تعيش كل لحظة باقية لك في الحياة، وأنت تهفو إلي حضن »حمادة.. حمادة « تدفع الغطاء بيدك وقدمك.. تقف في منتصف حجرتك، تستوثق من النداء.. بالفعل هو صوت أمك، لكن كيف؟ تجري إلي حجرتها، تعالج مقبض الباب، تسمع صريرًا موحشًا، تمد يدك إلي مفتاح الإضاءة، ترنو إلي سريرها.. تجده مثلما تركته، كل شيء في مكانه بنفس الترتيب والنظام الذي ألفته؛ منذ وعيك إلي الدنيا.. إذن ما هذا الصوت؟ الذي تسمع صداه في أرجاء الشقة الباردة الحوائط رغم قيظ الصيف مع يقينك أنها أسبلت عينيها، وهي تضع رأسها علي ذراعك.. أهو حنينك إلي حضن أمك التي فقدتها.. لم تعد تطيق الحياة بدونها، تراها أمامك، تجلس معها، تحدثها عن مشاكلك الكثيرة، لا تستطعم أي أكل إلا معها، تحضر الطعام، تضع طبقها المفضل في مكانه، لا ترفع الطعام من المائدة إلا بعد أن تأكل ما في طبقها بيدك لقمة، لقمة... الخروج من شقتك، أمسي عسيرًا علي روحك... تعيش كل لحظة باقية لك في الحياة، وأنت تهفو إلي حضن أمك لتتدثر به من صقيع أيامك...