3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    الدولار ب50.56 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 16-6-2025    خلال عودته من الديوان العام للاستراحة.. المحافظ يتجول بدراجة هوائية بشوارع قنا    ارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين بعد انتشال جثتين من موقع سقوط صاروخ إيراني بمدينة بات يام    الأمن الإيراني يطارد سيارة تابعة للموساد الإسرائيلي وسط إطلاق نار| فيديو    الآن.. ارتفاع عدد القتلى في إسرائيل بعد الهجوم الإيراني الجديد    بعد نهاية الجولة الأولى| ترتيب مجموعة الأهلي بكأس العالم للأندية    مفاجآت في تشكيل السعودية ضد هايتي بكأس كونكاكاف الذهبية 2025    لحظة انتشال الضحايا من أسفل مدخنة مصنع طوب بالصف (فيديو)    ننشر حالة الطقس اليوم الاثنين ودرجات الحرارة المتوقعة بالمحافظات    مراجعة اللغة الفرنسية الصف الثالث الثانوي 2025 الجزء الثاني «PDF»    نجوى كرم تطلق ألبوم «حالة طوارئ» وسط تفاعل واسع وجمهور مترقب    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    مجموعة الأهلي - بورتو وبالميراس يتعادلان في مباراة رائعة    "بعد لقطة إنتر ميامي".. هل يلقى حسين الشحات نفس مصير محمد شريف مع الأهلي؟    كأس العالم للأندية.. الأهلي يحافظ على الصدارة بعد تعادل بورتو أمام بالميراس    أحمد سعد يشعل حفل الجامعة الأمريكية، ويحيي الأوائل    ترامب: سنواصل دعم إسرائيل للدفاع عن نفسها    زيادة جديدة ب 400 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الإثنين بالصاغة وعيار 21 الآن بالمصنعية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأثنين 16 يونيو 2025    صرف الخبز البلدي المدعم للمصطافين في عدد من المحافظات    الأكل بايت من الفرح.. إصابة سيدة وأبنائها الثلاثة بتسمم غذائي في قنا    وفاة تلميذ متأثرًا بإصابته بلدغة ثعبان في قنا    إيران.. الدفاعات الجوية تسقط مسيرات إسرائيلية في مناطق مختلفة من البلاد    نشوة البداية وخيبة النهاية.. لواء إسرائيلي يكشف عن شلل ستعاني منه تل أبيب إذا نفذت إيران خطتها    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    رجال الأعمال المصريين الأفارقة تطلق أكبر خريطة استثمارية شاملة لدعم التعاون الاقتصادي مع إفريقيا    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة القاهرة.. فور ظهورها    رصاص في قلب الليل.. أسرار مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    حريق داخل مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة    ملخص وأهداف مباراة بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد فى كأس العالم للأندية    مباريات كأس العالم للأندية اليوم الإثنين والقنوات الناقلة    وزير الثقافة يشيد ب"كارمن": معالجة جريئة ورؤية فنية راقية    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    يسرا: «فراق أمي قاطع فيّا لحد النهارده».. وزوجها يبكي صالح سليم (فيديو)    علاقة مهمة ستنشئ قريبًا.. توقعات برج العقرب اليوم 16 يونيو    حدث بالفن | وفاة نجل صلاح الشرنوبي وموقف محرج ل باسكال مشعلاني والفنانين في مباراة الأهلي    رياضة ½ الليل| الأهلي يفسخ عقد لاعبه.. غرامة تريزيجيه.. عودة إمام عاشور.. والاستعانة بخبير أجنبي    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    غرفة الصناعات المعدنية: من الوارد خفض إمدادات الغاز لمصانع الحديد (فيديو)    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول حياة عامرة بالكفاح والنضال.. صلاح عيسي: السجن تجربة جميلة
نشر في أخبار الأدب يوم 28 - 05 - 2016

ولد صلاح عيسي يوم 4 أكتوبر عام 1939 في قرية "بشلا" بمحافظة الدقهلية، لأسرة تنتمي للشريحة المتوسطة من الطبقة الوسطي المصرية في الريف، ومع حلول عامي 1948 و1949، تعرضت أسرته لكارثة اقتصادية هبطت بهم إلي حافة الهاوية، مما سبب له نوعا من القلقلة الاجتماعية، التي انعكست عليه وخلقت لديه تعاطفا مع الفئات الشعبية والفقيرة، ومن هنا بدأت عينيه تتفتح علي مفهوم التباين الاجتماعي.
كانت أمه سيدة ريفية؛ متدينة، وتحفظ قدرا كبيرا من الأمثال العامية والمواويل والأهازيج الشعبية، فاجتذبته إليها منذ الطفولة، ورغم أميتها؛ إلا أنها اهتمت بجمع الكتب الدينية لكي يقرأها لها صلاح، فعندما ذهب للمدرسة وبدأ التعلم طلبت منه ذلك، مما خلق لديه عادة القراءة.
أما والده فكان "أفندي" عصريا، ليبراليا بالفطرة، ووفديا حتي النخاع رغم اضطراره فيما بعد - بسبب وظيفته - أن ينضم للسعديين بلسانه، في حين كان عمه عضوا في "مصر الفتاة"، وكان ابن عم والده نائب شعبة الإخوان المسلمين في البلدة، مما جعل منزله عامرا باستمرار بالصحف المتنوعة والخلافات النقاشية، فامتلأ عقله بالاهتمام بالشأن العام، وكان أول ما جذبه في تلك الجرائد؛ صفحات الأدب والفن، وتحديدا رواية "الأرض" لعبد الرحمن الشرقاوي، التي بدأ نشرها بجريدة المصري عام 1953 .
الكتابة الإبداعية
خلق هذا المناخ لديه اهتمامات مبكرة بقراءة القصص والروايات، وشجعه علي ذلك والده الذي كان يعطيه نقودا - بخلاف المصروف - لشراء الكتب التي يريدها، وبذلك عرف الطريق إلي طه حسين والمنفلوطي وغيرهما، وبدأت آفاق قراءاته تتوسع، وقبيل التحاقه بالمدرسة الإعدادية في القاهرة، أراد والده أن يختبر مستواه في الكتابة والقراءة، فأعطاه مجلة "روزاليوسف" ليقرأ منها صفحة، ثم نسيها معه، فأخذ يقلب فيها وسُحر بمحتواها، ووقع في غرامها.
بدأ عيسي مشواره بكتابة القصة القصيرة، حيث كانت مزدهرة جدا بين أبناء جيله، لكنه توقف بعد عدة محاولات بسبب عمله السياسي بمنظمة يسارية، فقد جعلته حملة الاعتقالات للكتاب والأدباء ما بين عامي 1959 و1964 يتيقن من أن العمل السياسي المباشر هو الذي يغير العالم وليست القصص أو الروايات وغيره، يستطرد: "كان ذلك بمثابة رد فعل إزاء تصور جزئي لجيلنا بأن كتابة القصص هي التي ستغير العالم، لكن قسما آخر - وأنا واحد منه - وجد في هذا التصور مبالغة، لذلك توقفت عن كتابة القصص والإبداع".
علي طريق الصحافة
التحق صلاح عيسي في أواخر الخمسينيات بكلية الخدمة الاجتماعية، وأثناء ذلك كانت تصدر مجلة "المجتمع العربي" عام 1960، وحينها كانت بدايته مع الصحافة، فيقول: "كان لنا أستاذ يهتم لأمرنا، وهو من أرسلني مع صديق لي بكارت منه إلي رئيس تحرير المجلة، فرحب بنا وسألنا عما نريد فعله، وما شجعني أننا تقاضينا 5 جنيهات مقابل التحقيق، وكان ذلك مبلغا كبيرا في حينه، ثم بدأت خطوة بخطوة اهتم بالصحف والمجلات الآتية من الخارج، وتعرفنا في ذلك الوقت علي الرجل الذي أعطي جيلنا كله فرصته؛ المرحوم عبد الفتاح الجمل، مشرف الملحق الأدبي والفني بجريدة المساء، حيث كان رجلا لا يرد الموهبة".
لم يكن الجمل يرد موهبة، لكن عيسي كان خجولا جدا، فلم يذهب للقائه، وإنما كتب مقالا وألقاه بين فتحات درج مكتبه المغلق بصالة تحرير المساء، وغادر، حيث اختار يوم إجازة الجمل، بعدها وجد المقال منشورا وعليه اسمه، فاستمر في فعل ذلك، حتي وجد شخصا في إحدي المرات يناديه ويسأله عما يفعله، وحين أخبره قال "أنا قاعد لك مخصوص، أنت مش عايز تعرفني ولا إيه؟"، فقد انتظره عبد الفتاح الجمل ليتعرف عليه، ومنذ ذلك الحين تصادقا وصار يكتب بشكل منتظم.
اعتقالات
كان عمره 26 عاما حين تم اعتقاله أول مرة عام 1965، بسبب كتابته لمجموعة مقالات في جريدة "الحرية" اللبنانية، عنوانها "الثورة بين المسير والمصير"، كانت تنطوي علي نقد لثورة 23 يوليو، كما كان عضوا في تنظيم شيوعي سري، فأصدر الرئيس عبد الناصر أمرا بالقبض علي أعضائه ومن بينهم سيد حجاب، جمال الغيطاني، غالي شكري، محمود عزمي، رؤوف نظمي، محمود عمر، إبراهيم فتحي، وعدد آخر من المثقفين، أما عيسي فكان الأمر الخاص به أن "يُعتقل ويُفصل"، اندهش في البداية قليلا، لكنه يظن: "السجن تجربة جميلة، حتي أنني تمنيت بعد ذلك أن تعتقلني الحكومة كل عام شهرا ونصف أو شهرين، ليكون بمثابة فرصة للتأمل، لكن لمدة محددة وبدون تعذيب، فالمثير للقلق في الاعتقال أنه غير محدد المدة، مما يعطل التفكير في أي مشروعات".
رغم توقفه عن أي محاولة للكتابة الإبداعية؛ إلا أنه عاد إليها مرة أخري في أواخر الستينيات أثناء فترة اعتقاله، فكتب مجموعة قصص أسماها "جنرالات بلا جنود"، كما كتب روايته الوحيدة "مجموعة شهادات ووثائق في خدمة تاريخ زماننا"، إلي جانب كتابه الشهير "الثورة العرابية"؛ أول ما نُشر له بعد خروجه عام 1972 .
باحث في التاريخ
مع أوائل الثمانينيات كانت بداية المرحلة التي مزج فيها بين الاتجاهين الصحفي والاجتماعي، وتمثل ذلك في سلسلة "حكايات من دفتر الوطن"، التي اختصت بكتابة التاريخ المصري بأسلوب أدبي يعتمد علي الدراما الطبيعية الموجودة في التاريخ، ويسعي إلي إعادة تخليق الواقعة التاريخية كأقرب ما يكون للشكل الذي حدثت به، اعتمادا علي الحقائق التي وردت في المصادر التاريخية المختلفة، يؤكد عيسي: "كانت الفكرة الأساسية عندي متعلقة بإحياء الذاكرة الوطنية، لأننا نشأنا في جيل مدرسته الإعلامية في الكتابة التاريخية؛ تكتب التاريخ من وجهة نظر منحازة وغير علمية، وتسعي إلي تشويه كل ما سبق ثورة 23 يوليو، وتنطلق من رؤية خاطئة - من وجهة نظري -، وهي أن تاريخ مصر بدأ منذ الثورة، وبالتالي كل ما سبق ذلك لا قيمة له، وفي رأيي؛ ذلك كان يشوه الثورة نفسها، ويجعلها حدثا تاريخيا لا يوجد ما يبرره لأنه لم ينشأ نتيجة لتراكمات موجودة في الواقع، فبدأت أفكر في كتابة هذه السلسلة التي تنطبق عليها جميع شروط الكتابة التاريخية من حيث دقة الوقائع وصحتها ومقارنتها ببعضها البعض والترجيح فيما بينها".
يعود انجذاب صلاح عيسي لهذا النوع من الكتابة، إلي انجذابه له أساسا - كقارئ، وتحديدا كتاب أحمد بهاء الدين "أيام لها تاريخ" الذي صدر عام 1954، وما كاد يقرأه حتي أعجبته الطريقة وجذبه لقراءة مصادر التاريخ الأصلية سواء كانت مذكرات أو وثائق أو دراسات أو أبحاثا، ويقول: "هذا ما شكل وعيي الوطني والسياسي، لذلك تصورت أنه من واجبي أن أكمل تلك المجموعة التي بدأها بهاء والدور الذي لم يتمكن من إنجازه، وشاءت الظروف أن الأستاذ رجاء النقاش كان رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون آنذاك، فدعاني للكتابة بالمجلة عام 1971، وعندما عرضت عليه المشروع - قبل أن ابدأ في كتابته -، رحب به، فكتبت أول حلقة وفوجئت بها في العدد التالي منشورة، ثم أخذ يلح عليّ ويطاردني لكي أواصل كتابة ونشر بقية الحلقات، وبالفعل؛ استمرت تلك الحكايات إلي أن حدثت ثورة 15 مايو وترك النقاش المجلة، فتوقف المشروع".
أثارت أعماله اهتماما بالغا من قبل المؤرخين، لكنه يعتبر نفسه باحثا في التاريخ وليس مؤرخا، مؤكدا أنه حاول التحلي بالحيادية في تفسيره وتحقيقه للوقائع التاريخية، يوضح السبب: "كان جزء من قراءاتي وتكوين ثقافتي هي تلك المدارس التاريخية، التي تختص كل منها برؤية مختلفة في تفسير التاريخ، ومن هنا كنت أجمع الوقائع وأحققها وأقارن فيما بينها، لكن تفسيرها كان ينطوي علي وجهة نظر أتبناها، وأحيانا أبحث عن التفاصيل لكي أتثبت من صحة هذا الاستخلاص الذي وصلت إليه وليس مجرد إطلاق أحكام علي الوقائع التاريخية، وقد ساعدني في ذلك أنني درست علوم النفس والاجتماع التي مكنتني من تحليل الشخصيات والجانب الذاتي في تاريخ الأبطال".
منع وفصل وإضراب
عندما خرج من المعتقل عام 1967، كان صلاح مفصولا من عمله، وظل هكذا لمدة عام، لكن خلال تلك الفترة، حاول الكثيرون مساعدته، كالمرحوم فاروق خورشيد، رئيس إذاعة الشعب حينها، والمرحوم إسماعيل عدلي، الذي اقترح عليه إعداد البرنامج الذي يقدمه سعد التاجي، وبسبب اعتراض وزارة الداخلية علي اسمه؛ جري الاتفاق بأن يعمل دون ذكر اسمه، إلي أن تم اعتقاله مرة أخري.
خرج في المرة الثانية عام 1971، فتم منعه من العودة للعمل الاجتماعي أو أي احتكاك بالجماهير، لكن لم يكن هناك اعتراض علي عمله بالصحافة، فذهب لمحمود أمين العالم، وسانده مفيد شهاب، وزير الشباب وقتها، ولكن بسبب الأجواء الملتبسة بعد بدء إرهاصات 15 مايو، تردد فتحي غانم، رئيس مجلس إدارة الجمهورية حينذاك، وظل هكذا حتي رحل وجاء مصطفي بهجت بدوي، وبعد تكرار المحاولة، أصدر بدوي قرارا بتعيينه عام 1972، وبعد 3 سنوات اشتعلت المظاهرات، فتم إلقاء القبض عليه رغم أنه كان متواجدا بالجريدة، ووجهت له تهمة المشاركة في تنظيم سري ومناهضة وزارة الثقافة.
تم تجميده عن الكتابة، لكنه فوجئ رغم ذلك - مع أحداث 18 و19 يناير؛ بالباب يدق في السادسة فجرا للقبض عليه، فلم يفتحه، وعندما غادروا هرب، وظل هكذا تسعة أشهر إلي أن تم القبض عليه، وخلال تلك الفترة تم فصله من جريدة الجمهورية في أواخر عام 1977 .
في عام 1979 قُدم للمدعي الاشتراكي ومعه محمد حسنين هيكل وفريدة النقاش وأحمد فؤاد نجم ومحمد سيد أحمد ومحمد حمروش، بتهمة نشر مقالات خارج مصر تنطوي علي إهانة للشعب المصري، وفي عام 1981 اعتقل مرتين، إحداهما في أول العام بسبب مشاركته في المظاهرة المناهضة لوجود جناح إسرائيل في معرض الكتاب، والثانية خلال حملة سبتمبر.
عادت جريدة الأهالي عام 1982 في إصدارها الثاني، ورغم أن ظروفها لم تلائمه في إصدارها الأول، إلا أنه عمل بها حين عرضت عليه مرة أخري في الفترة من 1982 إلي 1986، وحين ازداد عليه الخناق فيها واشتدت الصراعات الحزبية، أضرب عن الطعام في نقابة الصحفيين مطالباً بحقه في العودة إلي الجمهورية، فجميع من فُصلوا في عهد السادات عادوا ماعدا عيسي ورياض سيف النصر، وقد عاد بالفعل، ولكن مع تعليمات بأن يحصل علي مرتبه دون أن يعمل أو يكتب.
الوعي الثقافي
رغم تلك المعاناة، إلا أن صلاح عيسي لم يندم قط عن شيء قاله أو قام به، وله في ذلك فلسفته الخاصة: "كل شخص تصبح آراءه مع الزمن أكثر نضجا، لكن في النهاية ما كان ممكنا إلا الذي كان، ففي هذا السن الصغيرة، لم يكن ممكنا أن أحقق وعيا يساعدني علي اتخاذ آراء مختلفة، وعلي أي الأحوال؛ الطريق الذي بدأت فيه أخذني إلي وعي مختلف جذريا عن أبناء الطبقة الوسطي الصغيرة، ووجدت فيه تحقيقا للنشوات العليا ونوعا من الرضا عن النفس، فأسهل شيء أن يعيش الإنسان في قوقعة أنانيته لتحقيق صعود فردي، ولكن العمل لأجل الآخرين يحقق إنسانية الإنسان".
شهد عيسي علي عدد من الحقب المختلفة، لكن الأفضل ثقافيا من وجهة نظره في عهد عبد الناصر، والسبب: "رغم الانتقاد الموجه إليه بأنه يضّيق علي الحريات العامة، إلا أن عهده كان من عهود ازدهار الثقافة، لأنه أول رئيس لمصر يستجيب لإلحاح المثقفين بتحويل الثقافة إلي خدمة عامة، كما أن تضييق نطاق الحريات كان مقصورا علي التنظيم والفكر السياسيين، لكنه لم يشمل الإبداع الأدبي والفني، أما عهد السادات فشهد تدهورا ثقافيا، حيث لم يكن يحب المثقفين، ويسميهم الرزلاء والأفنديات، وكانت ثقافته بها بساطة ريفية تنحو إلي الرجوع إلي الخلف، بينما حسني مبارك فاستجاب لضغوط من قبل وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني جعلته يهتم نسبيا".
واحد من الأحلام التي تحققت
عقب تولي فاروق حسني وزارة الثقافة في أواسط التسعينيات؛ طرح رجاء النقاش فكرة إصدار مطبوعة ثقافية بقطع الجريدة الأسبوعية، تخرج من نطاق الشكل التقليدي للكتب الثقافية الشهرية، وظلت الفكرة تتأرجح بين التنفيذ والإيقاف، إلي أن طلب حسني من صلاح عيسي تقديم مشروع حول هذه المطبوعة، وعلي هذا الأساس، في إبريل عام 2000 صدرت جريدة "القاهرة" الأسبوعية، التي تجمع مختلف الأشكال الصحفية ما بين الخبر والتحقيق والمقال والكاريكاتير والصورة، وكذلك كل أنواع الثقافة، من أدب وموسيقي وفنون تشكيلية وتاريخ وفكر سياسي واجتماعي، وتنطلق من رؤية ليبرالية واضحة، بأنها ليست منبرا تتفاعل به وزارة الثقافة مع المثقفين، ولكنه منبر - أيضا - لكي تتفاعل به الفصائل الثقافية المختلفة مع بعضها البعض، ومن هنا؛ كان الشعار الموجود علي صفحتها الأولي حتي اليوم، لجملة قاسم أمين الشهيرة "الحرية الحقيقية تحتمل إبداء أي رأي وترويج أي فكر ونشر أي مذهب".
وعن تفاصيل الفكرة؛ يوضح عيسي: "كانت الجريدة موجهة بالدرجة الأولي إلي القارئ العام والمثقف المتوسط، وخاصة الشباب، حيث تصورنا أن القارئ المهتم بأحد فروع الثقافة، عندما يشتري الجريدة ويقّلب في صفحاتها سيجد موضوعات أخري تثير اهتمامه، ومن ثم تقوده تلك لمطبوعات أخري أكثر تخصصا، وهي الجريدة الثقافية الوحيدة التي صدرت عن وزارة الثقافة المصرية واستمرت لهذا العمر المتصل منتظمة أسبوعيا، رغم أن ظروف المطبوعات الثقافية الآن لم تعد مريحة كما كانت منذ سنوات مضت".
حققت القاهرة كثيرا من الأهداف التي تطلع إليها عيسي، وأهمها هو التغلب علي فكرة التخندق التي تجعل الجماعة الثقافية غير قادرة علي التوصل لمشتركات فيما بينها تخص الثقافة الوطنية، فيقول: "فوجئت في الفترة الأولي أثناء إعدادنا للجريدة، أن البعض يرفض الكتابة في الجريدة لأن هناك آخر لا يريد أن يكتب معه في نفس المكان، لأننا عندما اخترنا كتاب الأعمدة، كان كل منهم يمثل تيارا ثقافيا وفكريا مختلفا، بما في ذلك التيار الديني، فتلك الأعمدة كانت عصب الجريدة، ووزارة الثقافة لا تعبر عن تيار بعينه، وإنما تدير الحوار بين التيارات المختلفة وتخلق مساحات للمناقشة فيما بينها، وأظن أننا نجحنا إلي حد ما في هذا، رغم ما تلقيناه من متاعب، فالمثقفون في كل الأحوال متعبون" .
كأي صحفي يهوي الصحافة ويحبها، كان لدي عيسي مشروعات صحفية كثيرة ومتنوعة، و"القاهرة" واحدا منها، حلم به وحققه، لكنه أسهم كذلك في إصدار مجلة "الثقافة الوطنية" مع فريد زهران، وفي عام 1989، عندما كان عضوا بمجلس نقابة الصحفيين في عهد النقيب مكرم محمد أحمد، أصدر مجلة "الصحفيين"، كمحاولة لتقديم مجلة تتبني قضية حرية الصحافة.
حين كان عضوا في لجنة النشر بالهيئة العامة للكتاب منذ عدة سنوات، أثناء رئاسة د.محمد صابر عرب لها، وكان نائبه الوزير الحالي حلمي النمنم؛ كُلف بإعداد دراسة عن المجلات الثقافية التي تصدرها الهيئة وتقديم مقترح بشأن تطويرها، وهو ما فعله، لكن المقترح مازال حتي الآن حبيس الأدراج ولم ينفذ، يوضح عيسي: "كانت الفكرة الأساسية أن تصدر هيئة الكتاب 4 مطبوعات رئيسية تتوجه جميعها للقارئ العام؛ جريدة ثقافية عامة تتناول كل ألوان الفن والثقافة، ومجلة فكرية تحل محل مجلة الفكر المعاصر وتلعب دورها في تجديد الخطاب الديني والأصالة والمعاصرة، ومجلة شهرية للسينما والمسرح، وأخيرا؛ اقتراح كان لدي ولم يتحقق حتي الآن - أشعر بالحزن من أجله وهو مجلة باسم "تواريخ"، تهتم بتقديم التاريخ بأسلوب صحفي جذاب والدفاع عن الذاكرة الوطنية المصرية، كانت تلك رباعية المجلات الثقافية التي ينبغي أن تصدر عن الهيئة، أما المجلات الأكاديمية المحضة فليست من مهامها، وإنما تصدر إما عن المراكز المتخصصة أو الجامعات".
المجلات الثقافية.. مشكلات وحلول
المجلات الثقافية كانت دائما مشروعات غير مربحة، بخلاف تجارب "الرسالة" و"الرواية" أو "الأدب" أو "الرسالة الجديدة" التي حققت أرباحا لفترة زمنية ثم لقت جميعها مصرعها، ويرجع عيسي الأزمة إلي: "المطبوعة الثقافية - بشكل عام - بدأت تتراجع وراء ارتفاع نفقات المعيشة، ووراء اتجاه الصحف اليومية إلي عمل صفحات ثقافية داخلها، فأصبحت الخدمة التي تقدمها المجلات موجودة ومتوافرة، ومع تواصل الأزمات الاقتصادية؛ وصلنا الآن إلي مرحلة أنه لا يمكن أن تكون هناك مطبوعة ثقافية تصدر بعيدا عن دعم الدولة وإنفاقها لأنها مشروع صحفي غير مربح ولا يجلب إعلانات، ولذلك لم يبق منها موجود الآن سوي "أخبار الأدب" و"القاهرة"، إلي جانب منافسة المجلات الثقافية التي صدرت عن الدول النفطية الغنية وكان أولها وأهمها مجلة "العربي" الكويتية التي أصدرها د.أحمد زكي، بالإضافة لمنافسة المواقع الإلكترونية، أما رجال الأعمال فلا يوجد منهم الآن من يفكر في إصدار صحيفة أو مجلة ثقافية، لأنه مشروع غير مربح".
وعن الحلول يقترح عيسي: "لحل المشكلات المادية، يمكن أن نعيد إحياء التقليد الذي كانت تعتمد عليه الصحف الثقافية في بداية عصر ازدهارها، وهو الاشتراكات؛ الذي كان يتيح لكل مجلة أن يكون لها قراء من كل البلدان، وعلي ضوء ذلك يمكنها تقدير عدد قرائها بدقة لتطبع العدد الملائم من النسخ، والفكرة الثانية هي الاشتراكات الإلكترونية، بأن تكون النسخة الإلكترونية من الجريدة مشفرة وتتاح فرصة للاشتراك فيها، مما يمكنها من الوصول في أي مكان للقارئ الذي يريدها".
المهنية الصحفية
تعاني الصحافة الآن عددا من المشكلات المهنية، التي جعلت عيسي يفضل أن تعود دراستها إلي ما بدأت به في مصر؛ وهي معاهد الصحافة، ويقول: "كان المعهد العالي للصحافة يلتحق به الطلاب الحاصلون علي درجة البكالوريوس أو الليسانس من الجامعة، طبيب أو ضابط أو مهندس أو غيره، يدرسون لمدة عامين المهن الصحفية لكي يتخصصوا فيما درسوه في مرحلة البكالوريوس أو الليسانس، لكن فكرة تدريس الصحافة باعتبارها مرحلة ليسانس أضرتها وهبطت بمستوي التخصص المطلوب للصحفيين، بالإضافة إلي المواقع الاجتماعية كالفيسبوك وتويتر وغيره، فهذه نسميها "صحافة القارئ" لأنها غير مهنية، ومن يكتبون أو ينشرون فيها لم يتلقوا أي شكل من أشكال التدريب المهني الذي يعلّمهم أن الحصول علي الخبر له مهارات معينة وأن التثبت من صحته قبل نشره جزءا من أدبيات المهنة وشروطها الأساسية، فيما عدا ذلك؛ الصحافة شيء مهم ولابد أن تتمتع بأوسع درجة من الحرية وكذلك أوسع درجة ممكنة من المسئولية الاجتماعية والوطنية، إلي جانب الالتزام الشديد بأدبيات المهنة وتقاليدها، فهذه الثلاثية هي التي تقدم إعلاما مهنيا محترما يستطيع أن يدير الحوار الوطني بين كل التيارات، ويستطيع أن يقدم للمواطن حقه في الحصول علي المعلومات الصحيحة، ومختلف الآراء والاتجاهات".
حرية الصحافة في الدستور
يعتقد عيسي أن مصر وضعت أقدامها علي الطريق الصحيح من خلال نصوص التعديلات الدستورية لعام 2014 بشأن حرية الصحافة والإعلام، لأنها نصوص غير مسبوقة في أي دستور مصري أو في دساتير المنطقة بأكملها، أو حتي دساتير بعض البلاد العريقة في الديمقراطية، ويفسر: "الدستور يتضمن 6 مواد أساسية، ثلاث منهم تضمن الحريات، وثلاث أخري تشير إلي المجالس المتخصصة التي تدير الصحافة والإعلام، أما مواد الحريات فتطلق حق الشخصيات الطبيعية والاعتبارية العامة والخاصة في إصدار وتملك الصحف ووسائل الإعلام، وهذا الحق كان قد ألغي منذ عام 1980 واقتصر إصدار الصحف الورقية علي الشركات العامة والخاصة، كما تتيح المادة حرية إصدار الصحف بالإخطار وليس بالترخيص، وتحظر مصادرة الصحف ووسائل الإعلام أو تعطيلها أو إغلاقها بأي وجه، ومن أي جهة، بالإضافة إلي أن المادة حظرت توقيع عقوبات سالبة للحرية في جرائم النشر باستثناء 3 جرائم هي التحريض علي العنف والطعن في أعراض الأفراد والحض علي التمييز، كما حلّت المواد إشكالية ما يسمي بالصحف القومية وماسبيرو، حيث جعلت أجهزة الإعلام المملوكة للدولة ملكية خاصة مستقلة تماما عن السلطة التنفيذية وعن كل الأحزاب، وساحة للحوار بين كل التيارات والمصالح الاجتماعية".
أما المواد الخاصة بالتنظيم؛ فتوصي بإنشاء 3 مجالس تتولي ضمان الحقوق التي ذكرتها مواد الحريات، الأول هو "المجلس الأعلي للصحافة وتنظيم الإعلام"، المسئول عن تنظيم أوضاع الصحف ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية والإلكترونية، سواء كانت مملوكة للدولة أو للقطاع الخاص، ومن مهامه إصدار تراخيص فتح القنوات والمحطات، وتحديد شروطها العامة والعقوبات التي تطبق عليها إذا خالفتها، ويضمن عدم احتكار وسائل الإعلام ويتلقي إخطارات الصحف، أما المجلسان الثاني والثالث، فهما صغيران يتوليان إدارة وسائل الإعلام المملوكة للدولة فقط، أحدهما يتعلق بالصحف القومية، والثاني بالإعلام المرئي والمسموع.
للنقابة دور آخر
في ظل هذه المجالس، تحتفظ النقابة بدورها، الذي يتعلق بإصدار تراخيص مزاولة العمل الصحفي طبقا لشروط قانونها، والدفاع عن حقوق الصحفيين والإعلاميين وحرياتهم، كما تتولي وضع ميثاق الشرف الصحفي أو الإعلامي الذي يلتزمون به، وهي الوحيدة صاحبة الحق طبقا للدستور في تأديب الصحفيين ومحاسبتهم علي مخالفة هذا الميثاق، فإذا ثبت إدانة الإعلامي توقع عليه عقوبة تبدأ بالإنذار وتتدرج إلي الغرامة، وتتصعد إلي المنع من مزاولة المهنة لعدة أشهر، ويمكن أن تصل إلي حد الفصل من النقابة وسحب رخصة الاشتغال في المهنة، وتطبيقا لهذه المنظومة جهز الإعلاميون مشروع نقابة لهم موجودا في مجلس الوزراء بالفعل، يستطرد عيسي: "نحن في المجلس الأعلي للصحافة بالتعاون مع نقابة الصحفيين ونقابة الإعلاميين تحت التأسيس؛ شكلنا "لجنة خمسين" وضعت التشريعات والقوانين التي تطبق مواد الحريات وتلغي الموجودة في القوانين القديمة، وهي تأتي في قانونين أساسيين؛ الأول؛ قانون تنظيم الصحافة والإعلام، وفي نهايته 3 أبواب تختص بالثلاثة مجالس الذين أشرنا إليهم وكيفية تشكيلهم وعملهم، وهذا القانون يضم 230 مادة، أما الثاني؛ فيتعلق بإلغاء العقوبات السالبة للحريات في جرائم النشر، ويشمل 5 مواد تلغي جميع العقوبات السالبة للحرية الموجودة في قانون العقوبات أو أي قانون آخر، ويستبدل هذه العقوبات بغرامة الحد الأدني لها 2000 جنيه ولا حد أقصي لها، حيث يُترك الحق للقاضي في تقدير الغرامة للتهمة حسب مدي جسامتها، وأظن أن هناك اتجاها داخل الحكومة بأن تبدأ بإصدار القوانين الخاصة بتشكيل المجالس، والحريات عندما يشاء الله".
تلك المواد والقوانين لا تغني عن الإحالة للمحاكمة التأديبية من قبل النقابة، ويوضح عيسي: "يجب علي الصحفيين أن يدركوا أن الحرية تقف أمام حقوق الآخرين، فلا يستسهلون الطعن في أعراض الناس أو اتهام آخرين بجرائم لم يرتكبوها أو العدوان علي المجتمع، ولكن دائما الصحفيين للأسف الشديد لا يريدون أن يعاقبوا".
علي طريق الديمقراطية
كتب عيسي منذ سنوات طويلة؛ كتابه "دستور في صندوق القمامة" الذي يتناول دستور 1954، حيث يعتبره الأفضل علي الإطلاق في تاريخ مصر، ويؤكد أنه تم الاستعانة بكثير من مواده خلال صياغة الدستور الأخير وتعديلاته، يشرح: "كان هذا الدستور يقوم علي أساس جمهورية برلمانية صرف، فالنظام المصري في عهد الملك فاروق كان ملكيا دستوريا وهو أقرب للجمهورية البرلمانية، في عام 1956 تحول النظام إلي جمهورية رئاسية في عهد الرئيس عبد الناصر، ثم عام 1964 بعد الانفصال عن سوريا، أخذنا بنظام الجمهورية المختلطة مع جنوح للجمهورية الرئاسية، مع دستور 1971 استمر هذا الوضع، ولذلك سمي نظاما شبه رئاسي، أما في تعديلات 2012 و2014؛ بدأ الأمر يتجه نحو شبه برلمان، أي جمهورية مختلطة، ولكن تتوازن سلطات البرلمان بعض الشيء مع سلطات الرئيس، وفي رأيي؛ النظام السياسي المصري لابد أن يقوم علي جمهورية برلمانية نقية، وهذا ما دفعني لتأييد تعديلات 2012، لأنها خطوة مهمة تقربنا تدريجيا نحو تلك الجمهورية، وآمل بعد فترة من الزمن 10 أو 15 عاما في أول تغيير جذري للدستور القائم نصل مرة أخري إلي فكرة الجمهورية البرلمانية النقية، لأنها الأكثر ديمقراطية، ربما ظروف البلد لا تسمح بها الآن، لكنني أعتقد أن التطور الديمقراطي خلال 10 سنوات سيجعلنا مهيئين للانتقال لها، فالشعوب لا بد أن تجّرب وتكتسب خبرة، وكل دول العالم المتقدمة مرت بتلك المرحلة".
3 كتب تستعد للنشر
عن آخر أعماله التي انتهي منها، يقول عيسي: "أقوم بتنقيح مخطوطات كتاب "الصحافة المصرية في معركة الديمقراطية" لأعيد نشره، وهو يحتوي علي 800 صفحة، يؤرخ للمعركة التي ظهرت بين الأحزاب السياسية وفقهاء القانون الدستوري والقصر الملكي، حول ما سمي بذيل المادة 15 من دستور 1923، التي كانت تنص علي أن "الصحافة حرة لا يجوز مصادرتها أو تعطيلها أو إغلاقها بالطرق الإدارية، إلا إذا كان ذلك ضروريا لوقاية النظام الاجتماعي"، وحول ذلك دارت معركة كبيرة في البرلمان المصري وكواليس السياسة المصرية حول استخدام هذا الذيل، وتساءلوا؛ ما هو النظام الاجتماعي، وكيف نقيه، وما هي الأخطار التي يمكن أن يتعرض لها، لأن بعض الأنظمة كانت تتجه إلي الاستناد لهذا الذيل لتلغي تراخيص الصحف بطرق إدارية".
وإلي جانبه؛ هناك كتابان آخران يستعدان ليلحقا به؛ هما "الموت في تشريفة الحليف الوطني"، اللذان ينقص كل منهما 3 فصول لينتهيا، ويأمل أن ينجزهما بعدما ينتهي من كتاب حرية الصحافة، يستطرد: "أحدهما خاص بمقتل شهدي عطية الشافعي المناضل الشيوعي الذي قُتل تحت التعذيب عام 1960 في المعتقلات المصرية بالقاهرة، والثاني عن مناضل شيوعي آخر هو فرج الله الحلو، سكرتير عام الحزب الشيوعي السوري اللبناني، الذي اعتقل خلال عهد الوحدة بين مصر وسوريا، وقتل أثناء التعذيب ثم أذيب جسده في الأحماض ودُفن، والكتابان محاولة لتقييم الآثار السلبية للخلاف بين عبد الناصر والشيوعيين علي مسار حركة التحرر الوطني في الخمسينيات والستينيات".
ننشر فصل من الكتاب ص 26


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.