عاشق البحر يتَسامَي البَحرُ في رُوحِه فرَحا جميلا، بينَما يَمرَح المجْنونُ علي الضِّفة، يصرُخُ، يرْقصُ رقْصا طَويلا. » أيها العاَشِق المجنُون، تمَهَّل ... إنَّ البحْر يتبَتَّل في مِحرابِ عشْقهِ، تأَمل، أيها المفتُونُ.. تأمل صمته الحَنونَ..«، قَال الشَّاعر للعَاشِقِ الهَيْمانِ.. تُري أَكانَ ينْصِتُ إليْهِ، أكَان يَراهُ، هُناكَ، أَعلي الرَّبوَةِ، عنْد نبْعِ الماءِ العذْبِ، في ظلِّ السرْوَة الوحيدَه، يخُطُّ آياتِ شوْقهِ، يرْثي بحرَهُ/ شاطئَه ؟ أكَان يُبْصرُ الشَّاعِر يحْكي اندثارَ ذِكرياتِه، انمِحاءَ أياَّمهِ...انطِفاءَ نارِ طفولتِه ؟ أكَان يرَي البَحرَ يأْكُله إسْفلتٌ ويَذروه الزَّمانُ ؟ كَان المجنُون/العاشِق المفْتونُ يُكملُ رَقصتَهُ الصاخِبَةَ المَأفونَةَ علي رمْلِ الشَّاطئِ الحزينْ... وَكانَ الشاعِر يئِنُّ أنينا... فأَيهما جُن جنونَا أذَلِك الذي يرقُصُ مفْتونَا، أمَّن اتَّكأَ علي جذْع سَروَة مهجورَةٍ بيْن يدَيْ نبعٍ يَتيمْ، يكُتبُ قصَّتهُ الشجيَّةَ ؟! أيُّهما المجنون ؟ أيُّهما المجنون ؟ عاشق الوردة بين كفيه وردة ذابلة، وفي عينيه استلقي الشجن واستكان، عاشق وردة مفتون... مسكين ومجنون...كان. بين راحتيه يمسد في حنان، أيام شوقه، ضياع لياليه في عشق آفل. بينما الشاعر في صمته، يرصد الحركات الولهي، يرصد العاشق المحزون، يدبج في دفتره سطور هوي هوي علي ضربات الزمان. وبينما الشاعر يحصي أنفاس الأسي اللاعج في كف المجنون. الكف التي تربت علي وردة ذابلة في حنو أبدي كان العاشق يذرف عشقه في سكون... عاشق المطر صحراء، رمل ممتد إلي ما لا نهاية، وعاشق المطر وامق، يرنو إلي مطر، يطهر روحه، يغسل جسده. عاشق يرنو إلي عناق تحت الماء.. عاشق يلعن الصحراء، يقطع الفيافي ولواعجه طي الضلوع، يقضي الأيام متطلعا في خشوع، إلي الفضاء الوسيع، يهفو إلي هطول السماء، ينتظر الذي يأتي ولا يأتي، في لهفة مجنون، وفي عينيه سكن الوجوم. يا عاشق المطر، قال الشاعر، تريث... إن بعد العسر طوفانا من الأملِ.. تريث... سيأتي ماء كثير.. فماذا أعددت له في هذا المتاه الشاسعِ ؟ كيف ستعانق مطرك ؟! كيف ستعانق قدرك ؟! عاشق النجوم رأي نجمة الصبح عند غلس الفجر تومض، ثم تخبو في رفق وفي ألقِ رأي ما رأي، فجن عشْقا، وانزوي محزونا.. أبصر في عتمة الليل نجوما ونجوما، فازداد سهوما، حيران كان العاشق الموله، يمضي بين الدروب متطلعا نحو السماء، يتلفت حواليه كمن مسه مس، أو صار مجنونا، يسائل نفسه: »أأنا المفتون أم هذا الكون الشاسع/ اللامع أأنا الآفل أم هذا النور الباهر أأنا الزائل يعشق الآبد أم هذا الأبدي يعشقني؟! « كان العاشق الحيران يسائل ظله، يُسائل النجوم الساهره، وهي في طريقها تمضي صامته... أتري تبالي بهذيانه، يوما، وتحفل ؟! أتري تحفل ؟!