كل الظلمات... كل الظلمات التي تقطعني هنا، تحت الجرح السماوي، عابراً، بوثبات تثير غبار المستقبل، بين حشود الحشمة والغضب مع دهن الأبدان الذي يغلي مع أيديولوجيا بناء الشقق مع الإصبع الذي يفقأ عين الدولة حاملاً المادة المبهجة للأخطاء في يدي رغيف الحظ وعلي جبهتي السكرانة تنضج ثمرة اليقين. كل المتوقَّّع والمتعذّر كل الخامد الذي يشرع في العمل كل المفاجئ الذي ينشطر كل الجثامين المغطاة بمكعبات الثلج كل عمل الطائرات، والواقع الذي يسير منقاداً تحت عين الحراسة، وتسليات السحرة والرزم المنسية فوق ظهور الخزائن.. هنا، بين عائلات صامتة مثل غيوم تتحرك وتتبدد لكنها فجأة علي شفرة الأرض مجتمعة علي مائدة الدم. كل السلالات المطروحة، بعد مئة نزوح، في شتاء الزواريب الأفعوانية كل النزق القديم للحي كل مرثيات القري وأحشاء القري كل غنائيات المقابر - التي تعود ثانية- كل وجه بشري يائس مسحوباً في الشوارع بكامل هيئته الجسورة كل تعويذة ترفع شعرة الإرتياب هنا، في سوق الخضار مع موسيقي سوّاقي الڤانات مع الإيمان الكبير، الحاذق بتشغيل الأموال، مع زبد البحر عند أطراف عيونهم مع ميكروفونات المساجد التي تنفخ الأوداج .. مع المازوت وبيض الغنم ومع الذاهبين إلي التسول مع قوة السكان بصلات الأرحام والقربي وقوة الجسور، وقوة الأدعية التي تُلصق علي الزجاج الأمامي مع الفضائل التي تطوّقنا ولا نراها هنا، ... دخول وخروج وأرض مدقعة. هنا، حيث الكذبة تغدو بلا قياس إذ النسيان مقبلٌ نحوها. وهنا، في الإقليم الحدودي الذي قومر به في الصيف، حين كان الذباب يفور فوق العجائز المطمورين تحت الردم بحدقاتهم المشرقطة. كل حيلة لتتوسع الضواحي كل بصيرة قرآنية حارقة كل خرزة زرقاء في عين الفاعل والمفعول كل فيديوات التلصص وأدوات التشدد وبلا رحمة في المطاردة الأبدية للممسوسين والمنحرفين المختبئين في الغرف الصغيرة فوق السطوح بعضلهم المنهَك وبردهم الجوهري. هنا، حيث علينا أن نجد شعباً لنعاقبه ولا مشقّة في ترجمة الشر بخطاب تلفزيوني مع المتألّه الذي يكلمنا مع عمّال دوار الشمس والبلاستيك، الآتين من سهوب الشرق بمناجلهم الصدئة باعة الريش والخردوات وقصاصات الأظافر، مع نشاط الموتي ووجوه الموتي وبدلات الموتي الرياضية مع المسبحة والآيات المذهّبة في الصالونات مع الإطارات المشتعلة علي طريق المطار.. هنا، حيث الجرائم تقف وحدها بيننا وبينهم من أجل تصريف المعتقدات. كل لوائح الحلال في السوبرماركت كل عقل محترق كزهرة مرمية في فرن كل الأبواق القديمة ذاتها التي رفعها الشيوخ وقطاع الطرق والمنفيون كل الأيتام الذين نسينا تقديم العشاء لهم هنا - وسأبقي غريباً بينكم - قرب النصب التجريدي للكرامة حيث المثلث الرخامي يرتفع مقابل مكتب بيع الخادمات وهنا، في البلدات التي تُلتهم كثمرة نارية مع رجال مليئين بغبار الصيف في جوف الضاحية، في القاعات الكبيرة للتأبين بجوار الأرامل، حيث المحنة مبقّعة بالشجن الديني، في حشرجة عمومية مع القلوب المجنونة لأتباع بلا أعناق يخرجون من عتباتهم مع النداءات مع المعادن الناتئة من الأرض الخالية من أي مناخ مع الثأر إذ تحتشد البنايات علي حطامها. كل عمل كبير للمهرجان إذ تجتمع العضلات وأغراض الحديد والصوت والقشعريرة كل اليافطات والقرابين الجاهزة والكراسي والألفاظ الزجاجية والأرواح التي تغني كل عمل كبير للمكانس والحراس وموزّعي الشارات هنا، في ساحة الجماهير التي يتنازعها الموت والغشية - حيث الحياد فضيحة - هنا، مع أطفال مؤمنين بأفواه باردة ونسوة مؤمنات أيضاً في منازلهن الخالية من النجاسة وهنا، علي مقربة من المساكن ومداخل المدينة وفوق سطوحها المنقصفة حيث الليل، بعصاباته، شرراً متطايراً إذ يوزَّع السمّ كالماء في الحنفيات كل عصبيات سهول الخشخاش المتوهجة أيضاً بأسلحتهم، بالسيارات الرباعية الدفع إذ تنتهب المرتفعات حيث الغنيمة للأقوي كل النسوة الطريات اللواتي يحلمن في سرير نومهم مهسترات بغبار عباءته كل أقربائهم، ساكني تلال الرمل، عند حافة الأوتوستراد الذين ينعمون الآن بسكّر المدن وذهبها كل رواسب العرق في الدكاكين والأحزان المدنسة التي ترمي بعد الظهر مع البث المباشر لوجهه الذي رأيته يتغير كمحارة جافة بعينين تخسر كل مهارة، بشفاه بطيئة وإذ بها متفسّخة وكل جملة وليدة تتفتح كفقاعة ..وفجأة "لا" واحدة ستفقده صوابه. فأيّ سعادة هناك في الدهاليز المجهّزة بالعبوات والمعلبات تحت حقول التبغ الميتة؟ ماذا سنسمي كل تلك الرثاثة الفاحشة الثراء؟ وكل هذه الأرواح التي تتبخّر بقوة الإنضباط؟ كل يوم يبدأ بنقص فادح بمادة الغد كل يوم يبدأ بخرافة ملتهمة من فم واحد بارتطام صارم بين مخاطبات قطع اليد ومكيفات الهواء كل يوم أختنق بغير الحقيقي، بمآثر الدم والمجهول في تمرين حر بين السياسة والمعني كل يوم تدعونا الحرية إلي مكانها الشاسع ذهاباً وإياباً منذ سنوات.. بلا نفع