لقد أوقعتنا تلك السياسات الغاشمة فى هوة سحيقة، لن ننجو من ظلماتها إلا إذا فهمنا جيدا مقدار خطورتها، ومدى عمقها، إن ما أسموه بالحرية، أو الديمقراطية، أو بالمعنى الدقيق (الأخونة) لهو ضرب من ضروب الدهاء السياسى، الذى يثبت أن تلك الفئة من الساسة لها القدرة على التلون، وعلى العبث بمقدرات البلاد فيما يصب فى النهاية فى معين مصلحتهم الشخصية، ويرضى غرورهم السياسى التسلطى. فما من شك فى أن المشروع الإخوانى الذى تُوج بإكليل من الزهور المحفوفة بالأشواك، إنما هو سياسة قديمة منظمة هادفة، أحسن (هؤلاء) نسج خيوطها، فاستطاعوا بذلك أن يترسموا طريقا فى أذهانهم انطبع على جُل تصرفاتهم، حتى أنتجوا من خلاله قطعة من القماش يديرونها يميناً ويساراً، فيشكلونها كما يريدون، ويلبسونها لمن يرغبون. لقد اتخذوا الشعب وسيلة لنسج تلك الخيوط، يتخيرون أزهى الألوان، وأروع الأشكال، وأصفى القلوب – قلوب الفقراء – حتى تكون وسيلتهم لتحقيق آمالهم.. ثم.. ماذا يفعلون ؟! وقد أوقعوا أنفسهم فى بئر عميقة كلما تقلبوا فيه وجدوا آمالاً لم تتحقق، ووعوداً لن تُنجز، وشعارات لا يصدقُ رافعها!! عندها يدركون أنهم فى مأزق لابد من تجاوزه، فإذا بهم ينصرفون إلى الدهاء والخداع، ولهم فى ذلك أساليب جديرة بالدرس، وحقيقة بالاهتمام .. هذا هو فن (المراوغة). وعهدى بالمراوغة أنها تكون لأحد أمرين، أولهما: إذا كان المراوغ مغلوبا على أمره، يسعى للهروب من غالبه، يستتر وراء ستار العجز، مرتديا ثوب الذكاء والدهاء. أما الثانى : فلا يصدر إلا من قادر لا يدخر جهداً فى أن يزيد من قدرته، مستعطفاً من يشعر أنهم سلمه للوصول إلى ما يرغب فيه، حتى إذا تمكن وأحكم قبضته على ما يريد، انسلخ من وعوده غير مبالٍ بها، ضارباً بها عرض الحائط، مغيراً وجه عملته لما يروق إليه ويحقق له مكاسبه. فإذا كان من المراوغين نوعان.. فأى النوعين يكون الإخوان ؟؟؟!!!