صدر للكاتب الروائي والصحفي المصري إبراهيم فرغلي كتاب جديد بعنوان "البلاد ..وهم الحدود المصنوعة بالدم"، . والكتاب هو الثاني لفرغلي في أدب الرحلات بعد "مداد الحوار.. وجوه ألمانية بعيون عربية" الذي صدر عن دار العين قبل فترة. الكتاب يعد نموذجا لاكتشاف الذات من خلال الرحلة، كما يوضح الكاتب في مقدمة الكتاب، إضافة لاختياره مفهوم الحدود وفكرة الشخصية القومية ومفهوم الإنسان العالمي العابر للحدود الجغرافية. كما يقدم من خبرات الرحلة عددا من التجارب التي يري أهمية أن يستلهمها العرب في إطار دعوته لاعتبار أدب الرحلة أساسا وسيلة للانفتاح علي الآخر في توقيت تبدو فيه الذوات العربية منغلقة وتدور في آفاق شديدة المحلية. من مقدمة الكتاب: أري آثار اقدام امرأة ترتدي خلخالا وتسير باتجاه الشمس علي رمال الصحراء، رمال ناعمة ورطبة تلتمع بلون هجين بين صفرة محمرة داكنة وظلال من لون الطين. قدمان نحيلتان لامرأة نحيفة تتتابع خطواتهما بدلال ودأب. لا أسمع صوتا لخلخال. ولا أعرف الجهة التي أتت منها صاحبة القدمين الخمريتين الناعمتين، ولا الجهة التي تسعي إليها. أين تذهب في هذا التيه الشاسع؟من أي أرض جاءت وإلي أي أرض تنتمي؟ ولكني سرعان أشعر بعبثية السؤال حين ترتفع نبرة سؤال آخر أكثر إلحاحا: أليست الأرض كلها لنا؟ انفجر السؤال في ذهني وأنا أحدق من الطائرة التي تحوم حول الصحراء، رأسي قريب من رأس "دي ألماسي"؛ المريض الانجليزي، الذي اصطحب جثة عشيقته كاثرين كليفتون، في الطائرة ليحلق معها في سماء بلا حدود أعلي صحراء رسمت تلالها ومسارات طبقات الرمال فيها أجساد بشرية عارية تطفو أعلي بلاد بلا خارطة أو حدود. لوحة جسدية عالمية للبشر الذين يجسدون الأرض التي يجب أن يعيشوا عليها جميعا أحرارا بلا حدود سياسية أو جغرافية. لكني، وبالرغم مما تشربته من نوازع وطنية لم اكن شوفينيا قط.