البنك الإسلامي للتنمية يقدم اعتماد مالي قدره 13.2 مليار دولار للبلدان الأعضاء    "كاسبرسكي": 9.7 مليون دولار متوسط تكلفة سرقة البيانات في القطاع الصحي    هبوط أسعار النفط وسط احتمالية زيادة إنتاج "أوبك+"    فضيحة تطال الجيش الأمريكي، إيقاف مجموعة من جنود النخبة عن العمل بعد عملية وهمية (فيديو)    أمن وكالة سي آي إيه يطلق النار على امرأة أمام مقرها    "الغارديان": ترامب خيّب آمال أوروبا بعد مكالمته مع بوتين    شهداء وجرحى في غارات الاحتلال المتواصلة على قطاع غزة    ضبط عامل لسرقته الشقق السكنية بمواقع تحت الإنشاء بمدينة 15 مايو    شوبير الأب والابن الأفضل في تقييم إكرامي.. والحضري يتفوق على الشناوي (فيديو)    في يومه العالمي.. احتفالية بعنوان «شاي وكاريكاتير» بمكتبة مصر العامة بالدقي    «التنسيق الحضاري» يطلق حفل تدشين تطبيق «ذاكرة المدينة» للهواتف الذكية    مجدي البدوي: علاوة دورية وربط بالأجر التأميني| خاص    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة| الأهلي ضد الزمالك في نهائي كأس أفريقيا لليد    حقيقة انفصال مطرب المهرجانات مسلم ويارا تامر بعد 24 ساعة زواج    بسمة وهبة لمها الصغير: مينفعش الأمور الأسرية توصل لأقسام الشرطة    انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي الشرقي في المنيا يُخلف 4 قتلى و9 مصابين    قائمة أسعار تذاكر القطارات في عيد الأضحى 2025.. من القاهرة إلى الصعيد    انتقادات لاذعة لنتنياهو واحتجاجات بعد إعلانه تعيين رئيس جديد للشاباك    بصورة قديمة وتعليق مثير، كيف احتفت هالة صدقي بخروج عمر زهران من السجن    سقوط مروجي المواد المخدرة في قبضة مباحث الخانكة    صبحي يشارك في مناقشة دكتوراه بجامعة المنصورة ويؤكد: الشباب محور رؤيتنا للتنمية    تكريم سكرتير عام محافظة قنا تقديراً لمسيرته المهنية بعد بلوغه سن التقاعد    شيخ الأزهر يعزي المستشار عدلي منصور في وفاة شقيقه    لجنة التقنيات بمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب تعقد اجتماعها الأول    مراجعة مادة العلوم لغات للصف السادس الابتدائي 2025 الترم الثاني (فيديو)    مدفوعة الأجر.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين والبنوك والمدارس    هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة «كريت» اليونانية (بؤرة الزلازل)    انفجار كبير بمخزن أسلحة للحوثيين فى بنى حشيش بصنعاء    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    مصرع 4 أشخاص وإصابة آخر في تصادم سيارتي نقل على طريق إدفو مرسى علم    ضبط مركز أشعة غير مرخص فى طهطا بسوهاج    تراجع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن بداية تعاملات الجمعة 23 مايو 2025    وكيله: لامين يامال سيجدد عقده مع برشلونة    سعر السمك البلطي والكابوريا والجمبري بالأسواق اليوم الجمعة 23 مايو 2025    بقيمة 19 ألف جنيه.. كنيسة بالسويس تساهم في مشروع صكوك الأضاحي تعبيراً عن الوحدة الوطنية    دينا فؤاد: مفيش خصوصيات بيني وبين بنتي.. بتدعمني وتفهم في الناس أكتر مني    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الجولة قبل الأخيرة لدوري المحترفين    الكشف عن موقف تشابي ألونسو من رحيل مودريتش عن ريال مدريد    بمشاركة منتخب مصر.. اللجنة المنظمة: جوائز كأس العرب ستتجاوز 36.5 مليون دولار    صراع ناري بين أبوقير للأسمدة وكهرباء الإسماعيلية على آخر بطاقات الصعود للممتاز    وزير الشباب ومحافظ الدقهلية يفتتحان المرحلة الأولى من نادي المنصورة الجديد بجمصة    رسميًا بعد قرار المركزي.. ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 23 مايو 2025    تعليم القاهرة يحصد المراكز الأولى في العروض الرياضية على مستوى الجمهورية    تعليم القاهرة يحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية بمسابقة الخطابة والإلقاء الشعري    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    تنفيذًا لحكم القضاء.. محمد رمضان يسدد 36 مليون جنيه (تفاصيل)    الشعبة: أقل سيارة كهربائية حاليًا بمليون جنيه (فيديو)    ما حكم ترك طواف الوداع للحائض؟ شوقي علام يجيب    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    ما حكم تغيير النسك لمن نوى التمتع ثم تعذر؟ المفتي السابق يجيب    قباء.. أول مسجد بني في الإسلام    «المفرومة أم القطع».. وهل الفرم يقلل من قيمة الغذائية للحمة ؟    «بربع كيلو فقط».. حضري «سينابون اللحمة» بطريقة الفنادق (المكونات والخطوات)    «لقرمشة مثالية وزيوت أقل».. أيهما الأفضل لقلي الطعام الدقيق أم البقسماط؟    مسلسل حرب الجبالي الحلقة 7، نجاح عملية نقل الكلى من أحمد رزق ل ياسين    تشميع مركز للأشعة غير مرخص بطهطا بسوهاج    هل التدخين حرام شرعًا ؟| أمين الفتوى يجيب    وزير الصحة ونظيره السوداني تبحثان في جنيف تعزيز التعاون الصحي ومكافحة الملاريا وتدريب الكوادر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نبيل العربي الأمين العام السابق للجامعة العربية:إسرائيل لا تحترم القانون الدولي ولا تنفذ قرارات مجلس الأمن
الدولة تنفذ مشروعات ضخمة وحيوية اقتصاديا وعسكريا في سيناء
نشر في أخبار الأدب يوم 01 - 04 - 2018

محرر الأخبار يستمع إلي شرح حول بعض الوثائق من الدكتور نبيل العربى
السادات أعطي تعليمات بعدم مشاركتي في أي اتفاقيات مع إسرائيل بسبب موقفي من »‬كامب ديفيد»
في الإعلام والسياسة الخارجية للولايات المتحدةدبلوماسي من الطراز الأول.. ترك بصمات واضحة في كل منصب تولاه في وزارة الخارجية.. يعتبره الكثيرون حجة في القانون الدولي.. انتخب قاضيا في محكمة العدل الدولية من 2001 حتي 2006.. كان رئيسا لوفد المفاوضات في قضية تحكيم طابا.. وخاض معركة مريرة وطويلة مع إسرائيل إلي أن استعادت مصر هذا الجزء الغالي من أرضها.. شغل منصب أمين عام لجامعة الدول العربية.. وبعد أكثر من عام ونصف العام من الصمت عقب خروجه من منصب الأمين العام للجامعة العربية نجحت «الأخبار» في إجراء حوار مع د. نبيل العربي الأمين العام السابق للجامعة العربية ليتحدث عن أقرب مهمة إلي قلبه وهي قضية استرداد طابا ونستمع إليه في تحليله ووجهة نظره في كل ما يشغله ويؤلمه في قضايا الوطن العربي.. وإلي نص الحوار..
«تل أبيب» كانت تريد فرض 40 محكما دوليا تابعين لها في قضية طابا لكننا رفضنا
قرار ترامب يخرق كل المواثيق الدولية ومجلس الأمن «غير حيادي»
إسرائيل تسيطر علي الكونجرس وتتحكم
• في البداية... كيف تم اختيارك وكيل مصر في المحكمة الدولية لاسترداد طابا؟
- البداية كانت بدعوة من د.عصمت عبدالمجيد وزير الخارجية المصري في وقتها لمنزله وقال لي إن السفير الإسرائيلي سوف يجلس معنا للحديث عن الانسحاب من طابا.. وكنت وقتها مدير الإدارة القانونية وأبلغني أن الحكومة الائتلافية طلبت التفاوض ودعت إلي اجتماع في بئر سبع، كان يضم السفير عبدالحليم بدوي، كنا نرأس الوفد وكانت الاجتماعات مضحكة لأنهم كانوا غير متفقين واحد فيهم يقول تحكيم، والثاني يقول توفيق وإحالة النزاع إلي التوفيق علي أساس أن التوفيق بطبيعته ليس وسيلة قضائية بحتة ويسمح باللجوء إلي اعتبارات سياسية ولكننا صممنا علي موقفنا بالتحكيم إلي أن رضخوا للامر.
• لماذا ذهبت مصر للتحكيم الدولي بدلا من التوفيق أو المفاوضات؟
- بعد الاجتماع اتخذنا قرارا بجمع خرائطنا والأسانيد القانونية لأن المساءلة لها تاريخ وإسرائيل غيرت المعالم، منذ أن احتلتها في 56 عندما هجمت هي وبريطانيا وفرنسا وانسحبت في مارس 57 بقرار من الأمم المتحدة، وكانت هناك قوات الطوارئ ومن المشكلات أننا علمنا وقتها أنه لا يوجد مصري واحد دخل طابا منذ عام 1956.. ولأن العدو الإسرائيلي «مراوغ ولا يحترم التفاوض ويماطل فيها» صدر قرار جمهوري بتشكيل لجنة قومية للتحكيم في طابا من ضمنها د.وحيد رأفت، د.مفيد شهاب، ود. طلعت الغنيمي، ود. صلاح عامر، وكذلك تشكيل لجنة عسكرية من سلاح المهندسين وأساتذة تاريخ مثل الدكتور يونان لبيب رزق، وأساتذة جغرافيا مثل د.يوسف أبوالحجاج، ومن أجهزة أخري عديدة.
التخوفات والرهبة
• ما التخوفات التي انتابتك عندما تم اختيارك وكيل مصر القانوني؟
- كان هناك الكثير من التخوفات والرهبة منها المحلية وهي أن المسئولية ألقيت كاملة علي عاتق وزارة الخارجية وتحملتها أمام الجميع، ووقتها المشير أبوغزالة كان وزيرا للدفاع طلبني وقال لي «أنتم المسئولون أمام الدولة مثلكم مثل الذين يقاتلون علي الحدود»، أما الخارجية فهي وضع مصر في حالة الخسارة والعواقب التي ستقع علينا نتيجة ذلك.
• متي شعرت باليأس؟
- مرة واحدة فقط... وهي خاصة بالشق القانوني عندما كنا نناقش الحدود ووقتها اشتكاني وزير الخارجية الأمريكي للرئيس مبارك، عندما غيرت إسرائيل الملامح الحدودية، وقمنا بزيارة المنطقة وصعدنا الجبل في خليج العقبة بالطائرات ووجدنا أنها غيرت العلامة المكتوبة عليه رقم 90 وحذفوا رقم 91 التي تحدد المنطقة التي تسمي عامود باركر، وكانت صدمة كبيرة ولكن لجنة التحكيم تفهمت ذلك وتلافينا الأمر.
• كيف رد مبارك علي شكوي وزير الخارجية منك؟
- مبارك كان متعاون جدا ودعمنا بكل شيء ومنحنا كل الصلاحيات، وأثناء مقابلته قال لي إن وزير الخارجية الأمريكي أرسل خطابا رسميا يشكو مني، فضحكت وقلت له «بنفذ تعليماتك» فصمت ضاحكا.
• كيف غيرت إسرائيل المعالم؟
- قامت بإزالة الشق الجنوبي من الهضبة الشرقية التي تطل علي وادي طابا، وشيدت طريقا ساحليا يربط طابا بمدينة إيلات بهدف إفشال قدرة المحكمة علي إصدار حكم، فلا يكون أمام مصر سوي العودة إلي التفاوض والدخول في متاهات جديدة، تحاول فيها إسرائيل انتزاع تنازلات من مصر سواء في طابا أو في أي مكان آخر.
مجهود فريق
• ما الذي تمثله اتفاقية استرداد طابا لك؟
- يمثل لي إنجازا كبيرا نتيجة لمجهود فريق عمل متكامل لمدة خمس سنوات وتخطيط جيد من الدولة لإعادة حقها.
• هل وجود الشهود الذين استعانت بهم مصر أمام هيئة التحكيم كان له دور؟
- بالطبع.. كان لدينا مجموعة قوية من شهود الإثبات منهم الفريق كمال حسن علي رئيس الوزراء الأسبق، الذي أدلي بشهادته حول زيارته مع شارون وزير الدفاع الإسرائيلي للهضبة الشرقية لطابا، كذلك إسماعيل شيرين وزير الحربية الأسبق في عهد الملك فاروق وزوج شقيقته فوزية، لأنه زار طابا عندما كان يعمل بوزارة الدفاع ومسئولا عن أعمال لجنة الهدنة المشتركة، واللواء عبدالحميد حمدي مساعد وزير الدفاع السابق الذي كان ملازماً في الجيش المصري عام 1950، وكانت وحدته في وادي طابا لحماية الحدود المصرية، كذلك اللواء عبدالفتاح محسن مدير إدارة المساحة العسكرية السابق وهو ملم بكل شبر في سيناء، ود. يوسف أبوحجاج الخبير في الخرائط والمساحة، بالإضافة إلي بعض الضباط الذين وجدوا في سيناء ضمن قوات الطوارئ الدولية عام 1956 من دولة يوغوسلافيا بعد سفري وتنسيقي معهم.
• هل اعترضت إسرائيل علي شهادة أحد؟
- اعترضت علي طلبنا بالحصول علي شهادة إسماعيل شيرين وزير الحربية الأسبق من المستشفي لأنه كان لديه أزمة قلبية، وكان سببها أنه «كان عندي في المنزل قبل أيام وأكلنا ملوخية وتعب بأزمة قلبية وهو راجع بيته» وقتها شعرت بأن الحظ ضدنا، ولكن نجحنا في إقناعهم والحصول علي الشهادة وكانت من أهم الشهادات، مثلها مثل شهادة الفريق كمال حسن علي رئيس الوزراء السابق الشاهد الوحيد الذي لم تجرؤ إسرائيل علي توجيه أسئلة له لأنه شخصية قوية جدا وكان «بيزعق للإسرائيليين».
ليس صحيحاً
• طالبت من بعض الدول توفير شهود للمساعدة في القضية... من تعاون ومن رفض؟
- أثناء بحثنا عن شهود وجدنا أن طابا لم يدخلها مصري من 1956 وحتي 1987 ولذلك طالبنا من القوات الدولية معرفة جنسيات الجنود أبلغونا أنهم من الدنمارك ويوغوسلافيا ووقتها أرسلنا لهما ولكن الدنمارك رفضت التعاون وسافرت وقتها يوغوسلافيا مرتين وقابلت الضباط وقتها واستعنت بها، وبعدها قرأت في الصحف إن ادعاءات بأن المخابرات الحربية هي من سافرت واستعانت بالشهود وهذا لا أساس له من الصحة.
• ما أبرز الصعوبات التي واجهتكم؟
- من أهم أهداف إسرائيل الاستراتيجية هي كسب الوقت وإفساد كل تفاوض لكسب وقت أكبر وهذا تحد كبير، ولهذا كنا محددين لأننا نعلم ذلك، وكانت أيضاً من أهم الصعوبات استعرضنا 44 اسما علي مدي 3 أو 4 أشهر ولم نستطع الاتفاق علي أسماء للمحكمين، لأنهم كانوا يقترحون أسماء إما يهودا أو متحيزين لإسرائيل إلي أن استطعنا بعد مجهود شاق الاتفاق علي اثنين، ولكن كان هناك شيء مهم أبهرني عندما كنا نعمل علي القضية وجدت العشرات من ضباط الجيش وقيادته وأولاد من ماتوا يتواصلون معي لإعطائي الادلة والخرائط التي تدعمنا في القضية وذلك دون سابق معرفة، وهذا يدل علي أن المصريين أكثرالشعوب حبا لبلدهم.
• اشرح لنا ماذا فعلت إسرائيل فيما يخص إضاعة الوقت والمماطلة في المفاوضات؟
- كان لدينا اتفاق علي تبادل ثلاث مذاكرات خلال شهر ونصف الشهر، وكلما نجتمع نجدهم غيروا الموعد وطالبوا بوقت أكبر في البداية طلبوا أن يكون ثلاثة شهور، واستمر الوضع علي هذا الحال لمدة سنة كاملة، وذلك لانهم يرون طول الوقت مكسبا لهم.
• كيف تعاملتم مع هذا الموقف؟
- كنا نجري دراسة لكل اسم مطروح من المحكمين واستعنا بمكتب محاماة في باريس للحصول علي خلفيات كل واحد من هؤلاء، وكلفت الدكتورة فايزة أبوالنجا أثناء بعثة لها في جينيف أن تبحث في أرشيف عصبة الأمم.
مشادات كثيرة
• كان هناك وفد أمريكي يتابع التحكيم... هل كان حياديا؟
-بالفعل كان الوفد الأمريكي يتابع معنا قضية التحكيم كل الخطوات ويحضر معانا الاجتماعات، وكان الأمريكيون حياديين إلا المستشار القانوني الأمريكي اليهودي للخارجية الأمريكية العراقي صوفير، والذي رفض كل الخرائط، وكان يقف مع إسرائيل، ولذلك حدثت بين وبينه مشادات كثيرة.
• ما المشادة التي حدثت بينكم؟
- ذات مرة تحدث مع أحد أعضاء الوفد المصري بشكل غير لائق و«اتخانقت معاه كتير لدرجة إن بعد عشرين سنة قابلته في جامعة إكسفورد وراح يشتكي لزوجتي إني كنت ب«اتخانق معاه»، لأنه ما قدرش يحتد علي وكان بيحتد علي زميلي السفير علي أبو الخير بالكلام حول الخرائط ورفع صوته، وقلتله الاجتماع انتهي وقال لي إن ممكن نكمل الاجتماع علي العشاء فأخبرته مش هاتعشي معاك، والوفد المصري سابه ومشي لأننا لم نستطع تحمل تصرفاته».
• بعد مرور 30 عاما علي استرداد طابا... ما الدروس المستفادة الذي تمنيت أن تتعلمها مصر؟
- أولا إنه لا بد من أن تكون الخرائط والوثائق الخاصة بالحدود المصرية يتم الحفاظ عليها بصورة دقيقة وتخزينها بوزارة الخارجية لربما احتجنا لها، وهو ما طلبته من الدكتور عصمت عبدالمجيد فيما بعد، لأنه أثناء عملنا حاولنا جمع الخرائط والوثائق العثمانية والإنجليزية والأممية لم نجد الكثير منها، واستغرق ذلك ثلاث سنوات اكتشفنا أنه لا توجد بمصر، ولذلك أنكر الإسرائيليون مصريتها.
وثانيا أنه علي مصر الإعداد الجيد ووضع خطط مستقبلية حول الملفات المهمة والأزمات المتوقعة.
ضغوط كبيرة
• ما رأيك في معاهدة «كامب ديفيد»؟
- أولا لم أشارك في العمل بالمعاهدة مباشرة... ولكن سوف اقول لك رأيي الذي تمسكت به وأنا مديرالإدارة القانونية بوزارة الخارجية وقتها، ومازال كما هو المعاهده تتكون من ثلاثة عناصر اثنان خاصان بمصر وكانا في صالحنا تماما، أما الثالث فهو خاص بفلسطين واعترضت عليه وأبلغت الرئيس السادات وقتها لأنه لم يساعدهم في حق تقرير المصير ولم يأخذوا بموقف الفلسطنيين إطلاقا.. وبعد سنة أبلغني د. بطرس غالي وهو في منزلي بنيويورك أن السادات وقتها أعطي تعليمات لوزير الخارجية بعدم مشاركتي في أي اتفاقيات مع إسرائيل.
• وماذا كان شعورك بعد نجاح المفاوضات وانسحاب إسرائيل من طابا؟
- كنت تحت ضغوط كبيرة ولذلك شعرت بالراحة والانتصار، يكفي كوني رئيسا للوفد المصري أواجه وفدا إسرائيليا منذ البداية وحتي إبرام المشارطة، وكنت المتحدث الوحيد باسم مصر والمتصدي للحجج الإسرائيلية، فالتفاوض مع هؤلاء الأشخاص في منتهي الصعوبة.
• وكيف تم تنفيذ الحكم بانسحاب إسرائيل وتسليم طابا لمصر؟
- مفاوضات تنفيذ الحكم كانت أصعب من مراحل المفاوضات السابقة، فالمماطلة كانت بكل الأشكال، وطلبت مقابلة السفير الإسرائيلي «سيبل» لتسليمه خطاب تنفيذ الانسحاب ولكنه قال إن حكومته لم تطلع علي الحكم، وبعد دراسته ستتخذ موقفها النهائي منه، وكانت مقابلة صاخبة وأبلغته أنني سأعرض الموقف السلبي لإسرائيل علي هيئة التحكيم.
زرت طابا
• متي كانت زيارتك الأخيرة لطابا؟
- آخر مرة زرت طابا في 26 يناير 1986 وأنوي زيارتها في الأيام المقبلة مع أسرتي.
• هل تتابع مشروعات التنمية التي تحدث في سيناء؟
- أتابعها من الجرائد مثل أغلب المواطنين، والدولة تنفذ مشروعات ضخمة جدا في سيناء من الناحية الاقتصادية والعسكرية.
وضع مؤلم
• ننتقل إلي القضية الفلسطينية...في البداية أين قضية فلسطين اليوم؟
- وضع فلسطين مؤلم وقرار الرئيس الأمريكي ترامب ضد القانون الدولي، والأمانة تقتضي بالاعتراف «للأسف الشديد» بأن الصورة القائمة تزداد سوءاً وأن الأسلوب التقليدي في معالجة النزاع لم يعد مجدياً.
ولا شك أن قضية فلسطين علي رأس التحديات التي تواجه الدول العربية منذ سبعة عقود، وما زاد من الأمر صعوبة أن العرب لم يتمكنوا من تجديد أسلوب مخاطبة الرأي العام العالمي ولم يستخدموا ما لديهم من حجج قانونية بأسلوب فعال، بل لم ينجحوا في استخدام أحكام القانون الدولي في دعم قضيتهم العادلة. قد يكون الاستثناء الوحيد هو المحاولة التي لم يكتب لها النجاح قبل التصويت علي قرار التقسيم عام 1947 عندما تقدمت أربع دول عربية هي مصر وسوريا ولبنان والعراق بمشروع قرار يطلب قبل التصويت علي القرار رأيا استشاريا من محكمة العدل الدولية حول مدي صلاحية الجمعية العامة لاتخاذ قرار بتقسيم أراضي إقليم دون موافقة غالبية السكان، ولم يتم الأخذ بهذا الاقتراح إذ لم يحصل علي الأغلبية المطلوبة وصدر القرار المجحف بحقوق الشعب الفلسطيني الذي كان يمثل الأغلبية الساحقة للسكان، وحدد له القرار44% من مساحة فلسطين وحصل المهاجرون اليهود الجدد الذين لا يمكن اعتبارهم في ذلك الوقت مواطنين فلسطينيين علي 56% من أراضي الإقليم. في ذلك الوقت.
تحديد زمني
• هل يمكن استخدام الطرق القانونية ضد إسرائيل مثلما فعلت في قضية طابا؟
- إسرائيل أكثر دولة لا تحترم القانون ولا تنفذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بالقضية الفلسطينية وآمريكا تدعمها دائما، واعتقد أنها نجحت للأسف الشديد وحزين علي ذلك أن تجعل كل نزاعاتها محل تفاوض فقط، فمثلا عندما صدر قرار مجلس الأمن رقم 242 الصادر في 22 نوفمبر 1967 الذي طالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967 طبقا لقواعد ميثاق الأمم المتحدة التي تقضي بعدم شرعية اكتساب الأراضي بالقوة نجد أن القرار لم يضع تحديدا زمنيا للانسحاب ولا يشمل آلية تنفيذية ويكتفي بمطالبة السكرتير العام تعيين ممثل خاص يزور المنطقة ويسعي للوصول إلي اتفاق بين الأطراف المعنية علي تسوية سلمية طبقاً للمبادئ والنصوص الواردة في القرار دون النص علي أية حد زمني للتنفيذ. ولم تنتبه الدول العربية - حينئذ- إلي أهمية التحديد الزمني للانسحاب وعدم ترك الباب مفتوحاً للتسويف والمماطلة الإسرائيلية. وبالفعل قام السكرتير العام بتعيين سفير سويدي متميز جونار يارنج للقيام بهذه المهمة المستحيلة. ولكن بعد جولات مكوكية بين الأطراف قرر يارنج الإقدام علي أسلوب المواجهة المباشرة، فوجه كتاباً في 8 فبراير 1971 إلي كل من مصر وإسرائيل يطالبهما فيه بالإعلان عن قبول تنفيذ التزامات محددة بالنسبة لمصر طالبها بقبول إبرام «معاهدة» سلام مع إسرائيل. وبالنسبة لإسرائيل طالبها بالإعلان عن قبول الانسحاب إلي الحدود الدولية «أي حدود ما قبل 5 يونيو 1967».
اجتمع مجلس الوزراء المصري وبعد جدل طويل وافق علي ما طلبه بارنج مع تغيير طفيف لا معني ولا قيمة له وهو أن مصر تقبل إبرام «اتفاق» سلام. وبالطبع لا يوجد فارق بين «معاهدة» و«اتفاق» طبقاً لأحكام القانون الدولي. أما إسرائيل فقد جاء ردها بالسلب بأنها لا تقبل الانسحاب إلي «حدود ما قبل 5 يونيو 1967».. ويمكن القول أن الرد الإسرائيلي - من الناحية العملية- أنهي مهمة مبعوث السكرتير العام السفير يارنج. ولم يقم السكرتير العام بتعيين مبعوث آخر بعد استقالة يارنج ولم يطالبه مجلس الأمن بالتعيين. وبقيت الأمور راكدة إلي أن قرر الرئيس السادات بدء حرب أكتوبر المجيدة.
صيغة القرار
• هل منظمة الأمم المتحدة تتعامل مع القضية الفلسطينية بحيادية؟
- الواقع ومنذ أن كنت دبلوماسيا ناشئا لا يتم التعامل مع القضية بحيادية، ففي عام 1967كنت عضوا في البعثة المصرية لدي الأمم المتحدة في نيويورك وشاهدت بنفسي عدم الحيادية في التعامل مع خطورة صيغة القرار وعدم الارتقاء إلي مستوي إسرائيل ومعها الولايات المتحدة، فكان التركيز علي أن يُصدر قرار يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حرب 1967 دون أن يكون تحقيق هذا الانسحاب مغلفاً بضمانات زمنية وسياسية تضمن اتمام الانسحاب تحت إشراف دولي وفي وقت محدد. أقول ربما كانت الدول العربية تنظر بسذاجة إلي تجربة عام 1956 عندما انسحبت إسرائيل من سيناء خلال أربعة شهور بالرغم أن قرار المطالبة بالانسحاب كان قد صدر من الجمعية العامة وليس من مجلس الأمن فكما هو معروف قامت المملكة المتحدة وفرنسا باستخدام الفيتو في مجلس الأمن لمنع إصدار قرار بمطالبة الدول المعتدية الثلاث بالانسحاب.
• كيف تري تعامل الدول العربية في الفترة الأخيرة مع القضية؟ وما يجب عليها أن تفعل؟
- تعامل الدول العربية مع قرار ترامب الأخير كان ممتازا ويجب عليها حشد الرأي العام العالمي ضد إسرائيل وتوطيد العلاقات مع الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي لأنه هو الوحيد علي مستوي العالم الذي يساند بالفعل من خلال اجراءات حقيقية، فلديها مثلا قرار بعدم استيراد أي شيء مزروع من الأراضي المحتلة لم تتخذه الدول العربية.
دعوة الأطراف
• هل نجحت إسرائيل في تطوير وتطويع وتغيير أسس تحقيق السلام الواردة في القرار 242 بما يحقق مصالحها؟
- بالطبع... نجحت إسرائيل منذ مؤتمر مدريد في أكتوبر 1991 في تغيير المعادلة التي أسس عليها قرار مجلس الأمن رقم 242. فالقرار ينص علي أهداف واضحة المعالم نابعة من نصوص الميثاق ومن أحكام القانون الدولي أقرها مجلس الأمن وعلي الأطراف التزاماً قانونيا بتنفيذها بحسن نية خاصة بعد أن صدر بالإجماع قرار مجلس الأمن رقم 338 في 22 أكتوبر 1973 الذي نص صراحة في فقرته التنفيذية الثانية علي «دعوة الأطراف للبدء فوراً بعد وقف إطلاق النار» وقد أضاف البعد التنفيذي الذي كان غائباً في القرار 242 (1967). ولكن إسرائيل استطاعت في مؤتمر مدريد قلب هذه المعادلة رأسا علي عقب إذ نجحت في تعويم الالتزامات ووضعها في قالب تفاوضي فضفاض بحيث خرج المؤتمر بمعادلة جديدة تقوم علي إقرار مبدأ ضرورة التفاوض علي جميع الأمور وليس تنفيذ قواعد دولية ملزمة يطلب مجلس الأمن من الطرفين تنفيذها وليس تغييرها والتفاوض حولها، وعدم تحديد موعد أو جدول زمني للانتهاء من تنفيذ الالتزامات المتقابلة مما حدا بشامير رئيس وزراء إسرائيل وقتئذ أن يعلن أنه علي استعداد للتفاوض لمدة مائة عام مر منها حتي الآن ربع قرن! وأن فكرة الأرض مقابل السلام التي تبدو لأول وهلة مقبولة ولكن عند التعمق في طبيعتها وآثارها وأبعادها نجد أن الأرض محددة وقابلة للتجزئة ولكن السلام مفهوم عام غير قابل للتجزئة بمعني أن إسرائيل قد تنسحب فقط من جزء من الأرض المحتلة وتطلب في المقابل سلاما وهو غير قابل للتجزئة.
في نفس الوقت لم يخرج مؤتمر مدريد بإطار زمني للتنفيذ يعتبر إضافة أو تكملة للقرار 242 الذي لم يحدد فترة زمنية للتنفيذ وترك الباب مفتوحا للتسويف الإسرائيلي والمماطلة وكسب الوقت تهربا من تنفيذ التزاماتها.
• من خلال تجربتك الشخصية في التفاوض مع إسرائيل ما توصيفك لما تفعله إسرائيل الآن؟
- اسمح لي أن أشير إلي تجربتي الشخصية فقد تفاوضت شخصيا مع وفود إسرائيلية علي مدي خمسة عشر عاما بدءا من فض الاشتباك الأول عام 1974 وفض الاشتباك الثاني عام 1975 كما أني شاركت مع الوفد السوري في فض الاشتباك مع سوريا في 30/5/1974 ثم مفاوضات طابا اعتباراً من عام 1985 التي كنت رئيسا لوفد المفاوضات المصرية لإعداد مشارطة التحكيم التي حددت الإطار العام للتحكيم بأن تكون سلطة المحكمة «كاشفة «وليست «منشئة»، أي عودة إلي ما قبل الغزو الإسرائيلي، ثم وكيلاً عن الحكومة المصرية في التحكيم وبعد صدور الحكم بدأت مفاوضات شاقة لمدة خمسة شهور مع إسرائيل لتحديد موعد الانسحاب إلي أن تم التوقيع علي وثيقة الانسحاب من طابا في 26 يناير 1989 وتم الانسحاب بالفعل من كافة الأراضي المصرية في 15 مارس 1989 وفي جميع مراحل التفاوض - بلا استثناء- كان المفاوض الإسرائيلي يسعي دائماً بجميع الوسائل لكسب الوقت. مما يدفعني إلي القول بأن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يعتبر عنصر الوقت دائما هدفا استراتيجيا وليس هدفا تكتيكيا مثلما تفعل جميع الدول الأخري، ومن بين هذه الوسائل التقدم بمطالبات جديدة في كل مرحلة، فنجد حاليا أن نتنياهو يسعي لفرض شرط إضافي لا أساس له في العلاقات الدولية ويتعلق بضرورة اعتراف فلسطين بيهودية دولة إسرائيل متجاهلا أن إسرائيل لم تعترف حتي الآن بدولة فلسطين واقتصر اعترافها في أوسلو علي قبول منظمة التحرير الفلسطينية في حين أن فلسطين اعترفت بإسرائيل ثلاث مرات: الأولي في الجزائر عام 1988 بناء علي طلب من جورج شولتز وزير الخارجية الأمريكي حتي تبدأ مباحثات في تونس بين الولايات المتحدة ومنظمة التحرير الفلسطينية، الثانية عام 1999 في إطار اتفاق أوسلو، الثالثة عام 1998 في غزة وبحضور الرئيس الأمريكي كلينتون.
وفي جميع هذه المراحل لم يثر موضوع يهودية الدولة. فموضوع يهودية الدولة لا يتفق مع العرف الدولي فالقاعدة العامة في القانون الدولي أن الدول يعترف بها مرة واحدة وإذا أضافت أو غيرت من اسمها فغير مطلوب من الدول الاعتراف بالإضافة أو التغيير فمثلا عندما تغير اسم مصر أثناء الوحدة مع سوريا إلي الجمهورية العربية المتحدة لم يطلب من الدول اعترافاً ثانياً بالاسم الجديد.
ومن جهة أخري فإن إقحام صفة اليهودية علي اسم إسرائيل يحرم العرب الإسرائيليين غير اليهود من صفة المواطنة فضلا عن أن إسرائيل لم يسبق لها أن أثارت هذا الموضوع في مفاوضاتها مع مصر أو مع الأردن عند إبرام معاهدات السلام. مما يؤكد أن الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية تثير هذا الموضوع الآن اتساقاً مع سياسة التسويف لرفع سقف مطالباتها بحيث تعرقل أي اتفاق محتمل مع الفلسطينيين.
بالإضافة إلي ما تقدم فإن قرار التقسيم الذي اعترفت به علي مضض فلسطين ودول عربية عديدة جاء به كما هو معروف أنه يحوي تقسيماً للأراضي الفلسطينية إلي دولة يهودية ودولة عربية وبالفعل نشأت الأولي ولكن الثانية مازالت مثار عراقيل عديدة من جانب إسرائيل. وللأسف نجد أن إسرائيل أصبحت مؤخراً تجاهر باعتراضها علي قيام دولة فلسطينية مما يجعل في نظري الحديث عما يطلق عليه مسيرة سلام «مضيعة للوقت».
المبادرة العربية
• علي صعيد آخر يتردد حاليا نية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقد صفقة تشارك فيها بعض الدول العربية المعنية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل حتي تقدم إسرائيل علي بعض «التنازلات» تجاه الفلسطينيين؟
- تعليقي الوحيد الآن أن هذه الأفكار تنبع من إسرائيل التي تجاهلت عامدة المبادرة العربية التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله في قمة بيروت عام 2002 ثم بدأت في السنوات الأخيرة تسعي إلي قلب المبادرة رأسا علي عقب، فالمبادرة ترمي إلي تنفيذ إسرائيل للانسحاب وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وإيجاد حل عادل للاجئين ثم تقوم الدول العربية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل وليس العكس كما تسعي إسرائيل الآن. بمعني أن إسرائيل تسعي لقلب المبادرة العربية رأساً علي عقب. فهي تطالب العرب بالتطبيع معها حتي تفكر في الإقدام علي تنفيذ التزاماتها الواردة في قرارات الشرعية الدولية أساساً بالانسحاب من الأراضي العربية التي تحتلها.
وقد حدث بالفعل أن حضر إلي القاهرة في ربيع 2011 وفد إسرائيلي يضم ما يطلق عليه Israel Peace Initiative ويتكون من عدد من الرؤساء السابقين للموساد وشين بيت وبعض الدبلوماسيين السابقين وبعض الصحفيين لمقابلتي عندما كنت وزيراً للخارجية وقدموا العرض التالي «الدول العربية تقدم بتنفيذ الالتزامات في المبادرة التي اقترحها الملك عبدالله بن عبدالعزيز حتي يتمكن أعضاء هذا الوفد من إقناع إسرائيل بتنفيذ التزاماتها الواردة في المبادرة بمعني أنهم يقترحون أمرين الأول To reverse the order أي تنفيذ الشق الثاني من المبادرة في البداية، والثاني يتعلق بطبيعة الالتزامات، فالدول العربية تقوم بتنفيذ التزامات في مقابل سعي إسرائيل وليس تنفيذ إسرائيل لتنفيذ التزاماتها الواردة في المبادرة.
وبالطبع أكدت لهم أن ما يقترحونه غير مقبول، لأن الشق الأول الخاص بتنفيذ الالتزامات الإسرائيلية وبالذات الانسحاب من الأراضي المحتلة هو أساس المبادرة وأنهيت المقابلة. ومازال هذا التفكير تروج له إسرائيل علي الساحة الدولية وقد يلقي قبولاً لدي البعض، وبالطبع علي فلسطين والدول العربية مقاومة هذا التوجه بشدة.
مواجهة الحقائق
• في ضوء ما تقدم لا بد من مواجهة الحقائق والإقرار بأن مجلس الأمن في ضوء الموقف الأمريكي لن يستطيع الإقدام علي تنفيذ قراراته التي أصدرها في القضية الفلسطينية، فما العمل؟ هل هناك جهة قضائية يمكن اللجوء إليها لرفع الظلم؟
- للأسف الشديد في المرحلة الحالية للنظام الدولي الالتجاء إلي القضاء الدولي اختياري وبالتالي لا يمكن إجبار دولة علي قبول الالتجاء إلي محكمة دولية. يمكن بالطبع استخدام محكمة العدل الدولية لإصدار آراء استشارية كما فعلت فلسطين عندما صدر قرار من الجمعية العامة حول الجدار العازل عام 2004، ولكن لم يترجم الرأي الاستشاري إلي تغيير حقيقي ولم يمنع إسرائيل من بناء الجدار العازل.
هناك طريق آخر يمكن طرقه، وهو الالتجاء إلي الجمعية العامة للأمم المتحدة التي لها صلاحيات سياسية واسعة طبقاً للمادة العاشرة والمادة الرابعة عشرة من الميثاق ولكنها لا تصدر قرارات إلزامية للدول. ويتواتر أحياناً من يقول ان الجمعية العامة تملك تحت قرار الاتحاد من أجل السلام الصادر في 3 نوفمبر 1950 إصدار قرارات ملزمة وهذا غير صحيح وليس هناك مجال شرح الأسباب ولكن يكفي القول بأن قرار الاتحاد من أجل السلام هو قرار من الجمعية العامة ولا يرقي إلي تعديل الصلاحيات التي حددها الميثاق للجمعية العامة.
• وما المطلوب الآن؟
- فالمطلوب الآن في ضوء الخيارات المحدودة المتاحة للقيادة الفلسطينية الشروع في القيام بحملة قوية ومنظمة تشنها القيادة الفلسطينية بتأييد ودعم كاملين من الدول العربية ولتؤتي هذه الحملة ثمارها وتشعر إسرائيل بأن الضغط العالمي عليها سيتزايد ويستمر ويتصاعد علي نحو متصل حتي ترضخ لإرادة المجتمع الدولي في تحقيق السلام وإنهاء الصراع في الشرق الأوسط وحتي يكتب لمثل هذه الحملة النجاح لا بد من توافر بعض أمور أساسية قد يكون أهمها الأول انتهاء الانقسام الفلسطيني الحالي بصورة قاطعة وتجنيد جميع الطاقات الفلسطينية في إطار المقاومة السلمية، والثاني البدء في حملة عصيان مدني حقيقي ومقاومة سلمية داخل الأراضي الفلسطينية أسوة بما أقدم عليه غاندي في الهند للتخلص من الاحتلال البريطاني. ولا شك «أن مثل هذه الحملة سوف يكون ثمنها غاليا علي الشعب الفلسطيني الشقيق وسوف يكون لها ضحايا، والثالث تأييد قوي وواضح لحملة مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية B.D.Sكما فعل الاتحاد الأوروبي عندما اتخذ guidelines بدأ في تطبيقها بالفعل منذ عامين، كما أن الشباب في جامعات كثيرة في الولايات المتحدة الأمريكية يطالبون بذلك. ولكن للأسف لا نجد صدي لهذ الحملة في الدول العربية، الرابع رفع سقف حملة حشد الرأي العام العالمي بما في ذلك الالتجاء إلي مختلف أجهزة الأمم المتحدة وإلي المحكمة الجنائية الدولية لتجريم مرتكبي الجرائم وجميع المنابر الدولية لإبراز أن إسرائيل اليوم تمثل آخر معاقل الأبارتيد والتفرقة العنصرية في العالم وأن ممارساتها تتعارض مع النظام الدولي بل وتقوضه من أساسه، الخامس أن يكون الهدف عقد مؤتمر دولي كما طالب الرئيس محمود عباس لتحديد موعد لتنفيذ القرار 242 وليس مجرد التفاوض حوله وإطلاق ما يطلق عليه عملية سلام جديدة لا طائل من ورائها وتؤدي إلي مزيد من إضاعة الوقت.. وأخيراً لا أعتقد أنه هناك جدوي من الوصول إلي تحرك حقيقي نحو السلام طالما بقي نتنياهو والتحالف اليميني الذي يقوده في الحكم.
اتخاذ مواقف
• ما الخطوات التي يجب اتخاذها في الفترة المقبلة؟
- في البداية يجب إنهاء الانقسام الفلسطيني ودعم المقاومة السلمية لإشعال الرأي العام، وتوحيد الخطوات المتخذة ضد الاحتلال، وتنشيط حركة عدم الانحياز، وتنشيط حركات المقاطعة من قبل الدول العربية واتخاذ مواقف موحدة، كما أنني أري جهودا جيدة من الرئيس محمود عباس الرئيس الفلسطيني، والكنيسة والأزهر الشريف، ولكن أعلم أن الربيع العربي شغل بعد الدول عن فلسطين.
• كيف تري الأحداث في سوريا؟
- النظام الدولي فشل في حماية السلم والأمن الدولي، آلاف المواطنين يموتون والجميع يشاهد ولا يسعي لحل حقيقي، فعندما كنت رئيسا للجامعه العربية أرسلنا مراقبين في 16 مدينة لوقف إطلاق النار، ولكن هناك بعض الدول لا تساعدنا وسحبت المراقبين، وطالبت مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار ولكنه لم يتخذ موقفا، وروسيا تستخدم صلاحية الفيتو وهذا كارثة لحماية مصالحها كما تفعل أمريكا التي تستخدم الفيتو في مجلس الأمن لحماية إسرائيل فقط.
• لماذا تستخدم أمريكا صلاحية الفيتو لحماية إسرائيل فقط؟
- أولا أمريكا تفعل ذلك منذ 30 عاما وذلك لأن إسرائيل تسيطر علي الكونجرس والإعلام ولديها نفوذ كبير وتتحكم في السياسة الخارجية لأمريكا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.