نزار قبانى لا أحد ينسي القمة السادية التي وصل إليها بعض الشعراء والكتاب في تناول المرأة في كتاباتهم، وربما يكون الشاعر السوري نزار قباني نموذجا صارخا لهذه السادية ، ولا أريد أن استشهد بمطولاته الشعرية التي رسخت في الأذهان ،ويكاد أن يكون حفاظها أكثر الذين يقرأون الشعر في عالمنا العربي ،فقط استل فقرة شعرية واحدة من قصيدة "إن الحديث يطول يامولاتي"، وهي التي يقول فيها: (فصّلت من جلد النساء عباءة وبنيت أهراما من الحلمات). ولست معنيا هنا بقراءة القصيدة كلها، وتحليل ما بين السطور، لكي أستنتج المغزي الحقيقي للقصد النزاري في هذه الفقرة الشعرية، تلك الفقرة التي لا يعني اقتطافها من شجرة القصيدة ،هو قراءتها بشكل منفصل عن السياق العام للقصيدة، فالقصيدة كلها تكريس لخطاب ذكوري سلطوي، يتمتع بنوع من السادية المفرطة، حتي لو كانت تلك السادية ،سادية لفظية ،يمارسها الشاعر والناثر معا علي الورق، وربما في الأحلام والهذيانات النهارية والثقافية الرديئة، رغم رشاقة اللغة، وأناقة العبارة، وأعتقد أن نقد الخطاب النزاري كان شائعا في زمن سابق، عندما كان شعره متنفذّا في كل ميادين التلقي المرئية والمسموعة والمقروءة، وذلك لأن الخطاب العام بكل ما كان ينطوي عليه من تغييب وجداني، صار ضحية لهذا النوع من الخطاب. وكان صديقنا الكاتب السوري الراحل جميل حتمل ،يكتب القصص، ويمارس الصحافة، ويعيش حالة واسعة من العبث والفوضي، وكان ذلك نتيجة للعبث الديكتاتوري الذي كان منتشرا وسائدا في سوريا، ففرّ جميل إلي باريس، وعاش هناك يراسل جريدة القدس، وكان يكتب قصصا يبث فيها أشكالا كثيرة من حالات اليأس، للدرجة التي حاول الانتحار أكثرمن مرة، وكانت أشكال انتقامه الكتابية تخصّ المرأة بشكل واضح ، ومن الطبيعي أن نجد قصصا كاملة في هجاء امرأة ما، وفي إحدي قصصه دار حوار بين بطل قصته، وإحدي صديقاته المهتمات بالشأن النسائي، وقالت له بأنها تنتمي لإحدي حركات التحرر النسائية، فقال لها:"أنا مهتم جدا بتلك الحركات النسائية، شرطي أن تكون تلك الحركة في فراشي"!!!. هكذا كانت، ومازالت تكرّس الخطابات الذكورية في القصة والرواية والشعر والمسرح والسينما نمطا سلبيا، هذا النمط الذي يرسّخ النظرة الدونية للمرأة عبر الفنون، وتأثير الفنون أكثر بكثير من تأثير القوانين واللوائح، وهناك دراسات كثيرة تناولت ذلك الأمر باستفاضة وعمق، تلك الدراسات التي يصعب حصرها، ولكن المؤسسات الثقافية مطالبة بإدراج تلك الدراسات في ببلوجرافيا لتعميم وتعميق الفائدة. وبعيدا عن تلك الخطابات السادية الفجة، هناك خطابات ماضوية فعّالة تصدر عن شيوخ أفاضل، ولهم حضور روحي وجليل عند الناس عموما، تختفي تحت تفسيرات شبه موضوعية، وخلاصة الأمر هو تلخيص المرأة في مجموعة وظائف هامشية ومكملة، وظائف تكاد تكون ترفيهية في الحياة، تحت دعوي التكوين الجسدي والنفسي والوجداني، وأن المرأة تلد وتحمل، ولذلك فهي كائن ناقص، ولا يقدر أن يقوم بكافة أعمال الحياة وإدارة كل مناحيها، وهكذا يتم حذفها برشاقة من كافة الوظائف الأساسية في الحياة ، هذه الخطابات يتم تكريسها بقوة وعمق وتوسع، وسنجد شيوخا وقادة سياسيين يكرّسون ذلك الخطاب، في لغة لطيفة وناعمة، ولذلك فلابد أن توضع المرأة وجسدها ذلك المشكل الأبدي وسلوكها تحت حراسة الرجال وسلطاتهم المتنوعة ، للدرجة التي تستدعي زعيما كبيرا مثل مصطفي كامل أن يردّ علي قاسم أمين، عندما طالب بحرية المرأة في كتابه "المرأة الجديدة"، ويكتب الزعيم السياسي قائلا في مجلته "اللواء" بتاريخ 15 فبراير 1901 :"..لكننا لا نوافق أصحاب مذهب إطلاق حرية المرأة في مسألة رفع الحجاب .."،ثم في موضع آخر من المقال نفسه :"وعندي أن حرية المرأة لا تكون في مأمن من كل خطر إلا إذا اجتمعت شروط ثلاثة: كمال وأدب عند النساء، وتعليم عند الرجال، وحكومة شديدة الشكيمة في المحافظة علي الآداب العامة، ومحال أن تجتمع هذه الشروط الآن في مصر.."، وتحت هذه الدعاوي الأخيرة يتم حجز المرأة في سجن الرجل والسلطة والحكومة الرشيدة. وإذا كان الزعيم السياسي مصطفي كامل، ردّ علي كتاب قاسم أمين "المرأة الجديدة" في مقال سيّار، سنجد أن واحدا من أعلام الاقتصاد يردّ علي كتاب "تحرير المرأة" لقاسم أمين أيضا، وذلك في كتاب كامل، عنوانه "تربية المرأة والحجاب"، لرائد الاقتصاد المصري طلعت حرب، صدر عام 1899، ثم كتب كتابا آخر للرد علي كتاب "المرأة الجديدة "وعنوانه "فصل الخطاب في المرأة والحجاب"، وندرك أن هذا الاقتصادي العظيم ،يستخدم العبارات ذاتها التي يستخدمها رجال الدين، وبتأويلاتهم نفسها ،دون إدراك الأبعاد التي تحكم تفسير تلك النصوص من الوجهة التاريخية، وهو يصدّر الكتاب بمجموعة من المأثورات، وحديث نبوي، حتي تكتمل حججه الدينية في شأن اجتماعي وإشكالي محض ، حيث يضع علي صدر الكتاب الحديث النبوي الذي يقول :"إن لكل دين خلقا وخلق هذا الدين الحياء، ثم يورد وكذلك يضع جملة :"أصلح شئ للمرأة أن لا تري رجلا ولا يراها رجل" لفاطمة عليها السلام، كذلك يورد جملة مقتبسة من الحسن رضي الله عنه تقول :"لا تدعوا نساءكم يزاحمن العلوج في الأسواق : قبّح الله تعالي من لا يغار"، وبالطبع فالكتاب مدجج بكثير من الحجج التي تهاجم أفكار قاسم أمين بشدة، وفي إحدي حججه مثلايقول في ص 28من كتابه :"...إذا تقرر ذلك وعلم أن المرأة أضعف من الرجل وأن الرجل راعيها وأن لها عملا مخصوصا محدودا لا يصحّ أن تتعداه، فكيف يطلب منا أن نسوّي بين من لم يسّو الله بينهما وتخالف حكمته؟ أليس هو الله الذي جعل حظ الرجل مثل حظ الأنثيين ؟ أليس هو كذلك الذي جعل شهادة الرجل الواحد تعدل شهادة امرأتين؟ وليت شعري ماذا يقول الشرقي المسلم بعد أن يتدبر أقوال علماء العمران سالفي الذكر : أيصحّ أن يصرّ علي فكره الأول من ضرورة احتذاء المرأة الشرقية شاكلة المرأة الغربية أم يلزمه أن يتخذ هذه الأقوال عبرة ويجعلها وأمثالها نصب عينيه لنتمكن من وضع قاعدة حكيمة لتربية نسائنا علي موجبها كي ينتجن النتيجة التي ينتظرها منهن كل محب لبلاده ..". هنا يتحالف رجل المعلن، والمضمر في كلام آخرين ، مع الزعيم السياسي الأشهر والأعلي ، مع رجل الاقتصاد الذي يستخدم كافة المبررات والشرائع والمقولات ، من أئمة وخلفاء راشدين وعلماء عمران ،وخلافه ،كل ذلك من أجل تحجيم ذلك الكائن ،ووضعه تحت الحراسة المشددة ، ذلك الكائن الذي تشّكل حريته ،خطرا علي المجتمع والآخرين، وهنا كل الذرائع الدينية والتاريخية والطبيعية نسبة إلي جسد المرأة جاهزة لتبرير تلك الحراسة ،ووضعها داخل سجن السلطة متعددة الوجوه. لذلك كله ،انسحبت تلك النظرة الدونية إلي الفنون والنقد الأدبي بقوة ،فعندما أطلق العقاد مفهومه الأعوج ،والذي يقول بعدم قدرة المرأة علي قول الشعر في كتابه "شعراء مصر وبيئاتهم"، وخلو الشعر العربي والعالمي من شاعرة ذات حضور ،وإن حدثت طفرة هنا أو هناك لشاعرة ما ، فلن يتجاوز دورها دور الندّابة ،بالطبع لم يقل اللفظ بتلك الصراحة والوضوح ،ولكنه قال بأن المرأة لم تنجح إلا في شعر الرثاء ،مثل شاعرة كالخنساء عندما رثت أخاها "صخر"،وذلك في العصر القديم ،ومثلما فعلت عائشة التيمورية عندما رثت ابنتها "توحيدة". ومن ثم قرر العقاد أن إمكانيات المرأة تكمن في قدرتها علي القصّ والسرد والحكايات ،وعندما يقول ذلك فهو لا يأتي من فراغ ، فهناك الأدلة والبراهين التي كرّستها الدوائر جميعا ،وعلي سبيل المثال فهذه شهرزاد التي كانت تعمل نوعا من التلهية والتسلية لشهريار الملك ، حتي تتقي شرّه ،فاحتالت عليه بالحكاية ، فهي الكائن المسكين الضعيف ،والذي لا يملك سوي الحيلة ،حتي يتفادي عنف الرجل،مالك الأمر والنهي ،وكلّي السلطة والجبروت.ونحن لا نتورع طوال تاريخنا الحديث في إطلاق صفة شهرزاد علي المرأة الكاتبة ،رغم أن وظيفة حكي شهرزاد الأصلية في "ألف ليلة وليلة" ،تختلف تماما عن وظيفة الحكاءة في العصر الحديث ،إلا أننا مازلنا نضع المرأة الكاتبة المعاصرة ،في ثوب شهرزاد القديم ،ذلك الثوب حان خلعه الآن ،مع الاحتفاظ بالقيمة التاريخية العميقة لدور شهرزاد القديم ،وحكاياتها الخرافية ،تلك الحكايات التي تقطر كثيرا بالحكمة والسلاسة والعنف والخرافة في آن واحد ،ورغم أن هناك تأويلات كثيرة لمؤلف أو مؤلفي ألف ليلة وليلة ،إلا أن الحكايات تنسب لذلك العقل النسوي القادر علي الاحتيال ،ذلك الاحتيال الممكن والمنقذ، الذي يعمل نيابة عن المواجهة الشرسة والخطرة ،والتي تنأي عنها المرأة طوال تاريخها ،كما تقرر كافة التقاليد والأعراف والقوانين التي صنعتها السلطة المتعددة. لذلك لا أسعد عندما يقتصر أمر المرأة في "احكي يا شهرزاد"، عندما نستمع إليه عبر الأثير ،ولا أجد طربا عندما يصدر كتاب مثل :"شهرزاد تبوح بأسرارها"، والذي ضمّ عددا كبيرا من الكاتبات العربيات ،وكتب له مقدمة الناقد الدكتور صلاح فضل ، ورغم أن يوسف الشاروني أصدر كتابين ،جمع فيهما قصصا لكاتبات ،وقد أسمي الأول :"الليلة الثانية بعد الألف"، وأسمي الثاني :"حفيدات شهر زاد"، إلا أنه كرّس في مقدمة الكتاب الأخير لمفهوم الرجل القوي من الناحية العضلية ،وراح يضع مفاهيم بيولوجية ،فكتب في مقدمة الكتاب :"لا أحد ينكر الفروق البيولوجية بين الرجل والمرأة ،داخلية كالإفرازات الهرمونية ووجود الرحم لدي المرأة ،وخارجية كانتشار الشعر علي معظم جسم الرجل ،بالإضافة إلي تفوق الرجل العضلي علي المرأة وقد كانت لهذه الفروق تأثيرها في الدور الاجتماعي علي مرّ التاريخ لكل من الجنسين.."، ولا أريد الاستطراد في مناقشة ما كتبه الصديق العزيز يوسف الشاروني ، فهو يشكر علي اهتمامه الجميل بكتابات المرأة ،ولكنه يغفل كالأسلاف التحالف متعدد السلطات في مواجهة المرأة ،كاتبة كانت أو قاضية أو حاكمة أو موجودة خارج الدور المرسوم لها سلفا ،كأنثي وحكاءة ومسليّة ،وهذا يذكرني بالمثل الصعيدي الذي يقول بأن المرأة "مفشّة الرجل"، أي أن الرجل يطلق فيها همومه ،وهي بالتالي التي تقوم بكافة أنواع الترفيه له. من هنا فتاريخ المرأة الكاتبة ،هو تاريخ معاناة مع تلك النظرة الخطأ ، والذي يقرأ إبداع الكاتبات ومذكراتهن الشهيرة والمجهولة ،سيدرك قدر تلك المعاناة والمطاردات التي تلقاها الكاتبات علي مرّ تاريخها الإبداعي ، وعلي سبيل المثال هناك مذكرات الشاعرة والناقدة جليلة رضا ،وهي مذكرات جريئة وراقية ،وهي شاعرة كانت تتمتع بتقدير وافر في جيلها ، وتلك المذكرات تكاد تكون مجهولة ،رغم أهميتها الشديدة ، وهي تحكي حكاية أحد الشعراء العرب ،وكان يعيش في القاهرة ،ظل يطاردها حتي تبادله الغرام ،ولكنها كانت تقاوم تلك المطاردات وتردّ عليها بمايليق بها كشاعرة ، وعندما فقد الأمل في نيل مايريد ،كتب مجموعة قصائد يهجوها فيها ،ونشرها في ديوانه الأول عام 1955، ذلك الشاعر كما هو معروف في نطاقات محدودة هو الشاعر محمد الفيتوري، وكتب في إحدي قصائده التي اختار لها عنوان :"الأفعي" يقول: (في ذلك الركن من قلبك الحقير المرائي.. تمتد مقبرة ضخمة.. بغير انتهاء فيها عبيد عرايا الأسي عرايا الشقاء تحمل أيديهم الشوهاء حقد الدماء وملء أرواحهم نقمة علي الأحياء رأيتهم يتهاوون في جمود المساء والريح من حولهم كالحوائط السوداء والليل بئر كبير مختلط الأشياء وأنت ..أنت وراء الجميع طيف القضاء تضطجعين بصمت مرّ كطعم الدماء...). هكذا يتعامل الشاعر مع الشاعرة ،حين تعصي طلبه ، فلا تفلت من عقابه. وعلي مستوي النقد يتم عزل المرأة الكاتبة في قنوات خاصة ، فنجد ناقدا-كان جهير الصوت مرموقا في عقد الستينيات من القرن الماضي ، يكتب دراسة عن ديوان للشاعرة الفلسطينية سلمي الخضراء الجيوسي ،ويختار عنوانا يقول فيه :(الشعر الأنثوي وديوان "العودة من النهر الحالم")،وبعد أن يعدّد الناقد اتجاهات ونزعات وتوجهات الشعر المعاصرآنذاك، يقول بالنسبة لشعر المرأة :"..وأما شعر فتياتنا ونسائنا أيكون له تصنيف خاص ، أم أنه يلحق بهذه النوعيات ؟..والحق أنني أميل إلي فصله في فئة لوحده ،دون أن ألجأ مباشرة إلي تبرير هذا الفصل وإن كان سيبدو لنا ذلك ،..ولكن أكتفي بأن أقول إن هذا الفصل تمليه ضرورة واقعية وجودية ،وأخري علمية لتسهيل الدراسة..)!. وجدير بالذكر أن المجلات كانت تقدم الشاعرات بصفاتهن الاجتماعية ،مثل "الآنسة نازك الملائكة ،والآنسة فدوي طوقان"، وهكذا ، مما يجعلنا نتساءل ، لماذا هذا التمييز الغريب ،ولماذا هذا النهج في النظر إلي النوع بهذه الفظاظة؟ أو التحديد الذي يخصّ المرأة فقط ؟، وهذا التخصيص لا تلحقة أي مميزات ،ولكن تسحب ظلالا خاصة علي النص وكاتبته ،دون ما يحدث ذلك عند كتابات الرجال!!. والنظر إلي بيولوجية المرأة عموما ،تنسحبكذلك علي كونها كاتبة ومبدعة ،وربما طبيبة ومهندسة وقاضية وعاملة إلخ إلخ ، وفيما يخصها ككاتبها ، فهناك كتاب ترجمه الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم ، عنوانه "التجربة الأنثوية"،وهو صدر عن دار الثقافة الجديدة ، بالاشتراك مع اتحاد دولة الإمارات عام 1994 ، وقام صنع الله بترجمة نصوص "خاصة جدا" لكاتبات فرنسيات وأمريكيات وإنجليزيات وغيرهن ، وبداية من العنوان ، هناك تمييز حاد لتجربة المرأة الكاتبة ،ووضعها الجسدي ، وهو يعتمد وجهة نظر تعرّف عليها صنع الله من خلال كتاب صدر عام 1966 بعنوان "النساء الجديدات الجريئات"، ويضم الكتاب مجموعة من القصص والمقالات والمسرحيات ،وكان دائما في الكتاب المؤلف امرأة،والموضوع واحد وهو الجنس. وهذا الأمر شديد الغرابة ، وتبرر الكاتبة ويتفق معها صنع الله بأن سنوات الستينيات شهدت تغيرا عظيما في الطريقة التي تكتب بها المرأة ،فقد أصبحت أصلب عودا ،وأقل سنتمنتالية ،ولم تعد تعبأ برقة التعبيرهكذا بحسم والأهم كما تقرر أن كتابتها صارت في أغلب الأحيان كتابة شخصية. ويستعيد صنع الله وجهة نظر المحررة التي جعلت الجنس هو المحور الرئيسي لتجربة المرأة، فيقول صنع الله :"لماذا الجنس؟..تري المحررة أن الكتابة الذاتية لا الموضوعية ،والكتابة عن الجنس ،أمران طبيعيان بالنسبة للمرأة ،ولعل الكتابة بحرية عن الجنس أكثر أهمية للنساء منه للرجال ،فالمرأة تقع في نقطة توتر بين طبيعة بيولوجية لم تتغير علي الإطلاق ،ورؤية حديثة بعض الشئ عن حرية جديدة ،مما يجعلها مشغولة بالمحيط الذي تعمل فيه بيولوجيتها ..الجنس هو مركز المحيط ،ولهذا فإن أسبابه ونتائجه وتأثيراته الاجتماعية والوجدانية ،تشكّل مادة وجودها ،إن التجربة الجنسية لأغلب النساء ليست مجرد تجربة جنسية ،وإنما هي محاولة للإمساك بالكون ..". أغلق هذه الحلقة بهذه الاقتباسات المحيرة ،والتي تضع المرأة الكاتبة في "الرفّ" الذي يتحدث عن بيولوجية المرأة منذ أزمنة سحيقة ، ليتم عزلها تماما ،ووضعها في صندوق خاص جدا ، ويوحي أنها في العصر الأحدث محض كائن جنسي فقط.