لم »افترس» المشاهدين يوما وكنت أعطي كثيرا ظهري للمشاهدين لأن ضيفي أهم مني وزيرا أو خفيرا. في بيتي ضيف جديد دخل حياتي منذ سنوات وصار ملتصقا بي ربما أكثر من أفراد اسرتي. فإذا توعك ذهبت به إلي الدكتور آبل فيفحصه بدقة ويقرر علاجه ليعود إلي حالته العادية. هذا الضيف يسكن جيب بنطلوني حتي لايتوه مني في الزحام وهو يعرف عني اكثر ما أعرف عن نفسي! وقد نصحوني أن أنقل المعلومات التي يعرفها لآخر يحرص علي سريتها اكثر ولم أفعل! هذا الضيف هو موبايل آي فون رقم 6 وانا لا أعرف الفروق بين 5 و6، المهم أن يطيعني ولايرهقني. ولكنه -واقعيا- مرهق إذ له شروط لكي يكون معتدل المزاج ومطيعاً. زمان كان التليفون الارضي الاسود يرقد فوق الكومودينو في صمت كأنه قطة وديعة من سلالة محترمة عرفت وتربت بين احضان ربات البيوت ولم تعرف كلاب الشارع. وكان يرن حتي أرفع السماعة وأرد. ثم تطور واصبحت السماعة لاسلكية وأرد من أي مكان في البيت دون سلك ممدود. وبعض الاحيان كنت »أنزع» الفيشة فلا يدق في أنصاص الليالي من باب المشاكسات! لم يكن في حاجة لأي شيء ومطالبه قليلة. وبالمناسبة اعترف أني مازلت مخلصا للتليفون الارضي وبعض الاصدقاء المقربين يتصلون بي عبر التليفون الارضي الذي صارت له خاصية الحديث لأوربا والعالم وليس محافظات مصر فقط! وقد وجدت أن الموبايل »لايرسل» و»لايستقبل» لانه غير مربوط بالنت ولكن أثمن نصيحة من خبراء هذه الدنيا قالوا إن الموبايل يعمل بكفاءة في حالة »الواي فاي»؟!! ما هو الواي فاي؟ لا أعلم! كيف أعثر عليه؟ فكرت ودبرت كثيرا لكني لم أعثر علي واي فاي! اخذت أمارس بمنتهي الغشُمية اللعب في الأزرار لعلني أعثر علي الواي فاي وخشيت أن امسح بلا قصد معلومات مهمة مدونة علي التليفون فتوقفت عن السلوك الصبياني! اتصلت بأصدقاء لهم خبرة فقيل لي »شوف pass word» تحل المشكلة في ثوان. ولكني لا اعرف الباسورد والمشكلة قائمة: فكرت في الذهاب لأقرب »عيادة» للموبايل ولكنهم سألوني عن الباسورد فلم تكن عندي اجابة. فقررت بعد أيام كدت انفجر من بطء النت القاتل و»التحميل» الذي يجعلك تكره التكنولوجيا وسنينها ولكن الدنيا تتطور ولو تحمست للعودة للتليفون الارضي لأصبحت في نظر المجتمع متخلفا! حاولت أن أقلد هؤلاء الذين لم يمتلكوا موبايلات مثل د.بطرس بطرس غالي والمهندس حسين صبور ففشلت ارتبك الموبايل وصار »التحميل» يجلب الصداع. لقد كنت استخدم الفاكس ولم أعد. صرت أرسل أي أوراق مهمة بالواتس آب بعد عدة تجارب حتي أصبحت أبث أوراقي من خلاله واستريح عندما يرسل لي المتلقي كلمة Done أشعر أن العملية ناجحة! وعبر معايدة تليفونية مع صديق خدوم احترمه شرحت له أزمتي وهو لحسن حظي له دراية بهذا الشأن ويعرف أسرار النت وخباياه بحكم عمله في هذا العالم ولاحظ صديقي غيظي من التحميل البطيء. فقال لي أرسل لك غدا »فنيا» ضليعا في قواعد النت، وتحمست وانتظرت الفني الذي جاء ومعه كمبيوتر وتعامل مع جهاز اسمه »الراوتر» مثبت عندي ولا مشكلة غير الباسورد وجلس الفني يجري معادلاته علي الكمبيوتر وقال لي: علي فكرة الموبايل كان أعمي طوال الفترة السابقة ولم يقرأ الباسورد والآن عرفت السر فاكتبه في أجندتك وستتغير الحال خلال دقائق حتي التوصيلة الصغيرة لابد من برمجتها. وبالفعل تم ما فعله باقتدار وانهمرت الرسائل المحجوزة في حلق الموبايل وكأن عصي سحرية أمتدت اليه عاد الموبايل إلي كفاءته ولم يعد عليلاً بعد ان اصبح »مرتبطا» بالواي فاي وتبرمجت التوصيلة ايضا فأصبح الواي فاي يخدمني في المكتب او في أي غرفة في البيت. لقد كان »الباسورد» هو المفتاح ليعود الموبايل إلي طبيعته خدوما مطيعا سريعا واثبت لي ان الحياة هي واي فاي وليست كما يقول فريد الأطرش »الحياة حلوة للي يفهمها» ده كان زمان أيام اغنية »الطشت قالي..» اما الآن: هل عندك هاي فاي. آسف واي فاي؟ إذا كان كذلك فأنت مع النت في سلام ووئام! في حديث المدينة في »حديث المدينة» الذي كنت أقدمه علي مدي 21 عاما، كنت اكتفي بمقدمة صغيرة فيها تلخيص للقضية أو الحادث ثم اختم السطور القليلة بجملة »التفاصيل والابعاد والمغزي في حديث المدينة. لم »افترس» المشاهدين يوما وكنت أعطي كثيرا ظهري للمشاهدين لأن ضيفي أهم مني وزيرا أو خفيرا. وكنت اكتفي بتعليق ساخن نابع من أعماق اعماقي وكان التعليق مشحونا بإحساسي، فأنا أومن أن للمذيع رأيا لأنه يتفاعل مع مادة بشرية وكانت بعض تعليقاتي تغضب المسئولين. لم اقصد إغضابهم ولكن شحنة غضبي كمحاور كانت تتصدر المشهد. اذكر اني اجريت حوارا مع اسرة من 7 اشخاص تعيش في غرفة واحدة مجاورة لثلاث غرف مماثلة تعيش نفس الظروف المأساوية وهؤلاء جميعا لهم »دورة مياه واحدة» وقد قلت وانا أغادر المكان: »امال إيه تكافل انسان وحقوق حيوان.. وبتنجان. كله كلام انشا..» وحين حققت في حادث خنق تلميذ لأخته بالإيشارب لأن الوالد والوالدة اطمئنا لأخته الأصغر منه فسلموها مفتاح الشقة حيث كانا يعيشان في بلد عربي والاولاد في القاهرة، كان زملاء الولد يسخرون منه وأن إخته هي »رجل البيت» وتضخم الزن حتي قرر الأخ في لحظة شيطانية أن يتخلص من اخته بهذه الصورة الوحشية وبعد الحوار مع الجاني قلت »هذا هو حصاد سفر الاباء للرزق وترك الابناء بلا رعاية. تسقط التربية وتسقط القيم. ان جهات كثيرة مغمي عليها في بلد غاب عنه الوعي». وحين ذهبت لصعيد مصر بالعدسات ورأيت النسوة يملأن الصفائح من مياه الطلمبات الحبشية الملوثة، قلت »تجيد الدولة بث الأماني وتوزيع مكسرات الأمنيات وهي تعلم انها تبيع الوهم، آه يابلد» ماذا أقصد من سرد هذه الحكايات خلال رحلة طويلة؟ قصدت الآتي: 1- أن بعض السخط الذي نعلنه صراحة مفيد للغاية لمعدة الدولة والنظام. 2- ان النقد للاجهزة النابع من ولاء الدولة هو لغة يجب ان تسود فلا نصفق طوال الوقت ولا نطبل كالمداحين والكورس. 3- ان نظام بلدنا قوي واي نقد لايهزه أو يقلل من قامته ان النقد معناه التقييم وأعلم ان في القوات المسلحة يتم »تقييم» المراحل وبالتالي »تصويب» الطريق. 4- لاتكسب مصر من توحيد الشاشات والتوجهات لأن ذلك سوف يحجب الاخطاء التي تتراكم وتجلب الصدمة والنكسة. 5- ان الجهات السيادية في الدولة مطلعة علي أصل وفصل كل من يخط حرفا أو ينطق كلمة علي شاشة وتعرف الوطني من الخائن والاخطر أن تكون غافلة. سألوني الناس! 1- ما هو الغضب؟ - هو خروج قطار الرشد عن القضبان! 2- ما هي الشعبية؟ - هالة تحيط ببعض الناس وتنصرف عن آخرين! 3- ما هي الساعة؟ - عقارب تلهث مع العشاق فقط! 4- صف الحب؟ - إعجاب بنفس طويل! 5- ما هو الوفاء؟ - حالة شائعة بين الكلاب والخيل! 6- ما هو الجنس؟ - اختراع الهي لتعمير الكون! 7- ما هي الفلوس؟ - أوراق الصراع الدائم في الحياة! 8- ما هو الندي؟ - دموع الطبيعة لحظة الفجر! 9- ما هو الشجن؟ - حزن، لم يفصح عن نفسه! 10- ما هي الشوكولاتة؟ - من أدوات الفتك بالرشاقة واسألوا ليلي علوي! 11- ما هي القُبلة؟ - موسيقي الروح يتقاسمها اثنان! 12- من هم الاخوان؟ - جملة اعتراضية في التاريخ! 13- ماهو الروقان؟ - هو فن فاتن حمامة وعزف عمر خيرت! 14- ما هو الخيال؟ - الباب الوحيد للهروب من الواقع! 15- ما هي السوشيال ميديا؟ - هي اعلام الغد وبعد غد وبعد بعد غد!