نكايات صغيرة قالت: لمضيفتها سوف أرحل - إلي أين؟ - لا مكان بالتحديد - أعلم أن الأرض لن ترفض استقبالي - فأنا لا أستطيع المكوث بعيدا عن بيتي ، وهم قد اغتصبوا الحياة من فمي - آه من يستطيع إيواء هذا الشتات الذي أشعر به - سوف أرحل تنهدت ذكري والديها، أطفالها،اخوتها، زوجها، بيتها أشجارها العامرة أصص الورد، روائح الريحان، الآجر الرطبة تناثرت روحها تحت الجنادل ومع كل ذكري زائرة تبحث عن نور تشبث به هذا الهيام - لابد من الرحيل - أرحل كما ترحل الكائنات في كل فصل لها مأوي مختلف - سوف أتجدد مثلها وأبني أعشاشي تحت كل ظل - وأغرس أقدامي في رمال البحر، وأتخذ من الريح بوصلة لأيامي لعل احمالها تصلني برفات النائمين في سلام - لم تعد لي غاية ياالله سوي أن الأرض تجمعني جمعت زمام نفسها – وقررت انطلاقتها مشت نحو الطريق، وجدت امرأة تفرش بضاعتها القديمة تبيع الحرب وتشتري السلام وقفت تتفحصها – ذكريات مهدمة، قمصان صغيرة ملطخة، أسمال بالية وفرش مهترئة وأقدام معفرة، خوذة جندي محطمة - نبست بسخرية: أتبيعين عطرا للموت أيتها المرأة !! اغمضت المرأة عينيها عن ابتسامة ماكرة ابتاعت منها قميص طفل عرفته جيدا ضمته إلي صدرها استنشقت رائحة قلبها ومضت في رحلتها بعيدا.. بعيدا.. ولم تعد. مأوي في قلب الماء - همهمت قائلة: هذه الليالي قلقه بفعل الريح الباردة - رد الزوج كل ليلة يتكرر هذا الحدث وننجو منه بفضل الله - نامي ولا تخافي تناوبت الاهتزازات علي أجسادهم، وكأن أجسادهم تمخر العباب نام الزوج في غير اكتراث وظلت تتضرع بخوف أن تمضي هذه الليلة بخير ، ها.. هي اهتزازة أخري تُغرق الليل في ثوبه المشكوك بالضباب إزاء هذا القلق قامت تحكم الغطاء المصنوع من الشراع علي جسد طفليها وكل ليلة تطرح تساؤلاتها - إلي ما نؤول ان غُمر هذا الطوف بالماء ونحن نيام؟ - حتما سنغرق بلا صوت.... لا محالة - تمتمت بتضرع يا ألله احرسنا واحرس هذا الطوف لا مأوي لنا سواه آذن الصبح بالقدوم، واخذت الشمس موقعها من السماء متهلله تُكذب احاديث صدرها الهائجة افاقت مشفقةٌ علي عينيها من هذا السهاد أذاب النور مثل كل يوم جليد ليلتها البائسة أيقظت زوجها .. قم لنجدف فقد نجونا..