إسرائيل ترد على طلب ترامب بقصف جنوني "بلا رحمة" للأحياء السكنية ومراكز الإيواء بغزة (فيديو)    رئيس وزراء بريطانيا: قبول حماس لخطة السلام الأمريكية خطوة مهمة إلى الأمام    مصر تتأخر بهدف أمام تشيلي في الشوط الأول بكأس العالم للشباب    منتخب مصر يتأخر بهدف أمام تشيلى فى الشوط الأول بكأس العالم للشباب    بعد أشمون، تحذير عاجل ل 3 قرى بمركز تلا في المنوفية بسبب ارتفاع منسوب النيل    اليوم، الهيئة الوطنية تعلن الجدول الزمني لانتخابات مجلس النواب    اسعار الذهب فى أسيوط اليوم السبت 4102025    عاجل - حماس: توافق وطني على إدارة غزة عبر مستقلين بمرجعية السلطة الفلسطينية    تتقاطع مع مشهد دولي يجمع حماس وترامب لأول مرة.. ماذا تعني تصريحات قائد فيلق القدس الإيراني الأخيرة؟    أسعار الخضروات فى أسيوط اليوم السبت 4102025    اسعار الحديد فى أسيوط اليوم السبت 4102025    تشكيل الأهلي المتوقع أمام كهرباء الإسماعيلية في الدوري    الأرصاد: طقس دافئ اليوم السبت وغدًا الأحد مع انخفاض طفيف بالحرارة    بيطري بني سويف تنفذ ندوات بالمدارس للتوعية بمخاطر التعامل مع الكلاب الضالة    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بالطريق الدائري بالفيوم    نسرح في زمان".. أغنية حميد الشاعري تزيّن أحداث فيلم "فيها إيه يعني"    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم السبت 4102025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الأقصر    سعر السمك البلطى والسردين والجمبرى والكابوريا بالأسواق السبت 04-10-2025    الإثنين أم الخميس؟.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للقطاع العام والخاص بعد قرار رئيس الوزراء    "مستقبل وطن" يتكفل بتسكين متضرري غرق أراضي طرح النهر بالمنوفية: من بكرة الصبح هنكون عندهم    هدافو دوري المحترفين بعد انتهاء مباريات الجولة السابعة.. حازم أبوسنة يتصدر    تامر مصطفى يكشف مفاتيح فوز الاتحاد أمام المقاولون العرب في الدوري    أبرزها قناة kids5 وmbc3.. ترددات قنوات الكارتون للأطفال 2025    نادى سموحة يُعلن عن عدم اكتمال النصاب القانونى لاجتماع الجمعية العمومية    القلاوى حكما لمباراة إنبى وزد.. وعباس لفاركو ودجلة فى دورى Nile    تفاعل مع فيديوهات توثق شوارع مصر أثناء فيضان النيل قبل بناء السد العالي: «ذكريات.. كنا بنلعب في الماية»    لبحث الجزر النيلية المعرضة للفيضانات.. تشكيل لجنة طوارئ لقياس منسوب النيل في سوهاج    تفاصيل موافقة حماس على خطة ترامب لإنهاء الحرب    موعد امتحانات شهر أكتوبر 2025 لصفوف النقل.. التعليم تحدد تفاصيل أول اختبار شهري للطلاب    رابط منصة الشهادات العامة 2025-2026 عبر موقع وزارة التربية والتعليم    مصرع شاب بطلق ناري في مشاجرة بأسوان    النص الكامل ل بيان حماس حول ردها على خطة ترامب بشأن غزة    «عايزين تطلعوه عميل لإسرائيل!».. عمرو أديب يهدد هؤلاء: محدش يقرب من محمد صلاح    الصحف المصرية.. أسرار النصر عرض مستمر    الوادى الجديد تحتفل بعيدها القومى.. حفل فنى وإنشاد دينى.. وفيلم بالصوت والضوء عن تاريخ المحافظة    6 أبراج «روحهم حلوة»: حسّاسون يهتمون بالتفاصيل ويقدمون الدعم للآخرين دون مقابل    عمرو دياب يشعل دبي بحفل ضخم.. وهذه أسعار التذاكر    وزير الرى الأسبق: ليس هناك ضرر على مصر من فيضان سد النهضة والسد العالى يحمينا    وائل عبد العزيز يتوعد صفحة نشرت خبرا عن ضياع شقيقته ياسمين    احتفاء واسع وخطوة غير مسبوقة.. ماذا فعل ترامب تجاه بيان حماس بشأن خطته لإنهاء حرب غزة؟    جيش الاحتلال الإسرائيلى يقتحم بلدات فى نابلس ويعتقل شابين فلسطينيين    محيط الرقبة «جرس إنذار» لأخطر الأمراض: يتضمن دهونا قد تؤثرا سلبا على «أعضاء حيوية»    عدم وجود مصل عقر الحيوان بوحدة صحية بقنا.. وحالة المسؤولين للتحقيق    متحدث «الري»: أديس أبابا خزّنت كميات مياه ضخمة بالسد الإثيوبي قبل الموعد لأسباب إعلامية    في زفة عروسين، مصرع فتاة وإصابة آخرين خلال تصادم سيارة ملاكي بسور خرساني بمنشأة القناطر    ضبط 108 قطع خلال حملات مكثفة لرفع الإشغالات بشوارع الدقهلية    سعر الدولار مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية فى بداية الأسبوع السبت 04-10-2025    أسعار السكر والزيت والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 4 أكتوبر 2025    لزيادة الطاقة وبناء العضلات، 9 خيارات صحية لوجبات ما قبل التمرين    الشطة الزيت.. سر الطعم الأصلي للكشري المصري    داء كرون واضطرابات النوم، كيفية التغلب على الأرق المصاحب للمرض    هل يجب الترتيب بين الصلوات الفائتة؟.. أمين الفتوى يجيب    جامعة قناة السويس تنظم مهرجان الكليات لسباق الطريق احتفالًا بانتصارات أكتوبر    مواقيت الصلاه في المنيا اليوم الجمعه 3 أكتوبر 2025 اعرفها بدقه    افتتاح 3 مساجد بمراكز محافظة كفر الشيخ    رسميًا.. البلشي وعبدالرحيم يدعوان لعقد اجتماع مجلس الصحفيين من جريدة الوفد الأحد    تكريم 700 حافظ لكتاب الله من بينهم 24 خاتم قاموا بتسميعه فى 12 ساعة بقرية شطورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لاعبو غزة والكرة.. عندما تنزح الأحلام من المخيمات إلى ملاعب القاهرة
نشر في مصراوي يوم 16 - 09 - 2025

قبل أشهر، دق هاتف اللاعبين محمد حجاج وعبدربه هاني برسالة من أحد الرياضيين الفلسطينيين المقيمين في مصر تخبرهما بموعد ومكان أحد الأندية بالقاهرة، حيث سيلعبان مباراتهما التدريبية الأولى مع لاعبين آخرين.
كان وقع الرسالة مثيرًا لهما، لقد غاب الاثنان عن الملاعب واللعب الجماعي لفترة منذ تركا غزة مع بداية الحرب الإسرائيلية في أكتوبر عام 2023. وعندما وصلا إلى المكان المحدد، وجدا أمامهما نحو 40 لاعبًا آخرين من مناطق متفرقة من القطاع.
إنها مبادرة المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني التي أوكلها لأفراد مسؤولين عن الإدارة والتدريب لجمع اللاعبين الموجودين في مصر. وهدفها الأول "استعادة اللياقة البدنية للاعبين"، والثاني وربما الأهم "أن يراهم كشافو المواهب ويحترفون بأندية"، كما يقول أنور عدنان (المدير الإداري والفني)، الذي أعطى الإشارة لانطلاق المباراة.
مع الدقائق الأولى، عندما يمر اللاعب عبدربه هاني (19 سنة) بين اللاعبين، وهو ينطلق في تسديدة سريعة، كان يغالب تلك الصور التي تقفز إلى رأسه حين يرى وجوههم؛ فهذا اللاعب قابله في طابور انتظار المياه عند نزوحه الأول، والثاني في وقت توزيع المساعدات، والثالث على الطريق حين كان ينزح للمرة الثانية.
هكذا وصف تلك اللحظة التي قطعها تسجيله لهدفه الأول بالمباراة. ويقول بعدها: "لم أكن أتوقع أن أراهم هنا ونتجمع مرة أخرى". فقد قضى "عبدربه" عدة أشهر بالحرب، نجا بأعجوبة من القصف عدة مرات، ونزح خلالها من مسكنه بمخيم النصيرات إلى الجنوب، ومن الجنوب عائدًا إلى الوسط، ثم إلى الجنوب مرة أخرى قبل أن يأتي مع إخوته ووالدته إلى مصر في منتصف العام الماضي ويدرس بجامعة الأزهر.
بالنسبة ل"عبدربه"، فهذه المبادرة هي فرصته الكبيرة ليكون في مرمى اختيارات الأندية المصرية بسبب صغر سنه، بعكس اللاعب محمد حجاج، صاحب ال38 عامًا.
كانت حركات "حجاج" وقفزاته الخفيفة وتمريراته تدل على خبرة طويلة وقدر كبير من القيادة، فهو أحد أبرز نجوم فريقه "نادي خدمات رفح"، الذي لم يبدله أبدًا منذ بدأ لعب كرة في سن ال14، فانضم إلى فريقه الأول الأساسي وحصل معه على خمس دوريات من أصل سبعة. وكان يمضي قدمًا نحو الدوري الثامن قبل أن تندلع الحرب وتُخرب كل شيء.
يسدد رمية طويلة ثم ينظر إلى زوجته وابنه (7 سنوات)، وهما يتابعان المباراة من المقاعد، ويقول: "هذا اللعب فرق في نفسيتي كثيرًا، أنا حياتي في غزة كانت كلها كرة منذ أستيقظ وحتى أنام.. لم أعمل في أي شيء آخر".
وفي استراحة قصيرة، صافح "حجاج" اللاعب الأصغر "عبدربه"، وتبادلا الحديث، ليحكي الثاني عن وقت بدايته لعب الكرة، يهمهم محدثًا نفسه ليتذكر في أي عام؟ ثم يتدارك ويميز الوقت بأنه جاء بعد حرب 2014، فيقول له: "بدأت في عام 2015، انضممت لنادي الهلال بالشمال". ليرد الآخر عليه مبتسمًا: "في هذا العام، حصلت على بطولة كأس فلسطين مع نادي خدمات رفح مقتنصًا من فريق الشجاعية". ثم يشير إلى اللاعب علاء عطية، الذي كان في الفريق المنافس له حينها، واجتمعا هنا الآن.
ينضم إليهما أنور عدنان (المدير الإداري والفني)، وهو بالأساس وكيل مدربين كان يأتي بهم من مصر إلى غزة، ويقول: "هذا هدف من أهدافنا، أن يجتمع اللاعبون ويتعرفوا على بعضهم بدلًا من أن تلعب كل مجموعة بمفردها"، ويضيف: "كل ما نفعله هنا بجهود تطوعية ودعم بسيط من المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني، بالكاد يكفي لتأجير الملعب وتوفير الأدوات".
يميل كلامهم ناحية أخبار الحرب رغمًا عن إرادتهم، ف"عبدربه" فقد والده الذي كان ينوي المجيء إليه، و"حجاج" فقد ابن خالته وحارس مرمى النادي وزميله اللاعب سليمان العبيد الملقب ب"بيليه فلسطين"، حيث كان يلعب ضده في الدوريات. والاثنان كانا جزءًا من صفوف المنتخب الفلسطيني. إذ شارك "حجاج" في بطولة بليبيا عام 2011، وأخرى بقطر عام 2012. اقرأ: سليمان العبيد.. هدّاف غزة الذي قتلته إسرائيل بساحة المساعدات (بروفايل).
وبينما يستحضر "حجاج" لحظاته مع سليمان العبيد من خلال صوره على هاتفه، يقول: "هنا، أغلبنا لا يعمل، فلدينا وقت فراغ كبير، لنتابع الأخبار السيئة، ونتذكر من نفقدهم كل يوم". إذ راح "سليمان" مع نحو 350 من لاعبي كرة القدم قُتلوا في الحرب على غزة، بحسب اتحاد كرة القدم الفلسطيني.
ينهض كل من "حجاج" و"عبدربه" مع صافرة العودة إلى شوط آخر، يحاول الأول أن ينفصل عما يجري، أن يتناسى حكيهما وبيوتهما المدمرة وأن إخوته ما زالوا هناك، كما كان يفعل في غزة دائمًا ليصب تركيزه في اللعب، بعكس "عبدربه"، الذي تسيطر عليه أفكاره.
فالكثير من المشاهد كانت تدور حوله هناك: فأحد الشباب ويدعى محمد أبو جلدة كان يلعب جواره على شاطئ مدينة رفح، وهذا أقصى ما يمكنه فعله، فيقول: "كان عندي طموح أن أصير لاعبًا كبيرًا، لكن تأجل طموحي وحياتي. أصبح عمري 20 سنة والوقت يمر وأنا أشعر بأنني أموت كل يوم". وعلى جانب آخر، كانت إصابة محمد نعيم عوض (لاعب نادي اتحاد بيت حانون)، وهو من نفس عمر "عبدربه" تقريبًا، تبتر طرفه وحلمه معًا، فيحكي: "الإصابة منعتني أكمل حلمي في مواصلة اللعب حتى الوصول إلى المنتخب وتمثيل فلسطين، ولا يتوفر علاج، وإذا توفر سيكون سعره عالٍ جدًا". اقرأ: "بتر الطرف الصناعي".. مركز تأهيل أهل غزة يتوقف بعد القصف الإسرائيلي.
يركض "عبدربه" في المباراة، ويبدو أنه يقاوم كل ما يتذكره مع هذا الجهد، فيقول: "تعبنا ومللنا من كل ما يحدث.. أحاول استغلال اللعب، فالكرة هي التي تداوينا". والسبب نفسه ما جعله يلعب بين خيام النزوح بمنطقة دير البلح في بطولة مع لاعبين آخرين، ربما يجد بها بعض العزاء.
فقد دُمرت أغلب ملاعب غزة، وتحول بعضها إلى مراكز إيواء، وذلك بعد أن كانت غزة تضم عشرة ملاعب رياضية، حيث كانت الرياضة متنفسًا لمعظم السكان في ظل حصار خانق لأكثر من 16 عامًا.
وتقول سوزان شلبي (نائب رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني) في تصريحات لها: "رغم توقف الدوري والضائقة المالية التي يعاني منها الاتحاد فإنه يفعل أقصى ما يمكنه لتقديم الدعم لعناصر اللعبة ممن تضرروا من حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على كافة مكونات شعبنا في غزة"، وتضيف: "في المحافظات الجنوبية الأمر كارثي، فالاحتلال دمّر تقريبًا كافة البنى الأساسية، وقتل العشرات من عناصر اللعبة الحاليين والمعتزلين، من لاعبين وكوادر وإداريين، ومبنى الاتحاد في غزة تعرض لدمار كبير".
ومع كل أسبوع، ومن مباراة لأخرى في مصر، تتحسن لياقة اللاعبين ويزداد ترابطهم وتعرفهم الدوائر الرياضية أكثر، فالتقطت أندية نحو أربعة لاعبين منهم، بحسب المدير الفني. وانضم إليهم لاعبون كبار معتزلون، أيضًا من غزة، يشاركونهم في أول 15 دقيقة من المباراة.
وطوال معظم المباراة الأخيرة، ليلة الجمعة، استمر أداء الفريقين عاليًا، كلا الطرفين المتنافسين يكافحان للبقاء والاستمرار. لا يبدو أنهم يبطئون أبدًا ولا منهكين أبدًا، ولا معنى عندهم لكلمة "خاسر" أو "مباراة ضائعة"، فالجميع يلعب وينسى ويحلم فحسب، كما يتحدث "حجاج" الذي يحاول أن يكون واقعيًا ويبحث عن عمل بعيدًا عن الكرة، في وقت ينتظر فيه "عبدربه" فرصته وتحقيق حلم طالما راوده في غزة "وهو الاحتراف في مصر".
اقرأ أيضا: "حنين غزة" من مصر: المقاومة ب"المقلوبة" الفلسطينية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.