أندريه زكي يفتتح مبنى الكنيسة الإنجيلية بنزلة أسمنت في المنيا    هل هناك مد لتسجيل الرغبات لطلاب المرحلة الثانية؟.. مكتب التنسيق يجيب    رئيس مياه الغربية: استمرار تنفيذ مشروعات المياه بكفر الزيات وبسيون بلا توقف    محافظ الإسماعيلية يشيد بمشاركة الشباب والمتطوعين بمهرجان المانجو    محافظ الإسماعيلية: نصدر 81 ألف طن مانجو و مُصنعات    رئيس وزراء سلوفاكيا يتمنى تسوية أزمة أوكرانيا بين ترامب وبوتين    ترامب يعين «تامي بروس» نائبة لممثل أمريكا في الأمم المتحدة    استشهاد 40 فلسطينيًا من منتظري المساعدات بقطاع غزة    ياسين مرعي رجل مباراة الأهلي ومودرن سبورت    ريبييرو: أداء الأهلي تحسن في الشوط الثاني أمام مودرن.. وهدفنا التركيز بالمباريات القادمة    ريبييرو ينفعل في مؤتمر مباراة الأهلي ومودرن.. أين السؤال؟    الاستماع لأقوال شهود العيان بحريق «محلات شبرا الخيمة»    جنايات مستأنف إرهاب تنظر مرافعة «الخلية الإعلامية».. اليوم    بلاغ للنائب العام ضد البلوجر «مانجو» بتهمة نشر محتوى غير أخلاقي    سهام فودة تكتب: أسواق النميمة الرقمية.. فراغ يحرق الأرواح    محمود سعد يطمئن مجددًا محبي أنغام على صحتها.. «بخير وبتتعافى»    أشرف زكي ورامز جلال وأحمد عيد أبرز حضور عزاء سيد صادق    هل يفاجئه ترامب بلقاء بوتين؟، البيت الأبيض يدرس دعوة زيلينسكي إلى ألاسكا    "حب من طرف واحد ".. زوجة النني الثانية توجه له رسالة لهذا السبب    الفاو: 98% من الأراضي الزراعية بغزة إما متضررة أو يتعذر الوصول إليها    أمين الجامعات الخاصة: عملية القبول في الجامعات الأهلية والخاصة تتم بتنسيق مركزي    تشمل تعبئة 250 ألف جندي.. إعلام إسرائيلي: الجيش سيقدم خطة جديدة للسيطرة على غزة    منها محل كشري شهير.. تفاصيل حريق بمحيط المؤسسة فى شبرا الخيمة -صور    رحلة الرزق الأخيرة.. حكاية عامل من أسيوط خرج ليعمل بالأقصر فابتلعه النيل    غير سليمان العبيد.. كرة القدم الفلسطينية تفقد 325 شهيدا    بعد تعادل الأهلي.. جدول ترتيب الدوري المصري الممتاز موسم 2026/2025    كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع تعادل الأهلي ومودرن سبورت؟ (كوميك)    حمزة نمرة يتألق في حفل مهرجان الصيف الدولي بمكتبة الإسكندرية -صور    لقطات رومانسية جمعت ليلى وهشام جمال.. ملك زاهر تنشر صورًا من حفل حسين الجسمي    نرمين الفقي بفستان أنيق وكارولين عزمي على البحر.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    يسري جبر: "الباء" ليس القدرة المالية والبدنية فقط للزواج    ما حكم قراءة القرآن والتسبيح دون حجاب؟.. أمين الفتوي يجيب    مفيش مشروب اسمه الخمر.. أحمد كريمة: يعلق على فتوى الحشيش    ما تأثير ممارسة النشاط البدني على مرضى باركنسون؟    ضباط إسرائيليون ينتقدون خطة احتلال غزة: جيشنا أصبح مثل عربة تغوص فى الرمال    تعرف على جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 «الدور الثاني»    اليوم، موقع تنسيق الجامعات يختتم تسجيل الرغبات لطلاب المرحلة الثانية    الكليات المتاحة وفق مؤشرات التنسيق ل دبلوم صنايع 3 سنوات 2025    وكيل صحة الدقهلية يتفقد استعدادات تشغيل وحدة العناية الجديدة ب"صدر المنصورة"    ياسين مرعي "رجل" مباراة الأهلي ومودرن سبورت    مترو الأنفاق : توقف تشغيل حركة القطارات بمحطة شبرا الخيمة فقط    مركز الثقافة السينمائية يحتفي ب'وفاء النيل' بندوة وعرض فيلم يوثق بناء السد العالي    آخر تحديث لأسعار السيارات في مصر 2025.. تخفيضات حتى 350 ألف جنيه    أفضل وصفات لعلاج حرقان المعدة بعد الأكل    أفضل طرق لتخزين البطاطس وضمان بقائها طازجة لفترة أطول    مراسل الحياة: زوار مهرجان العلمين سعداء بجمال الأجواء وحلاوة حفل تامر عاشور    محافظ الإسماعيلية يشهد منتدى الإسماعيلية الاقتصادي الأول للغرف التجارية    تخفيف حكم المؤبد إلى 10 سنوات بحق مهندس مُدان بقتل مالك عقار في بولاق الدكرور    الدكتور محمد ضياء زين العابدين يكتب: معرض «أخبار اليوم للتعليم العالي».. منصة حيوية تربط الطلاب بالجماعات الرائدة    صلاح: تمنيت فوز أرسنال لهذا السبب.. وهذه أزمة اللاعبين الشباب    فضل صلاة قيام الليل.. تعرف عليه    ضبط تشكيل «بياضة وطوبسية» بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بالدقهلية    ترخيص 817 مركبة كهربائية خلال يوليو الماضي ..المركز الأول ل بى واى دى    شيخ الأزهر يلتقى عدد من الطلاب ويستذكر معهم تجربته فى حفظ القرآن الكريم فى "كُتَّاب القرية"    الصحة: إحلال وتجديد 185 ماكينة غسيل كلوي    رئيس الوزراء يوجه بالاهتمام بالشكاوى المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة    ارتفاع أسعار البيض اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    24 أغسطس.. فتح باب قبول تحويلات الطلاب إلى كليات جامعة القاهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



موجيتوس:متواليات البناء الحكائي
نشر في أخبار الأدب يوم 29 - 08 - 2015

موجيتوس رواية من 270 صفحة.. صادرة في 2015عن مؤسسة حورس الدولية. مصر.. للروائي المصري المتجدد سردا ونقدا منير عتيبة.
الكاتب بمحاولاته ارتياد أساليب سردية مغايرة .. عالج عدة مواضيع في غاية الأهمية.. حين يعود بنا إلي الزمن الأندلسي .. مستعرضا صلة الأخلاق والقيم الإنسانية بالدين. وألبس موضوعه ثوبا سرديا غير تقليدي. من حيث أساليب الحكي وتعدد الأصوات ليصنع بدراية الخبير حبكات حكائية متعددة.
وقد استمعت إلي ما قيل حول الرواية عند حضوري حفل توقع الرواية في الإسكندرية شهر مايو الفارط.. من أكثر من متداخل في هذا العمل .. مشيدين بقدرة الكاتب علي الوصف والغوص في عوالم شخصياته. إلا أن كلمة الكاتب أضاءت للجميع جوانب هامة لظروف كتابة الرواية. شارحا أهمية الموضوع.. وكيفية اختياره .. لتتطابق مع ما نعيشه في أيامنا من رعب انتشار الفكر الإرهابي والجماعات المتطرفة باسم الدين لتجتاح دولا وتهدد مجتمعات بأكملها.. ليجد العالم نفسه أمام حرب ضد هذا الفكر الذي لا يمت بصلة إلي قيم الخير والعدالة التي جاءت بها الأديان.
موضوع الرواية حدث منسي من أحداث التاريخ . يقدم فيه مجموعة من المغامرين .. من يرون أن الدين مطية يصلون بها إلي غايات غير دينية من أبسطها استعباد الناس باعتبارهم هم وما يملكون غنائم.. ولذلك كان الغزو وسيلتهم.. ومن حصون بنوها لينطلقوا منها يسومون السكان أصناف العذاب والإذلال.. ونهب وسلب وقتل من يخالفهم .. ومن لم يخالفهم.. لم يكن العشرين مغامرا قد خرجوا من الأندلس لغاية نبيلة.. ولم يكونوا الوحيدين فيما يسلكون لكنها سمة وقواعد متعارف بها لشعوب ذلك العصر.. أن للمغلب والقوي كل ما يريد صنعه في الضعيف والمهزوم.
ويهمنا هنا الأسلوب المتميز للكاتب في هذا العمل.. الذي يلفت ويثير الإعجاب وهو ما سنقترب منه في مقاربتنا القصيرة هذه.. حيث يقدم لنا فكرته أو أفكاره بكيفية مختلفة. وهذا ليس جديدا عليه فقد تابعناه في أعماله السردية السابقة وهو يحاول التجريب .. وتقديم أساليب جديدة باحثا عن آفاق جديدة .. وفي هذا العمل قدم لنا ما يمكن أن نطلق عليه أسلوب متواليات البناء الحكائي بأسلوب نسج لوحات سردية تتشكل داخليا في أشكال فسيفسائية أو تشظي حكائي. مستخدما في ذلك عدة رواة لتقديم هذا العمل المتميز.. ففي الوقت الذي تروي كل شخصية حياتها وما تقوم من أعمال.. يبرز صوت آخر دخل الحكاية الجزئية وكأننا أمام أصوات مرتبة ترتيبا بؤريا مشوقا.. وهكذا تتوالي الأصوات لتضج صفحات الرواية بزخم مثير من الأصوات الحكائية المتتابعة والحكايات المتشرنقة.. محولا تلك الأصوات إلي أصوات تدين عصرها وفكر الغزو الذي تنتهجه.. وذلك ما يمثل جداول حكائية ترفد مجري نهر الرواية حتي نهاية مصبها.
فرواية من 270 صفحة تضم ما يقارب من أربعين شخصية فاعلة.. تتداخل حكاياتها لتغيم الشخصية المحورية وتبرز عدة شخصيات تمثل كل منها عوامل روائية مكتملة.. وهذا العدد من الشخصيات يستحق الوقوف والتأمل فيما صنعه الكاتب وكيف استطاع الإمساك بكل خيوط تلك الشخصيات دون انقطاع أي خيط . ليظفر حكاياتها المتداخلة.. في الوقت الذي يمكن أن نقرأ كل شخصية بشكل مستقل ويمكننا قراءتها ضمن نهر الرواية إجمالا.
ومن خلال ذلك الكم الكبير من الشخصيات يتساءل القارئ من تكون الشخصية المحورية للرواية: الفتي مجاهد.. مجاهد.. "موجيتوس" أم كريستينا "ماريا" .. صبح .. عبد الرحمن بن سالم.. الغافقي ..الطماشكة.. البلوطي.. أمير البحار يوسف.. الشريف هرمان.. عثمان السندي .. سعيد الاشبيلي.. هشام بن عبد المعين.. عيسي بن أحمد..موسي بن الحكم.. إبراهيم بن عامر.. خلف الصقلبي.. والقائمة تطول. أم أن الكاتب أراد أن يكون الموضوع هو الشخصية.. أم أنه المكان الممتد من الأندلس إلي شمال إفريقيا إلي جزر وسواحل المتوسط إلي أنهار وقلاع وجبال أوربا. فأي الشخصيات يمكننا الجزم بأنها الشخصية المحورية.
وإضافة إلي ما ذكرناه سابقا دعونا نتساءل: ما هي رسالة الرواية ؟ هل تقديم فكر الأندلس أم الطبيعة الخلابة.. أم الجغرافية بمدنها وبحارها التي قدمتها الرواية بخيال يرتكز علي الواقع الجغرافي الذي نادرا ما يتغير. أم هو الفكر الذي يعتقد البعض بأن الدين يحمله في الغزو والقتل تحت مفهوم الجهاد. قد نختلف ويقول قارئ أنه يقدم حقيقة الغزو وطبيعته الدموية.. وما ينتج عنه من فضائع وجرائم بحق الإنسانية وباسم الدين.. وتلك الغنائم والسبايا.. مقدما لنا ما يدور في أيامنا من فكر إرهابي مخجل لفهم الدين بالمنفعة والكسب ليس إلا المغلف بالمقدس.. أو بنشر الدين عبر العنف والإكراه كذبا وظلما.
موجيتوس رواية مختلفة في سياقاتها السردية. حكايات متعددة من حيث تنوع الأصوات. وتقنيات مدهشة يقدمها الكاتب ضمن تجربة طويلة من التجريب المتواصل.. وهو القائل أن الفكرة مهمة ولكن الأهم كيف نقدمها.
وهذا ما خطه الكاتب من أسلوب مبتكر في هذا العمل .. ما يتصل بتجربته في أكثر أعماله السردية.. وأحسب بأنه يهتم بكيفية الحكي دون إهمال المضمون. بفنيات تقدم رسالة العمل صيغيا وشكليا .
وسيدرك القارئ أن رواية موجيتوس قامت علي قاعدة اللوحات الحكائية المتصلة.. عبر تنوع أصوات الرواة.. فالروائي قدم لنا شخصياته كجزر حكائية تقترب من بعضها وتبتعد لتقترب من جديد.
وعودة علي بدء.. أسأل نفسي من الراوي؟ هذا السؤال صاحبني في بداية صفحات الرواية.. هل هو عليم أم مشارك؟ لتكتشف بأن الراوية كما تطرقت سابقا تحكيها شخصياتها المتعددة.. ليدفع الكاتب بالقارئ للشعور بأنه أحد شخصياتها.. بل كل شخصياتها فما أن يتغير الصوت حتي تكون أنت هو. وأنت تعايش عواطفه.. وآماله وصراعاته ولينه وقسوته وعقيدته.
وإذا تطرقنا إلي العناوين الفرعية..أو الداخلية مثل: بداية.. الرجل رقم عشرين.. العشرون في فراكينسستوم.. كريستينا.. خلف الصقلبي.. صفي.. علي.. كريستينا..عيسي بن أحمد.. كريستينا.. عبد الله البلوطي.. سعيد الإشبيلي , موسي بن الحكم.. كريستينا.. حسان الغافقي.. أمير البحار يوسف..كريستينا.. هشام بن عبد المعين.
سندرك أن الكاتب يدعو القارئ لمشاركته في لعبة شبيهة بالمتاهة.. متاهة تتداخل فيها الحكايات والشخصيات والمسميات الجغرافية .. والمعلومات التاريخية.. وتلك المفردات المعجمية المستخدمة في ذلك العصر.. ولم يبخل علينا بالأشكال السردية التي أجاد نحتها لكل شخصية.. كل يقدم لنا حكايته أو نظراته لما يدور من الزاوية التي ينظر منها لما يجري.
وإضافة إلي ما ذكرنا يمكننا ملاحظة التالي: تنضح أحداث الرواية بالقسوة.. والتدمير.. وكأن تلك الأحداث تقرب لنا حياة المجتمعات في ذلك العصر.. وقيمهم وأخلاقهم.
استسهال موت الشخصيات.. ذلك الانطباع الذي يتركه موت الشخصيات ببساطة.. أيضا يكرس انطباع عدم وجود قيمة للفرد في ذلك الوقت.. بينما روائيا ينتظر القارئ تطور وتنامي أدوار بعض الشخصيات لأهمية موقعها في أحداث الرواية.. ليفاجأ بموتها ما يترك انطباعا سلبيا علي ذائقة القارئ الذي تمني تطور تلك الشخصيات وليس إنهائها بموت دون أسباب قوية.
يمتلك الكاتب خيالا جامحا .. فبرغم أن الأحداث التاريخية وكذلك الشخصيات والمواقع الجغرافية تثقل علي الروائي بفرض قيود تتمثل في الصياغة التقريرية والوصف الجاف.. إلا أن الكاتب تحرر من كل ذلك ليحلق بخيال مدهش مبتكرا أحداثا وشخصيات وحكايات شتي.
ومن ذلك تلك الحكايات الصغيرة .. أو المنمنمات القصصية الداخلية في الصفحات : ..34.77.. 76.84.111.105.. 344. وغيرها.
هي تحية لرواية أدهشتني .. وككاتب أستفيد من بعض جوانبها الفنية.. فشكرا للمبدع الخلاق منير عتيبة الذي يمتعنا دوما بجديد نتاجه.. ونهامسه: ننتظر جديدك بغاية الشوق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.