هي إحدي ثروات مصر الطبيعية..استغلالها يفتح الافاق امام الالاف من فرص العمل كما يتيح زيادة الإنتاجية من البروتين السمكي..إزالة التعديات عليها تتيح زيادة الخير الوفير المتدفق منها..حمايتها من التهريب وأعمال الصيد الجائر يجعلها مليئة بالفوائد ويعود بها إلي عصور الزمن الجميل..إنها بحيرات مصر التي تشغل مساحات شاسعة من الأراضي المصرية..وللأسف هذه البحيرات التي تمثل مصدرا غنيا للأسماك والملح أصبحت في طي النسيان لدرجة جعلتها فريسة للصرف الزراعي والصحي، »الأخبار» قررت فتح ملف البحيرات المصرية لمعرفة مشاكلها وأهم ما تعانيه واستمعت إلي صياديها للتعرف علي وجهات نظرهم في كيفية عودة المكانة مرة أخري إلي هذه البحيرات وواجهت المسئولين للتعرف علي خطط التطوير والتنمية.. تقع بحيرة البرلس ثانية كبري البحيرات المصرية بالكامل داخل محافظة كفر الشيخ وتشغل مساحة 108 آلاف فدان وتعد احدي المحميات الطبيعية..ويبلغ انتاجها السنوي 69 ألف طن من الأسماك..وتعاني البحيرة من عدة مشاكل اهمها انتشار مراكب الصيد المخالف التي تعمل بمحرك وتقوم بالصيد بطريقة »الجر» التي تقضي تماما علي الزريعة والمخزون السمكي للبحيرة، إلي جانب التعديات علي أطراف البحيرة وسيطرة كبار الصيادين علي المناطق الغنية بالأسماك، واستقبالها لكافة انواع الملوثات القادمة من الترع والمصارف التي تصب بها دون معالجة.. ويقول محمد عبد الحميد »صياد» بقرية »الشخلوبة التي تطل علي البحيرة مباشرة : أمتلك مركب صيد ورثته عن والدي وأعمل عليه انا ونجلي عبد الحميد واثنان آخران..ونبدأ في الإبحار داخل البحيرة قبل الشروق ونستمر في الصيد علي فترتين حتي اقتراب موعد غروب الشمس حيث نعود إلي الشاطئ ونبيع الأسماك التي بحوزتنا..وفي افضل الأحوال تتراوح حصيلة الصيد التي نبيعها بين 15 إلي 20 كيلو جراما..ويتراوح سعر الكيلو بين 5 إلي 15 جنيها حسب جودة ونوع وحجم الأسماك التي تكون في الغالب من نوعية اسماك البلطي بعد ان اختفت تقريبا جميع الأنواع الأخري من البحيرة وعلي رأسها البوري والبياض والثعابين وأسماك المياه المالحة وذلك بسبب الصيد الجائر للزريعة وبيعها لأصحاب المزارع السمكية..الي جانب تلوث مياه البحيرة بسبب صرف المخلفات بها دون معالجة. خط الفقر ويضيف علي جلو رئيس الجمعية التعاونية لصيد الأسماك بقرية الشخلوبة : غالبية ابناء القرية يعملون بمهنة الصيد وأكثر من 90% منهم يعيشون تحت خط الفقر بسبب تدهور المخزون السمكي لبحيرة البرلس التي تعاني من العديد من المشاكل التي تنعكس علي الصيادين، وأهمها مشكلة تلوث مياه البحيرة بسبب إلقاء مخلفات الصرف الصناعي والزراعي والصحي بالبحيرة دون اي معالجة مما يقضي علي الأسماك ويقلل جودتها، والمشكلة الثانية تتمثل في »مافيا الزريعة» الذين يصطادون الأسماك الصغيرة ويبيعونها إلي اصحاب المزارع لتربيتها في مزارعهم او تجفيفها وطحنها لاستخدامها كعلف لأسماك تلك المزارع. وطالب »جلو» بوضع محطات معالجة لتنقية المياه قبل صرفها في البحيرة وتطهير الفتحات المغذية للبحيرة خاصة بوغاز البرلس الذي يمد البحيرة بالمياه المالحة والأسماك البحرية التي كادت ان تختفي تماما من البحيرة، بالإضافة إلي امداد شرطة المسطحات المائية بالزوارق والمعدات الحديثة ليتمكنوا من القضاء علي مافيا الزريعة والصيد المخالف وأيضا قيام الدولة بضخ كميات كبيرة ومتنوعة من الزريعة في البحيرة لتنمية المخزون السمكي بها..مؤكدا ان بحيرة البرلس تعني الحياة لأهالي القري التي تطل عليها وإذا استمر الوضع الحالي فستختفي مهنة الصيد.. بينما يؤكد احمد ابو طالب صياد بقرية برج البرلس ان البحيرة انتهي خيرها بالنسبة للصيادين البسطاء الذين يبلغ عددهم 30 ألف صياد تقريبا يعملون علي حوالي 10 آلاف مركب صيد، فكبار الصيادين يسيطرون علي المناطق الغنية بالأسماك بوسط البحيرة..ويعتدون علي من يقترب من مناطق نفوذهم..ويقومون باستخدام طرق الصيد المخالف حيث يصطادون بمراكب مخالفة تعمل بمحركات كبيرة ويستخدمون الشباك الضيقة التي تصطاد جميع احجام الأسماك الصغيرة والكبيرة مما يقضي علي الزريعة تماما بالبحيرة..وتصطاد المركب الواحدة حوالي نصف طن اسماك يوميا في حين يعاني الصياد البسيط لكسب لقمة عيشة ويصطاد 20 كيلو جراما علي الأكثر يوميا...مما دفع الكثير من الصيادين إلي هجر بحيرة البرلس والعمل علي مراكب الصيد بالدول المجاورة.. ويوضح عبد السلام عبد النبي صياد بقرية برج البرلس ان عصابات صيد الزريعة يقومون بنصب الشباك بمدخل بوغاز البرلس وصيد الزريعة قبل وصولها للبحيرة وبيعها بعد تجفيفها كعلف لمزارع الأسماك او بيع انواع معينة كالبوري والطوبار لتربيتها بالمزارع.. ويتم تحديد قيمة الزريعة من خلال وضعها »بمصفاة شاي» وجري العرف علي ان المصفاة تقدر بألف وحدة زريعة ويبلغ سعر المصفاة الواحدة حوالي 400 جنيه. المخزون السمكي من جانبه يقول المهندس عماد وصفي »رئيس الإدارة المركزية للثروة السمكية بوسط الدلتا» : يمكن مضاعفة انتاج بحيرة البرلس من 69 ألف طن سنويا إلي حوالي 100 ألف طن من خلال توفير البيئة المناسبة للصيد داخل البحيرة والقضاء علي المخالفات الموجودة بها..مشيرا إلي ان هيئة الثروة السمكية تغذي البحيرة سنويا بحوالي 30 مليون وحدة زريعة يتم اطلاقها بالبحيرة لزيادة مخزونها السمكي وتنميته، موضحا انه يتم التواصل مع الصيادين وتوعيتهم بضرورة الحفاظ علي البحيرة لأنها تمثل مصدر الرزق الوحيد لهم إلي جانب شن حملات امنية للقضاء علي التعديات، وقد تمت ازالة التعديات علي مساحة 36 ألفا و500 فدان في الفترة من عام 2014 وحتي الآن وتم ضم هذه المساحة للصيد الحر في البحيرة بعد ان كان يسيطر عليها بعض الأشخاص، كما تم تطهير 16 ألف فدان من الحشائش والبوص بمنطقة الشخلوبة والبركة الغربيةبالبحيرة، ويوجد دوريات مكثفة بمدخل بوغاز البرلس لمنع صيد الزريعة. وأضاف وصفي أنه تمت إقامة جسر فاصل لحماية حدود البحيرة والحفاظ علي مساحتها بطول 70 كيلو مترا، وتعمل شركة المقاولون العرب علي تعميق وتطهير بوغاز البرلس إلي جانب حفر 3 قنوات شعاعية امام البوغاز بطول 1500 متر وعرض 100 متر لكل قناة لضخ كميات اكبر من مياه البحر المتوسط المحملة بالزريعة والأسماك البحرية إلي داخل البحيرة مما ينعكس ايجابا علي المخزون والتنوع السمكي بها. حملات أمنية ويوضح د. إسماعيل طه محافظ كفر الشيخ ان المحافظة تنتج حوالي 70% من اجمالي إنتاج الأسماك علي مستوي الجمهورية من خلال المزارع السمكية التي تشتهر بها وبحيرة البرلس بالإضافة إلي المشروع العملاق لاستزراع وصناعة الأسماك ببركة غليون..مشيرا إلي انه يجري العمل علي تنمية بحيرة البرلس تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتنمية البحيرات المصرية والقضاء علي المشاكل الموجودة بها باعتبارها مصدرا طبيعيا للأسماك ومصدر دخل لآلاف الصيادين.. ويؤكد المحافظ أن الحملات الأمنية مستمرة لإزالة التعديات بالبحيرة والتصدي لكافة اشكال الصيد الجائر وتم مؤخرا تزويد قسم شرطة المسطحات المائية ببرج البرلس بزورقين حديثين بتكلفة 4 ملايين جنيه مما يساهم في بسط سيطرة رجال المسطحات علي البحيرة لمنع المخالفات بها..ويتم حاليا استهداف حوالي 100 مركب صيد مخالف يعمل معظمها بمحركات كبيرة بالمخالفة للقانون.. ويضيف أنه يتم تطهير وتعميق بحيرة البرلس إلي جانب اقامة ثلاث قنوات شعاعية لتحسين حركة المياه داخلها..مشيرا إلي انه سيتم اقامة مشروعات صرف صحي في 79 قرية مطلة علي البحيرة بالتعاون مع البنك الدولي بالإضافة إلي العمل علي اقامة محطات معالجة بالمصارف التي تصب في بحيرة البرلس لتحسين جودة المياه والقضاء علي الملوثات التي تصل إليها عبر هذه المصارف التي تعد المصدر الرئيسي للمياه العذبة بالبحيرة.
