الأزمة الاقتصادية الخانقة التي نمر بها تطرح تساؤلا هاما حول المسئولية والدور الوطني والاجتماعي للقادرين والأغنياء
رغم الشواغل والهموم الكثيرة والمتعددة التي تشغل البال وتحتل الفكر وتثقل القلب والوجدان هذه الأيام وطوال الاسابيع والشهور الماضية، لكثرة المآسي والآلام والنزائل التي حطت علي عالمنا العربي ونزلت بأرضه وناسه، وأحاطت بكل ما فيه ومن فيه بظلالها الكثيفة وعتاماتها الكئيبة رغم الصيف القائظ والحر اللافح،..، إلا أن هناك خاطرا دائم الالحاح علي، وسط هذه الشواغل بكل ما فيها من عارض أو مقيم، وما تحمله في طياتها من ثبات دائم أو متغير متنقل،..، وهذا الخاطر في إلحاحه يحتاج إلي مساحة من الوقت للنظر والتأمل، ويطلب فسحة في التفكير والتدبر، بحثا عن محاولة للإلمام بحقيقة الأمر ومعرفة كنه الواقع، وإدراك مدي حسنه أو سوئه، وحجم هذا السوء وقدر هذا الحسن، وما إذا كانت هناك فرجة أمل أو كوة رجاء تبعث بشعاع ضوء ولو علي مبعدة تنير لنا الطريق وتكون لنا هاديا ومرشدا للخروج من الضائقة التي نحن فيها الآن،...، أم ان هناك علي البعد نفس ما نحن فيه من كثافة ظلال وكآبة غيم. أسئلة هذا الخاطر الملحاح الذي يطرق الأذن ويدق علي باب العقل في كل حين رغم الشواغل والهموم، أصبح في حد ذاته شاغلا كبيرا وهما عظيما،...، وهو يطرح نفسه دائماً علي هيئة مجموعة من الاسئلة تبحث عن إجابة شافية أو مقنعة، وتدور كلها حول نفس الموضوع، وتلف في ذات الدائرة، وتسير في سياق يكاد يكون واحداً ومتكرراً وان تعددت صوره واشكاله،..، وتبدأ عادة بالاستفسار عن الاسباب لما نحن فيه من واقع مؤلم وسيئ ولماذا نتجاهل هذا الواقع وننكره ونتصرف دائما وكأننا لا نشعر بما نحن فيه من سوء؟!،...، ولماذا لا نتحرك بعزم وجدية لتغيير هذا الواقع، وكأننا نرضي بما نحن فيه من تخلف وتراجع؟!،...، ثم يصل الخاطر الي منتهاه بالتساؤل حول الدور المفقود أوالغائب للنخبة من رجال المال والأعمال المصريين علي الساحة الاقتصادية والاجتماعية، في ظل الظروف القاسية والعسيرة التي تمر بها البلاد، ويعاني منها العباد هذه الأيام؟! تفاؤل وأصارحكم القول، لقد بذلت الكثير من الجهد لتنحية هذا الخاطر جانبا، ولو بصفة مؤقتة، رغم إدراكي لأهميته الكبيرة، وكان الامل يراودني بأن يحدث متغير علي ارض الواقع، وان يكون هذا المتغير مبرراً للرد بإيجابية علي هذه التساؤلات الملحة والمطروحة، بحيث يعطينا القدرة علي الإجابة بثقة، بأن هذه الصورة وهذا الواقع كان قائماً وموجودا بالفعل ، نتيجة ظروف كثيرة متراكمة وسلبية من سنوات وسنوات، ولكن الامر بدأً في التغيير الآن،..، وها هم القادرون والموسرون من أهلنا يأخذون زمام المبادأة الآن ويغيرون هذا الواقع،...، ولكن ذلك لم يحدث للأسف. وأزيد علي ذلك بالقول، بأنني تفاءلت خيراً عندما وضع الرئيس السيسي يده علي موضع الجرح، وخرج علي الناس شارحاً وموضحاً الحالة الاقتصادية السيئة التي نحن فيها، وحقيقة الأزمة التي نعاني منها، وطالب بالمشاركة في مواجهتها والمساعدة في حلها،...، وبدأ بنفسه وتبرع بما تبرع به وهو نصف ما يملك وما يدخل إليه من مال،..، وتصورت أن ذلك سيكون بداية الغيث، وأن المطر قادم بلا ريب،..، ومازلت عند تصوري ذلك رغم ما أراه من تباطؤ من البعض وتكاسل من البعض الآخر، وهذا غير مقبول وذلك غير مرحب به. المسئولية ولعلنا نتفق جميعا ان هناك مسئولية اجتماعية جسيمة وعاجلة، تقع علي عاتق رجال الأعمال الكبار واصحاب الشركات الضخمة، من المصريين الشرفاء الذين أفاء الله عليهم من خيره ونعمته، وأصبحوا من اصحاب الثروات المليونية أو المليارية، بجهدهم وتميزهم وجهد وعرق المواطنين من ابناء مصر، العاملين معهم في الصناعة أو التجارة بكل امانة وإخلاص، حتي راجت تجارتهم وازدهرت صناعتهم وأصبحوا علي ماهم عليه الآن من أسماء لامعة في السوق المحلية والاقليمية وأيضاً العالمية. وأحسب ان الازمة الاقتصادية الخانقة التي فرضت وجودها الثقيل علي مصر، تتطلب ان نشير بكل الجدية والصدق الي الدور المهم الذي يجب ان تقوم به الفئات والطبقات والشخصيات القادرة ماديا، في دولة مثل مصر، وفي مثل هذه الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها الآن، ونعيشها حالياً، مما ألقي بعبء ضخم علي البلاد ومعاناة شديدة علي كافة العباد. وأعتقد أنه لا مبالغة في القول، بأن الظروف الحالية في بلدنا، تفسح المجال بحرية كاملة امام دور فاعل وإيجابي لرجال الاعمال، واصحاب الشركات والمال والتجارة والصناعة الاثرياء والقادرين، لضرب المثل الحي علي إيمانهم الكامل بدورهم في خدمة المواطنين من ابناء وطنهم، وحرصهم علي الوفاء بواجبهم ومسئوليتهم الاجتماعية تجاه وطنهم والناس البسطاء ومحدودي الدخل، أخوتهم وجيرانهم وشركائهم في الوطن، وإعطاء المثل والقدوة علي التكافل الاجتماعي والحرص علي تنمية روح الحب والانتماء والتماسك لدي كل طبقات المجتمع الغنية والفقيرة علي حد سواء. دور مهم وأقول لكم الحق، لقد كنت ومازلت اتمني الا يقتصر دور رجال الاعمال والمال الموسورين في بلدنا، علي التبرع والمساهمة في أحد المشروعات الخيرية مهما كبر او صغر هذا التبرع، معتبرين ان ذلك هو غاية المراد من رب العباد، وإنه ليس في الإمكان ابدع مما كان،...، ثم يذهبون بعد ذلك الي بيوتهم وينامون مرتاحي البال والخاطر وكأنهم أدوا رسالتهم وقاموا بواجبهم. وأقول ان ذلك التبرع وتلك المساهمة رغم اهميتهما ليسا كافيين علي الإطلاق، بل لابد أن يرتقي وعي وإدراك هؤلاء الموسرين، الذين نفخر بهم ونساندهم ونقف بجانبهم ونتمني ان يزدادوا ثراء علي ثرائهم، طالما كان ذلك بالعمل والجهد والشرف،..، إلي أكثر واكبر من ذلك كثيراً. وأقول إنه من الواجب عليهم أن يدركوا ان عليهم واجبا لابد من ادائه، في الوقوف بجانب وطنهم ومواطنيهم، في ظل الأزمات الخانقة، والمشاكل الجسيمة، وألا ينتظروا أحداً لدعوتهم، بل كان يجب أن يكونوا سباقين هم أنفسهم الي ذلك دون دعوة من أحد،..، هذا واجب عليهم وليس تفضلا منهم،...، بل وأكثر من ذلك، أقول إن هذا لمصلحتهم الخاصة والذاتية ولمصلحة اسرهم واهلهم، في نفس الوقت الذي يصب فيه في مصلحة المجتمع والوطن كله. يجب عليهم ان يدركوا ان من واجبهم بل ومسئوليتهم العمل علي نجدة الوطن ومساعدته، وتخفيف معاناة الناس البسطاء ومعالجة هموم الفقراء ومحدودي الدخل، ليس بالعطايا أو الهبات أو الصدقات، التي تنتهي آثارها فور استهلاكها،...، ولكن بالعمل في اطار مؤسسي شامل لإقامة كيانات لها صفة الاستمرارية والبقاء علي المستوي الاقتصادي والاجتماعي. بصورة المتعددة الانتاجية او الخدمية، سواء كان ذلك بإقامة مشروعات اسكان لغير القادرين او إنشاء مدارس في القري والمدن، أو إقامة مستشفيات ووحدات صحية في المناطق الشعبية، أو مشروعات للمياه والصرف الصحي، او مجمعات للسلع الغذائية،..، او غيرها من المشروعات التي يحتاجها الناس ولا تستطيع الدولة القيام بها كلها في ظل الظروف والأعباء الحالية، وقلة الموارد، وزيادة عجز الموازنة وأعباء الدين. مشروعات ولقد كنت اتمني ومازلت ان أري بالفعل مجموعة من رجال المال والاعمال المصريين يبادرون بتبني مشروع لبناء ألف مدرسة نموذجية في مدن ومحافظات مصر خلال السنوات الخمس القادمة، بواقع مائتي مدرسة كل عام،...، ومجموعة اخري تعلن التكاتف معا لإقامة كيان تعليمي أهلي يتولي إقامة عشر جامعات اهلية في المحافظات علي غرار الجامعات المتقدمة والحديثة بالعالم،..، أو تجمع من القادرين يقوم بتمويل وإنشاء مراكز بحيثة وعلمية متقدمة في جامعة القاهرة وعين شمس والاسكندرية برأس مال قدره مليار جنيه في عشر سنوات. وكنت ومازلت اتمني ان أري أو أسمع عن مجموعة أخري من رجال المال والاعمال المصريين تتبني مشروعاً قومياً لعلاج العشوائيات، المنتشرة في القاهرةوالمحافظات، وتقوم بإزالتها وبناء أحياء ومناطق حضارية مكانها، بخطة متكاملة وبرنامج زمني معلن وواضح. وكان يحدوني الأمل ولا يزال ان تقوم مجموعة من رجال المال والأعمال والتجارة والصناعة في مصر، بإنشاء هيئة أو مؤسسة غير حكومية «أهلية» لشراء السلع بسعر الجملة وطرحها للبيع في المناطق الشعبية بأسعار التكلفة أو بهامش ربح بسيط تخفيفا عن المواطنين، والمساهمة في محاربة الارتفاع الجنوني في الاسعار. وكان يراودني الامل ولا يزال ان أري مجموعة أخري منهم، تنشيء مؤسسة متطورة لإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المدن والقري المختلفة، في إطار مؤسسي وعلمي منظم ومستمر يفتح مجالاً ضخماً وواسعاً امام الشباب للعمل والانتاج ويحل مشكلة البطالة. وكنت ومازلت اتصور انه سيأتي اليوم الذي يقوم فيه مجموعة من رجال المال والاعمال، بتبني مشروع قومي ضخم لإعادة تأهيل الشباب وتدريبهم، وفقا لاحتياجات سوق العمل، وذلك بإقامة خمسين أو مائة مركز متقدم للتدريب والتأهيل ينتشرون في محافظات مصر كلها، حتي تعود للعامل المصري والصانع والمهندس المصري سمعته وكفاءته التي كانت ومهارته التي غابت. كنت ومازلت احلم وآمل وأتمني الكثير والكثير من جانب رجال المال والأعمال، واصحاب المشروعات الموسرين في ظل ما تمر به مصرنا الحبيبة من ظروف صعبة ومعاناة حقيقية، خاصة أن مصر فتحت ذراعيها لهؤلاء الرجال وساعدتهم ويسرت لهم كل السبل للنمو وتحقيق الربح، وحان الوقت لرد بعض الجميل للوطن والمواطنين. واجب وطني وأنا هنا لا اتحدث عن نشاط مؤقت،..، أو هبة لحظية تشتعل فيها حماسة البعض لبعض الوقت، ثم تنطفيء الحماسة وتفترالهمم «وتعود الست ريمة إلي عادتها القديمة»،..، ولكني اتحدث عن دور دائم ومستمر ومؤسسي يقوم وينهض علي اسس واضحة ومعلنة وسليمة تؤدي غايتها في دعم الوحدة الاجتماعية الوطنية، وتؤدي الي تماسك وقوة المجتمع، وترسي قواعد راسخة للتكافل المجتمعي،...، بالإضافة لكونها واجبا وطنيا لدعم ومساندة الدولة والاقتصاد الوطني وإنقاذه من كبوته وخروجه من ازمته. ومن هنا، فإن علي الاخوة والاصدقاء من رجال المال والاعمال، الشرفاء انتهاز الفرص المتاحة امامهم حالياً، واستغلال الظروف الخاصة التي تتعرض لها مصر الآن والمتمثلة في الأزمة الاقتصادية والضائقة المالية، كي يثبتوا للجميع انهم واعون بكل الحكمة والفطنة دورهم الاجتماعي، ومدركين مسئوليتهم تجاه وطنهم، ومستعدين دائماً للوقوف بجانب شعبهم والقيام بما يجب عليهم القيام به للتخفيف عن أهلهم. تحميل الأعباء ودعونا نتحدث بصراحة، ونقول، ان الظروف الحالية وما تمر به البلد تتطلب منا ان نعي ما تلقيه من أعباء اضافية علي المجتمع والدولة بصفة عامة، حتي يمكن الحفاظ علي التماسك الاجتماعي، وضمان استمرار السلام والأمن الاجتماعي بين كافة الفئات والمستويات والطبقات،..، وذلك يلقي أعباء اضافية علي عاتق الشريحة العليا من المجتمع المدني ككل، والفئات والشخصيات القادرة بصفة خاصة، ورجال الاعمال والمال بالذات، في إطار ما ينتظره المواطنون منهم من الوفاء بمسئوليتهم تجاه المجتمع، وواجبهم تجاه الوطن،...، وتلك مسئولية وذلك واجب لا يجب ولا يصح التقاعس عن الوفاء بهما أو أدائهما. وفي إطار المصارحة الواجبة والشفافية الضرورية نقول ايضاً: ان هذه المسئولية وذلك الواجب يتطلب من رجال الاعمال وأصحاب المال المشاركة النشطة مع الدولة، ومع بعضهم البعض فيتحمل الأعباء في مواجهة الأزمة الحالية، من خلال مشروعات محددة واضحة ومعلنة، مؤكدة الجدوي ومستمرة الأثر. ومتصلة التأثير، حتي يمكن تجاوز الازمة وتغيير الواقع الحالي الي الافضل،..، هذا فضلا عن ترسيخ قيم التكافل الاجتماعي داخل المجتمع كله. وأحسب انه من المفيد ان ينتهز رجال المال والاعمال الفرصة المواتية الآن، كي يتدارسوا الوسائل الفعالة للقيام بواجبهم ومسئوليتهم تجاه المجتمع والناس، خاصة أن الناس تنتظر منهم تحركا منظماً وفاعلاً، لا يتوقف عند المساهمة في بعض المشروعات هنا أو هناك،...، بل يجب ان يتعدي ذلك الي تأسيس جمعيات ومؤسسات وكيانات اهلية غير حكومية في كل المحافظات والمدن تكون مهمتها في الاساس إقامة المشروعات الانتاجية والخدمية الضخمة التي تهدف أساسا لدعم الاقتصاد وفتح مجالات العمل للشباب وزيادة الانتاج والقضاء علي البطالة. حكمة الصوم نحن الان في شهر رمضان الكريم أعاده الله علينا وعليكم بالخير والبركة وعلي وطننا العزيز بالسلامة والأمن والامان،...، ودائماً كان لشهر الصوم قيمة روحية كبيرة في نفوس المصريين نظراً لما هو راسخ في وجدانهم من تقديس لحكمة الصوم وفلسفته والاسباب الروحانية العظيمة التي فرضه الله علينا من اجلها، وجعله ركنا من اركان الاسلام الخمسة. ونحن اليوم في المنتصف تماما من شهر الصوم فاليوم هو الخامس عشر منه وما بقي فيه علي نفس القدر ونفس العدد لما انقضي منه، وهو ما يعني أن الفرصة مازالت متاحة امام كل منا ان يصلح من أمره ويعوض ما فاته ويبتعد في سلوكه وتوجهه وفعله عما يتناقض مع ما ألفناه وعرفناه من احترام كامل لمبني ومعني شهر الصوم، الذي هو شهر للعمل والتأمل والعبادة وفرصة سانحة للاجتهاد في فعل الخير والتقرب الي الله والابحار في كنوز المعرفة والعلم والثقافة الدينية والروحانية والدنيوية ايضاً. وقد يكون من المهم لنا جميعاً الادراك الواعي بأن حكمة الصوم، هي الأكثر قرباً من الإخلاص الكامل في القصد والتوجه والسعي والعمل، والأكثر بعدا عن الاهمال والتسيب وعدم الالتزام،...، وأحسب ان أحدا لا يستطيع الادعاء بان شهر رمضان هو شهر للاهمال في العمل، او التكاسل والتراخي في اداء المسئولية والواجب،..، أو إنه شهر للاستهلاك الزائد عن الحد في الطعام أو غيره. ترشيد الاستهلاك ولكننا للاسف نقوم بغير ذلك، ونفعل عكس هذه المقاصد وإذا ما أردنا رصدا أميناً للواقع في مجريات حياتنا طوال شهر رمضان، فلابد ان نعترف اننا نري ونعايش استسلاما شبه كامل من غالبيتنا لتحويل مقاصد هذا الشهر الفضيل من إعلاء للقيم الروحانية السامية، الي الارتماء في احضان السفه والتخمة وسوء الاستهلاك، الي درجة تثير الرثاء والحنق في نفس الوقت.وللافت للنظر أن هذا السلوك اصبح من كثرة تكراره وتصاعده عاماً بعد عام، يكاد يكون عادة ثابتة من عادات الناس، واصبح وكأن شهر رمضان هو المرادف الموضوعي لهذا السلوك الغريب،...، واصبح كافياً ان يذكر شهر الصوم كي يقفز الي الذهن طوفان المسلسلات والبرامج وكميات الطعام التي يتسابق الناس علي تكديسها لحظة إفطارهم،...، وهذا شئ بالغ السوء للاسف الشديد. وأرجو ان أكون مخطئا إذا ما قلت، اننا قد خلطنا للاسف بين روحانيات الشهر الفضيل والاغراق في الاسراف السفهي في الطعام والشراب،..، كما خلطنا بين لياليه وسهراته المباركة التي يجب ان نضيئها بوهج المعرفة، ونحييها بنور التفكر والتعبد، وبين ما نغرق فيه من التسلية والاستسلام الطوعي لموجات المسلسلات الدرامية. وأعتقد ان الحالة العامة من الغلاء تحتم علينا ان نبدأ فوراً في الترشيد الجدي لموجة الاسراف السفهي والانفاق المنفلت، وان نسعي لأنماط مختلفة للسلوك الاستهلاكي المرشد في كل اسرة. وأحسب أنه من الضروري أن ندرك أن مصر دولة في ضائقة اقتصادية، واننا نستورد اغلب ما نستهلكه من الخارج، وأن ندرك ايضاً أن انتاجنا من المواد الغذائية مثل القمح واللحوم وغيرها لا يلبي احتياجاتنا، وأن السيطرة علي اسعار المواد الغذائية اصبح مسألة صعبة في ظل قلة الانتاج وهو ما يفرض علينا بالضرورة العمل علي زيادة الانتاج علي قدر ما نستطيع وترشيد الاستهلاك علي قدر ما نستطيع ايضاً. فهل يحدث ذلك؟!