بضعة ملايين كان يمكن أن تنقذ تمثال الكاتب المصري الحجري الملون البديع "سخم كا" من أن تصطحبه سيدة من اي جنسية إلي بيتها بعد أن امتلكته، بضعة ملايين كان يمكن ان تجمعها مصر علي مدار العام من حملة تبرعات دولية من بضعة أثرياء من عشاق تراث هذا البلد ، كان يمكن أن تتيح لمتحف نورث هامبتون بالعاصمة البريطانية لندن حسم بيع التمثال ورده لمصر، بعد أن تم وقف البيع وامهال الجانب المصري حتي 29 يوليو الجاري لدفع القيمة التي دفعتها تلك السيدة، فقط بضعة ملايين من تلك التي اهدرتها الوزارة في ترميم فاشل لمشروعات أثرية يحتاج بعضها الي بضع ملايين أخري لإنقاذه من آثار كارثة ترميمه ، وهو بالتحديد ماحدث في قصر اسماعيل المفتش الذي أهدرت الوزارة في ترميمه مايزيد عن 20 مليون جنيها والآن يهدد شبح الانهيار القصر في كل لحظة، أو تلك الملايين التي اهدرتها في ترميم مشبوه لبيت عبدالواحد الفاسي أو مساجد رشيد أو عمليات تأمين لهضبة الهرم ألقت بالتأمين الفاشل الأول واستبدلته بتامين آخر علي حساب هذا الشعب.. فقط بضعة ملايين من مال الوزارة «السايب» الذي استخدمته في شراء فتارين لا حاجة لشرائها من الخارج وسفر البعثات للشراء من غير المتخصصين .. تلك الملايين التي ربما كانت ستزيد وتفيض كانت ستنقذ كاتب مصر من المكوث بين جدران أربعة في بيت ثري أو ثرية تحبسه عن عيون الزوار في أي متحف حيث يفترض بالعرض المتحفي أن يعرض للعالم حضارة مصرية لا مثيل لها. بدأت القصة عام 2012 عندما حاول متحف نورث هامبتون بيع التمثال المصري المهدي له من اللورد الماركيز الثاني ووقتها أفلحت جهود المصريين في بريطانبا في وقف بيع التمثال. وفي غفلة من الجميع تكرر عرض التمثال للبيع مرة أخري للتمكن من إجراء توسعات، وعلي إثر جهود شعبية وديبلوماسية أعلن وزير الثقافة البريطاني إد فايزي في مارس 2015، حظر مغادرة التمثال المصري، "سخم كا"، بريطانيا بعد أن باعه مجلس مدينة نورثهامبتون، ويعود التمثال الي مايزيد عن أربعة آلاف عام، ويؤكد نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي أن من اكتشف كارثة بيع التمثال كان مصري مهتم بالمزادات وليس لجان الوزارة التي يفترض انها تفتش بانتظام علي مواقع بيع التحف والانتيكات للتأكد من عدم اتمام اي بيع غير شرعي للقطع المصرية. التفاصيل الكثيرة المحيطة بعملية البيع ومنها فضائح تعودنا عليها مثل عدم علم الوزارة بأن اثر يباع هنا أو هناك إلا بعد ان ينشر المهتمون أخبار القطع التي تباع في المزادات، لكن الكارثة وقعت عندما اعلن علي أحمد، مدير عام إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار، فشل الدولة في استرداد تمثال "اسخم كا" ، أو منع عملية بيعه وخروجه من لندن. لقد أفلحت الجهود الديبلوماسية بعد أن تجاوبت مع نداءات المصريين في لندن وتظاهراتهم احتجاجا علي بيع التمثال، واسفرت عن صدور قرار من وزير الثقافة البريطاني، إد فايزي، في مارس 2015 بحظر مغادرة التمثال المصري، سخم كا، بريطانيا بعد أن تم بيعه في مزاد بالفعل، ممهلا وزارة الأثار المصرية حتي 29 يوليو الجاري لدفع مبلغ يفوق ما دفعه المشتري ليتم تسليم التمثال إلي مصر، خمسة أشهر والآثار تعلم بما ينتظر هذا الأثر ولا تتحرك لإنقاذه مكتفية بالجهود الديبلوماسية التي عجزت عن اقناع البريطانيين بإعادة التمثال دون مقابل خاصة والتمثال لا تطبق عليه اتفاقية اليونسكو، بينما وزارة الدكتور ممدوح الدماطي "صاحب المقولة الشهيرة بأنه يمكن ان يسترد اي اثر بالتليفون" منشغلة بصراعاتها مع العاملين المعارضين في الوزارة وبالتصوير امام كاميرات الإعلام في الزيارات والافتتاحات للمواقع غير المكتملة ، فلم يكلف وزير أثار مصر نفسه أو وزارته عناء التفكير والبحث عن حلول لاسترداد التمثال وحل أزمته وإعادته إلي حضن امه مصر.