ياعمر العمر... ها هي البطاقات التي كنت تكتبها لي... مفكرة تحمل كل حنان الدنيا. ما أجمل أن يكون هناك إنسان نحمله معنا في حقيبة يدنا حيث ذهبنا.. ونتبلل معه بالمطر.. وتطمر أنفسنا معه تحت الثلج.. ونسهر معه علي التلفزيون.. ونري وجهه في كوب الشاي الصباحي.. ونجلس معه علي شاطء الخليج ونصعد معه برج ايفل... ونتمشي معه في غابة بولونيا.. أو في متحف اللوفر أو في شارع السانت نوريه.. أو نلبسه تحت كنزة الصوف ومعطف المطر في شتاء أوروبا.. لم أعرفك ياخلاصة كل أزمنة.. جاءني صوتك ميللاً بالحنان، والتمرد، والثورة.. كيف تستطيع أن تجمع في صوتك رقة الماء ونار الثورة. كيف تستطيع ان تكون الزهرة والجمرة في آن واحد.. كل يوم بعد كل هذه السنين الطويلة أقول لنفسي إنني عرفتك.. وفي اليوم التالي تصحح معلوماتي.. واكتشف انني لم اعرفك.. وأنني مقصرة معك إلي درجة الغباء... كل يوم تأخذ في الحب 001 علي 001.. وآخذ أنا صفراً.. في الركض وراءك... انتظرني لحظة أرجوك.. فقد انقطعت أنفاسي.. اعطتني فرصة.. لاستحقك أيها العظيم. كل يوم أقول لنفسي برافوا عليك يا بنت.. لقد أبدعت.. ونجحت في حبك.. لم أعرفك عبدالله ياحبيب العمر أكتب إليك... لأن الكتابة تحررني من الخوف.. وألجأ إليك كي تحميني وتقويني في هذه المنطقة العربية المشتعلة بمشاكلها.. والمطحونة تحت عجلات المادة والاحتكار والأنانية.. وأنا الأنثي التي لاصديق لها إلا أنت. فرغم مرور هذه السنوات علي غيابك إلا أنك لاتزال الزوج الرائع الذي استطيع أن ابوح له بكل شيء.. فالكتابة إليك حاجة نفسية كحاجة النهر لكي يفيض.. وحاجة الدمعة لكي تسيل. وحاجة الطفل لكي يصرخ. وحاجة العصفور لكي يطير. اليوم ياحبيبي كان يوم عيدك.. وانت لست هنا.. ولكنك دائما بين أجفاني.. كما أنت بين أجفان اولادك وأحبائك كلهم. عام آخر يمر، وأنت كحقول العنب تزداد في ذاكرتي حلاوة.. عام آخر، وأنت كماء الورد المحفوظ في سراديب الذاكرة يزداد مع الأيام نكهة ومذاقاً. عام آخر.. وأنت كشجرة السنديان تمتد ظل ذكراك علينا كباراً وصغاراً.. وتغمرنا بالدفء والعافية. عام آخر.. وانت في حياتنا الملك.. والسلطان.. والرجل الذي لايعاد مرتين. عام آخر يمر.. وانت الغائب الحاضر في ذاكرتنا. ثق أنك دائماً تنام بين أجفاننا.