أي إجابة حقيقية.هكذا ألعب لعبة الكلمات حينما أشتاق إليك وتبعدني المسافات الجغرافية، أنا هنا وأنت هناك.