علي أنغام المزمار والكولة، أنجزت الأسبوع الماضي بمؤسسة دوم الثقافية؛ أولي مراحل مشروع "مزمار.. صوت من الماضي"، والتي تمثلت في معرض صور فوتوغرافية للفنان "دومنيك هوبر"، حول "آلات النفخ المصرية في دلتا النيل"، في إطار أحد مشروعات تخرج الدفعة الأولي من دبلوم التنمية الثقافية بجامعة القاهرة، الذي يهدف إلي الحفاظ علي آلات النفخ التقليدية وحمايتها من الاندثار، وحضر المعرض د.عماد أبو غازي وزير الثقافة الأسبق، ود.هبة شريف مسئول المشروع. مني عبد الكريم؛ مصورة فوتوغرافية وتعمل في السفارة الهندية وتكتب عن الفن التشكيلي في عدد من المطبوعات الثقافية.. رامي رياض؛ حاصل علي ليسانس آداب عبري، التحق بالعمل الثقافي منذ عام 2002، وهو الآن المدير الإداري لمؤسسة المرأة والذاكرة.. منة صبري؛ حاصلة علي ليسانس في الفلسفة والعلوم الإنسانية وتهوي الفنون البصرية.. محمود فتح الباب؛ محامي قرر أن يترك مهنته ويعمل في المجال الثقافي. أربعة أشخاص لا تربطهم أي صلة، لكنهم جميعا يعشقون الثقافة وفنونها، فقرروا أن يلتحقوا بدبلوم التنمية الثقافية، ثم جمعتهم فكرة تهدف إلي إحياء أحد أوجه التراث المصري الذي شارف علي الاندثار، متمثلا في مجموعة من آلات النفخ الموسيقية المصرية، والتعريف بها ونشر الوعي بأهميتها والحفاظ عليها، وذلك عن طريق سلسلة من الفاعليات الفنية البصرية والأدائية كالفوتوغرافيا وفنون الفيديو والحفلات الفنية وعروض الأفلام، بهدف خلق مساحات بديلة لممارسة تلك الفنون التي توظف تلك الآلات وكذلك الترويج للمنتج الثقافي بطرق مبتكرة. تولت د.هبة شريف منذ فترة إدارة المؤسسة الثقافية السويسرية، وعند انضمامها لهيئة تدريس الدبلومة؛ حاولت خلق جسر من التعاون بينهما، فحصل كل مشروع من الخمسة الذين تضمهم هذه الدفعة، علي دعم من المؤسسة وميزانية لتنفيذه، ولكن مع شرط أن يكون المنتج أساس المشروع سويسري. اختارت مجموعة عمل مشروع "مزمار" معرض الفنان دومنيك هوبر، لكنه بالنسبة لهم لم يكن كافيا، فلابد أن يلعبوا دورا آخر بخلاف إقامة المعرض، فبدأوا العمل علي تطوير الفكرة وألحقوا بها عددا من الإضافات، من بينها تنظيم حفل موسيقي فني للآلات الشعبية بالاستعانة بأحد الفرق الشعبية، وقد تواجد العازفون في الركن المواجه لصور المعرض المعلقة. وعن كيفية الاستعانة بهم يوضح رامي رياض: "العازفون من معهد قيثارة، وهو معهد يعمل علي تعليم الآلات الموسيقية القديمة والحديثة، الشرقية والغربية، وحين عرضت الفكرة علي د.ابتسام رئيس المركز؛ رحبت جدا وتحمست، ووجدنا تعاونا كبيرا من قبلهم". الإضافة الأخري هي تنظيم عرض لنماذج من الآلات الموسيقية المذكورة؛ الأرغول والكولة والمقرونة والمزمار، وقد تم وضعهم علي يسار العازفين في "فاترينة" عرض زجاجية، حيث وجدوا آلتين في المعهد هما المزمار والكولة، وذهبوا يبحثون عن الأخرتين في شارع محمد علي حتي عثروا عليهما بمساعدة أهالي المنطقة. تمثلت الإضافة الثالثة في عرض مجموعة صور لآلات النفخ في بعض البلاد الأخري والتي شارف بعضها علي الاندثار أو التي اندثرت بالفعل كالفولت ميكسيكو والمزمار المزدوج المغربي، ونماذج لبعض آلات النفخ في مصر الفرعونية. ولأن من أهداف المشروع؛ توثيق كافة الفاعليات الفنية التي توظف واحدة من تلك الآلات من خلال موقع علي شبكة الانترنت، فقد تم تأسيس واحد ليكون بمثابة بوتقة تجمع كل ما له علاقة بآلات النفخ، وتوثق كل مرحلة من مراحل المشروع، وكل دراسة تتعلق بهذه الآلات، وانطلق ذلك من رغبتهم كمجموعة عمل في ألا يتوقف المشروع عند كونه تكليف دراسي، وإنما يصبح أساسا لعدة مشاريع مستقبلية مرتبطة بالفنون البصرية، لإعادة دمج الأشكال التراثية مع النمط المعاصر. وكما تؤكد مني عبد الكريم؛ منسق عام المشروع، فإنه لم يستقل أحد بشيء وحده، وإنما اعتمد عملهم بالدرجة الأولي علي الجماعية، واستطردت: "مشروعنا يرتبط بإحياء التراث الحضاري، والتأكيد علي الهوية والتنوع الثقافي، وفي الوقت نفسه يرتبط بالحياة اليومية للعازفين وتصنيع الآلات، فمعظمهم يعانون من إشكالية في تسويق منتجهم، حتي أن أحد العازفين أخبرنا بأنه يصنع 50 آلة مزمار ويدور بها لبيعها، رغم أنه يعتبرها مثل ابنته، ولكن إن لم يشتر منه أحد، فالجيل القادم لن يصنع تلك الآلة مجددا". وأكدت مني عبد الكريم في النهاية، أنهم يسعون لتجميع كل من يعمل في تلك المهنة، لتنظيم حلقة نقاشية تضم أساتذة الموسيقي والتراث الشعبي، يتعرفون من خلالها علي إشكاليات تلك الآلات وكيف الحفاظ عليها من الاندثار. عن مدي استفادته من تلك الدبلومة وإحساسه بالمشروع؛ يقول محمود فتح الله: "تمثل هذا الدبلومة بالنسبة لي بداية لتغيير المسار، وقد أحدثت فارقا كبيرا لدي، وطورتني جدا علي المستوي الشخصي والثقافي"، أما منة صبري فتؤكد أنها تسعي لاستكمال الدراسات العليا بمجالها في العلوم الإنسانية، لكن اهتمامها الشخصي سيظل متجها للفنون البصرية، وعن تجربة المشروع؛ تقول: "تلك أول تجربة عملية لي بعيدا عن الجانب النظري، وألطف ما في هذا المشروع أنه ثري جدا ومتنوع". وكما أوضح فريق العمل؛ فالمشروع يسعي للاستمرارية، ولذلك وضعوا خطة للمراحل المستقبلية التي ينوون تنفيذها، ومنها: تنظيم مسابقة ومعرض حول أعمال فنية تستمد موضوعها من آلات النفخ مثل التصوير الفوتوغرافي والكاريكاتير والتصوير والجرافيك وأفلام الأنيميش، تنظيم ليالي حكي وعمل فيلم تسجيلي عن صناع تلك الآلات وعازفيها وحكايتهم مع وجود قطع موسيقية توضح صوت كل آلة، تنظيم مؤتمر يشارك فيه عدد من المهتمين بآلات الموسيقي الشعبية المصرية، وكذلك تنظيم عدد من الحفلات الفنية بالتعاون مع فرقتي النيل للآلات الشعبية والمصطبة، تصميم برنامج خاص للأطفال يشمل عروض أفلام أنيميشن يتم إنتاجها خصيصا للتعريف بتلك الآلات، وتنظيم عدد من المعارض المتجولة بين محافظات مصر التي تضم فرق تعزف باستخدام تلك الآلات أو التي تشتهر بتصنيعها.