يقول البعض إنه علي الأديب أن يتأثر بالأحداث من حوله، ويقول آخرون إن الأديب -بالعكس- عليه أن يقود الأحداث من حوله. وجهتا نظر متناقضتان، تجمع كلاهما علي أن ثمة علاقة بين الأدب وما يحدث بالخارج. ما يحدث الآن في مصر منذ ستة أشهر ليس مجرد "حدث خارجي" إنه زلزال يهز المنطقة العربية والعالم بأكمله، وثمة شيء ضاغط يدفع الجميع، بمن فيهم الأدباء بالطبع، لأن يكونوا أسري نشرات الأخبار. سؤالنا هنا لا يبتعد كثيرا، سؤالنا عن الأدب والثورة، كيف يمكن الكتابة وسط جميع الأحداث المتلاحقة، ما المصير المتوقع للأدب، هل انتهي عصر حفلات التوقيع ونجومية الكاتب. نتناول الكتب المختلفة لأدباء كتبوا عن الثورة، هل جاءت هذه الكتب علي مستوي الحدث، وعلي مستوي الأدب في الوقت نفسه؟وأسئلة أخري كثيرة. الكتابة لدي إبراهيم أصلان مثل الصيد. مثلما يحتاج الصيد إلي صبر ومقدرة علي معرفة الغمزة الملائمة لجذب السنارة، تحتاج الكتابة إلي ذلك أيضاً. ولكن مع قدرة علي معرفة اللحظات العابرة التي تستعصي علي الكتابة.. واصطيادها . ففي كل حدث في الدنيا ثمة لحظة أساسية تتضمن "اللي راح واللي جاي..تتضمن الدنيا كلها".. أصلان هو أكثر أدباء الستينيات ابتعادا عن العمل السياسي العلني والسري. لم يحلم عبر الكتابة بتغيير العالم مثل جيله. هو رغم توافق معظم أفكاره مع اليسار المصري لا يحب أن يكون فردا في جوقة تؤدي لحنا واحدا. بطبيعة تكوينه، ربما، لا يستطيع أن يتعايش في ظل توجيهات أيا كانت طبيعتها أو أهميتها. يقول دائما: " أعطني الآلة التي سأعزف بها، ولكن سأبتعد قليلا في الظل حتي وإن كنت سأعزف نفس اللحن". ورغم ذلك لم تغب القضايا الكبري عن كتابته ...لا يكتب علي أساس فكري، وإنما تبدأ الكتابة عنده من إحساس ، يسعي نقيضا للمعني كما يقول، ليس لديه معاني أو رسائل كبري يريد إيصالها للقارئ ، لأن كل المعاني وصلت وانتهي زمانها.،فهو يسعي نحو أفق أبعد ...معتمدا علي عينيه! لا يتعامل أصلان إذن مع الناس والأشياء كحالة فوتغرافية، وإنما يتعامل مع الحالة التي تكون عليها الناس والأشياء.. مستبعدا من المشهد كل ما يمكن استبعاده، ما دام هذا المستبعد موجودا كإحساس ! الثورة المصرية حدث كبير.. وأصلان العازف عن السياسة كان في قلب المشهد ..في ميدان التحرير كان موجودا.. ومتابعا يقظا.. كيف يمكن للفنان أن يتعامل مع الأحداث الكبري، الثورات ، والحروب.. أو ما يسميه أصلان "المسائل الكبيرة"؟ يجيب أصلان: " الحياة لا تعلمنا فقط ماذا نكتب؟ وإنما أيضا كيف نكتب؟" يضيف موضحا فكرته:"الثورة حدث كبير، لا يوجد ما يكافئه فنيا. وأي حدث يكتسب أهميته من تأثيره في نسيج العلاقات الاجتماعية والعلاقات الإنسانية أعني المياه الجوفية لهذا المجتمع . فهو المجال الذي لا تستطيع سوي الآداب والفنون التعامل معه. حتي في حال اكتمالها لايطمح أحد في تناول الثورة في عمل أو آخر، فالوسيلة المثلي في هذه الحالة هي الاتكاء علي ذريعة سردية يقوم عليها العمل، فإذا تذكرنا أن هبوط جندي بساق واحدة وعكاز من قطار في محطة قريته الصغيرة يمكن أن يختصرحربا كاملة سوف يتضح ما أعنيه بهذه الذريعة ولاتبقي أمامنا من مشكلة سوي أن الذرائع السردية، وهي ذات طابع إنساني لا مفر، شديدة الرهافة والحساسية، مثل هذه الذرائع الإنسانية البسيطة هي سبيلنا للتعبير عن ثورة 25 يناير في حجمها الكبير، بعدما تكتمل وهي سبيلنا أيضا حيال أي حدث كبير آخر. يضيف أصلان: إذا لم يترك الحدث هذا التأثير، لن يكون حدثا كبيرا، ونحن ككتاب لا نقضي الوقت متربصين بالأحداث ومدي ما تفعله وإنما نعيش الحدث بطاقة كل منا، وحسب درجة حساسيتنا له وردود أفعالنا، وهي أمور لا يمكن وضع القواعد لها، مثلا عندما نريد أن نعرف ما جري في المجتمع الفرنسي في القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر نقرأ بلزاك، وعندما نقرأ أعمال تشارلز ديكنز يمكن أن تعرف أحوال المجتمع الإنجليزي، وكلها أعمال لم تتعرض بشكل مباشر لأحداث سياسية، وهذا ما أعتبره المياة الجوفية، وهذا الأعمال التي تتعلق بهذا النسيج الاجتماعي تتعدد بطبيعتها مستويات تلقيها.. مثل أعمال توفيق الحكيم ونجيب محفوظ يمكن أن يقرأ المؤرخ وعالم الاجتماع والمشتغل بالفلسفة. أسأله عن الثورة المصرية وطبيعة التأريخ لها فنيا؟ يجيب: أعتقد أن أفضل وسيلة للتعامل مع حدث كبير مثل الثورة المصرية أن نعيشه بشكل جيد، وهو بالمناسبة من الأحداث التي من الصعب القياس عليها، لأنك في حالة تغيير مستمر وإمكانيات مشحونة بنفس الدرجة من التناقض والتباعد.. ممكن الثورة تروح يمين أو شمال أو تنضبط أو تروح في داهية! المطلوب أن نعيش الحدث بشكل جيد لا نصبح مجرد متفرجين ولا أحد يمكنه أن يقوم بدور المتفرج الآن، الجميع في مصر متورطون. من يعرف قليلا أو كثيرا أصبح يدلي بدلوه حتي ربات البيوت أصبح لديهم اهتمام بالسياسة. وأعتقد أن كل الكتابات والدراسات المتعلقة بالثورة حتي الآن لا يمكن أن تترك فيك أثرا، لأن الدراسات العميقة لم يأت وقتها بعد.. وأتصور أن حجم الانشقاق الشعبي حول الحدث نوع من الإنضاج السياسي، لأننا لم نعش حالة مست حياة كل مواطن في مصر بهذا الشكل. ألا نكتب إذن في تلك الفترة؟ يجيب أصلان: الموقف الأمثل مما يحدث الآن توثيق الواقع، ممكن للكتاب أن يكونوا شهودا علي الوقائع الدقيقة للمرحلة والثورة، وهناك أيضا من يهتم ببعض التفاصيل البسيطة، كما فعلت في قصص عن السيدة التي تخرج كل صباح إلي شرفتها، لتنفيض التراب، ثم تفاجأ بأن الدبابة تقف تحت الشرفة.. بعض التفاصيل غير دالة علي ثورة وإنما دالة علي جو عام . لابد أن تكون محظوظا في ملاحظة بعض التفاصيل الصغيرة لأن عمل المخيلة في ظل الواقع المتغير صعب، هذا الواقع يغير مزاجك أنت..أحيانا تستيقظ صباحا في مزاج متفائل، وبعد الظهر تكون متشائماً. أصلان يري أن تلك المرحلة ستفرز كوادر وقيادات جديدة، وسوف تنتهي إلي مزاج مغاير، ونمط مختلف علي نحو أو آخر، وهذا يتوقف علي الاستقرار في الثورة لأن "مصر وطن أضخم من أن يقف علي دماغه، وهو الآن لا يقف علي قدميه، ولم يستقر" كما يقول أصلان الذي يوضح: أتصور مستقبلا، تشكل أعمال يمكن أن تنسبها إلي المرحلة بدون أن تجد وشائج بينها وبين تلك المرحلة.. مثلا عندما أتحدث معك وأكون متعجلا وهناك كلام كثير لم أقله سأقول لك: "سلام يا محمد " ولكن النبرة تختزن كل ما أريد أن أقوله لك". يضيف: سوف تعود الحياة إلي طبيعتها، ولكن سلم القيم سيحدث فيه متغيرات .. هناك أشياء أساسية تتغير في تكوين الشخصية المصرية.. أهمها انهيار حاجز الخوف الذي انتهي بالقطع، حالة تقديس الحاكم ستنتهي أيضا، ولن يوجد حاكم سيزهو علي نحو ما فعل الرئيس المخلوع.. طبيعة رؤيتنا للحاكم اختلفت، رؤية الآخر، وأفكار مثل التسامح ورؤية الخطأ والصواب وأنماط العلاقات الاجتماعية.. كل هذه متغيرات تولد أدباً وفناً معبراً عن تلك المرحلة. تماما كما نقول عن الحكيم وحقي ومختار ومحمود سعيد، إنهم لم يعبروا عن ثورة 19 التي حصل انقلاب عليها في 1952، ولكن ما تبقي من أعمال هؤلاء وتأثير الثورة الحقيقي وهو الميل إلي الإتفان كمزاج حضاري وإنتاج أعمال فنية نتيجة جهد ضخم. وعندما تبذل جهدا في عملك فأنت تحترم الإنسان الذي سيتلقي هذا العمل، وبالتالي ستبذل جهدا كبيرا في عملك.. وعندما انتهت هذه المرحلة حدث عدم احترام المتلقي علي كل المستويات، وحدث انهيار في كل المستويات. الآن من سيقدم عملا فنيا أو مكتوبا سيبذل جهدا مضاعفا بدون أن يقول له أحد ذلك، ولكن سيكتشف ذلك من نفسه! أصلان يري أن شعار الثورة نفسه : "الشعب يريد..." كان عودة إلي المتلقي، الشارع الشعب ، هذه العودة التي تحدث أمام عيني أي مبدع يترتب عليها نهوض .. أسأله: هل سيأخذ ذلك فترة طويلة أم أن النتائج ستظهر فوريا؟ يجيب: " أتصور أنه لا بد من التوصل إلي نتائج شبة أساسية، لا بد مثلا مادمنا ارتضينا بالديمقراطية فلابد أن نحتكم إليها، لأنها قامت من أجل حماية حقوق الأقليات، وأن نحتكم إلي الشارع .." يتحدث أصلان قليلا عن الواقع السياسي بعيدا عن الأدب وخاصة بعد مشهد السلفيين في ميدان التحرير ألم يكن قلقا ؟ "يجب أن نتوافق علي دولة مدنية ونحتكم إلي الشارع، يجب أن نحارب من أجل نظام تعليمي أفضل، ونبقي مطمئنين إلي زيادة وعي الناس واستثارتهم. كيف نخضع للخرافة في كثير من شؤون حياتنا.. وبالتالي سيصبح المجتمع قادرا علي اختيار من يمثله..". أسأله : هل أنت متفائل بالمستقبل؟ يجيب: بعد جمعة السلفيين، شعرت أن المشوار لا يزال طويلا، هم يرفضون المبادئ فوق الدستورية، وهي أمر ضروري وخاصة أن مجلس الشعب سيختار الجمعية التأسيسية للدستور، وهناك احتمال قوي أن يأتي البرلمان القادم ممثلا لجماعة واحدة داخل المجتمع ، بينما الدستور إعلان توافقي ، وإعلان المبادئ الدستورية يضمن ألا يتجاوز الدستور القادم الأمور الأساسية". يتعجب أصلان: دور النشر في أوروبا لديها عقود نموذجية لحماية الكاتب من الناشرين، لو الدار أرادت أن تضيف إليها ما يزيد من حقوق الكاتب أهلا وسهلا ، ولكن لايمكن أن تقل عما جاء في العقد النموذجي الذي يحفظ حق الكاتب في مواجهة مؤسسة النشر الضخمة". هل يقلق أصلان إذن ؟ يجيب:" الانطباع الحقيقي الذي وصلني أن المجلس الأعلي والإخوان يمضيان وقتا شبه وردي، صحيح كلمة الجيش المصري مرادفة لكلمة العيش والأهل وسنتطلع له بمحبة، ولكن بما أنه يحكم الآن عليه أن ينصت إلي النقد ... ويناقش وإلا لماذا قامت الثورة ؟ الناس تعاملت مع الاستفتاء بجديه الإجراء لا جدية المواد. تم استفتاءنا علي بعض المواد ثم فوجئنا بدستور كامل ، وهذا لم يكن في تصور أحد. عندما ذهبت إلي الاستفتاء ، لم أقل لا للدستور أولا ، ولم يكن هناك نص بهذا المعني ... ولكن الإخوان تمسكوا بمسألة الانتخابات باعتبارها مسألة مصيرية لا يمكن التغاضي عنها وهم يعلمون المغانم التي تأتي من وراء هذا الأمر. الإخوان يجمعون أنفسهم رغم تأخرهم في النزول للمشاركة في الثورة في الوقت الذي تصدعت فيه جبهة الشباب إلي 150 جبهة ، رغم أن شعار الثورة هو الحرية الكرامة والعدالة الاجتماعية، وهو شعار لا يمكن الخلاف عليه. يفسر أصلان هذا الخلاف بين قوي الثورة:" هذا الأمر عاش فيه جيلنا، عدم التدرب علي فضيلة إنكار الذات، ورغبة كل زعيم أن تكون له جماعته ..وإحنا بلد يعج بأكبر قدر من الزعماء". نتخفف قليلا من السياسية، إلي الأدب مرة أخري.. يقول:"غير منطقي أن يكون هناك عمل أدبي أو فني جماليا وأدبيا لحدث عظيم مثل الثورة ... ولكن هناك إمكانيات مطروحة، من أهمها تسجيل الواقع بأمانة، حيث اكتسب الجبرتي قيمته من قيامه بهذا الدور، وهذا دور متاح لمن يمتلك كاميرا شديدة الحساسية والقادرة علي التقاط التفاصيل الدالة، ويمكن كتابة هوامش علي هامش الحدث ... الشعر ربما يكون قادراً علي الاستجابة بقصائد، وكذلك الفن التشكيلي.. يتأمل أصلان الثورة إبداعيا: "لا يوجد حدث في الدنيا له لحظته الأساسية مثل الثورة المصرية، وكان المفروض دراميا وملحميا أن ينتهي الحدث مع بيان عمر سليمان.. كان قد بدأ يتكون جسد، يتفاعل وينمو عندما وجد النغمة الصحيحة التي استطاعت أن تحرك هؤلاء الناس ، استطاع الشباب العثور سواء بوعي أو بدون وعي، علي النغمة التي يمكن أن يستجيب لها الشعب.. يوضح أصلان ما يقصده بالنغمة: "أحيانا تجد جسدك يرقص ويتمايل عندما يستمع إلي نغمة ما في فرح أو غيره ..." يضيف أصلان: " النغمة الصحيحة بدأت تتكاثر إيقاعاتها ويتكاثر جسدها حتي وصلت إلي ذروتها ليخرج 20 مليون مصري .. هذا بناء ملحمي، كانت ذروته : عمر سليمان هو يلقي بإيجاز ونظره مستغربة، محاولا تفادي الورقة التي أمامه ينظر إلي السماء معلنا تنحي الرئيس .. بهذه الجملة تم بناء كامل ، ثم بدأت مرحلة أخري وشيجة الصلة بالمرحلة الأولي التي حققت أهدافها الأولي ..( إسقاط النظام ) ..المرحلة الثانية معركة أخري بأهداف أخري، هي معركة تباعد فيها المتباعدون وانتاب البعض الآخر سعار .. أسأله : ما الحدث الأكبر الذي ترك تأثيره في جيلك .. هل ثورة 52 أم نكسة 67؟ يجيب: ثورة 52 كان تأثيرها علي مصر بشكل تلقائي، حدثت بعدها تحولات كبري، وأبناء جيلي لم يكونوا قد نضجوا نضوجا كاملا وقت الثورة ..ولكنهم عاشوا أحلامها وانكساراتها. جيل الستينيات لم يكن جيلا مدجنا علي الإطلاق ، وكل كتابات الجيل كانت مشحونة بالنذر وكل صوت هو نزير بكارثة ، وعندما جاءت 67 تجاوزت كل النذر، تجاوزت محاذير ومخاوف هذا الجيل، ولا يمكن أن نتخلص من النكسة إلا لو مات كل الأحياء الذين شهدوها. ولكن هل يعتبر أصلان هزيمة 67 هي النقطة الفاصلة التي صنعت جيل الستينيات ..يقول:" 67 كانت نقطة فاصلة علي مستوي البلد كلها، ونحن أفراد داخل البلد،. وهي بالتأكيد لعبت دورها بشكل غير مباشر في هذا . علي مستوي المياة الجوفية اتعمل فيها دا، والسعي داخل هذه المياه الجوفية يحتمل التعبير عن 67 وعن الهزيمة وعن القضية الفلسطينية ..ولكن ليس بشكل مباشر، وهناك أعمال تناولت هذه القضايا بشكل مباشر وكانت جيدة ، أنا عندما أتحدث لا أتحدث عن الطريقة المثلي للكتابة. إنما عما يتعلق بي أيا كانت أهميته". أسأله: هل كنت تتوقع ما جري في يناير؟ يجيب: مصر لم تتغير في 25 يناير بل استعادت ما هي مؤهلة له، وما هو مختزن، من نزلوا إلي ميدان التحرير مثقلون بتاريخ وخبرة لا حدود لها. لا يمكن أن يتغير شعب بين يوم وليلة، ولكن يمكن أن يستعيد الشعب قدراته بين ويوم وليلة وهذا هو التفسير الوحيد لما جري. أساله: إذا كانت هزيمة 67 كونت جيل الستينيات ..وحرب الخليج كونت جيل التسعينيات .. هل تري أن ثورة 25 يناير قد تكون جيلاً جديداً في الكتابة والفن؟ يجيب: هذا أمر يتعلق بالثقافة، وليس فقط الأحداث الكبري. في الستينيات كان الانتشار المتاح لنا ككتاب محدد ، لم يستوقفني أحد في الشارع الآن ليقول لي قرأت لك. كان الكومبيوتر بالنسبة لنا شيء من قبيل الخيال العلمي ، وكان سعينا من أجل الكتاب سعي لا ينقطع في الحواري والأزقة . الآن الأمر تغير، صحيح تعددت وسائل المعرفة، ووسائطها وبإمكانك أن تحصل علي الكثير من المعلومات ، ولكن المعلومات شيء والمعرفة شيء آخر. الثقافة هي السند الوحيد لقيام جيل في أي مرحلة. فحفلات التوقيع وزيادة توزيع الكتب ليست دليلا علي قراءة حقيقية التي تحتاج إلي أن تهدأ النفس. أسأله: ألا يمكن أن يأتي الحدث السياسي الكبير بجيل جديد؟ يجيب: المفترض أنه ينشئ جيلاً، ولكن ينبغي أن نبحث عن القيمة ..الكاتب ليس قاضيا ولا متهما إلا قليلا..هو شاهد عدل علي العصر الذي يوجد فيه، وهذه كبري الأمانات التي ينبغي أن يوفيها ..وإّذا أردت أن أبقي شاهدا شكله حلو في قاعة المحكمة، لست سفيها ..عليّ أن أؤهل نفسي لذلك بالثقافة.