بعد أن تبادل الطرفان التصريحات والمؤتمرات الصحفية علي مدي أسبوعين، وأدان كل منهما الأخر، ظهرت بوادر لحل الأزمة الناشبة بين وزير الثقافة د. شاكر عبد الحميد، ود. سامح مهران رئيس أكاديمية الفنون، مع مطلع الأسبوع الماضي، حيث أعرب عدد من الشخصيات عن رغبتهم في أن يلتقي الإثنان، ويتم بحث كيفية أن يعود الهدوء للأكاديمية، لكن في اليوم التالي مباشرة، " الأحد الماضي" اشتعل الموقف، حيث حاصرت مجموعة من الأساتذة والطلبة مكتب د. سامح مهران وتم منعه من الخروج، وكانت هناك محاولات لاقتحام مكتبه، وهو ما أدي إلي أن يخرج رئيس الأكاديمية في حماية شرطة النجدة، بعد أن رفض حرس الأكاديمية التدخل، بحجة أنه يتبع شرطة السياحة، ولا علاقة له بما يحدث ( لازال الحرس في أكاديمية الفنون يتبع وزارة الداخلية، حيث لم يطبق عليها حكم مجلس الدولة الصادر بطرد الحرس الجامعي، لأن الحكم ينطبق علي الجامعات التابعة لوزارة التعليم العالي، والأكاديمية خارج هذه التبعية). السبب المباشر وراء مشهد الاقتحام، هو قيام عدد من أساتذة الأكاديمية بدعوة صحفيين، للكشف عن تزوير تم في التوقيعات التي وجهت للدكتور شاكر وتطالب بإقالة د.سامح، حيث أن هذه التوقيعات كانت علي أمر آخر، ولكنّ عددا من الأساتذة الراغبين في إقالة سامح، استخدموا التوقيعات في غير الغرض، الذي جمع من أجله، وبينما يتم عرض وجهة النظر هذه، دخل القاعة مجموعة من الأساتذة الذين رأوا أن من حقهم حضور المؤتمر، وبيان وجهة نظرهم فيما يقال، ونشبت معركة كلامية بين الفريقين، انسحب علي أثرها الصحفيون، وتوجه بعضهم لمكتب رئيس الأكاديمية، وهو ما دفع بالغاضبين إلي محاصرة المكتب، مما أدي إلي أن يستدعي د. سامح شرطة النجدة ليتمكن من الخروج، وسط هتافات معادية له تطالبه بالرحيل، ولكن هذا المشهد علي الجانب الآخر أدي لغضب عدد من الأساتذة، الذين رأوا فيه إهدارا للقيم الجامعية، وتعديا لا مبرر له علي رئيس الأكاديمية، خاصة أن هناك بعض الطلبة شاركوا في الهتاف ضده، واختار هؤلاء الأساتذة عدم السكوت وأصدروا بيانا، وقعه أكثر من خمسين شخصية من معهد الفنون المسرحية : د. سيد امام ، أ.د.رمزي مصطفي ، أ.د. سمير أحمد ، أ.د. مصطفي يوسف ، أ.د. رضي غالب ، أ.م.د.أيمن الشيوي ، د. صبحي السيد ، د. سيد خطاب ، أ.د. عبد الناصر الجميل عميد المعهد العالي للفنون المسرحية ، أ.د. أسامة أبو طالب ، أ.د. عبد الرحمن دسوقي . من النقد الفني : أ.د. أحمد بدوي عميد المعهد العالي للنقد الفني ، د. ياسمين فراج ، مدرس مساعد صفاء عمارة . من الموسيقي العربية ، أ.د. مايسة عبد الغني ، د. ماجد سرور . من السينما : أ.د..م. أحمد فهمي ، مدرس مساعد سناء هاشم . من العاملين والإداريين طارق منصوري إداري فنون مسرحية ، هدي عبد السلام مدير شئون طلاب فنون مسرحية ، سيد عبد النعيم اداري ، حامد دسوقي أمين المعهد العالي للفنون المسرحية ، هاني حلمي مدير شئون عاملين. وقد وصف البيان المعارضين بأنهم "عناصر الثورة المضادة في الأكاديمية تحاول عرقلة مسيرة الإصلاح والتطوير، بهدف إقصاء جيل الشباب والانحياز لامتيازاتهم الماضية غير البصيرة بمتطلبات المستقبل، والاستئثار بالنفوذ داخل هياكل الإدارة والسلطة في الأكاديمية". وقد طالب البيان ب"إجراء تحقيق فوري في أمر توقيعات أعضاء هيئة التدريس والعاملين بالأكاديمية التي تضمنها البيان الذي ُوزع علي الصحفيين في المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الثقافة تضامنا مع مجموعة من العاملين بالأكاديمية يوم الثلاثاء قبل الماضي، لما جاء فيه من تزوير واضح، يؤدي إلي تضليل الإعلام و الرأي العام، وذلك علي النحو التالي: وجود توقيعات لأشخاص فارقوا الحياة مثل د. يسري رياض ورقمه في الكشف"59"، تكرار توقيع بعض الأسماء عدة مرات مثل: حسن يوسف طه برقم"12"و"45" ومحمد عبد العزيز السيد برقم"10"،"49"،"130"، وإيمان حجازي برقم"14"، "57"، ومصطفي محمود يحيي برقم"7"، "44"، "68"، وغيرهم، وجود توقيع لأشخاص لا ينتمون قط للأكاديمية، مثل ناهد عبد الحميد برقم"53"، وجود توقيعات لطلاب من معاهد مختلفة مثل أحمد خالد برقم"125"، وأمل حبيب برقم "126"وأحمد عصمت صابر برقم"127"، و"هيثم عياد وغيرهم، مما يعد جرما تربويا وأخلاقيا يزج بالطلاب فيما لا يعنيهم من صراع الأساتذة، ويخضعهم في الوقت نفسه للابتزاز النفسي، ويستغل مشاعرهم الثورية دون أدلة واضحة تحت أيديهم، ويفسد في النهاية علاقاتهم بأطراف العملية التعليمية، وجود توقيعات لعديد من أعضاء هيئة التدريس، الذين أقروا بأنهم لم يوقعوها، وأن أسماءهم أقحمت عليها، مما يعد تزويرا فاضحا". كما طالب البيان بتشكيل لجنة الثقافة والإعلام والسياحة في مجلس الشعب، للعمل علي فحص ملفات الأكاديمية، وتقصي الحقائق حولها، تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد من يتبين تورطهم في مسائل تتعلق بالفساد سواء ماليا أو إداريا، حتي يسد الطريق علي من تسول له نفسه الادعاء المرسل وتسميم أجواء العمل في الأكاديمية، بغير دليل. وقدم الموقعون علي البيان اقتراحين لاستقلال الأكاديمية، الأول: المطالبة بتعديل المادة رقم"9"في قانون تنظيم الأكاديمية 158 لسنة 1981 ، بما يؤكد وضع الأكاديمية كهيئة قومية مستقلة غير تابعة لإشراف وزير الثقافة، لضمان استقلالها واستقرارها، والثاني التعجيل بإكمال إجراءات ضم الأكاديمية إلي المجلس الأعلي للجامعات، وتطبيق قوانين العمل الجامعي عليها، بما يؤكد وضعها كمؤسسة تعليمية مماثلة، ويرتقي بالطالب وعضو هيئة التدريس. أخبار الأدب سألت د. سامح مهران عن رايه في البيان، فأكد أنه قرأ البيان كما قرأته، وأنه لم يتدخل من قريب أو بعيد لإصدار هذا البيان، أما ما جاء فيه فيما يخص استقلالية الأكاديمية، فهو مع ذلك تماما، بل أنه سعي إلي أن تكون الأكاديمية عضوة في المجلس الأعلي للجامعات، وأنه ينتظر أن يتخذ المجلس قرارا في المذكرة المقدمة له، أما فيما يخص إلغاء التبعية لوزارة الثقافة، فقال إنه في حال ضمها للمجلس الأعلي للجامعات، حينئذ سيتم التفكير في وضعها، هل تتبع وزارة التعليم العالي أم تبقي مستقلة، وفي كل الأحوال انضمامها للمجلس الأعلي للجامعات سيحل الكثير من المشاكل، لأنه سيجعل القواعد الجامعية مطبقة علي الأكاديمية، ويحول دون مقاومة التطوير بالإرادات الفردية. سألته وما موقفه مما ذكر في البيان من طلب إحالة عدد من أعضاء هيئة التدريس للتحقيق بتهمة التزوير، أجاب نعم أنا مع هذا المطلب ، فبصفتي رئيس اكاديمية لا أحب أن أرأس مجموعة من المزورين، من أخطأ يحاسب بالطرق القانونية، خاصة أن هذا المطلب من جانب مجموعة من الأساتذة لا يمكن تجاهله. سألته إذن من الذي سيقوم بهذه الخطوة، أجاب أنا بصفتي رئيسا للأكاديمية، سأطلب تحويل الأوراق للجهات القانونية للتحقيق فيها. سألته: د. سامح ما حدث معك يوم الأحد الماضي من احتجاز لك، ألا يمثل لك رسالة واضحة في عدم رغبة البعض وجودك، أجاب لا يمثل لي سوي رسالة واحدة، أن من اعتصموا في مكتب د.شاكر عبد الحميد وزير الثقافة، هم الذين قاموا بحجزي في مكتبي، رغبة منهم في أن يتحول الأمر لمعركة بينهم وبين من هم غاضبون مما يحدث، لكنني منعت ذلك بقدر المستطاع، واستعنت بشرطة النجدة لكي أخرج من مكتبي. سألته: من وجهة نظرك ما هو المخرج الآن؟، أجاب: أن يكف الكبار عن دعم أساتذة ليسوا فوق مستوي الشبهات، فسلوك التحريض يجب أن يتوقف، ونلجأ جميعا للقانون، وأن يعلن علي الملأ نتيجة ما قيل عني من أنني سبب في إهدار المال العام. سألته ماذا تقصد بالكبار؟ أجاب: من جلس مع عدد من الأساتذة في مكتبه، وعقد معهم مؤتمرا صحفيا لإدانتي. أخبار الأدب، توجهت- أيضا- إلي د. شاكر عبد الحميد وزير الثقافة وسألته كيف يري الأمر برمته، أجاب: يدي مشلولة عن أن اتخاذ أي موقف في الأكاديمية، وذلك بسبب القانون، وقد لجأت إلي القنوات الشرعية وعرضت وجهة نظري، ولكن حتي الآن لم أتلق ردا. سألته: ما رأيك فيما حدث من احتجاز رئيس الأكاديمية في مكتبه؟، أجاب: كنت لا أتمني أن يحدث ما حدث، وأنا أرفض تماما هذه الواقعة، فهو أستاذ زميل وإنسان له كرامته، وكنت أتمني ألا يهان د. سامح مهران، لأنني أرفض إهانة أي مصري. سألته: ما رأيك في البيان الذي أصدره عدد من أساتذة الأكاديمية؟، فأكد أنه لم يطلع عليه، فقرأت له البيان للتعليق، خاصة الجزء الذي يدور حول استقلالية الأكاديمية، فقال: الحديث الآن عن أي خطوات لمستقبل الأكاديمية سابق لأوانه، إذ يجب أن يسبق ذلك خطوة اتبعتها الجامعات المصرية وهي إجراء انتخابات، وإذا أراد سامح أن يخوضها فهو حر في ذلك، وبالتالي تكون لدينا قيادة منتخبة مثل كافة الجامعات المصرية. د. أحمد سخسوخ أحد الوجوه المعارضة لاستمرار رئيس الأكاديمية سألته: ما السبيل للخروج مما يحث الآن؟ فأجاب: سامح مهران فاقد لشرعية وجوده، تعيينه باطل، وقراراته كذلك، لابد من إقالته ومحاسبته، عما ارتكبه في الأكاديمية من فساد مالي، وحصوله علي مكافآت ليست من حقه، ومطاردته للأساتذة بالتحويل للمحاكمات والنيابة الإدارية، والرقابة الإدارية، لن نسكت حتي يرحل، وما حدث يوم الأحد الماضي يؤكد أن الأمور خارج السيطرة، وأن يترك الأكاديمية بعد محاصرته لساعات، يشير إلي أن سيطرته علي الأمور انتهت، واستمراره خطر ينذر بحرب أهلية في الأكاديمية، لابد أن يغلب سامح مهران المصلحة العامة علي مصلحته الشخصية، وأن يرحل.