من العتبة، يتحرك شبل إلي المولد سيرا علي الأقدام،لا يحمل في عقله حب" آل البيت"، ولا في قلبه أيضا، لكنه يشعر نحوهم بالعرفان نوعا. هو "جائع" تلك هي الحقيقة، التي لم ينكرها أبدا. وهنا تشبع البطون كما أرادت، من مولد إلي مولد يستطيع شبل أن يرقص ويبتهج، ويأكل "اللحم" أيضا،دون أن يعايره أحد بفقره،وبمشيته العرجاء نوعا،هنا..لن يضطر إلي مد اليد من أجل الحسنة، رغم كثرة الشحاذين في الموالد. يضمن شبل اللحم، منذ بدأت الليلة في 16 إبريل وحتي انتهت في 25ابريل،يحفظ مواعيد توزيع الطعام،يعرف اين اللحم الطيب،وأين لحم الموالد، يحتفظ باللحم الفائض عن الحاجة في رغيف للافطار.من حيث لا يحتسب، يأتي الرزق.لو كانت هناك حقيقة غير "الموت" لكانت تلك. عمره 45 عاما،يحمل في عقله جدول الموالد،التي يتبعها،جرب أن يعمل في كل شيء،لكن كل شيء "متاح " له،لا يغني ولا يسمن من جوع. يأتي عصرا، يعلم أن السيدة نفيسة،تحب أن يصلي فيها "العصر". الثورة"اطاحت برأس الغولة،لكنها لم تستعد اللحم المسروق، الغولة تركت الجوع في مكانه، الغولة إن احتفظت بجسدها، وباللحم المسروق، فما حاجتها إلي الرأس، ستنبت ألف رأس ". خطبة ما بعد العصر،تلوم "السنيين" لأنهم يحرمون الموالد،"يظنون أننا نتوسل للسيدة نفيسة"،بينما الله في كتابه الكريم"لا يسألنا عليه أجرا،الا المودة في القربي"،لا أحد يدعو السيدة نفيسة،الكل يدعو الله ويقرأ لها الفاتحة"،يتبركون بالمكان فقط. الخطيب،يلوم "السنيين" ويلوم معهم من جاءوا من أجل البهجة فقط،لا من أجل التأسي بمآثر السيدة نفيسة وآل البيت. يشعر "شبل" قليلا بوخز الضمير،لاوقت للجائعين للتأسي بشيء،هي حقا ستعرف،هي ستسامحه علي نواياه أكثر من الخطيب،من السنيين. "ارتاح في المسجد"،الكل يفعل.اجيء هنا من سنوات،واعرف أن المطرودين من رحمة الدنيا، يأتون هنا للراحة،للبكاء بقوة. قد تجد ضابطا كبيرا أقيل من منصبه،رجال اعمال خسروا اموالهم،ممثلات فاتتهن الشهرة،أعمار فاتها القطار،الكل يجيء ليبكي،وليداوي أثر الجرح،في مصحة السيدة نفيسة. هذا ليس مكان الخاسرين فقط،بل مشاهير كثر،واقوياء في عالمهم،يأتون هنا خاضعين،خدمتهم السيدة نفيسة من قبل عندما تعثر بهم الحال،يظلون خدامها في الخفاء،فقد أمدتهم بالقوة للمواصلة،بعضهم قد لا يكون نبيلا بما يكفي في الخارج، لكنه هنا يعود طفلا خانعا وبريئا، الكثير من التوبة، الغفران، البركة، في أرض درب السباع، فقط لمن يملك الثمن"المودة في القربي". عند المقام يحاول شبل البكاء، فلا يستطيع فيقرأ الفاتحة، لم يزدحم المقام بالمحبين بعد، لكن صندوق النذر، لم يكن بعيدا عن يدي اللص،الذي كشفه شبل، كان يصطاد النقود بسلك. السيدة نفيسة تمنحه الفرصة،ليرد قليلا من الدين،الصندوق انقذه شبل،من يد اللص. اشار إليه لأحد خدام الجامع، أخذه برفق،كان اللص يقسم ويده تمسك بالخمسة جنيهات، بالله العظيم أنه لم يسرق شيئا. في الأغلب لن يسلموه للشرطة" يقول شبل،رأيتهم يأخذونه برفق إلي الخارج، لولا الحاجة ما سرق، السيدة تعلم، لن تؤذيه". لم يتابع شبل ما حدث للص،لأنه "خرمان"، كنت في حاجة إلي الشاي، الدخان خرج شبل إلي مقهي، يحتل صاحبه الرصيف. صبي المقهي، محمد 21 عاما،جاء من اسيوط، منذ 6 سنوات بحثا عن العمل الذي لا يتوفر في المحافظة الكبيرة. محمد تكرار لآلاف القصص التي جاءت إلي القاهرة،بأحلام عرضها السماء والأرض، وتنتهي ب"لو فقط وجدت عملا أفضل من هذا،ربما يتعدل الوضع" لم يغادر محمد المقهي،منذ قرر المجيء إلي هنا وعمره 15 عاما فقط، كان يأمل أن تكون محطة مؤقتة قبل الانتقال إلي الثراء. "ماذا كنت ستفعل لو كنت ثريا؟. يقول محمد"ساشتري باركينج السيارات،خلف سور المقهي،قطعة الأرض ثمنها بالملايين عرضتها الحكومة للبيع، تلك الملايين لا يملك ثمنها سوي تجار الآثار". "هل شرط أن تصبح غنيا أن تسرق آثارا؟ هل تتمني ذلك؟". "لم تعد هناك آثار،لتجعلني غنيا،من نهب قد نهب قبل أن اري الدنيا،لم يعد هناك المزيد،لم يعد أحد يتحدث عن قصة الكنز سوي النصابين،ربما لو كنت قد جئت إلي القاهرة مبكرا لوجدت ما أريد،". شبل يجلس في سلام،يسبح،حتي يأتي أحد الزبائن،يتركه قليلا،يعرض أي مساعدة في أي وقت،يطلب"سيجارة" من الزبون،يقيس شبل مدي استجابته،هناك إشارات يحفظها شبل بعرف بها أن طلبه القادم لن يرفض"ممكن تحاسبلي ع الشاي".