تغيرت الأخبار الواردة من شارع المعز الآن، تحولت الافتتاحات والحفلات، إلي اعتداءات ومضايقات وربما سرقات.. ببساطة المعز ينهار. الشارع التاريخي الذي تكلف أكثر من 80 مليون ليصبح متحفا مفتوحا للآثار الإسلامية، يتحول تدريجياً إلي سوق عشوائية مفتوحة يباع فيها كل شيء، الفوضي عنوان رئيسي بارز هناك، اختفي الأمن، وسيطر أصحاب المحلات علي الرصيف، واستغل بعضهم جدران الجوامع والأسبلة لعرض الملابس الداخلية! الشارع الآن بلا بوابات، بلا أمن وبلا زوار أيضا، أغلب محلات "الصاغة" اخفت بضاعتها من الواجهات، والباقي يتسول المارة.. ربما يرغب أحدهم في بيع مصوغاته. حالة ركود تام يشهدها أحد أشهر وأهم الشوارع التاريخية في القاهرة. الأهالي وأصحاب المحلات يؤكدون أن الثورة لا تبرر الفوضي والغياب الأمني لم يعد له مبرر الآن، خاصة وأن حالة الركود سببها الرئيسي اختفاء كل عناصر الأمن من الشارع، يقولون إنهم في الفترة التي تلت أحداث الثورة مباشرة ناشدوا المسئولين في الداخلية وفي الآثار، ليتدخل أحد وينقذ الشارع التاريخي من الفوضي، التي تسببت في الاعتداء علي آثار الشارع وعلي زوار الشارع أنفسهم خاصة الأجانب، لكن لم يعرهم أحد أدني انتباه، ورغم ما أعلنته الآثار ونشرته عن اتفاقها مع الداخلية علي إعادة الانضباط للشارع، إلا أن ما حدث علي أرض الواقع يؤكد نهم لم يتدخلوا إلا في بعض الأماكن البارزة في كمجموعة قلاوون في حين ظلت المداخل والأطراف تقدم نماذج الفوضي، لتصل إلي ذروتها عند مدخل الغورية، هناك لا يوجد موضع لقدم، اختفت الآثار خلف المعروضات، وتكدس الزوار في مساحة ضئيلة تبقت من الشارع، إضافة إلي هذا كله بواقي مشروع لمعالجة المياه الجوفية يستعرض مخلفاته في مواجهة الزائرين. أما أبزر دلائل فقدان السيطرة فكانت في إغلاق أغلب مزارات الشارع، خاصة تلك التي تحوي قطعا يمكن سرقتها أو العبث بها. المشكلة الأبرز الآن هي السيارات فرغم أن مشروع الترميم كان قد ارتكز من البداية علي فكرة أساسية تقوم علي إنقاذ آثار الشارع التاريخي ثم تحويله إلي مسار سياحي، إلا أن ما يحدث الآن يؤكد أن القائمين عليه كانوا ينظرون تحت أقدامهم. اهتموا فقط بتلبية رغبة الوزير في تحويل الشارع إلي ممر للمشاة، دون النظر لطبيعة المكان، ونسوا أن الشارع المخصص للمشاة يتطلب إنشاء أكثر من مكان لانتظار السيارات_ -وهو ما لم يحدث- فتعرض المكان لأزمة مرورية تهدد الشارع، وحولت سور القاهرة التاريخي إلي "جراج" كبير لسيارات العاملين وسكان وزوار المنطقة، ورغم مشاركة الأهالي في محاولة تنظيم الدخول إلي الشارع إلا أن محاولاتهم غالبا ما تنتهي بانتصار أصحاب السيارات، ليصاب الشارع بالشلل التام أكثر من مرة خلال اليوم. الغريب أنه ومن واقع خطة المشروع التي قدمتها وزارة الثقافة واعتمدتها وزارة الإسكان اكتشفنا أن الخطة ركزت علي تفاصيل من نوعية الوضع الراهن والألوان والمقاعد والأشجار، ورغم ذكر مشكلة السيارات ضمن أهم مشاكل المسار، لم يفكر أحد في إنشاء جراج أو مكان للانتظار لحماية المنطقة من السيارات، رغم أنها _الخطة- اقترحت إقامة فنادق لخدمة المنطقة السياحية! .