تتصاعد - منذ شهور - أزمات متلاحقة داخل اتحاد كتاب مصر؛ وتحديدا بين أعضاء مجلس إدارته، والتي بلغت ذروتها الأسبوع الماضي، باستقالة 7 من الأسماء البارزة بالمجلس، هم: محمد السيد عيد، د.مدحت الجيار، عبده الزراع، د.شريف الجيار، ربيع مفتاح، حمدي البطران، مصطفي القاضي، والذين أصدروا بيانا موقعا بالأسباب يوضحون فيه: "مرّ اتحاد كتاب مصر في الفترة الأخيرة بمنعطف خطير؛ حيث تمكن الإخوان من الزحف - لأول مرة - علي مجلس إدارة الاتحاد، حتي سيطروا في الانتخابات الأخيرة، علي أكثر من ثلث مقاعد المجلس. ونعلن -نحن الموقعين علي هذا البيان - أننا ضد الأخونة. ونعلن أننا ضد الانقسام، الذي يتعرض له المجلس الآن بسبب الاستقطابات الحادة التي يكرس لها أعضاء هيئة المكتب. ونرفض ما وصل إليه مستوي الحوار من تدنٍ، بدلا من الحوار اللائق، مما أدي إلي انتقال مشكلات بعض أعضاء المجلس إلي المحاكم. لقد أدي كل هذا؛ إلي تراجع دور الاتحاد، وفشله في تحقيق المأمول منه في هذه الدورة، وفي ظل اللحظة الاستثنائية التي تمر بها مصر. إننا نهيب بأعضاء الجمعية العمومية أن ينتبهوا لما يراد باتحادهم، وأن يتخذوا الخطوات اللازمة للحفاظ علي هذا الكيان الثقافي الرائد". وإلي جوارهم؛ استقال - كذلك - سبعة أعضاء آخرون، هم: يسري العزب ، هالة فهمي، أيمن تعيلب، بهاء الدين رمضان، أسامة أبوطالب ، حسين قباحي ، والأمير أباظة. تعثر وتراجع يؤكد د.شريف الجيار، أن اتحاد كتاب مصر يمر منذ عدة شهور بحالة من حالات الاحتقان الداخلي والاستقطاب الحاد بين العديد من أفراد وأعضاء مجلس الإدارة - لا سيما في المكتب مما أدي إلي عدم انعقاد المجلس أكثر من 5 جلسات، ويستطرد: "كما أن هناك حالة من التعثر في أنشطة الاتحاد التي كانت متفوقة جدا مع نهاية الدورة السابقة، إلي جانب تراجع دور الاتحاد بشكل ملحوظ ومؤثر في المشهد الثقافي المصري أمام أشقائنا في الدول العربية، وتراجعه أيضا عن دوره المأمول منه في حماية الثقافة المصرية وبث الوعي الثقافي بين أهالينا من الشعب المصري خاصة ممن يعانون من الأمية، كل هذا لم يقم به الاتحاد في فترة استثنائية خطيرة تمر بها مصر، في ظل ظروف أخطر يمر بها العالم العربي، لذا قمنا نحن السبعة بتقديم هذه الاستقالة، حتي نعطي فرصة للجمعية العمومية أن تعيد صياغة مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر مرة أخري بشكل فيه حالة من حالات التوافق والحوار الهادئ بدلا من الحوار الذي أدي بالاتحاد إلي التراجع والتراشق بالألفاظ بين بعض أعضائه حتي وصل ذلك إلي أقسام الشرطة والمحاكم". يأمل الجيار أن تساهم الجمعية العمومية في الفترة المقبلة بشكل إيجابي في إعادة تشكيل الاتحاد وتصويب أي أخطاء حدثت في الانتخابات الأخيرة أدت به إلي هذا الشكل الذي لا يرضي أحدا، ويضيف: "نرجو - في البداية والنهاية - مصلحة الكيان، للحفاظ علي الاتحاد كمنبر ثقافي مؤثر في منطقة الشرق الأوسط، وأيضا كمنارة ثقافية مصرية مهمة ينبغي أن تساهم مع وزارة الثقافة المصرية في إعلاء الخطاب الثقافي الجديد، فيحافظ علي هوية الدولة المصرية وينشر الثقافة في أرجاء مصر، ويشارك في الخطاب الثقافي العربي بشكل إيجابي". أخونة وفساد وتزوير من جانبه؛ عدّد الكاتب محمد السيد عيد، أسباب الاستقالة - والتي ذكرت في البيان - وعلي رأسها الأخونة، فأوضح: "نجح الإخوان في السنوات الأخيرة أن يتسللوا شيئا فشيئا - هم والمتعاطفون معهم - حتي وصل عددهم الآن لأكثر من ثلث المجلس، كما أن هناك حالات فساد وتزوير موجودة بالاتحاد، فمن المعروف مثلا أن السكرتير العام - حزين عمر - قام بمنح عضوية عاملة لأحد المتقدمين للحصول علي العضوية مع أن لجنة القيد أعطت هذا الكاتب العضوية المنتسبة فقط وهذا تزوير ولم يكتشف إلا بالصدفة، بينما مسألة الفساد فكانت واضحة في حادث الكاتبة منال الصناديقي التي أمر جمال التلاوي بأن تمنح العضوية المنتسبة رغم أنها كاتبة جيدة وتتوفر فيها شروط العضوية العاملة، ولم تحصل عليها إلا بعدما نظم اتحاد الكتاب مظاهرة تأييد لها وتقدمت هي بطلب إلي لجنة التظلمات لإعادة النظر في الأمر". أما عن مسألة الانقسام في أعضاء المكتب، فيقول: "علاء عبد الهادي وحده وبقية هيئة المكتب يمثلون جبهة أخري، وهم يتفننون في إيقاف أي نشاط له والاستيلاء عليه، وبالتالي فالوضع الآن في غاية السوء، يكفي أن نعرف مثلا أن ميزانية الاتحاد التي يجب أن تعرض علي الجمعية العمومية في مارس متعثرة حتي الآن وبها ملاحظات لابد من مراجعتها، مع أن هذا الأمر كان ينبغي انتهاؤه في يناير، أيضا موضوع العلاج الذي أعلن عنه مؤخرا، هذا القرار اتخذته الجمعية العمومية السابقة وقفز عليه جمال التلاوي ومن معه لكي يظهروا أنهم يقدمون للأعضاء الخدمات الجليلة مع أن القرار قديم، بل إن توقيع التلاوي علي عقد مع القوات المسلحة يحتاج إلي مناقشة من الناحية القانونية، إذ إن القانون يجعل رئيس الاتحاد هو الممثل له أمام الجهات الأخري، ولكن للأسف رئيس الاتحاد معزول تماما ومفروض عليه الحصار، يكتب فقط المذكرات القانونية". في ضوء ما سبق؛ جاءت الاستقالة الجماعية التي تقدم بها الأعضاء، بهدف لفت الأنظار إلي ما يحدث لاتحاد كتاب مصر، ولكن عيد يتصور أن الأمور لن تستمر طويلا علي هذا النحو، ويستطرد: "لقد كان الاتحاد أول نقابة تصدر بيانا تؤيد الثورة في يناير، كما أن مجلس إدارته وعددا من الكتاب قاموا بزيارة للميدان وقت الثورة لإعلان موقفهم منها، لهذا حرص الإخوان علي التسلل إلي الاتحاد لكي يسيطروا عليه ويمنعوا تكرار ما حدث، ولا أخفي أن مجموعة الإخوان - الصرحاء والمؤيدين لهم يبلغ عددهم 13 عضوا بمجلس الإدارة حاولت أن تتفق معي علي أن نقدم استقالة معا أو نقوم باتخاذ قرار بإعادة الانتخاب لجميع أعضاء المجلس وأن نصدر بيانا واحدا، لكني رفضت كل هذه العروض لأني في معسكر مضاد للإخوان ولن أتعاون معهم". سيناريوهان أم أكثر؟ إزاء هذا الوضع؛ لا مفر من انعقاد اجتماع للجمعية العمومية لحسم الأمر واتخاذ القرار، حيث تنص المادة 32 من قانون الاتحاد ضمن بند المجلس أنه "إذا زالت عضوية أحد أعضاء المجلس أو أكثر أو خلا مكانه؛ حل محله وللمدة الباقية من العضوية المرشح الحاصل علي أكثر الأصوات في آخر انتخابات أجريت لعضوية مجلس الاتحاد، وهكذا فإذا كان عدد الأماكن الشاغرة في مجلس الاتحاد خمسة فأكثر ولم يوجد من يشغلها، دعيت الجمعية العمومية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ خلوها لانتخاب أعضاء للمراكز الشاغرة يكملون مدة الأعضاء الذين حلوا محلهم". كما يمكن للجمعية - أيضا - أن تفرض ذلك طبقا لنص المادة 43 في بند الجمعية العمومية الذي يلزم مجلس الاتحاد بدعوة الجمعية العمومية لانعقاد غير عادي إذا طلب ذلك كتابة ثلث الأعضاء أو مائة عضو أيهما أقل ممن تتوافر فيهم شروط حضور الجمعية العمومية، وبذلك يستطيعون سحب الثقة من مجلس الإدارة والدعوة لعقد انتخابات جديدة، خاصة وأن بيان سحب الثقة تم إعداده بالفعل ووقع عليه عدد من الأعضاء. لا نعلم ما سيجري خلال الأيام المقبلة لتجاوز تلك الأزمة، هل سيستمر المجلس بأعضاء مكملين أم ستسحب الثقة وتعقد انتخابات جديدة، أم سيحدث شيء آخر خارج التوقعات؟ لننتظر ونري.