قد يتصور البعض أن الحديث عن الأطعمة والأشربة الشعبية يعد حديثا ساذجا لا يجب الإنشعال به بحثيا، ونظن أننا الآن بحاجة إلي جمع وتصنيف وأرشفة الأطعمة والأشربة الشعبية، بداية من مكوناتها وطريقة عملها والمعتقدات والعادات والتقاليد المرتبطة بها ، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد لكن العمل الميداني لابد أن ينشغل بجمع كل المأثورات الشعبية الخاصة بها من أغان وأمثال ومواويل .. إلخ . إن الأطعمة والأشربة الشعبية تمثل تاريخا متسعا يتعالق بحياة الإنسان المصري ، حيث ينشغل المصري بلقمة عيشه وشربه، والموضوع يتسع باتساع الجغرافيا المصرية وتنوع بشرها (مجتمعات صحراوية مجتمعات زراعية مجتمعات صيد..)، وعلي المستوي الإثني هناك جماعات قبلية وأعراق ترتبط بأنواع معينة بالمأكل والمشرب ، وهناك أكلات شعبية وطنية عامة، وعلي المستوي الموضوعي هناك أكلات للإفطار وللغداء وللعشاق وللتسلية وللأفراح وللمزاج. إن الدعوة لجمع كل عناصر الثقافة الشعبية المرتبطة بالمأكل والمشرب ستقدم لنا إلي جانب العادات والتقاليد والفنون مجموعة من المعارف الاقتصادية والخبرات التي تتعلق بالمهن والصنائع وكذا الأدوات المستخدمة ، فضلا عن حفظ هذا المأثور من الضياع والسرقة بعد أن بدأت بعض الدول تستولي علي بعض مأكولاتنا وأشربتنا الشعبية ولا نظن أن هذا الجمع الذي يحتاج كتيبة من المخلصين والعارفين بأدوات الجمع الميداني سيتم إلا عبر المؤسسة الثقافية وفي إطار أشمل من هذا الموضوع فحسب ، هذا الإطار الجامع هو مانطلق عليه مشروع وصف مصر الآن بعيون كتاب وفناني وباحثي مصر ، ليقدم هذا المشروع صورتنا الآن ما الذي بقي وما الذي تغير وما الذي ضاع تحت سنابك المدنية الحديثة وثقافة الاستهلاك التي تسهم كل يوم في غربة الإنسان المصري وتشييئه.