ظهرت الآن.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني لمصلحة الخبراء بوزارة العدل    أوقفوا الانتساب الموجه    "الهجرة": نحرص على المتابعة الدقيقة لتفاصيل النسخة الخامسة من مؤتمر المصريين بالخارج    افتتاح 5 مساجد جديدة فى 4 مراكز بالمنيا    إمام الوعى والتنوير    رفع الدعم تدريجيًا والطاقة المتجددة والضبعة.. مهام ضرورية على المكتب الوزير    توريد 227 ألف طن من محصول القمح لشون وصوامع البحيرة    غدا، نظر دعوى عدم دستورية قانون امتداد عقود الإيجار القديم للورثة    تدشين 3 خطوط جديدة ل مصر للطيران بالقارة الأفريقية يوليو المقبل    وزير التعليم العالي يؤكد على أهمية أمن المعلومات في ظل التطورات التكنولوجية المُتسارعة    صوامع وشون الشرقية تستقبل 605 آلاف و334 طنا من محصول القمح    %47 من الإسرائيليين يؤيدون التصديق على صفقة الأسرى مع حماس    زاخاروفا: واشنطن لن تفلت من مسؤولية استهداف أوكرانيا لروسيا بأسلحة أمريكية    بايدن: حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 225 مليون دولار    الأمم المتحدة: شن هجمات على أهداف مدنية يجب أن يكون متناسبا    تصفيات كأس العالم، ليسوتو تفوز على زيمبابوي بهدفين دون رد    استبعاد كوبارسي مدافع برشلونة من قائمة إسبانيا في يورو 2024    خسائر ب 4 ملايين، السيطرة على حريق التهم شونة كتان في الغربية    اليوم.. هلال ذي الحجة يزين السماء    سيارة مسرعة تنهي حياة موظف أمام قسم الجيزة    مصرع شخص في انقلاب سيارة ملاكي بمصرف بالدقهلية    بعد وفاته، معلومات عن الناقد الفني نادر عدلي    أونروا: نطالب بإجراء تحقيق فى الانتهاكات ضد الأمم المتحدة بما يشمل الهجمات على مبانينا    بمناسبة مولد العذراء.. جولة إرشادية للأطفال حول رحلة العائلة المقدسة بمتحف ملوي    إيرادات الخميس.. "شقو" الثالث و"تاني تاني" في المركز الأخير    تعرف على موعد عزاء المخرج محمد لبيب    أمين الفتوى بدار الإفتاء يوضح أفضل أعمال عشر ذي الحجة    الصحة: إجراء 2 مليون و232 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    نصائح للمواطنين للتغلب على الموجة الحارة    إجراء 2 مليون و232 ألف عملية جراحية في مصر ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    القيادة الأمريكية تعلن نجاح إعادة إنشاء الرصيف البحرى المؤقت فى قطاع غزة    الناقد السينمائي خالد محمود يدير ندوة وداعا جوليا بمهرجان جمعية الفيلم غدا    بدء تلقى تظلمات الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ الأحد    أحكام الأضحية.. ما هو الأفضل: الغنم أم الاشتراك في بقرة أو جمل؟    مفتى السعودية يحذر من الحج دون تصريح    الأوقاف: افتتاح أول إدارة للدعوة بالعاصمة الإدارية الجديدة قبل نهاية الشهر الجاري    بالخطوات تعرف على طريقة الحصول على نتيجة الشهادة الإعدادية بالمحافظات    "البحوث الفنية" بالقوات المسلحة توقع بروتوكول مع أكاديمية تكنولوجيا المعلومات لذوي الإعاقة    أول تعليق من وسام أبو علي بعد ظهوره الأول مع منتخب فلسطين    «التعليم العالي»: تحالف جامعات إقليم الدلتا يُطلق قافلة تنموية شاملة لمحافظة البحيرة    الموسيقات العسكرية تشارك في المهرجان الدولي للطبول والفنون التراثية    الانتخابات الأوروبية.. هولندا تشهد صراع على السلطة بين اليمين المتطرف ويسار الوسط    وزير الزراعة يعلن فتح اسواق فنزويلا أمام البرتقال المصري    الأنبا باخوم يترأس قداس اليوم الثالث من تساعية القديس أنطونيوس البدواني بالظاهر    ضبط المتهمين بالشروع في قتل سائق وسرقة مركبته في كفر الشيخ    أيام البركة والخير.. أفضل الاعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة 1445    إخماد حريق داخل محل فى حلوان دون إصابات    بعد غيابه عن الملاعب.. الحلفاوي يعلق على مشاركة الشناوي بمباراة بوركينا فاسو    صلاح يفوز بجائزة أفضل لاعب في موسم ليفربول    أسعار الفاكهة اليوم الجمعة 7-6-2024 في محافظة الدقهلية    ضياء السيد: حسام حسن غير طريقة لعب منتخب مصر لرغبته في إشراك كل النجوم    علي عوف: متوسط زيادة أسعار الأدوية 25% بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج    المتحدة للخدمات الإعلامية تعلن تضامنها الكامل مع الإعلامية قصواء الخلالي    محافظ أسوان: طرح كميات من الخراف والعجول البلدية بأسعار مناسبة بمقر الإرشاد الزراعي    مداهمات واقتحامات ليلية من الاحتلال الإسرائيلي لمختلف مناطق الضفة الغربية    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 7 يونيو 2024.. ترقيه جديدة ل«الحمل» و«السرطان»يستقبل مولودًا جديدًا    أحمد سليمان: يجب إلغاء الدوري المصري هذا الموسم.. ومصلحة المنتخب أهم    مجلس الزمالك يلبي طلب الطفل الفلسطيني خليل سامح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجبل العميق: الجرح الأرمني غير القابل للاندمال!
نشر في أخبار الأدب يوم 18 - 06 - 2016

للمرة الأولي أقرأ كتاباً غير أدبي بهذا الشغف والفضول، "الجبل العميق" عمل كما وصفه مترجمه للعربية الشاعر ميسرة صلاح الدين "تحفة فنية" ليس فقط لأنه يحتوي علي مادة صحفية استقصائية مكتوبة ببراعة بل لأن كاتبته الصحفية التركية الشهيرة "أجي تملكران" وضعت لمستها الأدبية والإنسانية ليخرج عملها أنيقا وشيقا.
الكتاب مقسم إلي ثلاثة أجزاء قوامه حوارات وشهادات أجرتها الكاتبة مع أطراف عديدة لتتوغل في الروح الأرمنية التي مازالت تعاني من آثارالمذبحة التي قام بها العثمانيون وبسببها صار الشتات والحزن من نصيب الشعب الأرميني. حيث بدأت رحلتها بالسفر لأرمنيا، فرنسا، إيطاليا وأمريكا. قابلت خلالها مواطنين أرمن من كافة المستويات الثقافية والاجتماعية.
"إنني لن أتلاعب بالكلمات، ولن أحرفَ الحقيقة. سأسردها كما هي. إن المذبحة التي تنتحبين عليها ماهي إلا نقطةُ البدايةِ في تاريخ بلادي حيث أصبح القتل الجماعي أمرًا اعتياديًّا. نعم يا أختي، لقد كان ذلك في صيف 1915 عندما بدأت بذور الموت المخبأة تنبت، وبدأ أجدادُك وجداتك في الهجرة خارج الوطن وتفرقوا في البلاد. لقد حمل قومُك قتلاهم علي الأكتاف لمسافات طويلة قبل أن يستقروا في أراضٍ بعيدة، ويصبح الألمُ هو العمودَ الذي يرفع سقفَ منازلكم والذي تلتصقون به، وأصبح همُّ آبائك هو الحفاظَ علي هذا الجُرحِ الذي حرص الآخرون علي طمسه، وكلما حاولوا طمسَهُ أكثر كلما التصقتم به أكثر. لقد كان خوفُ قومي من فقد بلادهم هو السبب في حدوث حالة فقدانِ ذاكرةٍ اختياري. هذا هو ما قيل لنا نحن أيضاً."
درست الكاتبة في مدرسة اسمها " التاسع من سبتمبر الابتدائية" كما يقام احتفال سنوي في مثل هذا اليوم يعلمون فيه الأطفال جملة " تم صب الخائن في البحر"، في إشارة للمذبحة التركية ضد الأرمن. هناك إشارات عديدة في الكتاب علي زرع أفكار في نفوس الأطفال جعلت روح الكراهية تكبر رغم السنوات التي مرت علي تلك الحادثة. بين شعور بالفخر لدي الأتراك وإحساس بالقهر لدي الأرمن.. يعيش أطفال بلدتين متجاورتين. "جميعنا، كل أطفال العالم ،نتلقن منذ صغرنا قصةً تُعَرِّفُنَا إلي أي نوع من أنواع الحزن ننتمي."
استلهمت الكاتبة من التراث الشعبي الأرميني بعض الأفكار، مثل سبب اعتبار الرمان فاكهة مميزة، "الرمان له دلالة مهمة جدًا بالنسبة للأرمن، فهم يلقون ثمارَ الرمان تحت أقدام العروس كرمز للخصوبة، ويعتقدون أن عددَ البذور التي تسقط خارج الثمرة يمثل عددَ الأطفال الذين ستنجبهم". فنجدها تحاول الوصول لبعد إنساني فطري" لماذا يمثل الرمان كل هذه الأهمية للأرمن؟ ربما لأنهم انفرطوا حول العالم كحبوب الرمان، ربما لأن بقاءَهم علي قيد الحياة يعتمد علي الخصوبة والتكاثر اللذين تمثلهما هذه الفاكهة الأسطورية؟"
ومثلما ارتبط الرمان في ثقافة الأرمن فإن ارتباطهم بجبل "أرارات" ليس له حدود، فهم ينظرون له من بعيد وينشدون العودة. يعتقد الأرمن أن الأتراك سرقوا أرضهم مثل مدينة "القسطنطينية" التي سماها الأتراك "إستانبول" وجبل "آرارات" الذي يمثل عمق وجدانهم ووجودهم وشعورهم بالوطن والأرض. لذلك فبحسب الكتاب يكره الأرمن كل من يطلق علي "قسطنطينيتهم" "إستانبول".
لم تستوقفني بعض الآراء السياسية التي جمعتها الكاتبة بقدر شهادة الشاعرة "سيلفيا جابودكيان" ذات الأربعة والثمانين عاما التي حكت عن علاقتها بالشاعر التركي ناظم حكمت "كنت معتادة علي المزاح مع ناظم كلما التقينا قائلة فلتعيدوا لنا "أرضنا" فكان يبتسم ويجيب "بعد الثورة !!". وعن مدي أهمية جبل أرارات قالت أقدم شاعرات أرمينيا "أرارات.. أرارات هو جبل لا نستطيع الوصول إليه وكلما ابتعد أكثر رأيناه أجمل. إن قلوبنا تحترق تحت أقدامه" توقفت عن النظر في الكأس أو عبر النافذة وعادت تواجهني بعينيها قائلة "أيتها الشابة،إن أرارات بالنسبة لك هو مجرد مرتفع عن الأرض؛ ولكنه بالنسبة لنا مسألة عمق."
من خلال شهادات الأرمن علي اختلاف أعمارهم وطبقاتهم فهم ينشدون الاعتراف بالمذبحة الجماعية التي قام بها الأتراك في حق آبائهم وأجدادهم بهدف التطهير العرقي، فالاعتراف سيشفي الجرح ويذهب الحزن عن الشعب الأرمني.
اختتمت "أجي تملكران" كتابها "الجبل العميق مستخدمة جملة قالها صديقها الصحفي "هرانت دينك" الذي اغتيل بسب اهتمامه بالحوار بين تركيا وأرمنيا وكان مقتله السبب الأساسي الذي دفعها للتفكير في هذا الكتاب "لقد كان هرانت علي حق؛ يستطيع الوطن أن يتخلي عنك ولكنك لاتستطيع أن تتخلي عن الوطن. أنت ملتزم بحب وطنك مهما أثقل قلبك بالجراح."
صدر كتاب " الجبل العميق" عام 2010 وعلي الرغم من كونه يناقش قضية حساسة بالنسبة للمجتمع التركي إلا انه لاقي رواجا كبيرا، وتمت ترجمته لعدة لغات منها الإنجليزية وأخيرا صدرت النسخة العربية عن دار صفصافة للنشر والتوزيع بترجمة بديعة للشاعر ميسرة صلاح الدين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.