ربما لو كنا قد أجرينا هذا التحقيق قبل الثامن من يوليو كانت نتيجته ستختلف كثيراً. بعد الثامن من يوليو، ويسميه البعض بالثورة المصرية الثانية" بدا الجميع مطمئنين ، واثقين من شيء واحد، وهو إن 25 يناير لم يكن مجرد يوم عرضي في تاريخ مصر، وثورة ال18 يوماً لم تكن هبة عشوائية سرعان ما سيعود كل شيء بعدها إلي ما كان قبله. بدا الناس مصرين علي العودة للميدان حتي تتحقق مطالبهم، مطالبهم التي لم تكن أبداً "تحرير الأسيرات المسلمات في الكنائس المسيحية، أو "حسم مصير المادة الثانية من الدستور، كما أوهمتنا بعض المشاهد التي حدثت هنا وهناك بعد الثورة. المطالب تتعلق بحقوق أسر الشهداء، وبالاحتجاج علي قضايا التعذيب، وبمجتمع عادل قيل لنا إنه في طور التكون ولم يتكون. سؤالنا الأساسي كان: هل ما حدث في ال18 يوما كان ثورة أم انتفاضة، فجاءت الإجابة بقوة: هي ثورة.. ومستمرة. الثورة الأولي في العالم التي يثور فيها الشعب ثم يسرع لتنظيف مكان ثورته، كان تعليقاً رائجاً نشرته جريدة أمريكية بخصوص الثورة المصرية. بدا للعالم كله أن هناك شيئاً ما فريداً هنا. تقرير علي البي بي سي أعده الزميل ناصر فرغلي بعنوان الثورة الضاحكة، أشار إلي المكونات الكوميدية للثورة المصرية، هذا، بالإضافة إلي تعليقات أخري، أكّد علي أن ثمة شيئاً مختلفاً في هذه الثورة. الشيء المختلف لم يتم القطع بماهيته، ماوهو أدي لتضارب في آراء المحللين السياسين والاقتصاديين. بوضوح يكتب المحلل الاقتصادي سمير أمين في كتابه ثورة مصر" الصادر مؤخراً عن دار العين قائلا: تبدو لي الحركة التي أخذت مجراها في المجتمع المصري أواخر يناير 2011 في واقع الأمر انطلاقاً ثورياً قد يتحول إلي مد ثوري، لا أكثر. فما حدث هو أكثر من مجرد انتفاضة، أو فورة يعود بعدها المجتمع إلي ما كان عليه قبلها، أي أكثر من حركة احتجاج، لكنه أيضاً أقل من ثورة. هذا ما يكتبه سمير أمين بوضوح. لا يريد أحد أن يسبق اِلأحداث، ولكن ربما كان كلامه سيختلف كثيراً لو كان قد كتب بعد الثامن من يوليو. لم يعد المجتمع إلي ما كان عليه قبل الثورة. هذا ما يبدو بوضوح في هذه الأيام. وبهذه المناسبة، فعندما طلبت من الشاعر مريد البرغوثي الرد علي سؤالي هذا، أرسل لي بسطرين فحسب، موجزين وشاعريين: نعم إنها الثورة العظيمة التي حلمت بها عمراً كاملاً وهي مع الثورة التونسية العظيمة والثورات المتواصلة الآن في البلدان العربية الأخري ذاهبة إلي النصر الكامل مهما حاول الخصوم ومهما كانت العراقيل. هذه ملكة جمال الثورات في العالم. هذا كان رد البرغوثي. هل للثورة كاتالوج؟ يرد الناشط السياسي أحمد بهاء الدين شعبان علي هذا السؤال بالنفي، يتفق مع أن ما حدث هو ثورة غريبة، ربما لا تتفق مع التوصيفات الكلاسيكية للثورة، العالم يعرف نوعين من الثورات، إما الثورة الطبقية التي يقودها غالباً حزب أيديولوجي ينظم صفوف طبقة واحدة، عمالاً مثلما حدث في الثورة الروسية، أو فلاحين مثلما حدث في الثورة الصينية، والنموذج الثاني هو الانقلابات العسكرية التي تدعمها الجماهير، مثلما انتشر لفترة طويلة في العالم الثالث، ونموذجها هو الثورة المصرية في 23 يوليو. أما هذه الثورة فهي بلا رأس ولا جماعة منظمة بالمعني الكلاسيكي لفكرة التنظيم. هذه ثورة لا يمكن فهمها إلا من داخلها. ومشكلتها الرئيسية أنه حينما نجحت في إزاحة رأس النظام لم تستلم السلطة، وإنما تسلمها المجلس العسكري. وبالتالي أصبح هناك تناقض، بين الثورة في الشارع والحكم التقليدي. وأصبح هناك تنازع بين شرعية الثورة ومشروعية قيادة الدولة التي ساهمت الثورة في تأسيسها، ولكنها غير مسجلة عليها. الثورة للأسف- لم تصل بعد بالقوي الثورية في الشارع إِلي السلطة. المجاز، بالنسبة لبهاء الدين شعبان، مأخوذ من الطب. شارك الملايين في عملية جراحية كبري لإزالة ورم سرطاني، في عملية عبقرية لم تلوث حتي أيدي الجراحين بالدم، ولكن النتائج المتحققة مخيبة للآمال، وهو ما جعل الثورة مكونة من مرحلتين، لم نعش حتي الآن إلا المرحلة الأولي، وتتلخص في المطالب السياسية الخاصة بالدستور ودولة القانون وحل مجلس الشعب، وبهذا المعني فهي ثورة الطبقة الوسطي بالأساس، الطبقة التي شعرت بانهيارها وتهميشها طول الثلاثين عاما الماضية. أما المرحلة الثانية فكل ما نراه من إضرابات وعنف واعتصامات هو إرهاصات بها، وهي المرحلة الاجتماعية للثورة. وكما كانت الطبقة الوسطي هي عماد الثورة السياسية فالثورة الاجتماعية القادمة عمادها الطبقات الشعبية، الطبقات التي عندما حاولت الاحتجاج ووجهت بتجريم الاحتجاجات الفئوية بغرامة قدرها نصف مليون جنيه، وهو ما لم يحدث في عصر حسني مبارك حتي: »لديّ ما يشبه اليقين أن موعد هذه الثورة سيكون ملازما للانتخابات، عندما تكتشف الجماهير أن لا شيء قد تغير بعد الانتخابات. حتي لا ندخل في دائرة الانتقام أستاذة النقد الأدبي أمينة رشيد تعتقد أنها ثورة، ولكن بمعني محدد، وهو أن الشعب المصري كله قد نزل فيها، إذا ما تجاوزنا فكرة ميدان التحرير ونظرنا إلي أغلب المحافظات فسنري مشاركات قوية في أنحاء مصر كله، ولكن لديها بالطبع تحفظاتها: هي طبعاً ليست ثورة كما تخيلنا، لديها قيادة ورؤية للمجتمع. هذا ظل لفترة طويلة غير واضح، المطالب لم تتجاوز فكرة الحرية. ولكن مطالب الشعب الاقتصادية والاجتماعية لم تأخذ الزخم الذي من المفترض أن تأخذه بعد، ما أراه مهماً هو الوصول للمطالب التي يطلق عليها مطالب فئوية، وأراها أنا مطالب أساسية. إذا انتصرت هذه الفكرة يكون شيء ما قد تحقق، يجب أن يقل الفارق بين الحد الأدني والقصي للأجور، نري أهل السويس الآن يهددون بإيقاف حركة الملاحة في قناة السويس. كل هذه خطوات هامة للغاية. لدي رشيد أيضاً رأي خاص فيما يخص موضوع محاكمة المسؤولين السابقين، تري أن اقتصار بعض المطالب حتي الآن علي محاكمة الفاسدين لن يفعل سوي أن يحول الموضوع إلي شكل انتقامي، لابد من التحقيق معهم، بالطبع، ولكن علي أهداف الثورة أن تكون أكبر من هذا.
منذ عدة أسابيع راجت تدوينة علي الفيسبوك بعنوان الفقراء أولاً يا ولاد الكلب، وكتبها المدون محمد أبو الغيط. التدوينة حازت علي انتشار غير عادي في فترة قياسية، وكان مفادها الاهتمام بالطبقات الدنيا، وإن هذا يجب أن يسبق معضلة الدستور أولا أم الانتخابات أولاً وكل ثرثرة النخبة التي لا تتصل بالمشاكل الحقيقية لمصر. بسبب موضوع التدوينة، وبسبب انتشارها، اهتم الكثيرون بالتعليق عليها، إما معها أو ضدها، وهو ما أدي لسؤال ساخن حول طبيعة الثورة: هل المطالب الاجتماعية هي الأساس فيها، مثل رغيف العيش والعدالة الاجتماعية ووضع قوانين للحد الأدني والأقصي للأجور، أم المطالب السياسية، مثل الدستور الجديد وحل مجلس الشعب وإنهاء عصر الديكتاتورية والحزب الواحد؟ المحللون السياسيون يبدأون غالباً الإجابة بأن المسارين مرتبطان ببعضهما، ثم يسرع كل منهم إلي القول: ولكنني أري أن الأساس هو كذا. الجدال كان ساخناً وعنيفاً برغم اتفاق الجميع علي أهمية الاستجابة للمطلبين سوياً، الاجتماعي والسياسي. لا ينفي هذا أهمية الجدال بلا شك، إنه يحدد موقفك من درجات اليسار المختلفة، بل ويمكن له أن يضعك داخل بعض خانات اليمين أيضاً. حتي بعض المؤمنين بالرأسمالية وبالاقتصاد الحر الواسع قد شاركوا في الثورة. هذا غريب، ولكنه حدث. الروائي إبراهيم عبد المجيد يقف في هذا الجدال علي الناحية الأخري، من كلام أمينة رشيد وأحمد بهاء الدين شعبان. يري أن الأولوية لمطالب الحرية السياسية، فالمطالب الاجتماعية جربها المصريون في الستينيات وأضاع الاقتصار عليها كلا من الإنجازات السياسية والاجتماعية: شباب الطبقة الوسطي يقولون الآن إن الديمقراطية والحرية هما أساس كل شيء، والمطالب الأخري ستأتي بعد هذا. عندما تكون حراً يمكنك المطالبة بكل شيء. في أيام الاشتراكية كان هناك من يتعلم جيداً ويعمل جيداً ولكن لا أحد حراً في أن يقول رأيه. وهو ما أدي في النهاية لهزيمة 67. المصريون اكتشفوا هذا، المثقفون اكتشفوه بالقراءة ورجل الشارع اكتشفه بالخبرة. شارك عبد المجيد في أيام الثورة كلها بميدان التحرير، ويمكننا اعتباره بسهولة من ضمن شباب التحرير. أسأله عن طبيعة الثورة، ولماذا لم تحقق أهدافها حتي الآن؟ فيقول: هي ثورة ذات صفات مصرية، وأولها الرضا بالقليل، بهذا يعلق ساخراً، يفترض في الثورات كلها أن تكون هناك إعدامات، ولكن الناس حمدت الله علي مجرد تنحي حسني مبارك، وفاتنا أن الزعيم قد أفسد البلد ثلاثين عاما كاملة، وأطلق فيها جيشاً من الفاسدين. خاصية الرضا بالقليل لا تصلح مع الفاسدين." الخصائص المصرية لا تتوقف عند هذا " في يناير كانت هناك ثقة كبيرة بالنجاح الآتي. بالطبع كانت هناك هواجس. ولكن الانتصار علي السلطة يوم الثامن والعشرين من يناير والاستيلاء علي ميدان التحرير من الشرطة جعلناعلي اطمئنان تام من النجاح. لذا احتوت الثورة أيضاً علي الكثير من الفكاهة وحس الدعابة". خمسة أعوام من الثورة الدائمة أخطر شيء في التاريخ هو تصور لحظة معينة وكأنها قفزة في الفراغ، مفاجأة لا أحد كان يتوقعها. تعلمنا دراسة التاريخ أن الأرض تظل في حالة اختمار وفوران حتي تصل للحظة الغليان، التي تبدو علي السطح غير متوقعة، لهذا بالتحديد فأستاذ العلوم السياسية حلمي شعراوي ضد تسمية الثورة بالانتفاضة، وله مبرراته، وله تاريخه الذي يحكيه: الثورة سبقها منذ خمسة أعوام تحرك واع للشارع ضد التمديد والتوريث، بالإضافة إلي حركات رفض اجتماعية واعتصامات وإضرابات عمالية نزل فيها أكثر من مليون نسمة من العمال. كان ما يقال ساعتها هو كيف نحول هذا الاحتجاج إلي مطلب سياسي ضد النظام وليس ضد بعض مظاهر الظلم الاجتماعي. تزايدت الوتيرة مع العامين الأخيرين، وصعود حركات الشباب وظهور البرادعي في الساحة السياسية، والمطالب بمجلس رئاسي جديد، كل هذا يثبت أن الثورة لم تكن مجرد أحداث شغب نزل الناس علي إثرها للميدان وإنما تحرك واع يتم الإعداد له من وقت طويل ". تاريخ السنوات الأخيرة حاشد بالتوقعات أيضاً. هل كان شعراوي يتخيل الثورة كما حدثت؟ يجيب بالتأكيد التام. الجماعات الصغيرة والمثقفة في رأيه لم تأمل إلا في هذا الشكل الذي ثار به الشعب المصري. أوراق حركة كفاية بمختلف عناصرها كانت تنادي طول الوقت بالمظاهرات المليونية (كانوا يسمونها مظاهرات لا ثورة) والبرادعي جاء من الخارج وقال إن هذا النظام لن تسقطه إلا مظاهرات مليونية. هذه النبرة كانت موجودة في أوراق كفاية مبكراً وفي خطاب البرادعي متأخراً." مثل الجميع، بدا شعراوي متفائلاً بما حدث في الثامن من يوليو: "ما حدث يومها يثبت أن هذا الشعب قد تدرب كثيرا علي الرفض وعلي إمكانية العودة للشارع. الانتفاضات تحدث مرة ولا تتكرر، مثلما حدثت انتفاضة 18 و 19 يناير، والتي لم تتكرر منذ العام 77 إلي 2011. لقد قال هذا الشعب إنه قادر علي النزول في جميع الأوقات، وإنه عرف طريقه لتحويل التمرد العفوي إلي عنصر من عناصر الثورة. وتلك رسالة إلي القوي السياسية والمجلس العسكري مفادها أن الشعب لا يترك الميدان بسهولة". يتطرق شعراوي إلي الجزء الساخن والأساسي من الموضوع: "لقد اعتمدنا كثيرا علي العسكرية الوطنية المصرية، ويبدو أننا بالغنا في تصور أن الوطنية سوف تتحول إلي إجراءات اجتماعية وسياسية، هذا لم يكن مألوفاً لأنهم كانوا جزءا من النظام". ستون ثورة! "هي ثورة وستين ثورة" تعلق الكاتبة سمية رمضان ضاحكة، "بعد عصر محمد علي، وبعد ثورة عبد الناصر وانتكاستها فإننا أصبحنا في وضع يسمح لنا بالثورة بجد، عن وعي وعن علم، لم يعد الموضوع أن هناك طبقة متخيلة تقول للناس كيف يفكرون، كنا في فترة سابقة قد وصلنا لمرحلة أن عبد الناصر أصبح هو الشعب كله، الآن نحن الشعب، وهي ثورة تشبهنا جداً، باسمة وضاحكة وجادة في نفس الوقت وذكية جداً، ولا تصدق الوعود المطمئنة". تبدو متأثرة وهي تضيف: "كنت أتمني ألا أموت قبل أن أري هذا اليوم". التشبيه الذي يرد علي ذهن سمية رمضان بقوة هو شكاوي الفلاح الفصيح: "نحن في هذه الثورة مثل الفلاح الفصيح، بكل خبثه ودهائه، هو الذي بدأ شكاواه بتهذيب بالغ واحترام للسلطة، ثم بدأ في التصعيد حتي انتهي إلي الصدام العنيف". أسميها ثورة.. لتكون ثورة دراسات الخطاب قد تفيدنا في الإجابة علي سؤال "هل ما قمنا به كان ثورة؟". الباحث عماد عبد اللطيف، والمتخصص في دراسة الخطاب، يحيل الموضوع لكيفية عمل البلاغة في الموضوع. تسمية الثورة أو الانتفاضة ليست فقط عملية وصفية من وجهة نظره: "عندما أسمي حدثاً باسم ما، فأنا هنا لا أصف الحدث، وإنما أشارك في خلقه أيضاً". المثال الذي يضربه هو تسمية الثورة باسمها هذا حتي قبل من قبل الخامس والعشرين من يناير، "المقصود هنا لم يكن وصف الحدث الذي كان ما يزال في علم الغيب، وإنما التحريض عليه وخلقه". وحتي الآن، ومع اعتقاد البعض أن الثورة تدخل في مرحلة الأفول، فإن عبد اللطيف يتمسك بمسمياته: "أنا ضد التراجع عن تسميتها باسم الثورة لمجرد كونها لم تحقق جميع أهدافها بعد. بتسميتها ثورة فأنا أتشبث بمطالبي وبرغبتي في أن تحقق جميع أهدافها. أنا أسميها ثورة لتكون ثورة". نعرف بالطبع أنه هناك الكثيرون ممن لا يسمونها ثورة، بعض الماركسيين يتحفظون علي الاسم لأنها لم تكن ذات طبيعة طبقية واضحة، وأدونيس في تصريح شهير- يقول إنه لا يثق في ثورة تخرج من مسجد. يرد عبد اللطيف علي الإثنين: "في الحقيقة من شاركوا في الثورة لم يكونوا متدينين بالمعني التقليدي للكلمة، المسجد كان مجرد نقطة تجمع، لم يكن له دلالة الوعاء الذي يجمع الناس. فرادة الثورة المصرية أن الأبعاد الأيديولوجية لها لم تظهر إلا في الأيام الأخيرة، حينما انقسم ميدان التحرير إلي منصات كل منها تديرها مجموعة تؤمن بأيديولوجية معينة، وهذا مظهر من مظاهر التنوع الأيديولوجي". أما البعد الطبقي فقد كان واضحا في شعارات الثورة، شعار مثل "عيش حرية عدالة اجتماعية"، هو شعار قريب من الفكر الماركسي أيضاً. أعداء وأشباح جمهورية التحرير "الثورة كانت أكبر من أحلامي"، تعلق الروائية سحر الموجي، "أتذكر الأيام التي كنا نخرج فيها في مظاهرات "كفاية"، و"كتاب وفنانون من أجل التغيير"، وكان عدد المشاركين لا يزيد عن مائة فرد، والناس كانوا يشاهدوننا ويضحكون كأننا حيوانات في الحديقة، ما حدث هو أن هؤلاء الناس هم من قاموا بالثورة الحقيقية. لا أعني أن ما كنا نفعله منذ 2005 لم يكن حقيقياً، ولكنه كان مجرد تمهيد للأرض". هل آن أوان الراحة، ترد الموجي بالنفي: "الناس كانوا يريدون الراحة، ولكن تبين أن الراحة لم يحن موعدها بعد، لأن العدو الرئيسي اختفي وحل محله عدة أعداء/أشباح. الثورة الآن في مرحلتها الثانية، تلملم نفسها وتستعيد التركيز".والتصعيد يتم طول الوقت، منذ يوم 28 يونيو والناس موجودون في الميادين المختلفة يطالبون بحقوق الشهداء والمصابين، بعد 28 يوليو جاءت جمعة القصاص وتم طرح فكرة العصيان المدني، كل هذا يؤكد أن الثورة مستمرة وأنها، بخلاف هذا، لا تحدث فقط يوم الجمعة". مثل الغالبية، لا تري الموجي أن هناك فصلا بين الشعار السياسي والشعار الاجتماعي، ولكنها، علي خلاف البعض، تري أن الأولوية للشعار السياسي: "نحن نعيش في ضنك اقتصادي منذ أيام السادات والانفتاح وارتباك التركيبة الاجتماعية. لم يجد جديد. تفسيري الشخصي أن الثورة قامت من أجل الحرية السياسية التي ستأتي بالضرورة بالعدالة الاجتماعية. الناس طوال الوقت تتحايل علي الفقر، ولكن ما زاد هنا هو فكرة المذلة، تحرش الشرطة بالناس، وتحرش الناس ببعضهم البعض رداً علي هذا، حالة الكآبة والعدوانية التي نتجت بسبب عدم قدرة المواطن علي الرد علي السلطة". للثورة بعد نسوي أيضاً. تتكلم الموجي من وجهة نظرها كامرأة: "الشعب يسبق النخب دائماً، هذا ما قالته أهداف سويف وأتفق معها فيه. شهد ميدان التحرير الكثير من النساء السافرات بجانب المنقبات بجانب الرجال والجميع يهتفون سوياً مطالبين بالحرية. ولكن علي مستوي القوانين ليس هناك أي شيء قد تحقق، ولا تم إدماج النساء في عملية صنع القرار السياسي، واحد من الأسباب هو اللبس المأساوي الناتج عند البعض بين سوزان مبارك وحقوق المرأة، في العهد السابق تم إدماج النساء في عملية صنع القرار، ولكن علي هيئة الكوتة، وهو ما أدي إلي رد فعل عكسي، أما تحرر المرأة بالمعني الحقيقي وإيجاد فكر يحترم حقوق المرأة فهذا لن يتأتي قبل وقت طويل، وعبر تغيير المنظومة الإعلامية والتعليمية والعمل من تحت الأرض". تختتم حديثها: "جمهورية ميدان التحرير تجاوزت كل المنظومة الذكورية للمجتمع، وحتي نعيد الوصول إليها مرة أخري فلابد من عمل طويل وشاق".