محافظ الأقصر: الانتهاء من تطوير 9 قرى بإسنا ضمن حياة كريمة وافتتاحها قريبا    الكهرباء: لن نضطر لخطة تخفيف الأحمال أو قطع التيار على المواطنين خلال هذا الصيف    صفارات الإنذار تدوي في مناطق واسعة جنوب إسرائيل بعد بدء إيران عاشر موجة من ردها    مبابي مهدد بالغياب عن مباراة ريال مدريد ضد الهلال.. تقرير يكشف السبب    أعمال الموسيقار بليغ حمدي بأوبرا الإسكندرية غدا    «بيحبني دايمًا»    5 مصادر مقربة للمرشد: ضربات إسرائيل تقلص دائرة خامنئي ونجله مرشح لخلافته    محافظ الأقصر يوجه بصيانة صالة الألعاب المغطاة بإسنا (صور)    ترامب: لدينا الآن سيطرة كاملة وشاملة على الأجواء فوق إيران    النيابة تعاين منازل المتضررين بسبب تسريب الصرف الصحى بسوهاج    معلمو الحصة فوق 45 عامًا يُطالبون بتقنين أوضاعهم وتقدير جهودهم    بعد المطالبة بترحيلها.. طارق الشناوي يدعم هند صبري: محاولة ساذجة لاغتيالها معنويًا    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    من سرقة بنك إلى المونديال.. الحكاية الكاملة لصن داونز وملهمه يوهان كرويف    التعليم العالى تعلن فتح باب التقدم للمنح المصرية الفرنسية لطلاب الدكتوراه للعام الجامعى 2026    "فوربس" تختار مجموعة طلعت مصطفى كأقوى مطور عقاري في مصر    خاص ل "الفجر الرياضي" | ريال مدريد سيوقع مع هذا اللاعب عقب المونديال (مفاجأة)    الجيش الإسرائيلي: إيران أطلقت 400 صاروخ حتى الآن    نائب محافظ الدقهلية يتفقد الخدمات الصحية وأعمال التطوير والنظافة بمدينة جمصة    مصرع شاب في حادث دراجة بخارية بالمنيا    "أكبر من حجمها".. محمد شريف يعلق على أزمة عدم مشاركة بنشرقي أمام إنتر ميامي    قرار مهم من "التعليم" بشأن سداد مصروفات الصفوف الأولى للعام الدراسي 2026    رئيسة «القومي للبحوث»: التصدي لظاهرة العنف الأسري ضرورة وطنية | فيديو    رصاصة غدر بسبب الزيت المستعمل.. حبس المتهم بقتل شريكه في الفيوم    «البحوث الإسلامية»: الحفاظ على البيئة واجب شرعي وإنساني    "الحرية المصري": نخوض الانتخابات البرلمانية بكوادر على غالبية المقاعد الفردية    معهد ستوكهولم: سباق تسليح مخيف بين الدول التسع النووية    محافظ أسيوط يستقبل السفير الهندي لبحث سبل التعاون - صور    في ذكرى وفاة الشعراوي.. 7 معلومات مهمة عن إمام الدعاة يكشف عنها الأزهر للفتوى    بدء الجلسة العامة للبرلمان لمناقشة الموازنة العامة    "المدرسة البرتغالية".. نجم الزمالك السابق يطلق تصريحات قوية بشأن الصفقات الجديدة    محافظ المنيا يُكرم مديرة مستشفى الرمد ويُوجه بصرف حافز إثابة للعاملين    نجاح طبي جديد: استئصال ورم ضخم أنقذ حياة فتاة بمستشفى الفيوم العام    عرض غنوة الليل والسكين والمدسوس في ختام الموسم المسرحي لقصور الثقافة بجنوب الصعيد    مهرجان الإسكندرية الدولي للفيلم القصير يواصل تألقه بعرض خاص في القاهرة    التعليم العالي: جهود مستمرة لمواجهة التصحر والجفاف بمناسبة اليوم العالمي    تأجيل محاكمة متهمين بإجبار مواطن على توقيع إيصالات أمانة بعابدين    محافظ القاهرة يتفقد أعمال تطوير بحى السلام ويفتتح بعض المشروعات    محافظ أسوان يشيد بجهود صندوق مكافحة الإدمان فى الأنشطة الوقائية    المرور تحرر 47 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    "ليست حربنا".. تحركات بالكونجرس لمنع تدخل أمريكا فى حرب إسرائيل وإيران    هشام ماجد يسترجع ذكريات المقالب.. وعلاقته ب أحمد فهمي ومعتز التوني    التعليم الفلسطينية: استشهاد أكثر من 16 ألف طالب وتدمير 111 مدرسة منذ بداية العدوان    إيران ترحب ببيان الاجتماع الاستثنائى لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجى    البحوث الفلكية: الخميس 26 يونيو غرة شهر المحرم وبداية العام الهجرى الجديد    دار الإفتاء: الصلاة بالقراءات الشاذة تبطلها لمخالفتها الرسم العثماني    محافظ المنيا: استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 509آلاف طن منذ بدء موسم 2025    وزير الرياضة يرد على الانتقادات: دعم الأهلي والزمالك واجب وطني.. ولا تفرقة بين الأندية    «الرعاية الصحية» تُعلن توحيد 491 بروتوكولًا علاجيًا وتنفيذ 2200 زيارة ميدانية و70 برنامج تدريب    مستشفيات الدقهلية تتوسع في الخدمات وتستقبل 328 ألف مواطن خلال شهر    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    ضبط 18 متهمًا بحوزتهم أسلحة و22 كيلو مواد مخدرة في حملة أمنية بالقاهرة    بدء التشغيل التجريبي لمستشفى طب الأسنان بجامعة قناة السويس    «أمطار في عز الحر».. الأرصاد عن حالة الطقس اليوم الثلاثاء: «احذروا الشبورة»    بعد تلقيه عرضًا من الدوري الأمريكي.. وسام أبوعلى يتخذ قرارًا مفاجئًا بشأن رحيله عن الأهلي    التصعيد مستمر.. إيران تضرب «حيفا» بموجة صواريخ جديدة    «لازم تتحرك وتغير نبرة صوتك».. سيد عبدالحفيظ ينتقد ريبيرو بتصريحات قوية    ما هي علامات قبول فريضة الحج؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائي عز الدين شكري فشير :
مؤسسات الثقافة مصيرها الاندثار
نشر في أخبار الأدب يوم 22 - 01 - 2012

دبلوماسي أم أكاديمي؟... لا يسعده كلا اللقبين. يسعده أكثر كونه روائيا. الكتابة بالنسبة له هي الأصل بينما بقية الأشياء فروع ليست أساسية. فترات العمل الدبلوماسي كانت محدودة ، كان يتنصل منها مع أول فرصة للخروج للدراسة مثلا. فشير وجه مألوف أيضا في ميدان التحرير، نادرا ما كان يغادره حتي الاعتصامات الأخيرة ..وعندما أتيحت له فرصة ان يتولي مسئولية أمانة المجلس الأعلي للثقافة لم يطق المنصب أكثر من أربعة اشهر. حاول التغيير كما يقول ولكنه أدرك أن " تنفيذ الرؤي يتطلب ما لا أطيق ..فضلت ان أقدم خلاصة ما توصلت إليه مع آخرين عن تطوير المجلس الأعلي ولكن التنفيذ يتطلب أشياء كثيرة لم تكن متوافرة".فترة العمل القليلة في المؤسسة الثقافة جعلت لديه يقين بأن " المؤسسة الثقافية مصيرها بعد الثورة "الاندثار"..لا شيء آخر قد تظل مثل شجرة ميتة ولكن لن تنتج شيئا".
هل هو ضد فكرة المؤسسة؟ يجيب: لا، بالعكس أعتقد أن العمل الناجح تقوم به مؤسسات ، بل انا من المؤمنين بإصلاح المؤسسات ولكن تكويني الشخصي يرتكز علي الإنجاز وليس لديّ طاقة نفسية للانغماس في اشياء عقيمة".
صاحب" عناق عند جسر بروكلين" الرواية التي وصلت إلي القائمة القصيرة للبوكر مؤخرا، لديه أسباب كثيرة للتفاؤل بما تم انجازه خلال العام الماضي..ولديه أيضا أسبابه للقلق، ولكنه مقتنع أن ما جري من تغيير حقيقي وعميق ولا يمكن هزيمته. يوضح: لنر ما جري في فرنسا 68. لم يحكم الشباب ، بل جاء ديجول بشبه انقلاباً عسكرياً، ولكن الثورة أعادت صياغة المجتمع، هناك ما جري في امريكا ايضا في الستينيات ، لم يرحل نيكسون ولكن حركة الشباب غيرت أمريكا ، قضت علي سياسة الفصل العنصري.. هذا النوع من التغيرات لا يمكن الوقوف في وجهه.."
كيف يتأمل المشهد بعد عام ..ما الذي تحقق من الثورة وما الذي يتبقي؟
يجيب: أشياء كثيرة تحققت ، ولكن ننساها في غمرة الاكتئاب بما لم يتحقق. أكبر شيء تحقق من وجهة نظري أن الشعب أصبح طرفا أصيلا في المعادلة السياسية، طرف فاعل وإيجابي بعد سنوات كان فيها طرفا سلبيا، لم يكن له دور في الاختيار، كان "رعية" وأصبح " مواطنا" وهذا تغيير عميق في المعادلة السياسية المصرية". الأمر الثاني الذي تحقق الاطاحة بمبارك وبمشروع التوريت ولو اكتمل هذا المشروع لدخلت مصر منزلقا صعبا لم يكن سهلا الخروج منه، لأن هذه الفئة كانت ستحكم براثينها علي الاقتصاد والإعلام والأمن وأجهزة الدولة كلها ، وستتحول مصر إلي دولة تحكمها أقلية شديدة الغني وعديمة المسئولية ، وأغلبية سائمة. واظن أن المشروع قضي عليه ليس فقط في مصر بل في كل بلدان العالم العربي ، كل هؤلاء الأطفال المدللين انتهوا ولن يجرؤ أي حاكم علي التفكير في هذا الأمر."التوريث" كلمة انتهت تماما من القاموس السياسي العربي. الانجاز الثالث أنك قضيت علي فكرة الاستبداد، وهؤلاء الذين يحاولون حالياً استعادة " الاستبداد يفعلون ذلك عبر الديمقراطية ..وهذا أمر لطيف لأنك غيرت قواعد اللعبة السياسية تماما.
اسأله: هذا ما تحقق ما الذي لم يتحقق؟
يجيب: الثورة لم تحكم، بقايا نظام مبارك قائمة ولا تزال تحكم..ولكن هل يمكن اعتبار هذا فشلا ذريعا ، لا أظن. لأن آمال الناس وطموحاتها قفزت بعد 11 فبراير إلي أعلي . الناس تصورت أنها اقتلعت شجرة الفساد من جذورها وهذا ليس صحيحا، ولكن كلما نظمت الثورة صفوفها ستحقق نجاحات أكثر وأكثر في الأيام القادمة.
أسأله: ولكن الثورة لم تحكم لأنها لم تقم بها حزب سياسي، ولم تكن مسلحة ..أي أن فكرة أن تصل للحكم مستبعدة؟
يجيب: لا يوجد في السياسية شيء حتمي، لماذا لا تحكم الثورة؟ صحيح أن هناك ثورات قام بها البعض وقفز عليها آخرون مثل الثورة الإيرانية أو الثورة البلشفية, ولكن أظن أن النصر والهزيمة فكرة تبدأ في " دماغ " الناس، وهذا ليس كلاما إنشائيا، لو استقر في ذهن القوي الديمقراطية أنها هزمت سيتصرفون بهذا الأساس فتنهار قواهم، ولكن لو فهموا أن الثورات "أمواج" واستطاعوا أن ينظموا انفسهم بحيث تأتي الموجة الثانية وهم أكثر قوة. علميا عندما تلقي بجسمك في الماء الجسد سيطفو وحده، تغرق فقط من الخوف. المنطقي الآن والعاقل أن ننظم أنفسنا لندخل الموجة الثانية أكثر قوة، لا أن نظل نجري طول الوقت بحيث تتبدد قوتنا في النهاية وننهار.
أسأله: ما الأخطاء التي وقع فيها الثوار أو قوي الثورة الديمقراطية ؟
يجيب:" كل الأخطاء التي وقعت فيها الثورة طبيعية.
اسأله: بمعني؟
يجيب: حسني مبارك لم يقم بالاستبداد منفردا ، وإنما هناك الحكومات والمعارضة والأفراد الذين ساعدوه علي ذلك. كنا نعمل بسياسات عقيمة، بعد الثورة ايضا كررنا السياسات العقيمة. انقسمت القوي الثورية إلي نصفين: نصف خرج من الثورة بحثا عن الغنائم، ونصف يجري ويبدد قوته حول مبني وزارة الداخلية، وعندما تسأل الثوار ما هي مطالبكم؟ يجيبون إلغاء مباحث أمن الدولة. كان من الأفضل أن يكون مطلبك الوصول إلي الحكم وتلغي بإرادتك ما تريد. مشكلة الثوريين أنهم تعاملوا مع المجلس العسكري مثلما تعاملوا مع مبارك، طالبوه وناشدوه.
- ولكنهم لم يكونوا في الحكم؟
يجيب: بعد تنحي مبارك مباشرة، كانوا في الحكم ، كان من المفترض أن تقول لن أترك الميدان حتي تشكيل مجلس رئاسي مدني.
أسأله: ولكن وقتها كان هناك ثقة في المجلس العسكري؟
يجيب: هذا هو الفرق بين النظرية والواقع، كانت هناك ثقة في المؤسسة ، هناك عدم خبرة سياسية. ولكن من يعطي غيره الثقة في الحكم " مخطيء" وخاصة أنه لم تكن هناك ضمانات. كان علي الثوار أن يحددوا موقفهم : هل تريدون الحكم أم المناشدة. ولكن في نهاية الأمر هذه أخطاء مفهومة، فهي المرة الأولي التي نقيل فيها رئيسا. الخطأ الثاني أننا دخلنا في متاهة التعديلات الدستورية، واستمر التفتت والتشتت في الانتخابات .. أيضا كل ذلك " طبيعيا" .. ومفهوما، ولكن غير المفهوم أن أكرر نفس الأخطاء في المرة القادمة مع الموجة الثانية للثورة.
أسأله: ولكن هل تتوقع أن تكون الموجة الثانية قوية، الثوار بعد فبراير أقل بعد خروج بعض التيارات من الميدان، والتعاطف الشعبي معهم أقل هذه المرة؟
يجيب: هناك أشياء يمكن أن اتنبأ بها، واشياء أخري لا استطيع. ولكن ما أدركه وأتنبأ به أنني لا أثق في النخبة القديمة، ولا في قدرتها علي إدارة أي عمل سياسي فعال. اثق في أن النخبة الجديدة من الشباب لديها فاعلية اكبر، لديهم كراهية للأشياء غير الفعالة. يحكي شكري: " التقيت بأحد الشباب عمره 25 عاما، قال لي: سننزل للمطالبة بنقل السلطة لمجلس الشعب، ولكن الإخوان رفضوا، قالوا لنا ليس مهما الأهم أننا سنحرجهم. ماذا أكسب أنا بحمرة خجل الإخوان؟" . هذا هو المنطق الجديد الذي أقصده، أن تقيس الخطأ والصح بناء علي نتائجه، وإنما منهج "المواقف " غير مفيد. الشباب الجديد يبحث عما يأتي بنتائج، قد يخطئ ولكن لديه قدرة علي تصحيح خطأه والاعتراف به. ولذا نحن امام منهجين أو رؤيتين، رؤية شباب مقموع عملي ، وعواجيز قامعين ولكن " مهرتلين" وغير قادرين.. وأعتقد أن الجيل المقموع أشطر من القامعين ولذا سينتصرون" . ولكن هل يحتاج ذلك الي وقت طويل؟ يجيب: ربما عام أو إثنين ..أربعة اعوام علي أقصي تقدير. إذن لا تتوقع أن يكون 25 يناير القادم هو الموجة الثانية من الثورة؟ يجيب: " لا أظن، الموجة الثانية ستبدأ عندما ينظم الشباب أنفسهم، هناك مئات الائتلافات الثورية الآن بعضها حقيقي وبعضها مزيف، واخبرني احد الشباب انه عضو في 30 ائتلافا كلها تهدف لتوحيد الصفوف ..وهذا عبث".
هل اختطفت الثورة؟
فشير يري أن الثورة لم تختطف، وإنما اختطف المجلس العسكري والإخوان الحكم بادعاء تأييد الثورة. ماذا كان المجلس العسكري إذن في بداية الثورة.. أسأله هل كان هدفه وقف مشروع التوريت فقط مع الإبقاء علي هياكل النظام القديم كما هي؟ يجيب: " المجلس العسكري جزء من مؤسسات النظام القديم، ويسعي هو والأجهزة الأمنية إلي الحفاظ علي هذه المؤسسات القائمة، عن طريق سيطرة الأمن علي السياسة، هذا هو جوهر العملية، قد ينجحون لفترة، ولكن محكوم علي هذه المحاولات بالفشل الكامل. أنا أتوقع أن المؤسسات الأمنية أمامها عام واحد فقط، ربما في يناير القادم لن تكون موجودة، لأن الإخوان والسلفيين سيقومون بطحنهم. نموذج حماس 2006 هو النموذج الذي سيقوم بتنفيذه الإخوان مع هذه المؤسسات.
أسأله: ولكن الحركة السلفية جزء من الجهاز الأمني، ولم يبدر من الإخوان حتي الآن أي خيانة للمجلس؟
يجيب: لا أسمي ذلك خيانة، هم جماعة تبحث عن مصلحتها. في نهاية 2006 كسب الإخوان الانتخابات في غزة، وبدأوا في تشكيل حكومة، السلطة الأمنية بدأت من جانبها في إعادة بناء اجهزتها الأمنية حتي يمكنهم الانقضاض علي حماس ، ولكن حماس انقضت واخذت مقر الرئاسة في ساعة، واستولت علي مقار الأمن في يومين والمواجهات لم تسفر سوي عن مقتل 11 فردا. وأعتقد أن الطريق الذي تسير فيه المؤسسة الأمنية هنا في مصر سيؤدي إلي الأمر ذاته. والمسألة واضحة بالنسبة للإخوان يريدون الاستيلاء علي المؤسسة الأمنية ولن يتركوها..
أسأله: اين القوي الديمقراطية من هذا الصراع؟
يجيب: لو تم تهميش القوي الديمقراطية لن يبقي سوي معركة الثلاثي. هناك معركتان يحدثان في الوقت ذاته. معركة الثلاثي الموجود في الحكم الآن، ومعركة الحكم مع القوي الوطنية . بوضوح هناك معركة سياسية دستورية، ومعركة ثورية وهي المعركة الأوسع ، المعركتان ستحددان مستقبل مص.. هل تسير في سكة إيران وحماس ، أو باكستان أو تركيا؟.
- ولكن كل السيناريوهات متشائمة ..بما فيها السيناريو التركي؟
- السيناريو التركي هو أقصي ما تحلم به مصر الآن. أفضل سيناريو يمكن ان تصل إليه. لأن هناك جزءا كبيرا من الشعب المصري استقر في وعيه الفكر السلفي ويحتاج إلي سنوات لتغيير هذا الوعي.
أستفسر: ولكن لو كانت الصفقة إدارة الدولة للجنرالات والمجتمع للإسلاميين ..أي أن تظل الأجهزة الأمنية والخارجية والقضاء في يد المؤسسة العسكرية، بينما التعليم والثقافة في يد الإسلاميين لن يحدث اي تغيير؟
يجيب: هذه الصفقة تحدث فقط إذا تم القضاء نهائيا علي القوي الديمقراطية ، وتم استبعادها تماما. الموجة الأولي من الثورة اسفرت عن التحالف الثلاثي، ولكن الموجة الثالثة لن يكون للمؤسسة الأمنية وجود، وسيكون الديمقراطيون والإسلاميون اللاعبين الأساسيين . سيكون الصراع بين رؤيتين لمصر، رؤية قمعية باسم الدين ، ورؤية تحررية سواء اكانت بإيديولجيا او بدون. وهذه المعركة ستبدأ مع وضع الدستور ولابد أن تنظم القوي المدنية قوتها لخوض المعركة.
- إذن أنت تري ان مدنية الدولة مهددة؟
يجيب: مدنية الدولة تعرضت للسرقة منذ السبعينيات، ولكن بدأ سرقتها منذ ثورة يوليو، حكم عبد الناصر عسكري مرتكز علي شق ديني، ويمكن أن تقرأ " الميثاق" ، وكتب التربية والتعليم وقتها. السادات استكمل هذه المسيرة مع توسيع الشق الديني، هذا التآكل بلغ ذروته في التسعينيات مع محاربة ما سمي وقتها بالإرهاب، الدولة زودت جرعة اللامدنية عبر تديين المجال العام، وما حدث في الانتخابات الأخيرة كان لحظة كاشفة. الانتخابات لم تأت بشيء غير موجود، وإنما كشفت لنا عمق التديين الذي يعيشه المجتمع والمجال العام.
- هل هو تديين أم شيزوفرينيا ..مصر هي الدولة رقم 4 في العالم التي تبحث حسب جوجول عن كلمة جنس، أعلي إيرادات السينما فيلم " شارع الهرم...؟
يضحك: وهل هذا يتعارض مع تديين الدولة، لا أعني أن تعتنق الدولة الإسلام، وتطبقه في السر والعلن، وإنما معناه أن تزيل الحواجز بين مؤسسات الدولة المفروض فيها الحياد، وبين الخطاب الديني ، أجهزة الدولة من المفترض أن تكون مؤسسات اسمنتية عارية أنت البستها ثوبا دينيا، وهذا لا يعني أن المجتمع أصبح ورعا ، والورع والتقي سلوك شخصي. لنتأمل ما يجري في السعودية هل لا يشربون الخمر؟ يشربون، لا علاقة علي الإطلاق بين التقي والورع بتديين الدولة. وأعتقد ان استعادة مدنية الدولة التي فقدناها طوال ستين عاما لا يمكن أن يتم بين يوم وليلة. لابد من غرس مبادئ مثل حيادية مؤسسات الدولة تجاة المواطنين، حقوق المواطنة، والأقليات ..ولهذا تركيا هي النموذج الأفضل الذي يمكن ان نصل إليه وسط هذا المناخ.
أسأله: الثورة تحتاج إلي ثورة ثقافية في الوقت ذاته ..لم تحدث حتي الآن؟
يجيب: لا حدثت، إنها مثل تسونامي، حصلت في باطن المجتمع ، وبدت مظاهرها في يناير وفبراير، الثورة الثقافية هي تغيير في طريقة التفكير ، وليس في المحتوي، اعتقد حتي شباب الإسلاميين يفكرون بطريقة مختلفة عما يفكر فيه اسلاميو السبعينيات مثلا.
- هذه الثورة ..هل هي شاملة أو محدودة؟
- الإجابة علي هذا السؤال ستحدد مستقبل مصر، لكن ليس لدينا مقاييس، والانتخابات أو طاعة الأوامر ليست مقياسا. هناك تغيير ثقافي حدث وسيظهر تأثيره في الصراع القادم عندما يبدأ " الطحن" الحقيقي"، هناك " طحن" مبدئي ضد استبداد المؤسسة الأمنية وهذا لن يستغرق وقتا طويلا، أما الطحن الحقيقي سيبدأ بعد ذلك.
- وهل الثورة ستنتج طرقا جديدة للتعبير والكتابة ..؟
يجيب: بالتأكيد، هناك فن جديد، وأدب جديد وأعتقد أن النخبة الجديدة بدأت بعد الثورة، لكن لن تجد اصداراتهم في هيئة رسمية أو المجلس القومي لكذا .. هناك في الموسيقي فرق مثل وسط البلد، الألتراس، السينما المستقلة الجديدة، المدونات الروايات .. طرق الاحتجاج الجديدة ..كل ذلك جزء من الثقافة الجديدة.
- هذا موجود علي الهامش هل يمكن ان يصبح متنا؟
يجيب: سيكون متنا بعد الموجة الثالثة للثورة.
أساله: وما مستقبل المؤسسة الثقافية في هذه الحالة؟
يجيب علي الفور: الاندثار ولا شيء آخر. قد تبقي ولكنها ستكون مثل شجرة ميتة.
وماذا عن المثقف؟ هل تطالب النخبة القديمة بأن تصمت؟
يضحك: لا أطلب من أحد أن يصمت، ولكن عليه أن يرحمنا. كل من تخطي الستين يجب أن يهنأ " ب " المعاش" ولا يجب أن يتولي مهمة تنفيذية أيا كانت. وكل مثقف يكتب عليه أن يراجع أفكاره القديمة التي كانت جزءا من الفشل العام، لأن المثل الإنجليزي يقول:" المغفل وحده الذي لا يغير رأيه". لابد من مراجعة أفكارهم القديمة لأنه ليس معقولا ان نكرر نفس الأفكار الفاشلة التي تكررت علي مدي عشرات السنين، وساهمت فيما نحن فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.