قد تكون كتابتي تبسيطية، وقد لا أجد ما أقوله، وربما يخطر لك أن كل هذه البراءة لم تكن إلا لأقول لك: " هابي بيرث داي ". لا أريد أن أصدّعك بكلمات كبيرة، وبما أنني التقيتك مرتين اثنتين، أُجنّبك بدون شك التشعّب والالتباس. القصد، هو أنك جزء من سفري الكثير إلي مصر، وسواء التقينا أو لم نلتق في تلك الأسفار كان يهمّني أنك هناك، وتهمني تلك البانوراما التشكيلية التي تنتجها روحك، والحق أن قدرتك كبيرة علي ذلك اللعب بالمدي، والتأليف الآسر للوجوه من عناصر قليلة وبسيطة إلي هذا الحّد. أن تكون صدفة أن ألتقيك عند حسني في " شرقيات"، من أحسن الصدف أو لا تكون، فهذا في العمق، لا يهّم. في مواجهة لطفك يصعب القبول بأقلّ من حبّ كامل. حكيت لحسني حينها عن رغبتي بشراء شقة في وسط البلد، في المحيط الذي هو فيه يعني، وكنت أنت تسكن في: " الدور اللي فوقيه علي طول " وترغب علي ما رغبت أنا أن أعتقد ببيع شقتك، لكن خفّتي في اتخاذ قرارات حاسمة أودت إلي أحاديث أخري متنّوعة، ثم افترقنا، ثم التقينا في النادي اليوناني، وكان حديثك الذي أصغيت له بكليّ إذ كنت كمن يخوض في رفض ما، وذلك الرفض، أسرني. لا أعرف، ولا أريد أن أعرف كم بلغت من العمر، (مع أن صديقي أحمد يماني تكرّم و أفضي لي بالمسوغ الذي وفرّ لي مشاركتهم الكتابة لك). لقد بلغت أعمارنا جميعاً حالة من التحدي، والمعصية، وإدعاء الخلود ما يسمح لنا بالمخاتلة وكتابة ما نريد، وفيما الزوال المهول سحب صديقي إبراهيم أصلان منذ مدة قريبة، يأتي الاحتفال بعيد ميلادك كمركب إنقاذ لئلا ينتهي عصر الحنان، العصر الإنساني تماماً .ما كنت لأكتب لك لو لم أكن خادمة للرقة واللطف، للطبع المخالف والسليقة المخالفة والغنائية والشاعرية والليونة الأنثوية، والأعياد اللونية والسيولة والتدّفق. لوحاتك علي تواليها الأولي والهندسي، هي في الجهة المعاصرة، ولعل تقاطعات التجريد وفلسفته، والسقم الآخذ بالوجوه، والوحدانية، ليسوا سوي القطع المعاصر مع الثورة الانطباعية. هذه الرسالة التي تفاجئك بالطبع، هي أبجديتي في علاقات مع أرواح أستحضرها من عوالم أخري، وعلاقتي مع أرواح من هذا العالم. لمّا تقرأ رسالتي علي حالها كما هي، يصعب عليك أن تطمئن لها، فهي في الغالب تستفز ذاكرتك وعينك بهجومها المقتحم المسنن، ولقد بنيت علي مثل علاقتي هذه، أغلب عمري . أعني أن مسوّغ كتابتي إليك ليست تماماً : "ال ..هابي بيرث داي " فحسب، فهذه إحدي عناصرها. وأيّا كان الأمر، فأنا أتمتّع بجّد، بطيش أن أعترف لك بمبلغ أثرك الفني والإنساني بالضرورة.