لوران دي بوك جاء إلي مصر قادما من اليمن بعد أن أنهي مهام عمله كرئيس لبعثة منظمة الهجرة الدولية هناك لمدة عامين.. لوران دي بوك له باع في التعامل مع القضايا المتعلقة بالهجرة يمتد لعشرين عاما منذ أن التحق بالعمل مع المنظمة الأممية وتولي رئاسة بعثاتها في عدد من الدول.. تولي دي بوك مهام عمله رئيسا لبعثة منظمة الهجرة الدولية بالقاهره بداية العام الحالي. »الأخبار» التقته في أول حوار له لمعرفة رؤيته التي يسعي من خلالها لتعزيز دور المنظمة في مصر، أكد دي بوك أن مصر لها دور فعال للعمل علي تبني مناهج مختلفة فيما يخص مسألة الهجرة وأشاد بدور الحكومة المصرية في مكافحة الهجرة غير الشرعية والتهريب والاتجار بالبشر. • قريبا يجتمع الدول الأعضاء بالأممالمتحدة لوضع ميثاق عالمي إنساني وفعال للهجرة. في رأيك ما أهم النقاط التي يجب أن يتضمنها؟ - خلال العام الماضي قامت الدول الأعضاء بالأممالمتحدة بتنظيم استشارات وطنية وإقليمية عدة، إعداداً للاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية وتمهيدا لإعلانه خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة لاحقا هذا العام.. تتباين طبعاً أولوية قضايا الهجرة بين دولة وأخري، وقد شكل ذلك بالطبع تحدياً لتنظيم الاستشارات المذكورة. لكن الدول بالفعل قد شاركت وبإقبال مهم في المرحلة الاستشارية الخاصة بالاتفاق العالمي من أجل الهجرة، بغية الخروج بنهج جديد وفعال لإدارة وتنظيم الهجرة دولياً وإقليمياً ومحلياً. أما بالنسبة لرأيي حول ما يتضمنه الاتفاق الدولي للهجرة، فنحن في وكالة الأممالمتحدة للهجرة نري أنه قرار يعود أولا وأخيرا للدول الأعضاء. نرحب بالطبع بمخرجات الاستشارات التي تعد بالفعل بهجرة آمنة ونظامية ومكرمة تحت سقف أهداف التنمية المستدامة خاصة البند رقم 10.7 الذي ينص علي ما يلي: »تيسير الهجرة وتنقل الأشخاص علي نحو منظم وآمن ومنتظم ومتسم بالمسئولية، بما في ذلك من خلال تنفيذ سياسات الهجرة المخطط لها والتي تتسم بحسن الإدارة».. وتجدر الإشارة إلي أن بعض الدول قد أدرجت هذا الهدف أيضا في إطار سياساتها المحلية حيث أصبح هناك قبول للهجرة كعنصر مهم للحوكمة.. وبالنسبة لمصر فإن لها دورا فعالا للعمل علي تبني مناهج مختلفة فيما يخص إدارة الهجرة. قضايا الهجرة توليت منصبك منذ بداية العام الجاري. فما الأهداف التي تسعي لتحقيقها لتعزيز دور المنظمة في مصر؟ - نسعي في وكالة الأممالمتحدة للهجرة إلي استمرار الحوار البناء مع شركائنا في الحكومة حول مختلف قضايا الهجرة والعمل دائماً علي تقديم النصح التقني والفني، وتدعيم القدرات المؤسسية وتطوير السياسات والتدريب لتعزيز قدرة شركائنا الحكوميين علي مكافحة الاتجار بالبشر والتهريب وحماية حقوق المهاجرين. من المهم أيضاً أن نذكر أننا في وكالة الأممالمتحدة للهجرة نعمل بالتعاون مع شركائنا الحكوميين في مصر بشكل وثيق للتوعية علي مخاطر الهجرة غير النظامية. كما أننا مستمرون في العمل مع شركائنا الحكوميين لمساعدة المهاجرين في مجالات الصحة والتعليم وغيرها للإسهام في تأمين ظروف حياتية مكرمة لهؤلاء المهاجرين. جهود مصرية ما تقييمك لدور مصر في مكافحة الهجرة غير الشرعية في ضوء إنشاء وزارة خاصة معينة بملف الهجرة؟ - من خلال فترة عملي القصيرة في مصر أريد أن أشير إلي الجهود المصرية المهمة في مكافحة التهريب والاتجار بالبشر وحماية الضحايا المحتملين وخفض أعداد من تزهق أرواحهم خلال محاولاتهم لعبور البحر للوصول لأوروبا. وهذا ما التزمت به مصر وقد حققت فيه نتائج ملموسة. والأمر لم يتوقف عند ذلك، فهناك حوار مفتوح ومناقشات مع كل الأطراف المعنية بملف الهجرة فيما يخص توفير الخدمات والفرص الاقتصادية وذلك من أجل إيجاد بدائل للمهاجرين غير النظاميين. نعمل علي عدة برامج من شأنها تنظيم الهجرة من خلال توفير الفرص للشباب للسفر للخارج لاكتساب خبرات ثم العودة إلي بلادهم مرة أخري. ما حقيقة الأرقام المتداولة والمتعلقة بأعداد المهاجرين؟ - الصعيد الدولي، تعمل وكالة الأممالمتحدة للهجرة بجهد علي تقديم إحصائيات حول المهاجرين محدثة بشكل دوري وقد أطلقنا منذ شهر البوابة الإليكترونية الأولي لمعلومات الهجرة الدولية. لكن كما تعلمين، تبقي مشكلة نقص الأرقام وصعوبة الوصول في الكثير من الأحيان إلي المصادر، مشكلة رئيسية في العمل البحثي. لاشك أيضاً بأن الكثير من الأرقام المتداولة حالياً في الإعلام دولياً وإقليمياً لا تستند إلي مصادر موثوقة أو محدثة. قضايا الإرهاب توجيه اتهامات في بعض الحوادث التي وقعت في بعض الدول للمهاجرين. ما مدي صحة وجود صلة بين الهجرة والإرهاب؟ - إن التعميم في قضايا الإرهاب كربطه بدين أو جنسية أو ثقافة معينة، أمر بالغ الخطورة ومن شأنه بث خطاب الكراهية بين المجتمعات المتنوعة.. لا نري ولا نقبل أي صلة بين الهجرة والإرهاب ومن واجبنا جميعاً أن نحارب التعميم فالإرهابيون انتماؤهم الوحيد هو الإرهاب. أما عن ضرورة ادماج المهاجرين في المجتمعات المضيفة وتلقيهم خدمات تعليمية وصحية ووصولهم إلي سوق العمل، فذلك أمر ضروري ليس بهاجس مكافحة التطرف، لكن بكل بساطة لأن الاستثمار في المهاجر كما في أي مواطن من شأنه أن يثمر نجاحاً ومكسبه للمجتمع المضيف له، وقصص نجاح المهاجرين كثيرة وتفوق بكثير قصص التطرف التي يحاولون دائماً ربطها بأجيال مهاجرين. هل أصبحت الهجرة قضية مسيسة وليست إنسانية؟ - هذا سؤال صعب لكن لاشك بأنَ الهجرة تتأثر بالسياسة، لولا ذلك لما رأينا اليوم دولاً كبري ترسل رسائل خاطئة عن الهجرة والمهاجرين لرصد الدعم الشعبي. كذلك نلحظ في الإعلام والرأي العام دولياً وإقليمياً خطابات تصنف المهاجرين علي أساس اللون والديانة والأصل؛ لكن وكالة الأممالمتحدة للهجرة تعمل بشكل حثيث مع الشركاء الحكوميين والإعلاميين والدوليين للتوعية وتغيير هذا التصور وإنتاج خطاب أكثر إنسانية حول الهجرة والمهاجرين.