■ مضيق كيرتش الذي شهد الأحداث الساخنة بين روسياوأوكرانيا بوادر أزمة جديدة تفجرت بين روسياوأوكرانيا بعد احتجاز البحرية الروسية ثلاث سفن عسكرية أوكرانية بحجة دخولها المياه الإقليمية الروسية بشكل غير مشروع، فيما تتصاعد المخاوف من احتمالات نشوب حرب في المنطقة، التي توجد علي صفيح ساخن منذ أن قامت روسيا بضم شبه جزيرة القرم، خاصة بعد إعلان أوكرانيا الأحكام العرفية في بعض أجزاء البلاد خوفا من غزو روسي محتمل، بعد أن زادت روسيا عدد دباباتها وقواتها ثلاثة أضعاف علي الحدود مع أوكرانيا. أحداث ساخنة شهدها مضيق كيرتش قبالة شبه جزيرة القرم، وتوتر جديد شهدته الساحة الأوروبية خلال الأيام الماضية بين روسياوأوكرانيا، بعد إطلاق البحرية الروسية النار علي ثلاثة زوارق تابعة للبحرية الأوكرانية مما أدي لإصابة عدد من الجنود الأوكرانيين، فيما احتجزت القوات الروسية الزوارق الأوكرانية الثلاثة بمن عليها. روسيا تقول إن الزوارق الأوكرانية دخلت مياها إقليمية روسية بصورة غير مشروعة قاصدة مضيق كيرتش، ونفذت مناورات خطرة واستفزازية قرب جسر القرم، ما دفع البحرية الروسية لإطلاق النار واحتجاز السفن الأوكرانية، متهمة أوكرانيا بالسعي »لخلق حالة صراع». أما أوكرانيا فتقول: إن روسيا تنتهك اتفاقية الأممالمتحدة لقانون البحار واتفاقاً كان قد تم بين كييف وموسكو حول استخدام بحر آزوف ومضيق كيرتش، وأكدت أنها أعطت إخطاراً مسبقا للروس. يري بعض الخبراء ان روسيا لا تنوي غزو أوكرانيا، لانها لو أرادت ذلك لفعلته في عام 2014 عندما كان الجيش الأوكراني غير موجود. واعتبروا أن الهدف من تصريحات الرئيس الأوكراني بالأساس هو حشد الناخبين الوطنيين أو القوميين قبيل الانتخابات الرئاسية، خاصة مع تراجع شعبيته في البلاد. أما الهدف الثاني، بحسب الخبراء، فهو إعاقة روسيا من خلال »وضع أكبر قدر ممكن من المشاكل في طريقها واستفزازها»، وإعطاء فرصة للغرب للضغط عليها من خلال فرض العقوبات. حيث تري الدبلوماسية الأوكرانية أن العقوبات الغربية ستساهم في إضعاف الاقتصاد الروسي وستخلق مشاكل قومية واجتماعية في روسيا وبالتالي ستشهد البلاد انتفاضة ضد بوتين. وعلي خلفية هذه الأحداث ستستطيع أوكرانيا استرجاع القرم ودونباس. علي الجانب الآخر يري الخبراء المؤيدون لأوكرانيا، إن تصريحات بوروشينكو، بخصوص الغزو الروسي، ليست بالجديدة، بل تكررت خلال الأعوام القليلة الماضية، خاصة أن »الغزو قد بدأ بالفعل». كانت أوكرانيا تقول إنها تحارب الانفصاليين في شرق البلاد، أما الآن فإنها »تحارب روسيا بشكل مباشر». وذلك لأن المعدات والأسلحة تصل للانفصاليين من روسيا. ويؤكدون أن تصريحات الرئيس الأوكراني تعبر عن مخاوف حقيقية، خاصة أن روسيا تستهدف لأول مرة سفنا عسكرية بالقرب من ميناء مدينة ماريوبول الأوكراني. ويعتبر هذا الميناء استراتيجيا بالنسبة لروسيا. ويري الجانب الأوكراني ان استهداف روسيا السفن الأوكرانية في بحر آزوف وفرضها قيودا علي دخول السفن، يعني سيطرة روسيا عمليا علي كامل منطقة بحر آزوف، وان ما يحدث الآن هي محاولة روسية »للاستحواذ» علي مناطق جديدة في شرق أوكرانيا». وفي مسعي لاحتواء الأزمة، دعا الاتحاد الأوروبي كلا من روسياوأوكرانيا إلي ممارسة أقصي درجات ضبط النفس، ونزع فتيل التوتر، وطالب موسكو بأن تضمن مجددا حرية العبور في مضيق كيرتش. ويبدو ان الاتحاد الأوروبي غير قادرعلي اتخاذ موقف موحد حيال ما يجري. بولندا أيدت فرض عقوبات إضافية علي روسيا، إلا أن نائب رئيس وزراء إيطاليا ماتيو سالفيني يعارض فرض عقوبات اقتصادية علي روسيا، داعياً الأطراف إلي الحوار. الجانب الأوروبي يجد نفسه في مأزق، فإذا لم يرد علي التهديدات الروسية الحالية فإنه بشكل أو بآخر يقبل بأن يصبح بحر آزوف بحيرة روسية ما يشكل تهديداً اقتصادياً وسياسيا لأوكرانيا. لكن هذا التريث في إصدار الأحكام لا يعني بالضرورة استعداد الناتو والاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف غير متحيز من نزاع موسكو وكييف، فموسكو لا يراودها أدني شك في أن الغرب يشجع كييف في نشاطها الاستفزازي في منطقة آزوف بهدف تصعيد الحملة المعادية لروسيا تمهيدا لتشديد العقوبات ضد موسكو. لكن يبدو أن كثيرين في الغرب لا يستعجلون تصعيد المواجهة مع روسيا علي الجبهة الأوكرانية، ويدركون أنه قد لا تحمد عقبي التصعيد، فالحرب ستأتي بالسلب علي أوكرانيا أولا وعلي كامل القارة الأوروبية ثانيا. وهناك مخاوف لدي الاتحاد الأوروبي من توسع نفوذ روسيا، وخاصة أن روسيا قد أجرت خلال الأعوام القليلة الماضية الكثير من المناورات الضخمة في منطقة بحر البلطيق. وأثارت مخاوف دول البلطيق إضافة إلي أوكرانيا. وأوضحت »ناشيونال انترست» أنه علي الرغم من الإدانة الدولية،فإنه يبدو أن الحكومة الروسية تتوقع أنه مع مرور الوقت سيتلاشي الغضب، مشيرةً إلي أنه بمرور الوقت ستصبح شبه جزير القرم مثل قبرص الشمالية، وهي أرض محتلة ما زالت تعتبر جزءًا من جمهورية قبرص لكن تسيطر عليها تركيا. وأكدت المجلة الأمريكية أن روسيا لديها استراتيجية لخلق نمط طبيعي جديد في البحر الأسود. ويتعين علي الولاياتالمتحدة أن تقرر مدي التهديد الذي تشكله موسكو علي المصالح الأمريكية، ويجب عليها أيضًا أن تفكر جيدا في الوسائل والطرق التي ترغب في استخدامها لردع الكرملين، أو تعزيز العقوبات علي روسيا. • مروي حسن حسين