»في تقديري أنه من المهم الإشارة بوضوح، إلي المسئولية الاجتماعية والانسانية للفئات القادرة ماديا، تجاه الدولة والشعب، في ظل الظروف الحالية التي تمر بها البلاد». يسعدني كثيرا ذلك التعاطف الوجداني الطبيعي والتلقائي، الذي يتدفق بعفوية بالغة من عموم المصريين في جميع المناسبات والوقائع الانسانية، وخاصة مشاركتهم الوجدانية في الملمات والوقائع التي تهبط علي البعض منا، ممن يتعرضون علي غير توقع لصروف الدهر المتقلبة وأحواله المتغيرة وعثراته المفاجئة. ويغمرني دائما وأبدا فيض من الامتنان والرضا الممتزج بالفخر بانتمائي الانساني لتلك الجموع المكونة لهذاالشعب الطيب والمتسامح في عمومه،رغم كل ما تعرض له وما مر به من أحداث ووقائع علي مر السنوات وتعاقب الأزمنة والقرون، منذ نشأة الحياة علي الأرض وتكوين المجتمعات والشعوب والدول، وخطوها علي طريق البناء والتقدم والتحضر الإنساني. ولكن رغم هذه السعادة وبالرغم من ذلك الامتنان إلا أن هناك سحابة من الحزن الموجع، الذي لايفارقني في غالب الاحيان إلا وعاد ليهاجمني من جديد بضراوة أشد عنفا وأكثر إيلاما مما كان عليه، كلما رأيت تلك المساحة المتسعة لمظاهر الفقر والعوز، الممسكة برقاب وتلابيب الكثيرين من أهلنا وذوينا في عموم نجوع وقري ومدن مصر المحروسة، والمتناثرة بطول وعرض البلاد من اقصي الجنوب إلي اقصي الشمال، والطافحة علي وجوه الناس بكل المرارة والألم بامتداد واتساع الدلتا وحتي عمق الصعيد الجواني. التكافل الانساني ومبعث الألم الموجع في اساسه ليس في وجود الفقر أو العوز في حد ذاته،..، فتلك مشيئة الله وحكمته التي قضت بمداولة الأيام بين الناس وفي المجتمعات والشعوب، ولكن السبب والدافع يكمن في اقتناعي الكامل بأننا نستطيع التخفيف عن أهلنا وذوينا الفقراء، ورفع كثير من المعاناة عنهم، إذا ما أخذنا بالتكافل الانساني والاجتماعي منهجا وأسلوبا وساعدناهم قدر ما نستطيع علي تحمل تبعات الحياة ومصاعبها،..، ولكننا للأسف مازلنا غافلين عن القيام بهذا الواجب وتلك الضرورة. رغم أننا بالفعل نملك من الطيبة وحب الخير الكثيرالذي يمكن ان نساهم به في تخفيف حدة ووطأة معاناتهم، وهو ما يمكن أن يعود بالخير والمنفعة علينا وعليهم وعلي عموم المجتمع بكل فئاته وتكويناته،..، ليس هذا فقط بل انه سيعود علي الدولة جميعها بالمنفعة وينشر بها حالة فريدة من الوئام والرضا المجتمعي وحالة مثالية من السلام الاجتماعي،..، ولكننا للأسف لانقوم بذلك علي القدر الواجب واللازم والواعي بأهمية وضرورة القيام به، في ظل الظروف بالغة الدقة والحساسية والخطر ايضا، التي تمر بها الدولة بل ويمر بها الوطن كله جراء الازمة الاقتصادية الحادة والخانقة، التي أمسكت بخناقه وأحاطت به في الآونة الأخيرة، كنتيجة طبيعية للسلبيات المتراكمة والمعالجات الخاطئة في السنوات الماضية، والظروف المرتبكة والمعقدة التي اصابته خلال الأعاصيروالعواصف التي هبت عليه في يناير 2011 أثناء زوبعة ماسمي بالربيع العربي. المسئولية الاجتماعية وإذا ما أردنا المزيد من الايضاح فدعونا نقول بكل الصراحة والشفافية،..، انه بات من الضروري والمهم واللازم وجود توافق عام بيننا جميعا، علي أن هناك قدرا كبيرا من المسئولية الاجتماعية العاجلة، تقع علي عاتق رجال المال والاعمال الموسرين والشرفاء من ابناء الشعب، الذين أفاء الله عليهم من خيره ونعمته وأصبحوا من أصحاب الثروات المليونية والمليارية بجهدهم وتميزهم، وجهد وعرق المواطنين من ابناء الشعب الذين عملوا معهم في الصناعة أو التجارة بكل أمانة وإخلاص، حتي راجت تجارتهم وازدهرت صناعتهم، وأصبحوا علي ما هم عليه الآن اسماء لامعة في السوق المحلي أو الإقليمي أو العالمي. وأحسب أن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي فرضت وجودها الثقيل علي مصر، تتطلب ان نشير بوضوح إلي الدور المهم الذي يجب ان تقوم به الشخصيات والفئات والطبقات القادرة ماديا، في دولة مثل مصر، وفي مثل الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها الآن وتعيشها حاليا ومنذ فترة نتيجة موجة الغلاء وارتفاع الأسعار. واعتقد أنه لامبالغة في القول، بأن الظروف الحالية في بلدنا، تفتح المجال بحرية كاملة، أمام دور فاعل وايجابي لرجال المال والاعمال وأصحاب المشروعات والتجارة والصناعة الأثرياء، لضرب المثل الحي علي ايمانهم الكامل بدورهم في خدمة المواطنين من ابناء وطنهم، وحرصهم علي الوفاء بواجباتهم ومسئولياتهم الاجتماعية تجاه الناس البسطاء ومحدودي الدخل، واعطاء المثل والقدوة علي التكافل الاجتماعي والحرص علي تنمية روح الانتماء والتماسك لدي كل طبقات المجتمع الفقيرة والغنية والموسرة علي حد سواء. الواجب الوطني وللحقيقة أقول لكم، لقد كنت ومازلت أتمني ألا يقتصر دور رجال الأعمال والمال الموسرين عندنا، علي التبرع والمساهمة في احد المشروعات الخيرية، مهما كبر أو صغر هذا التبرع معتبرين أن هذا هو غاية المراد من رب العباد، وانه ليس في الامكان ابدع مما كان،..، ثم يذهبون إلي بيوتهم وينامون مرتاحي البال والخاطر وكأنهم أدوا رسالتهم وقاموا بواجبهم. ولكني أقول أن هذا التبرع وتلك المساهمة ليست كافية رغم أهميتها، ولكنها لابد أن ترتقي إلي ما هو أكبر من ذلك وأعم فائدة وخيرا،..،حيث لابد ان يرتقي وعي وادراك هؤلاء الموسرين من أهلنا، الذين نفخر بهم ونساندهم ونقف بجانبهم ونتمني ان يزدادوا ثراء علي ثرائهم، طالما كانت الزيادة بالعمل والجهد والشرف،..، يجب أن يرتقي إلي ما هو اكبر من ذلك واعظم. ويجب عليهم ان يدركوا ان ذلك واجب وطني واجتماعي عليهم، وهذا الواجب يتطلب ان يعملوا علي تخفيف معاناة الناس البسطاء من أهلنا وذوينا الفقراء ومحدودي الدخل، وإعانتهم في مواجهة الازمة الحالية لارتفاع الاسعار، ليس بالعطايا أو الهبات أو الصدقات، التي ينتهي اثرها فور استهلاكها،..، ولكن بالعمل في اطار مؤسسي شامل لإقامة كيانات لها صفة الاستمرارية والبقاء علي المستوي الاجتماعي والاقتصادي، بصورة المتعددية الخدمية أو الانتاجية سواء كان ذلك بإقامة مشروعات اسكان لغير القادرين أو انشاء المدارس والوحدات الصحية والمستشفيات أو إقامة المخابز ومجمات السلع الغذائية أو غيرها من المشروعات التي يحتاجها الناس، ويمكن أن تخفف من اعباء ومسئوليات الدولة في ظل الظروف التي تواجهها الآن والتي تسعي بكل الجدية لمواجهتها رغم قلة الموارد وازدياد الأعباء. مشروعات قومية واصارحكم القول، لقد كنت أتمني أن أري أو أسمع عن مجموعات من رجال الاعمال تتبني مشروعا قوميا لبناء عدة آلاف مدرسة نموذجية في مدن ومحافظات مصرخلال خمسة أو عشرة أعوام بواقع ألف مدرسة كل عام، أو تتكاتف معا لإقامة هيئة أو كيان مؤسسي تعليمي مدني علي أحدث النظم العالمية المتطورة، يتولي إقامة عدد من الجامعات الأهلية في القاهرة والاسكندرية والمحافظات، علي غرار الجامعات المتقدمة والحديثة في العالم. وكان يحدوني الأمل ومايزال أن تقوم مجموعة من رجال المال والاعمال والتجارة والصناعة الموسرين، بإنشاء هيئة مصرية غير حكومية لشراء السلع بسعر الجملة، وطرحها في الأسواق في منافذ تقام في الأحياء الشعبية ذات الكثافة السكانية، بهامش بسيط من الربح أو بسعر التكلفة، وذلك تخفيفا عن المواطنين محدودي الدخل،..، ولنا أن نتصور رد فعل الناس من أهلنا البسطاء تجاه ذلك اذا ما قام اخوانهم الاغنياء بالقيام بذلك في كل مدينة أو قرية أو محافظة. وكان يراودني الأمل ومايزال ان أري مجموعة من رجال المال والاعمال بتبنون مشروعاً قومياً، لإعادة تأهيل الشباب المصري وفقا لاحتياجات سوق العمل، بإقامة خمسين أو مائة مركز متقدم للتدريب والتأهيل تنتشر في محافظات مصر كلها، حتي تعود للعامل والصانع والمهندس المصري سمعته التي كانت وكفاءته التي غابت. كنت ومازلت أحلم واتمني وآمل بالكثير من جانب رجال المال والاعمال الموسرين.. ولعلي أري ذلك يتحقق في يوم قريب بإذن الله. ياسر.. الصديق والصحفي لعلي لا اتجاوز الواقع في شيء علي الاطلاق اذا ما قلت،..، انه علي قدر جسامة الصدمة التي أصابتني والألم الذي انتابني، لحظة علمي المفاجيء بالابتلاء العظيم الذي قضت مشيئة الرحمن جلت حكمته، ان يمتحن به أخي الأصغر وزميلي وصديقي العزيز ياسر رزق،..، كانت ايضا قوة ورسوخ الثقة المطلقة في رحمة الرحمن الرحيم به، والأمل والرجاء في ان يزيل عنه الغمة، وان يمن الله عليه بالشفاء الذي لايغادر سقما بإذنه وقدرته سبحانه وتعالي. ورغم علمي بثقل ووطأة الابتلاء بحسابنا نحن البشر الضعفاء لله،..، إلا ان ثقتي بالله وأملي المتعلق بأهداب رحمته وفيض كرمه وواسع مغفرته كانت بلاحدود،..، وكانت تؤكد لي جميعها انه عائد بإذن الله صحيحا معافي إلي داره وزملائه واصدقائه وقرائه، الذين أحبوا فيه الانسان والصديق واحترموا وقدروا فيه موهبته العالية وكفاءته الصحفية الفذة والادارية الكبيرة،..، فحمدا لله علي سلامته.