«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروائي عز الدين شكري فشير :
مؤسسات الثقافة مصيرها الاندثار
نشر في أخبار الأدب يوم 22 - 01 - 2012

دبلوماسي أم أكاديمي؟... لا يسعده كلا اللقبين. يسعده أكثر كونه روائيا. الكتابة بالنسبة له هي الأصل بينما بقية الأشياء فروع ليست أساسية. فترات العمل الدبلوماسي كانت محدودة ، كان يتنصل منها مع أول فرصة للخروج للدراسة مثلا. فشير وجه مألوف أيضا في ميدان التحرير، نادرا ما كان يغادره حتي الاعتصامات الأخيرة ..وعندما أتيحت له فرصة ان يتولي مسئولية أمانة المجلس الأعلي للثقافة لم يطق المنصب أكثر من أربعة اشهر. حاول التغيير كما يقول ولكنه أدرك أن " تنفيذ الرؤي يتطلب ما لا أطيق ..فضلت ان أقدم خلاصة ما توصلت إليه مع آخرين عن تطوير المجلس الأعلي ولكن التنفيذ يتطلب أشياء كثيرة لم تكن متوافرة".فترة العمل القليلة في المؤسسة الثقافة جعلت لديه يقين بأن " المؤسسة الثقافية مصيرها بعد الثورة "الاندثار"..لا شيء آخر قد تظل مثل شجرة ميتة ولكن لن تنتج شيئا".
هل هو ضد فكرة المؤسسة؟ يجيب: لا، بالعكس أعتقد أن العمل الناجح تقوم به مؤسسات ، بل انا من المؤمنين بإصلاح المؤسسات ولكن تكويني الشخصي يرتكز علي الإنجاز وليس لديّ طاقة نفسية للانغماس في اشياء عقيمة".
صاحب" عناق عند جسر بروكلين" الرواية التي وصلت إلي القائمة القصيرة للبوكر مؤخرا، لديه أسباب كثيرة للتفاؤل بما تم انجازه خلال العام الماضي..ولديه أيضا أسبابه للقلق، ولكنه مقتنع أن ما جري من تغيير حقيقي وعميق ولا يمكن هزيمته. يوضح: لنر ما جري في فرنسا 68. لم يحكم الشباب ، بل جاء ديجول بشبه انقلاباً عسكرياً، ولكن الثورة أعادت صياغة المجتمع، هناك ما جري في امريكا ايضا في الستينيات ، لم يرحل نيكسون ولكن حركة الشباب غيرت أمريكا ، قضت علي سياسة الفصل العنصري.. هذا النوع من التغيرات لا يمكن الوقوف في وجهه.."
كيف يتأمل المشهد بعد عام ..ما الذي تحقق من الثورة وما الذي يتبقي؟
يجيب: أشياء كثيرة تحققت ، ولكن ننساها في غمرة الاكتئاب بما لم يتحقق. أكبر شيء تحقق من وجهة نظري أن الشعب أصبح طرفا أصيلا في المعادلة السياسية، طرف فاعل وإيجابي بعد سنوات كان فيها طرفا سلبيا، لم يكن له دور في الاختيار، كان "رعية" وأصبح " مواطنا" وهذا تغيير عميق في المعادلة السياسية المصرية". الأمر الثاني الذي تحقق الاطاحة بمبارك وبمشروع التوريت ولو اكتمل هذا المشروع لدخلت مصر منزلقا صعبا لم يكن سهلا الخروج منه، لأن هذه الفئة كانت ستحكم براثينها علي الاقتصاد والإعلام والأمن وأجهزة الدولة كلها ، وستتحول مصر إلي دولة تحكمها أقلية شديدة الغني وعديمة المسئولية ، وأغلبية سائمة. واظن أن المشروع قضي عليه ليس فقط في مصر بل في كل بلدان العالم العربي ، كل هؤلاء الأطفال المدللين انتهوا ولن يجرؤ أي حاكم علي التفكير في هذا الأمر."التوريث" كلمة انتهت تماما من القاموس السياسي العربي. الانجاز الثالث أنك قضيت علي فكرة الاستبداد، وهؤلاء الذين يحاولون حالياً استعادة " الاستبداد يفعلون ذلك عبر الديمقراطية ..وهذا أمر لطيف لأنك غيرت قواعد اللعبة السياسية تماما.
اسأله: هذا ما تحقق ما الذي لم يتحقق؟
يجيب: الثورة لم تحكم، بقايا نظام مبارك قائمة ولا تزال تحكم..ولكن هل يمكن اعتبار هذا فشلا ذريعا ، لا أظن. لأن آمال الناس وطموحاتها قفزت بعد 11 فبراير إلي أعلي . الناس تصورت أنها اقتلعت شجرة الفساد من جذورها وهذا ليس صحيحا، ولكن كلما نظمت الثورة صفوفها ستحقق نجاحات أكثر وأكثر في الأيام القادمة.
أسأله: ولكن الثورة لم تحكم لأنها لم تقم بها حزب سياسي، ولم تكن مسلحة ..أي أن فكرة أن تصل للحكم مستبعدة؟
يجيب: لا يوجد في السياسية شيء حتمي، لماذا لا تحكم الثورة؟ صحيح أن هناك ثورات قام بها البعض وقفز عليها آخرون مثل الثورة الإيرانية أو الثورة البلشفية, ولكن أظن أن النصر والهزيمة فكرة تبدأ في " دماغ " الناس، وهذا ليس كلاما إنشائيا، لو استقر في ذهن القوي الديمقراطية أنها هزمت سيتصرفون بهذا الأساس فتنهار قواهم، ولكن لو فهموا أن الثورات "أمواج" واستطاعوا أن ينظموا انفسهم بحيث تأتي الموجة الثانية وهم أكثر قوة. علميا عندما تلقي بجسمك في الماء الجسد سيطفو وحده، تغرق فقط من الخوف. المنطقي الآن والعاقل أن ننظم أنفسنا لندخل الموجة الثانية أكثر قوة، لا أن نظل نجري طول الوقت بحيث تتبدد قوتنا في النهاية وننهار.
أسأله: ما الأخطاء التي وقع فيها الثوار أو قوي الثورة الديمقراطية ؟
يجيب:" كل الأخطاء التي وقعت فيها الثورة طبيعية.
اسأله: بمعني؟
يجيب: حسني مبارك لم يقم بالاستبداد منفردا ، وإنما هناك الحكومات والمعارضة والأفراد الذين ساعدوه علي ذلك. كنا نعمل بسياسات عقيمة، بعد الثورة ايضا كررنا السياسات العقيمة. انقسمت القوي الثورية إلي نصفين: نصف خرج من الثورة بحثا عن الغنائم، ونصف يجري ويبدد قوته حول مبني وزارة الداخلية، وعندما تسأل الثوار ما هي مطالبكم؟ يجيبون إلغاء مباحث أمن الدولة. كان من الأفضل أن يكون مطلبك الوصول إلي الحكم وتلغي بإرادتك ما تريد. مشكلة الثوريين أنهم تعاملوا مع المجلس العسكري مثلما تعاملوا مع مبارك، طالبوه وناشدوه.
- ولكنهم لم يكونوا في الحكم؟
يجيب: بعد تنحي مبارك مباشرة، كانوا في الحكم ، كان من المفترض أن تقول لن أترك الميدان حتي تشكيل مجلس رئاسي مدني.
أسأله: ولكن وقتها كان هناك ثقة في المجلس العسكري؟
يجيب: هذا هو الفرق بين النظرية والواقع، كانت هناك ثقة في المؤسسة ، هناك عدم خبرة سياسية. ولكن من يعطي غيره الثقة في الحكم " مخطيء" وخاصة أنه لم تكن هناك ضمانات. كان علي الثوار أن يحددوا موقفهم : هل تريدون الحكم أم المناشدة. ولكن في نهاية الأمر هذه أخطاء مفهومة، فهي المرة الأولي التي نقيل فيها رئيسا. الخطأ الثاني أننا دخلنا في متاهة التعديلات الدستورية، واستمر التفتت والتشتت في الانتخابات .. أيضا كل ذلك " طبيعيا" .. ومفهوما، ولكن غير المفهوم أن أكرر نفس الأخطاء في المرة القادمة مع الموجة الثانية للثورة.
أسأله: ولكن هل تتوقع أن تكون الموجة الثانية قوية، الثوار بعد فبراير أقل بعد خروج بعض التيارات من الميدان، والتعاطف الشعبي معهم أقل هذه المرة؟
يجيب: هناك أشياء يمكن أن اتنبأ بها، واشياء أخري لا استطيع. ولكن ما أدركه وأتنبأ به أنني لا أثق في النخبة القديمة، ولا في قدرتها علي إدارة أي عمل سياسي فعال. اثق في أن النخبة الجديدة من الشباب لديها فاعلية اكبر، لديهم كراهية للأشياء غير الفعالة. يحكي شكري: " التقيت بأحد الشباب عمره 25 عاما، قال لي: سننزل للمطالبة بنقل السلطة لمجلس الشعب، ولكن الإخوان رفضوا، قالوا لنا ليس مهما الأهم أننا سنحرجهم. ماذا أكسب أنا بحمرة خجل الإخوان؟" . هذا هو المنطق الجديد الذي أقصده، أن تقيس الخطأ والصح بناء علي نتائجه، وإنما منهج "المواقف " غير مفيد. الشباب الجديد يبحث عما يأتي بنتائج، قد يخطئ ولكن لديه قدرة علي تصحيح خطأه والاعتراف به. ولذا نحن امام منهجين أو رؤيتين، رؤية شباب مقموع عملي ، وعواجيز قامعين ولكن " مهرتلين" وغير قادرين.. وأعتقد أن الجيل المقموع أشطر من القامعين ولذا سينتصرون" . ولكن هل يحتاج ذلك الي وقت طويل؟ يجيب: ربما عام أو إثنين ..أربعة اعوام علي أقصي تقدير. إذن لا تتوقع أن يكون 25 يناير القادم هو الموجة الثانية من الثورة؟ يجيب: " لا أظن، الموجة الثانية ستبدأ عندما ينظم الشباب أنفسهم، هناك مئات الائتلافات الثورية الآن بعضها حقيقي وبعضها مزيف، واخبرني احد الشباب انه عضو في 30 ائتلافا كلها تهدف لتوحيد الصفوف ..وهذا عبث".
هل اختطفت الثورة؟
فشير يري أن الثورة لم تختطف، وإنما اختطف المجلس العسكري والإخوان الحكم بادعاء تأييد الثورة. ماذا كان المجلس العسكري إذن في بداية الثورة.. أسأله هل كان هدفه وقف مشروع التوريت فقط مع الإبقاء علي هياكل النظام القديم كما هي؟ يجيب: " المجلس العسكري جزء من مؤسسات النظام القديم، ويسعي هو والأجهزة الأمنية إلي الحفاظ علي هذه المؤسسات القائمة، عن طريق سيطرة الأمن علي السياسة، هذا هو جوهر العملية، قد ينجحون لفترة، ولكن محكوم علي هذه المحاولات بالفشل الكامل. أنا أتوقع أن المؤسسات الأمنية أمامها عام واحد فقط، ربما في يناير القادم لن تكون موجودة، لأن الإخوان والسلفيين سيقومون بطحنهم. نموذج حماس 2006 هو النموذج الذي سيقوم بتنفيذه الإخوان مع هذه المؤسسات.
أسأله: ولكن الحركة السلفية جزء من الجهاز الأمني، ولم يبدر من الإخوان حتي الآن أي خيانة للمجلس؟
يجيب: لا أسمي ذلك خيانة، هم جماعة تبحث عن مصلحتها. في نهاية 2006 كسب الإخوان الانتخابات في غزة، وبدأوا في تشكيل حكومة، السلطة الأمنية بدأت من جانبها في إعادة بناء اجهزتها الأمنية حتي يمكنهم الانقضاض علي حماس ، ولكن حماس انقضت واخذت مقر الرئاسة في ساعة، واستولت علي مقار الأمن في يومين والمواجهات لم تسفر سوي عن مقتل 11 فردا. وأعتقد أن الطريق الذي تسير فيه المؤسسة الأمنية هنا في مصر سيؤدي إلي الأمر ذاته. والمسألة واضحة بالنسبة للإخوان يريدون الاستيلاء علي المؤسسة الأمنية ولن يتركوها..
أسأله: اين القوي الديمقراطية من هذا الصراع؟
يجيب: لو تم تهميش القوي الديمقراطية لن يبقي سوي معركة الثلاثي. هناك معركتان يحدثان في الوقت ذاته. معركة الثلاثي الموجود في الحكم الآن، ومعركة الحكم مع القوي الوطنية . بوضوح هناك معركة سياسية دستورية، ومعركة ثورية وهي المعركة الأوسع ، المعركتان ستحددان مستقبل مص.. هل تسير في سكة إيران وحماس ، أو باكستان أو تركيا؟.
- ولكن كل السيناريوهات متشائمة ..بما فيها السيناريو التركي؟
- السيناريو التركي هو أقصي ما تحلم به مصر الآن. أفضل سيناريو يمكن ان تصل إليه. لأن هناك جزءا كبيرا من الشعب المصري استقر في وعيه الفكر السلفي ويحتاج إلي سنوات لتغيير هذا الوعي.
أستفسر: ولكن لو كانت الصفقة إدارة الدولة للجنرالات والمجتمع للإسلاميين ..أي أن تظل الأجهزة الأمنية والخارجية والقضاء في يد المؤسسة العسكرية، بينما التعليم والثقافة في يد الإسلاميين لن يحدث اي تغيير؟
يجيب: هذه الصفقة تحدث فقط إذا تم القضاء نهائيا علي القوي الديمقراطية ، وتم استبعادها تماما. الموجة الأولي من الثورة اسفرت عن التحالف الثلاثي، ولكن الموجة الثالثة لن يكون للمؤسسة الأمنية وجود، وسيكون الديمقراطيون والإسلاميون اللاعبين الأساسيين . سيكون الصراع بين رؤيتين لمصر، رؤية قمعية باسم الدين ، ورؤية تحررية سواء اكانت بإيديولجيا او بدون. وهذه المعركة ستبدأ مع وضع الدستور ولابد أن تنظم القوي المدنية قوتها لخوض المعركة.
- إذن أنت تري ان مدنية الدولة مهددة؟
يجيب: مدنية الدولة تعرضت للسرقة منذ السبعينيات، ولكن بدأ سرقتها منذ ثورة يوليو، حكم عبد الناصر عسكري مرتكز علي شق ديني، ويمكن أن تقرأ " الميثاق" ، وكتب التربية والتعليم وقتها. السادات استكمل هذه المسيرة مع توسيع الشق الديني، هذا التآكل بلغ ذروته في التسعينيات مع محاربة ما سمي وقتها بالإرهاب، الدولة زودت جرعة اللامدنية عبر تديين المجال العام، وما حدث في الانتخابات الأخيرة كان لحظة كاشفة. الانتخابات لم تأت بشيء غير موجود، وإنما كشفت لنا عمق التديين الذي يعيشه المجتمع والمجال العام.
- هل هو تديين أم شيزوفرينيا ..مصر هي الدولة رقم 4 في العالم التي تبحث حسب جوجول عن كلمة جنس، أعلي إيرادات السينما فيلم " شارع الهرم...؟
يضحك: وهل هذا يتعارض مع تديين الدولة، لا أعني أن تعتنق الدولة الإسلام، وتطبقه في السر والعلن، وإنما معناه أن تزيل الحواجز بين مؤسسات الدولة المفروض فيها الحياد، وبين الخطاب الديني ، أجهزة الدولة من المفترض أن تكون مؤسسات اسمنتية عارية أنت البستها ثوبا دينيا، وهذا لا يعني أن المجتمع أصبح ورعا ، والورع والتقي سلوك شخصي. لنتأمل ما يجري في السعودية هل لا يشربون الخمر؟ يشربون، لا علاقة علي الإطلاق بين التقي والورع بتديين الدولة. وأعتقد ان استعادة مدنية الدولة التي فقدناها طوال ستين عاما لا يمكن أن يتم بين يوم وليلة. لابد من غرس مبادئ مثل حيادية مؤسسات الدولة تجاة المواطنين، حقوق المواطنة، والأقليات ..ولهذا تركيا هي النموذج الأفضل الذي يمكن ان نصل إليه وسط هذا المناخ.
أسأله: الثورة تحتاج إلي ثورة ثقافية في الوقت ذاته ..لم تحدث حتي الآن؟
يجيب: لا حدثت، إنها مثل تسونامي، حصلت في باطن المجتمع ، وبدت مظاهرها في يناير وفبراير، الثورة الثقافية هي تغيير في طريقة التفكير ، وليس في المحتوي، اعتقد حتي شباب الإسلاميين يفكرون بطريقة مختلفة عما يفكر فيه اسلاميو السبعينيات مثلا.
- هذه الثورة ..هل هي شاملة أو محدودة؟
- الإجابة علي هذا السؤال ستحدد مستقبل مصر، لكن ليس لدينا مقاييس، والانتخابات أو طاعة الأوامر ليست مقياسا. هناك تغيير ثقافي حدث وسيظهر تأثيره في الصراع القادم عندما يبدأ " الطحن" الحقيقي"، هناك " طحن" مبدئي ضد استبداد المؤسسة الأمنية وهذا لن يستغرق وقتا طويلا، أما الطحن الحقيقي سيبدأ بعد ذلك.
- وهل الثورة ستنتج طرقا جديدة للتعبير والكتابة ..؟
يجيب: بالتأكيد، هناك فن جديد، وأدب جديد وأعتقد أن النخبة الجديدة بدأت بعد الثورة، لكن لن تجد اصداراتهم في هيئة رسمية أو المجلس القومي لكذا .. هناك في الموسيقي فرق مثل وسط البلد، الألتراس، السينما المستقلة الجديدة، المدونات الروايات .. طرق الاحتجاج الجديدة ..كل ذلك جزء من الثقافة الجديدة.
- هذا موجود علي الهامش هل يمكن ان يصبح متنا؟
يجيب: سيكون متنا بعد الموجة الثالثة للثورة.
أساله: وما مستقبل المؤسسة الثقافية في هذه الحالة؟
يجيب علي الفور: الاندثار ولا شيء آخر. قد تبقي ولكنها ستكون مثل شجرة ميتة.
وماذا عن المثقف؟ هل تطالب النخبة القديمة بأن تصمت؟
يضحك: لا أطلب من أحد أن يصمت، ولكن عليه أن يرحمنا. كل من تخطي الستين يجب أن يهنأ " ب " المعاش" ولا يجب أن يتولي مهمة تنفيذية أيا كانت. وكل مثقف يكتب عليه أن يراجع أفكاره القديمة التي كانت جزءا من الفشل العام، لأن المثل الإنجليزي يقول:" المغفل وحده الذي لا يغير رأيه". لابد من مراجعة أفكارهم القديمة لأنه ليس معقولا ان نكرر نفس الأفكار الفاشلة التي تكررت علي مدي عشرات السنين، وساهمت فيما نحن فيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.