صدر حديثا عن الدار المصرية اللبنانية، كتاب للناقد الدكتور صلاح فضل بعنوان »محمود درويش« حالة شعرية« والكتاب علي صغر حجمه الذي لم يتجاوز المائة وخمسين صفحة، زاخر بالقضايا الحياتية والشعورية التي شكلت تجربة محمود درويش. ففي الافتتاحية وقف د.صلاح فضل أمام بيئة درويش، الذي كانت حياته ، كما يصفها الناقد، مأزقا وجوديا محكوما بتفاصيل حالته الشعرية، فقد عاش موزعا بين الازمنة والأمكنة والقصائد«. في الفصل الاول »شعرية العشق« يقف د. صلاح فضل أمام مرحلة درويش الرومانسية وتأثره بنزار قباني« مرورا بالنقلة النوعية الفادحة التي احدثها أدونيس بأسلوبه التجريدي، لكن درويش في كل قصائده استطاع أن يدخل موتيفات جديدة ولقطات منسوجة بمهارة فائقة تحيل علي عالمه الخارجي، لتتوالي بعد ذلك مغامراته الابداعية لتتجاوز حدود الحداثة المستقرة عند منطقة التجريد، ولتقدم مزيجا جديدا من التعبير المكثف حينا والملطف حينا آخر عن هموم الانسان في الحب والموت والاخلاص. منطقيا، يأتي الفصل الثاني ليتناول تحولات درويش، والتي تمثلت في مباحث مفردة حددها بدقة الناقد الكبير مثل »من البراءة الي الخطر« ثم »الخروج إلي شكل آخر« وهو ما يفسره درويش نفسه بقوله »انني أقوم بتنمية طاقتي الابداعية المستقلة عن اسباب شهرتي وبعدم الوقوع في أسر الخطوة الأولي التي قدمتني للناس والتمرد علي أشكالي القديمة بمحاولة التجديد المستمر للذات« ، ثم يأتي بعد ذلك مبحث: انبهام الرؤية وتشذر التعبير. يبني فضل نقده لدرويش بناء هندسيا حيث تسود الكتاب كله روح من المحبة والاخلاص في التعامل مع الشعر والشاعر، حتي إن الكتاب نفسه يعتبر معزوفة محبة في تجليات شعرية محمود درويش ، فالفصل يسلم للاخر، والفقرة مبنية علي سابقتها، وبالتالي جاء الفصل الثالث »قراءات نصية« ليقف طويلا امام حالات اعمال محمود درويش مثل: حالات الشعر والحصارات، والقصيدة الدرامية الشاملة، ولمسات الحداثة.