تحدت نوبات الفقر ووقفت شامخة ضد مشاعر قلة الحيلة.. كان حظها في الزواج عسيرًا فقد طُلقت في زهو شبابها وأصبح في رصيد حياتها طفلان وهما لا زالا نبتاً صغيرا في تلك الحياة ولم يكن معها سوي مهنة تعلمتها من والدها يقولون عنها إنها مهنة الرجال فقط.. الست أمل أو »أم سيد» كما تحب أن يناديها الناس، سيدة خمسينية، ابنة منطقة »عين الصيرة» بمصر القديمة.. اتخذت من الحدادة مهنتها ومكسب رزق أولادها، وذلك علي الرغم من كون الحدادة احدي المهن الشاقة، فالعاملون بها يتعاملون مع الحديد والنار، وتعتبر بيئة العمل التي يقضي بها الحداد ساعات طويلة يومياً من البيئات الخطرة التي يتعرض فيها إلي درجات عالية من الحرارة وبرادة الحديد الساخن ونقص كميات الأوكسجين وانبعاث غازات ضارة ناتجة عن انصهار الحديد.. كما يتعرض للإصابة بالكثير من العلل والأمراض المختلفة نتيجة طبيعة العمل.. ومن ناحية أمل كانت مهنة الحدادة قاسية عليها فطبعت لونها بالأسود ويديها اللتين سري فيهما التقطع والجروح العميقة إثر تعاملها مع الآلات الحادة. وكما هو سائد في تقاليد الكثير من المصريين في قري ومحافظات مصر ومستقبل الشاب والشابة يقوم علي تعلم مهنة يكتسبون منها رزقهم، إلا أن هذا المنطق لم يختلف كثيرا عن منطق والدها.. وكما تقول أمل: »بدأت الحدادة وأنا عمري 7 سنين، أبويا كان حداداً، طيباً وبيحب الناس وكل الناس تعرف عنه الجدعنة، علمني أنا واخواتي الرجالة الحدادة، في الأول كنت بساعد أخويا وبعدين بدأت أشرب المهنة وأتعلمها وأنا مكنش عندي فرصة الاختيار، أنا مكملتش تعليمي ودي الصنعة الوحيدة اللي أعرفها وحظي كان وحش في الجواز، اتطلقت وكان معايا ولد وبنت وكان لازم اشتغل عشان أصرف عليهما». وتوج الله مجهود أمل بالخير والسعادة عندما تعلم أولادها بدون مساعدة أحد وحصلت ابنتها علي ليسانس آداب وابنها حصل علي دبلومة في العمارة فتقول: »اشتغلت وشقيت لأكتر من 30 سنة لحد ما بقي عندي ورشة صغيرة، ومحدش بيتحكم في قوتي ولا قوت عيالي» . وكانت الجائزة الكبري عندما خرجت قصة كفاحها إلي النور فحصلت علي تكريم من السفارة الأمريكية علي قصة كفاحها .